باريس- “القدس العربي”:
تحت عنوان: “الولايات المتحدة المذعورة من مقتل ستة محتجزين إسرائيليين على يد حماس ترفض الاعتراف بالطريق المسدود الذي وصلت إليه استراتيجيتها تجاه إسرائيل”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إنه خلال عملها، دون جدوى، من أجل وقف إطلاق النار في غزة، حافظت إدارة بايدن على دعمها للدولة العبرية. وإذا كانت كامالا هاريس أظهرت أنها أكثر قلقا على مصير الفلسطينيين، فهي لا تريد تعريض نفسها، قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية، لشبهة إدارة ظهرها لحليفها.
وأشارت الصحيفة إلى أن والدي الرهينة الأمريكي، الذي عُثر على جثته مع خمس جثث أخرى يوم الأحد في غزة، عندما تحدثا أمام مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو في 21 أغسطس/ آب المنصرم، كان ابنهما البالغ من العمر 23 عاماً، والذي اختطفته حماس، ما يزال على قيد الحياة. وعثر الجيش الإسرائيلي على جثته في نفق بمدينة مدينة رفح. وقد قُتل بالرصاص من مسافة قريبة على يد مقاتلي حماس، بحسب الدولة العبرية، وكذلك خمسة رهائن آخرين.
وتابعت “لوموند” القول إنه نظرا للدور العلني الذي لعبه والداه جون وراشيل في التعبئة لصالح الرهائن واتصالاتهم المتعددة مع المسؤولين الأمريكيين، كانت المشاعر التي أثيرت قوية في واشنطن. ويتفاقم حداد هذه العائلة بسبب الشعور بأن الوقت ينفد لإنقاذ الأسرى الذين ما زالوا على قيد الحياة.
ومع ذلك، يرفض المسؤولون الأمريكيون التعبير عن المأزق الحالي بالكلمات، كما يفعل جزء من الإسرائيليين الغاضبين من حكومتهم. قبل وقت قصير من منتصف ليل السبت، نشر جو بايدن ثم كامالا هاريس بيانا صحفيا، وقال الرئيس إنه “مدمر ومصدوم ومنكسر القلب”، مضيفا أن “قادة حماس سيدفعون ثمن هذه الجرائم”، في إشارة إلى يحيى السنوار، زعيم الحركة الذي لا يمكن تعقبه.
من جهتها، شدد هاريس على أنه يجب “القضاء على هذه المنظمة الإرهابية الشريرة”، معتبرة “أن حماس لا تستطيع السيطرة على غزة”. وهي تصريحات مستعارة من لغة اليمين الإسرائيلي منذ أحد عشر شهرا، والتي لا تتوافق مع التحليلات العملياتية للجيش نفسه، الذي لا يريد البقاء في الأراضي الفلسطينية المدمرة.
ومضت “لوموند” قائلة إنه في الأشهر الأخيرة، أدلت هاريس بتصريحات أكثر تعاطفا من جو بايدن تجاه المدنيين في غزة. ولكنها قبل شهرين من الانتخابات الرئاسية، لا تريد أن تعرض نفسها للاشتباه بأنها قد تدير ظهرها لإسرائيل، على الرغم من التعبئة والانتقادات من جانب قسم من الشباب الديمقراطي في العديد من الولايات الرئيسية، مثل ويسكونسن أو ميشيغان.
وفي يوم السبت، لم تشر هاريس بشكل صريح إلى الجهود الدبلوماسية التي بذلتها الإدارة على مدى عدة أشهر، من أجل وقف إطلاق النار في غزة. ومن شأن ذلك أن يتيح إمكانية الحصول على إطلاق سراح الرهائن مقابل انسحاب عسكري إسرائيلي، وإطلاق سراح عدة مئات من الأسرى الفلسطينيين. وفي منتصف أغسطس/ آب، قال جو بايدن إنه “متفائل” بشأن الانتهاء الوشيك للمفاوضات. وقد تم الإدلاء بمثل هذه التعليقات بالفعل في الأشهر السابقة، دون أن تكون لها عواقب، مما أدى إلى التقليل من قيمة المصداقية الأمريكية. واليوم الاثنين، كان من المقرر أن يجمع جو بايدن فريقه من المفاوضين في البيت الأبيض لصياغة عرض نهائي في الأيام المقبلة.
ولم يتغير منظور الإدارة الأمريكية: فهناك طريق واحد ممكن للخروج من الأزمة، وهو التوصل إلى اتفاق بين الحكومة الإسرائيلية وحماس، بوساطة مشتركة من مصر وقطر والولايات المتحدة. ولكن ضعف هذا المنظور أصبح واضحا على نحو متزايد. ويبدو أنها تتجاهل عدم اهتمام كل من بنيامين نتنياهو ويحيى السنوار بالتوصل إلى نتيجة، بحسابات مختلفة.
ونتيجة لذلك، وعلى الرغم من تضاعف الرحلات الدبلوماسية المكوكية خلال الأشهر الستة الماضية (خاصة من رئيس وكالة المخابرات المركزية، بيل بيرنز، والمستشار الخاص بريت ماكغورك، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن) والنسخ المتعاقبة من الاتفاق، تبدو إدارة بايدن خارجة عن الواقع، تقول “لوموند”.
اعتبرت الصحيفة الفرنسية أن الواقع السياسي الإسرائيلي، قبل كل شيء، هو واقع ائتلاف يهيمن عليه اليمين الكاره للأجانب، تحت قيادة رئيس وزراء متمسك بالسلطة، والذي لا يبدو أنه يجعل الرهائن أولوية. ثم حقيقة جرائم الحرب الهائلة التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة. وأخيراً، حقيقة استراتيجية التحفيز البحتة في المفاوضات.
منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، تم تلخيص خط بايدن في الدعم غير المشروط لإسرائيل، وخاصة لتجنب صراع إقليمي، ورهان واحد محفوف بالمخاطر وفاشل على نجاح هذه المفاوضات. وقد واصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إساءة استخدام هذا الالتزام العسكري والسياسي. والتسريبات المنتظمة التي ينظمها البيت الأبيض في الصحافة حول اللقاءات بين الزعيمين -والتي تصور جو بايدن غاضبا من حسابات نتنياهو- كشفت في الواقع عن عجزه، بل كانت شكلا من أشكال إذلال الأمريكيين، وفق “لوموند”.
مراراً وتكراراً، تم تجاهل الخطوط الحمراء المفترضة التي وضعها البيت الأبيض. على سبيل المثال: قرر بنيامين نتنياهو، خلافاً لنصيحة وزير دفاعه، أن يبقى الجيش الإسرائيلي في ممر فيلادلفيا على طول الحدود المصرية. ومع ذلك، لم يندد أي مسؤول أمريكي علناً بهذا التحول، الذي يعرض للخطر أي نتيجة إيجابية للمفاوضات.