وقف رئيس الوزراء المرشح بنيامين نتنياهو أمس على منصة الكنيست معلناً: “سنحافظ على الوضع الراهن، لن تقوم دولة شريعة، وسنحافظ على طريق اليمين الليبرالي”. وقال ذلك على خلفية نقد ثار بعد نشر المطالب التي عرضها ممثلو “يهدوت هتوراة” في المفاوضات الائتلافية.
واضح أن تعلق نتنياهو بشركائه الحريديم أثار شهيتهم. وحسب مصادر في الليكود، عرضت “يهدوت هتوراة” في المفاوضات مع الليكود عدداً من المطالب القطاعية. وحسب قائمة المطالب، تبدو نيتهم واضحة: توسيع الحكم الذاتي الحريدي وترسيخه كجزيرة فقر وعزلة على حساب دافعي الضرائب. غير أن الحريديم، وفقاً لتلك المطالب، لا يكتفون بزيادة تمويل نمط حياتهم؛ فلديهم مطالب عديدة بإلهام من الشريعة اليهودية، وقف على رأسها إنتاج الكهرباء في السبت – وهكذا تسعى لإخضاع إسرائيل وفقاً لطريقة الحياة الحريدية.
هذا الاقتراح مرفوض من أساسه، ويدل على مستوى قطيعة القيادة الحريدية، ويضع علامة استفهام بشأن أهليتها لأن تكون ضمن أصحاب القرار. هذه المطالب هي قدوة الإكراه الديني، والإقصاء للجميع: منع إدخال الفطير في الفصح إلى المستشفيات، وتعزيز دراسات التوراة للتلاميذ العلمانيين، وتوسيع الفصل بين الجنسين في شواطئ الاستجمام، وتوثيق الرقابة على الأعمال في السبت من خلال مشاركة مندوب من جهة الحاخامية في لجنة أذون الأعمال في السبت وما شابه.
أمس في الهيئة العامة للكنيست، تناول نتنياهو مطالب وقف إنتاج الكهرباء في السبت وتوسيع الفصل بين الجنسين في شواطئ الاستجمام، وقال: “ستكون كهرباء في السبت، وستكون شواطئ استجمام”. غير أن الحديث يدور عن موقف هاذٍ. عملياً، يقترح نتنياهو على الجمهور حماية من أعضاء الحكومة التي هو يعمل على إقامتها هذه الأيام. كعادته، يعرض نفسه بصفته حلاً للمشكلة التي هو نفسه خلقها بيديه. بمعنى أن حماية نتنياهو ليست حماية، بل خدمة خاوة من النوع المتبع في العالم السفلي: الأعمال التجارية تدفع لمنظمات الجريمة كي تحميها منها نفسها.
محافل في “يهدوت هتوراة” نفت التقرير وادعت بأن هذا تسريب مغرض من الليكود لأغراض المفاوضات. هذا التفسير هو الآخر ليس مصدراً للمواساة. فإذا كان صحيحاً، فواضح منه أن نتنياهو يحاول توسيع الشرخ بين العلمانيين والحريديم ويحيك على الحريديم فريات عابثة بشأن رغبتهم في فرض طريقة حياتهم على المجتمع كله، وكل ذلك من أجل أغراضه السياسية.
مهما يكن من أمر، فإن الاستنتاج واحد: نتنياهو مستعد لبيع الدولة ورهن مستقبلها، والمس بالاقتصاد وبالطبقة الوسطى، وزيادة الشروخ في المجتمع، وكل ذلك كي يحظى برئاسة الوزراء مرة أخرى.
بقلم: أسرة التحرير
هآرتس 14/12/2022