لنغلق المعابر

حجم الخط
2

الواقع الذي علقنا فيه في الاسبوعين الاخيرين يمكن أن نصفه بكلمة واحدة: الارتباك. الارتباك ليس بالضرورة أمرا سلبيا جدا (فقد ادعى برل كاتسنلسون في حينه «بفضل الارتباك وتنديدا للطمس») – شريطة أن نكون قادرين على الاعتراف بذلك.
فالوضع المربك الذي وصلنا اليه هو نتيجة ثلاثة تقديرات مغلوطة. الاول، اخطأنا في تقدير الوضع في غزة. كان مريحا لنا لاعتبارات الاعلام الادعاء بان في غزة توجد منظمية ارهابية وحشية تدعى حماس، تنغص حياة 1.8 مليون مواطن بريء. ومنذ ثماني سنوات والوضع ليس كذلك. غزة هي بحكم الامر الواقع دولة بكل معنى الكلمة وحكومتها، حكومة حماس، هي الممثل الاصيل للسكان. لو لم يكن هذا الوضع لما كان ممكنا لحماس أن تجند كل المقدرات الوطنية وتبني منظومة عسكرية على هذا القدر من إثارة الانطباع.
ثانيا، لم ننتصر. فالمعركة العسكرية أنهيناها قبل اسبوعين بـ «التعادل»، ولهذا فقد أخطأنا بالتقدير بان حماس ستضطر الى قبول كل املاء نضعه نحن والمصريون عليها.
ثالثا، حاولنا مع المصريين منح قوة سياسية للسلطة الفلسطينية في غزة، فتسببنا فقط بذلك في تعزيز مقاومة حماس لكل ترتيب. فما العمل حين يكون في نظر سكان غزة، رجال حماس الذين «يقاتلون ببطولة ضد اسرائيل»، أكثر احتراما من شرطة أبو مازن «العملاء»؟
إذن ما العمل الان؟ على فرض أن استمرار حرب الاستنزاف ليس خيارا مرغوبا فيه، وبالفهم بان الغارات الجوية لن تخضع غزة، واذا لم تعد حماس في أقرب وقت ممكن الى محادثات القاهرة، فانه تتبقى امكانيتان. الاولى، وبتأخير زائد لثماني سنوات، هي التقدير السليم للوضع. والتقدير السليم للوضع هو أمر أهم من كل عمل تنفيذي. فقد غرف الامريكيون في فيتنام لانهم اعتقدوا بانهم يقاتلون ضد عدو هدفه انتشار الشيوعية. ورفضوا أن يفهموا بان الفيتناميين يقاتلون فقط في سبيل أمر واحد: ان تكون لشعبهم دولة واحدة وليس دولتان منقسمتان (وبالمناسبة، لهذا السبب حقا انطلق لينكولن الى الحرب الاهلية، التي قتل فيها من الامريكيين أكثر من اي حرب اخرى).
غزة هي دولة قررت حكومتها الخروج ضدنا في حرب، ولهذا، ففي الحرب مثلما في الحرب. اسرائيل هي الدولة الوحيدة في التاريخ والتي في اثناء الحرب واصلت ارسال المؤن لدولة العدو وهكذا سمحت لها بطول النفس. منذ سبعة أسابيع كان ينبغي للمعابر ان تكون مغلقة. عندما يخلطون بين أمرين. واحد محظور، وهو المس عن قصد باهداف مدنية، بما في ذلك مخزونات الغذاء، الدواء والماء. والامر الاخر هو مسموح بل ومطلوب: عدم السماح لدولة العدو بتموين نفسها (بالضبط مثلما حاولت بريطانيا والولايات المتحدة خنق اقتصاد المانيا في زمن الحرب العالمية الثانية).
هل سيؤدي الامر الى مجاعة في غزة؟ لا، فمفتوح الطريق دوما أمام حكومة غزة لوقف النار. فتؤدي بذلك الى فتح المعابر. وعليه فان الادعاءات وكأن «العالم لن يسمح لنا بذلك» عديمة الاساس.
الامكانية الثانية هي المحاولة المتأخرة في الوصول الى نصر عسكري. لقد كان الامر ممكنا قبل عدة اسابيع، وهو ممكن الان ايضا. ودون الدخول في شروحات محددة أجدني واثقا بانه يمكن عمل ذلك بشكل لا يتطابق وسيناريوهات الفزع، التي حسب التسريبات عرضها الجيش في حينه على الكابنيت.
ان رئيس الوزراء يطلب من الجمهور الصبر. هذا الطلب مبرر شريطة أن يستغل الزمن لعملية تحقق واقعا افضل. نأمل أن يكون هذا ما يحصل.

يديعوت 25/8/2014

غيورا آيلند

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول جهاد:

    قتلكم للابرايء
    حرقكم للعوائل
    هى من نصر حماس
    ماذا تنتظرون لشعب اعزل يقتل فلذات كبده امام عينيه بلا حول ولا قوة وبلا ذنب؟؟
    ان يصفق لاسرائيل؟؟
    اننى مصاب بالاشمئزاز وارغب بالقىء من مقالك

  2. يقول محمد - الجزائر:

    يجب ان يضع الصهاينة في عقولهم قبل اي نقاش انهم يحتلون ارضا ليست لهم ….وبناء على هذه الفكرة لا قيمة لكل تنظيراتهم وتحليلاتهم بشأن الحرب واعتبار انفسهم دولة ذات اساس ديمقراطي ….هم يعرفون قبل غيرهم انه لا اساس ثابت للكيان الصهيوني هنا …..وببساطة فمصيرهم الزوال …..سيكون هذا بايدي الاسرائيليين ….اعني سيضطرون حتما الى تخريب بيتهم الداخلي …بفعل الهوة العميقة التي تفصل بين مختلف تشكيلات هذا الكيان …سواء التشكيلات السياسية او الاديولوجية وحتى البشرية ….والعسكرية ايضا . وبفعل الخصومات التي بين هذه التشكيلات ….يستحيل مطلقا ان تستقيم على راي واحد ….
    يبدو ظاهريا انه يجمعهم كيان واحد …..لكن في حقيقة الامر ان الكيان هو اشبه ما يكون بارض جليدية مشققة الى قطع ….يجمعهم اسم الجليد ظاهريا …..وتفرق بينهم تلك الشقوق الكثيرة …
    الاحتلال اي احتلال كان لا يفهم ابدا ان الكلمة في النهاية بيد المقاومة …..وهناك دروس تاريخية كثيرة تؤكد هذا الطرح …
    لقد صدق من قال ان الاستعمار تلميذ غبي لا يفهم ابدا من اول درس ….سنبقى نكرر له الدروس …..وسيبقى يكرر اخطاءه ويدفع ثمنها …..والثمن هنا الفشل الذريع او الاقصاء التام ….

إشترك في قائمتنا البريدية