ايريس ليعال
في هذه الأيام التي يتفاوضون فيها على الأمور الأكثر مصيرية لوجودنا، تبدو هذه قصة صغيرة. ولكن الفضاء العام، الإعلامي والإنترنت، سيكون له تأثير على قرارات نتنياهو؛ هذا هو ميدان المدينة، “هايد بارك” من يشكلون الرأي العام، اليهودي بالطبع. غالبية المواطنين العرب والفلسطينيين، مثل المحامي أمل عرابي، تفضل عدم التغريد منذ اندلاع الحرب، حرفياً. عرابي، ربما تعرفونه من خلال برنامج غاي زوهر “من الجانب الآخر”، هو فتى ذو لهجة عربية، يقول أموراً تصيب اليمين بالجنون ويصعب على الوسط – اليسار هضمها. الأكثر دقة هو استخدام لغة الماضي. مهرج اليمين المكارثي “شاي غليك” قدم شكوى لهيئة البث، صدقوا ذلك أو لا تصدقوا، بسبب تغريدة لعرابي في حسابه الشخصي، أطلق فيها لقب “المتحدث باسم اليمين الفاشي والنازي الجديد في إسرائيل” على بن غفير. يدور الحديث عن بن غفير نفسه، الذي أوشك بعد سنتين على تحويل الشرطة إلى شرطة سياسية، وهي صفة بارزة للأنظمة الفاشية.
محا عرابي التغريدة، ومع ذلك غاب عن شاشة القناة الرسمية، وتقلصت حدود الحوار ببضعة كيلومترات أخرى. إلى أن وصلت شكوى أخرى لغليك، الذي طور استحواذاً مقلقاً لعرابي، وفي هذه المرة قدم الشكوى للجنة الأخلاق في مكتب المحامين، الذي قرر تقديم عرابي لمحاكمة انضباط لأنه شارك خطاباً لسكرتير عام الأمم المتحدة، وأضاف كلمات “خطاب ممتاز”، وغرد باللغة الإنجليزية “لا تتوقفوا عن التحدث عن فلسطين”. وبسبب إطلاقه “مخرباً” على بن غفير.
في اليوم نفسه، قررت المدعية العامة في الدولة أن اقوال الوزيرة اوريت ستروك، التي أطلقت على أعضاء الكنيست من “راعم” “إرهابيين يرتدون البدلات”، ولديهم الحق في حرية التعبير. كان بن غفير عضواً في تنظيم “كاخ” الإرهابي.
محامي عرابي وعدد من اليساريين الراديكاليين حاولوا إثارة الاهتمام في إسرائيل، أي فتح نقاش في “تويتر”، أصبح فيه أغلبية ساحقة من المواطنين العرب لا يُسمعون أصواتهم. تذكرت تجند المعسكر الليبرالي في انتخابات مكتب المحامين لمنع انتخاب آفي نافا، كجزء من النضال ضد الانقلاب النظامي أيضاً، وعولت على رد رؤساء المعسكر (لم أعول، أعرف مع من أتعامل، هذه مقولة من أجل الادعاء). يقف عرابي أمام خطر تعليق عضويته أو سحب رخصته بسبب شيء ما، الذي لو كنت أنا من كتبته لمر بهدوء.
قرأت الرد على الشكوى التي صاغها المحامي ألون سبير، ولا أشعر بالقلق على عرابي لأنه سيفوز. لكني أقلق علينا، على المجتمع الإسرائيلي والمعسكر الليبرالي اللامبالي تجاه الفاشية العرقية التي تتزايد هنا، وإزاء صور الأطفال الذين يقتلون في غزة، بينما يشجع المجانين في اليمين وأبواق نتنياهو الاحتلال والسلب وإهانة الغزيين باستمتاع.
للملاحقة المكارثية تأثير مهدئ. فلجنة الأخلاق التابعة لهيئة البث أو مكتب المحامين هي ورقة عباد الشمس الحقيقية لحدود حرية التعبير التي يسمح بها المجتمع. وعدم تأييد المعسكر الليبرالي وأعضاء الكنيست من اليسار وقادة الاحتجاج لحرية التعبير للفلسطينيين، يسمح لليمين بتحديد الحدود الشرعية للخطاب.
بالعمى وبصم الآذان عن كل تفكير خارج حدود التيار العام، وعدم المبالاة بقمع أشخاص مثل عرابي، الذي يعمل طوال حياته المهنية من أجل الشراكة الإسرائيلية – الفلسطينية، فإن المعسكر الليبرالي يحكم على نفسه بحرية تتضاءل كل يوم: شتم بيبي وأبناء عائلته بإبداعية، هذا شيء جميل. ولكن حرية التعبير لمواطن عربي صرخ إزاء الموت والدمار لأبناء شعبه، هذا أقل أهمية. إذا كانت هذه هي صورتنا، فمن الجدير أن تعرفوا بأننا نعطي ستروك وبن غفير وسموتريتش مفاتيح الدولة.
هآرتس 7/7/2024