لندن – “القدس العربي”:
هل هناك مقاربة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الإيراني آية الله الخميني؟
يرى جون ليمبرت الذي كان واحدا من آخر المسؤولين الأمريكيين الذين عملوا في إيران ومن ضمن الرهائن الذي احتجزوا في السفارة الأمريكية بطهران أن “المشهد المخجل يوم الأربعاء في مقر الكونغرس أعاد له ذكريات مثيرة للرعشة، قبل 41 عاما وفي 4 تشرين الثاني/نوفمبر 1979. “وواجهت أنا وزملائي في السفارة الأمريكية الغوغاء مثل يوم الأربعاء، غزوا لمجمع مقدس، تغلبوا على قوات الأمن غير المؤهلة وبتشجيع من القائد الأعلى للبلاد”.
ويقول إن التشابه بين الحادثين مثير للخوف، ففي صيف عام 1979 قام زعيم إيران، آية الله الخميني، بتحريض أتباعه ضد الولايات المتحدة الأمريكية وحمل الأمريكيين مسؤولية المشاكل التي تعاني منها إيران. وزاد نقده اللاذع بعد قرار الرئيس جيمي كارتر، وخلافا لتقديره الحكيم، بالسماح للشاه الإيراني المعزول دخول الولايات المتحدة لتلقي العلاج.
في كلتا الحالتين لعب عاملان في الفشل هما: فظاعة الهجوم وكون استهداف المكانين يعد نادرا
ورغم المخاطر الواضحة لم يكن لدى السفارة الأمريكية الدفاعات اللازمة لمواجهة هجوم الغوغاء كعملاء “للثورة الثانية وليست الأولى” في إشارة للثورة الإسلامية التي أطاحت بشاه إيران قبل تسعة أشهر من احتلال السفارة الأمريكية. وقال: “في ذلك الوقت لعبت العقول الحكيمة للمارينر حراس الأمن على السفارة وبتدريبهم العالي وانضباطهم في حماية أرواحنا”. و”في يوم الأربعاء شاهدت مرة ثانية الغوغاء وهم يقتحمون بوابات بناية لا تنتهك حرمتها، ومرة ثانية شاهدت الفشل في توفير الدعم المباشر”. و”عندما سمعت بيانات مثل “الحرس الجمهوري في طريقه” و”شرطة ميريلاند وفرجينيا قادمة” لم أستطع إلا تذكر الوعود من السلطات الإيرانية بأن “الدعم قادم وسريعا”. ووصل الدعم إلى مبنى الكابيتول ولكن بعد سقوط ضحايا وكان متأخرا لمنع الغوغاء من أن يعيثوا فسادا في “بيت الشعب” المحبوب، في وقت التقط فيه عدد واحد منهم وهو جالس على كرسي نائب الرئيس في مجلس الشيوخ. ولكن وعد طهران بالمساعدة لم يصل، وبعد أربعة أشهر من انتهاء عذابنا كنا ننتظر العون”.
وقال الكاتب إنه سمع نفس النقد عندما كان رهينة في السفارة الأمريكية: “كان علينا أن نعرف” و”كنا ننتظر حدوث هذا” و”لماذا لم يتعرف أحد على هذا التهديد الواضح؟” و”لماذا لم يحضر أحد له؟”. ويعلق ليمبرت أن في كلتا الحالتين لعب عاملان في الفشل وهما: فظاعة الهجوم وكون استهداف المكانين يعد نادرا. فقد تعرضت السفارة في طهران لهجوم مجموعة مسلحة في شباط/فبراير 1979، أي قبل احتلالها بتسعة أشهر، لكن السلطات الإيرانية بادرت سريعا ونظفت المكان من المسلحين. ولكن لم يحدث مثل هذا في طهران منذ عام 1829 عندما قام الغوغاء باقتحام السفارة الروسية وقتلوا معظم طاقمها بمن فيهم السفير. وكان آخر هجوم على مبنى الكونغرس في 1814 عندما احتلت القوات البريطانية واشنطن وحرقتها أثناء الحرب في 1812.
وفي طهران تعود طاقم السفارة على التظاهرات الصاخبة المعادية لأمريكا. وفي واشنطن كانت الشرطة تتوقع مظاهرة صاخبة مؤيدة لترامب قرب الكابيتول. ولم تحدث حادثة مشابهة ليوم الأربعاء في واشنطن منذ 207 أعوام. وفي طهران لم يتوقع أحد مصادقة زعيم البلاد على احتلال سفارة أجنبية. ولم تحدث أمور شنيعة كهذه، حتى الهجوم في عام 1829 على السفارة الروسية، شجبته السلطات الإيرانية. وفي كل من طهران وواشنطن فقد كانت السلطة التي توقعت حدوث الهجوم لم تكن هي التي منعته.
وكان ترامب والمتواطئون معه يشعلون بشكل واضح أتباعهم ويغذونهم بأكاذيب مستمرة حول نتائج الانتخابات المزورة. ورغم هذه الإشارة المثيرة للقلق إلا أن الغوغاء سيطروا وبسهولة على قوات الأمن غير المستعدة في المبنى. ولم تمنعهم حتى صرخة ترامب الفارغة “عودوا لبيوتكم، نحن نحبكم” عن مواصلة شغبهم. وفي طهران وقبل 40 عاما توقع كارتر النتائج للسماح بدخول الشاه المريض. وبحسب مذكرات مدير طاقمه هاميلتون جوردان سأل الرئيس مستشاريه: “ماذا ستقولون لي عندما يتم اقتحام سفارتنا ويؤخذ أبناؤنا كرهائن؟” لم يسجل التاريخ أي رد على السؤال.