ليبيا: الانتخابات تقترب والآلية المقترحة لاختيار رئيس البلاد محفوفة بالمخاطر وتثير جدلا بين أعضاء اللجنة القانونية فهل تحسم القضية؟

نسرين سليمان
حجم الخط
0

طرابلس – «القدس العربي»: مع اقتراب موعد الانتخابات المقررة في 24 كانون الأول/ ديسمبر من العام الجاري، تتصاعد الضغوط بتنفيذ الأرضية المناسبة للانتخابات من الناحية القانونية والدستورية، ورغم عجز مجلس النواب حتى الآن على اعتماد أو تشريع قاعدة مناسبة، فقد أنجزت اللجنة القانونية المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي أخرى، ولكن بنداً حاسماً ظل محل جدل وخلافاً لم تستطع حسمه حتى الآن، وقد أثار هذا البند الجدل حتى على صعيد الوسط المحلي.
آلية انتخاب الرئيس القادم لليبيا هي ما أثارت جدلاً بين أعضاء اللجنة القانونية، وحتى على صعيد المتتبعين للمشهد، فقد اختلفت الأصوات بين مطالبة بانتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب، ومطالبة أخرى بتركه رهناً للبرلمان، ليكون هو من يحدد الرئيس المقبل.
النقطة الخلافية ورغم إحالتها لملتقى الحوار السياسي، إلا أن مجموعة من المتتبعين للمشهد أكدوا صعوبة التوصل لتوافق أيضاً على صعيد الملتقى، لأن الوضع الليبي الراهن يجعل كل هذه الخطوات محفوفة بالمخاطر، أي أن الاختيار سيكون بأيهما أقل خطراً .
انتخاب الرئيس بشكل مباشر من الشعب وفي ظل الانقسام الواقعي على الأرض وعدم قدرة السلطة التنفيذية الجديدة على بسط سيطرتها على كامل الأراضي الليبية وتوغل قوات حفتر في أجزاء كبيرة منها، سيعرض العملية الانتخابية للخطر والسيطرة والتسلط.
فحفتر وبسعيه المستمر نحو السلطة، وبالدلائل والبراهين التي أثبتت سعيه نحو ترشيح نفسه للانتخابات المقبلة أو تقديم أحد أولاده كمرشح مناسب، له القدرة على السيطرة على نتائج الانتخابات في الشرق الليبي، أو حتى تزويرها، فضلاً عن قمع أي مرشح آخر والإبقاء على نفسه فقط، أو مرشحيه فقط.
وبوجود ديمقراطية كافية في الغرب الليبي لترشيح عشرات الأشخاص لهذا المنصب، وبالديكتاتورية شرق البلاد سيكون أمام المواطنين في 75 % من ربوع البلاد مرشح واحد للتصويت له، على عكس الغرب في ليبيا والذي سيحمل أكثر من مترشح ما سيوزع قوة الأصوات في الغرب، ويوجهها نحو شخص واحد في الشرق.
انتخاب الشعب للرئيس ورغم كونه حقاً مقدساً من المفترض أن تحظى به كل الدول الديمقراطية، إلا أن النموذج الليبي مغاير لواقع الدول الكبرى، فالسعي المستميت نحو السلطة والسيطرة هو الغالب على المشهد.

البرلمان والسلطة التنفيذية

الخيار الآخر لانتخاب الرئيس كان من خلال البرلمان، أو الجسم التشريعي للبلاد، وقد حذرت مجموعة من المتتبعين والمحللين من هذا الخيار، موضحين أن الرئيس سيظل رهناً وحكراً للبرلمان، وسيقيدون عمله بشكل كبير، وسيهدد بسحب الثقة حال الرفض.
فالتجربة الأخيرة والتي حظيت ليبيا من خلالها على سلطة تنفيذية واحدة وموحدة أظهرت صحة هذه النظرية، فالميزانية والمناصب السيادية ووكلاء الوزارات، كلها تحولت إلى صفقات تحت قبة برلمان طبرق، الذي منح الثقة للحكومة وحاول أن يقيد عملها.
كما أن الرفض الشعبوي لمبدأ اختيار الرئيس من قبل البرلمان ينذر باحتمالية عدم قبول الشعب لنتائج هذا الاختيار وفي نموذج كالنموذج الليبي، ومع انتشار السلاح في معظم البيوت الليبية فإن الرئيس سيكون مهدداً لانقلاب على السلطة أو ثورة جديدة ما لم يفرض سيطرته بشكل سريع وجدي.
أحد أعضاء اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي أكد في تصريح لـ”القدس العربي” أن الخلاف الذي صدر من أعضاء اللجنة كان لذات الأسباب، فقد قوبل كل خيار بالعديد من التخوفات والاعتراضات .
وأضاف أن سبب عدم اعتماد خيار واحد من قبل اللجنة هو منهجية الحوار، وآليات عمل اللجنة القانونية والتي تعتمد على التوافق الكلي وليس النسبي، مما اضطرنا إلى إحالة هذه القضية لملتقى الحوار السياسي للنظر فيها، والذي يعتقد بأنها لن تتمكن أيضاً من حسم هذه النقطة بإجماع ولا بأغلبية الأصوات، بل ربما سيحسم بالعدد الأكبر.
وتابع بأن توجهات أعضاء اللجنة القانونية المختلفة وانتماءاتهم جعلت أراءهم بخصوص هذه النقطة تنحاز لما يخدمها، فكل تمسك بالمحاذير الخاصة بالخيار الآخر الذي يعارضه.
وكشف عضو اللجنة القانونية أن الأغلبية في اللجنة طالبت بإجراء انتخابات رئاسية مباشرة، وبما أن منهجية العمل في اللجنة تعتمد التوافق وهو ما لم يحدث بخصوص هذا البند، خاصة بوجود أعضاء أصروا على أن تكون انتخابات رئاسية غير مباشرة، لذلك تقرّر إحالة هذا الخلاف لأعضاء الملتقى .
ويرى عضو اللجنة القانونية بملتقى الحوار عبد الرزاق العرادي أن انتخاب الرئيس مباشرة من قبل الشعب في مرحلة انتقالية دون دستور يحدد صلاحياته، ومدة رئاسته، ويسمح للشعب الليبي بمحاسبته؛ عبث مرفوض، مبيناً أن الإقدام على هذه الخطوة يصنع طاغية، ويعيد الاستبداد إلى البلاد من جديد.
وبين خلاف على أهم بند من البنود التي تقوم عليها الانتخابات المنتظرة، وقرب موعدها، وضرورة حسمها، فضلاً عن الوضع الراهن وظروفه التي فرضت نفسها على كافة القرارات الحاسمة والخيارات، تظل ضرورة حسم هذا الملف واجبة قبل الأول من يوليو/تموز لتتمكن الدولة من تنفيذ باقي الاستحقاقات الممهدة لليوم المنتظر .

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية