لهذه الأسباب تنتكس الثورة المضادة

حجم الخط
2

أصبح واضحاً أن الثورات المضادة في عالمنا العربي بدأ نجمها يأفل وبدأت تتراجع وتمنى بالهزائم والنكسات واحدة تلو الأخرى، وما تظاهرات مصر الأخيرة إلا واحدة من تجليات هذا التراجع، فضلاً عن أن القوى الإقليمية الداعمة لهذه لثورات المضادة والمعادية لحركة الشعوب، باتت تتكبد الخسائر أكثر من أي وقت مضى.
ثمة العديد من الأسباب التي تدفع اليوم للاعتقاد بأن الثورات المضادة بدأت تتراجع وتنهار، وأن لا مستقبل لها في العالم العربي، وأن الشعوب ستستأنف حركة التغيير وتستمر في صناعة مستقبل جديد، بعيد عن الاستبداد والقهر والتسلط والسلطوية، لأن الإنسان العربي يستحق أفضل بكثير مما هو فيه الآن، وهو ليس أقل شأنها ممن يعيشون في ظل أنظمة ديمقراطية حرة.
السبب الرئيس والأهم وراء الاعتقاد ببدء تراجع الثورة المضادة هو أن شريحة واسعة من المواطنين العرب كانوا يعتقدون أن ثورات التحرر وموجة الربيع العربي التي بدأت مطلع العقد الحالي (2011) إنما كانت تشكل تهديداً لمصالحهم وحياتهم واستقرارهم وأمنهم، وهؤلاء تبدلت قناعات الكثيرين منهم، إن لم يكن أغلبهم، بعد تجربة السنوات العجاف الماضية، التي أدت إلى تدهور أكبر في كل أحوالهم وشؤونهم وأوضاعهم.

المنطقة العربية تستأنف اليوم موجة التغيير والتحرر، لأن شعوبها تستحق أن تعيش في ظل أنظمة ديمقراطية حرة ومنتخبة

في مصر مثلاً، وهي الدولة العربية الأكبر والأهم في المنطقة، تنطلق موجة الاحتجاج الجديدة، بمعزل كامل عن القوى التقليدية التي تتمثل في جماعة الإخوان المسلمين، أو غيرها من القوى والأحزاب السياسية، ويبدو الحراك شعبياً خالصاً لا تشوبه أي «شائبة نخبوية» على الإطلاق، وواقع الحال أنه احتجاج الغلابة الذين يتهاوون تحت خط الفقر والقمع والاستبداد. في صيف عام 2013 كان الدولار الأمريكي يعادل 7 جنيهات مصرية فقط، أما اليوم فهو يحوم حول الـ19 جنيهاً، ما يعني باختصار أن المصريين فقدوا نحو 70% من مدخراتهم، ومن ليس لديه مال يدخره فقد هوى راتبه أو دخله المالي المنتظم بالنسبة نفسها، ومن ليس ضمن هؤلاء ولا هؤلاء فها هو يكتوي الآن بنار ارتفاع الأسعار الذي تسبب به هذا الانهيار في سعر الصرف. ثمة سبب آخر مهم يدفع الى الاعتقاد أن الثورة المضادة تتراجع، وهو أن القوى والدول التي ترعى وتهندس وتبرمج هذه الثورة، تمنى بالانتكاسات واحدة تلو الأخرى منذ سنوات، وهو ما تسبب بضعف في تمويل حلفائها، فالمليارات التي كان يتم إغداقها خلال الفترة من عام 2011 وحتى 2014 أو 2015 لم تعد متوفرة الآن، كما أن الظروف السياسية الدولية تتغير، حيث لا يبدو أن الولايات المتحدة بإدارة ترامب يمكن أن تقدم الكثير من الدعم لهذه الأنظمة الرجعية العربية.
وأمام هذه المعطيات فإن عام 2019 يقترب من نهايته والمشهد يبدو أكثر وضوحاً، فقد سجلت الثورة المضادة وحلفاؤها خلال العام الحالي فشلاً ذريعاً في كل من اليمن وليبيا، وبدأ المصريون لأول مرة منذ سنوات يتململون نحو العودة الى الشارع لتكون المليارات، التي كان يُراد لها أن تشتري سكوت الشعب قد ذهبت أدراج الرياح.. وإلى جانب هذا وذاك، انهار نظامان عربيان بإرادة شعبية خالصة، في حالة استئناف مؤكدة لمسيرة التغيير التي يشهدها العالم العربي.
وخلاصة القول إن الثورة المضادة في العالم العربي تبدو في أسوأ أحوالها، والأنظمة التي دعمتها تبدو هي الأخرى في أسوأ حال، وهي تسجل فشلاً تلو آخر بعد أن أنفقت مليارات الدولارات على الحروب والسلاح وتمويل الحلفاء، والأمر المؤكد أن المنطقة العربية تستأنف اليوم موجة التغيير والتحرر، لأن شعوبها تستحق أن تعيش في ظل أنظمة ديمقراطية حرة ومنتخبة، وهذا هو المآل الطبيعي للأمور.
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول تيسير خرما:

    بالعالم العربي يشكل منتسبوا مؤسسات عسكرية وأمنية ومتقاعدوهم ومؤسسات خدمية تابعة لهم وعائلاتهم وأقربائهم وأصدقاؤهم ثلثي مواطني كل دولة، ويبقون الأقرب لعامة الشعب ولمتدينين معتدلين ولمعظم أصحاب مصالح تجارية وصناعية ولأغلبية صامتة تخرج عن صمتها كلما نزلت نازلة بالوطن أو انفلت أمن وسلام المجتمع، وبالتالي ينجح حلفاؤهم ولا ينجح أعداؤهم أو من يقصيهم بالوصول للسلطة أو البقاء فيها حتى لو استعانوا بدول غربية ومؤسسات مجتمع مدني ممولة من الغرب ومغتربين متأهبين لقنص السلطة وشفط الثروة، إذن الأفضل تحالف معهم.

  2. يقول سامح//الاردن:

    *الشعوب العربية ترغب بالحرية
    والديمقراطية ولكنها تواجه أنظمة
    مستبدة على استعداد لقتل وسجن
    كل من يطالب بها..؟؟؟!!!
    (الخوف) يمنع الناس من الخروج.
    حسبنا الله ونعم الوكيل في كل حاكم فاسد مستبد.

إشترك في قائمتنا البريدية