باريس- “القدس العربي”:
“كوب28” اللعبة الدبلوماسية المضطربة للإمارات العربية المتحدة البلد المنظم.. قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن دولة الإمارات العربية المتحدة، القوة النفطية، التي تنظم أكبر اجتماع مناخي في التاريخ، هي نموذج مضاد لتحول الطاقة، مشيرة إلى أن المعلومات التي كشفت عنها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بالاعتماد على عمل الصحفيين من مركز التقارير المناخية بخصوص استغلال الرئيس الإماراتي لهذه القمة سلطان الجابر وهو أيضًا رئيس شركة النفط الرئيسية في البلاد شركة بترول أبوظبي الوطنية (Adnoc) لموقعه لمحاولة إبرام اتفاقيات تجارية جديدة في قطاع الطاقة، تأتي في أسوأ وقت بالنسبة لمنظمي المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف (COP28) في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، قبل ثلاثة أيام من افتتاحه.
فقد ورد ذكر شركتي “مصدر” المتخصصة في الطاقة المتجددة، و“أدنوك” في الوثيقة المعنية، ويمكننا أن نقرأ في الوثيقة التي سبقت الاجتماع مع الوفد الصيني أن شركة النفط ترغب في “تقييم الفرص الدولية بشكل مشترك” في الغاز الطبيعي المسال في موزمبيق وكندا وإيطاليا، أستراليا. ويبقى أن نرى إلى أي مدى تناول رئيس كوب28 هذه المواضيع خلال هذه المقابلات. ونقلت “لوموند” عن متحدث باسم رئاسة مؤتمر الأطراف قوله: “الوثائق المذكورة في مقال بي بي سي غير دقيقة ولم يتم استخدامها من قبل مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين خلال الاجتماعات”.
واعتبرت “لوموند” أن المقال يضيف مزيداً من الغموض إلى موقف دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تسعى إلى مراقبة صورتها.. ففي ال11 من نوفمبر عام 2021، هنأ الرئيس الإماراتي نفسه على تويتر على اختيار بلاده لاستضافة نسخة 2023 من قمة المناخ السنوية الكبرى. وكتب محمد بن زايد: “نتطلع إلى العمل مع المجتمع الدولي لتسريع الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ (…) وخلق مستقبل اقتصادي أكثر استدامة”، تُذَكِّرُ “لوموند”، مضيفة القول إن اختيار الإمارات، وهي دولة نفطية لا تهتم كثيراً بحقوق الإنسان، كان قد اعتُبر بمثابة استفزاز من قبل المنظمات غير الحكومية. ومنذ تعيين سلطان الجابر، رئيس شركة أدنوك، شركة النفط الرئيسية في البلاد، رئيساً لمؤتمر الأطراف تم إضعاف المجتمع المدني، وباتت المنظمات غير الحكومية تطرح العديد من الأسئلة، بما في ذلك ما الذي يريده سابع أكبر منتج للنفط في العالم حقاً؟ هل نعمل بإخلاص من أجل مستقبل أكثر استدامة أم نبطئ قضية المناخ؟
وفي مواجهة الانتقادات، يحاول سلطان الجابر، بحسب عدة مصادر، والذي مثل بلاده في مؤتمرات الأطراف لسنوات عديدة، طمأنة محاوريه.. في هذا الصدد، يسافر إلى العديد من العواصم، ويعقد اجتماعات مع الناشطين المؤيدين للمناخ، كما حدث في مارس/آذار في فرنسا، ويرسل “رسائل إلى الأطراف” حيث يناقش جميع المواضيع، بما فيها التمويل والتكيف والتخفيف، تتابع “لوموند”.
وتضيف الصحيفة القول إن دولة الإمارات العربية المتحدة جعلت من هذه القمة مسألة صورة.. كما هو الحال في العديد من القطاعات الأخرى، مثل الرياضة والسياحة مع تنظيم المعرض العالمي في خريف عام 2021. بالنسبة لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، يمكن اعتماد 70 ألف شخص، وهو أكبر تجمع مناخي يتم تنظيمه على الإطلاق. وهي رغبة تخفي طموحات أخرى، حيث ترى دولة الإمارات أن مؤتمر الأطراف فرصة ممتازة لتنظيم حدث عالمي، لكنها تريد أيضًا التأثير على النقاش حول المناخ والطاقة، كما تنقل الصحيفة عن سينزيا بيانكو، الباحثة المتخصصة في دول الخليج العربي ضمن دائرة المجلس الأوروبي المعني بالشؤون البيئية والعلاقات الخارجية.
وإدراكاً منها لرغبة دولة الإمارات العربية المتحدة في جعل مؤتمر الأطراف هذا بمثابة عرض، فقد قررت المنظمات غير الحكومية من جانبها جعله فرصة لمناقشة موضوع الوقود الأحفوري. من الصعب على الدولة المنظمة، مركز الاهتمام، تمويه الموضوع، تقول “لوموند”، مضيفة أنه بعد تعيينه مباشرة، تحدث سلطان الجابر عن “خفض الانبعاثات” الضروري، مما ترك إمكانية تطوير صناعة النفط من خلال نشر تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه. وشيئا فشيئا، قام بمراجعة مفرداته، حتى إنه تحدث في يوليو/تموز عن “الخروج من الحفريات”، لكنه ترك الجدول الزمني لإنهاء استخدام الفحم والنفط والغاز غير واضح. ويعمل رئيس مؤتمر الأطراف أيضًا بنشاط على التوصل إلى اتفاق بشأن مضاعفة إنتاج الطاقات المتجددة ثلاث مرات ومضاعفة كفاءة استخدام الطاقة. موقف توافقي إلى حد ما من شأنه أن يسمح له بإظهار نصر دبلوماسي بتكلفة قليلة، بحسب “لوموند”.
وتسلط دولة الإمارات الضوء أيضًا على استثماراتها في الطاقات النظيفة، كما هو الحال مع حقل الظفرة، وهو حقل يضم 4 ملايين لوح شمسي، على بعد حوالي خمسين كيلومترًا من أبو ظبي، والذي تم افتتاحه قبل أسبوعين من بدء مؤتمر الأطراف. ومع اقتراب هذا الحدث، أعلنت الإمارات أيضا خلال قمة المناخ الأفريقية في سبتمبر في نيروبي أنها ستستثمر أكثر من 4 مليارات دولار في تطوير الطاقات المتجددة في أفريقيا. وفي عام 2021، أعلنوا عن خطة بقيمة 63 مليار دولار على الأقل في مجال الطاقات المتجددة.. وهي وسيلة للاستعداد للمستقبل. ومع ذلك، فإن مزيج الطاقة الإماراتي ما يزال عكس هذا التحول منخفض الكربون. ووفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن 97 في المئة من الطاقة التي تستهلكها البلاد تأتي من الغاز، ويتم إنتاج 94 في المئة من الكهرباء من الوقود الأحفوري. وتخطط الدولة المنظمة لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لزيادة إنتاجها من البراميل بنسبة 25 في المئة بحلول عام 2027.
ومضت “لوموند” قائلة إن مؤتمر الأطراف هذا سيكون الحدث الذي سيظهر الفجوة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقالت السيدة بيانكو: “كان على دولة الإمارات العربية المتحدة، بصفتها رئيسة مؤتمر الأطراف، أن تنأى بنفسها أكثر عن مواقف المملكة العربية السعودية بشأن تسريع التخفيض التدريجي للوقود الأحفوري وخاصة فيما يتعلق بتمويل المناخ”. وتأمل المنظمات غير الحكومية أن يؤدي مؤتمر الأطراف إلى إجبار دولة الإمارات العربية المتحدة على اتخاذ إجراءات ضد صناعة النفط. وطالبت الجمعيات بأن تتمكن الأمم المتحدة من قراءة اتفاقية المضيف، والاتفاق بين الدولة المضيفة والاتفاقية الإطارية، لكن لم يتم نشرها. في هذه الأثناء، اتخذ العديد من الناشطين تدابير لحماية اتصالاتهم، مما يشير إلى أن هذا المؤتمر يفتتح في جو من عدم الثقة، تقول “لوموند”.