قليلة هي الاخبار السارة القادمة من ليبيا هذه الايام، فالبلد يعيش ازمات متلاحقة على الصعد كافة: المعيشية والامنية والسياسية، والسبب في ذلك يعود الى ضعف النخبة السياسية وعجزها عن بناء هياكل الدولة وفرض هيبتها.
الانهيار الامني المتفاقم هو العنوان الابرز للاحداث في ليبيا هذه الايام، فبالامس شهدت مدينة بنغازي التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات ضد نظام العقيد معمر القذافي، انفجارين ضخمين اديا الى مقتل خمسة عشر شخصا على الاقل واصابة العشرات، احدهما بسيارة مفخخة وضعت بالقرب من مستشفى الجلاء اكثر مستشفيات المدينة ازدحاما.
معظم القتلى والجرحى كانوا من الاطفال الصغار وامهاتهم وهم في طريقهم الى المستشفى بحثا عن العلاج، الامر الذي يكشف عن الطبيعة الاجرامية لهذا العمل، والدوافع الدموية للجهات التي تقف خلفه.
ليبيا تعيش فوضى السلاح والميليشيات التي تتحكم بالبلاد والعباد وتفرض مطالبها بقوة السلاح، مثل محاصرة بعضها لوزارتي الخارجية والعدل لاجبار البرلمان على التصويت لتمرير قانون العزل السياسي، وكان لها ما ارادت لكن حصارا لسفارتين ما زال قائما حتى كتابة هذه السطور.
الحكومة المركزية منتخبة ولكنها ضعيفة ولا حول لها ولا قوة امام قوة الميليشيات وقادتها، فعدد كبير من الوزراء فيها، وعلى رأسهم رئيسها علي زيدان مهددون بالعزل والطرد من وظائفهم بمقتضى القانون الجديد لانهم عملوا في مؤسسات دولة معمر القذافي التي امتدت لاكثر من اربعين عاما.
وصول السيارات المفخخة، وانفجارها امام المستشفيات والشوارع المزدحمة (الانفجار الثاني وقع في شارع العشرين في بنغازي) هو ظاهرة جديدة على المجتمع الليبي، وهي ظاهرة قادمة من المشرق العربي والعراق على وجه التحديد. فالشعب الليبي بطبيعته مسالم ولا يميل الى العنف مثل بعض الشعوب العربية الاخرى، وهذا ما يعكس خطورة وصول هذه الظاهرة الدموية الى شوارعه واحيائه.
ومن المفارقة ان دولتين عربيتين، اصدرتا قانون العزل السياسي، الاولى العراق في المشرق حيث جرى اصدار قانون اجتثاث حزب البعث وعزل انصاره ومنتسبيه، والثانية ليبيا في المغرب العربي.
العزل السياسي ليس القاسم المشترك الوحيد بين البلدين فكلاهما شهدا تدخلا عسكريا من قبل حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة الامريكية لتغيير النظامين فيهما.
الدول الغربية التي ارسلت طائراتها للاطاحة بالنظام الليبي السابق تشعر بالقلق تجاه هذه التطورات الدموية المرعبة في ليبيا، فقد تعرضت عدة سفارات او قنصليات غربية لهجمات المسلحين، آخرها السفارة الفرنسية، حتى ان معظم هذه الدول اصدرت تعليمات لمواطنيها بعدم السفر الى هذا البلد المنكوب.
الادارة الامريكية التي تعرضت قنصليتها في بنغازي الى هجوم ادى الى مقتل السفير وثلاثة دبلوماسيين وضعت قواتها في صقلية في حال تأهب قصوى استعدادا للتدخل تحت ذريعة حماية سفارتها في طرابلس وقنصليتها في بنغازي.
ليبيا من المفترض ان تكون ‘تحررت’ من نظام الطاغية قبل عامين ونيف، وسارت خطواتها الاولى نحو الديمقراطية والاستقرار الامني قبل السياسي، ولكن الصورة على الارض تبدو كئيبة للغاية، فالحكومة ضعيفة، والفساد في ذروته، والميليشيات تتقاسم مناطق النفوذ وتضع نفسها فوق الدولة والقانون.
حلف الناتو الذي تدخل بقواته لاطاحة النظام السابق يعرف كيف يفكك الدول ويطيح بانظمة، ولكنه يجهل كيف يتحقق الاستقرار ويساعد على بناء الدولة البديلة، وهنا تكمن مأساة كل من ليبيا الجديدة، والعراق الجديد.
وهذا ما سيتحقق بالنقطة والفاصلة في سورية، بل ربما سيكون الوضع أبشع وأكثر كارثية فيما لو سقط النظام الحاكم حاليا.
المقارنة بين ليبيا وما حدث بالعراق تبدو ظالمة وليست في محلها حيث الفرق كبير بينهما، العراق تعرض لغزو من قبل أمريكا وبريطانيا وتحالف شكلي لم يشارك فيه حلف الناتو بصورته المعروفة بل إن 2 من أكبر أعضائه رفضا المشاركة في العملية وهما فرنسا وبريطانيا وتم القضاء على نظامه الحاكم بقوة السلاح بجنود الاحتلال وليس بثوار وطنيين ولم يحدث فيه ثورة شعبية كما حصل في ليبيا التي قام حلف الناتو بمساندتها جواً فقط مع عدد من الدول العربية ولم يحدث اجتياح بري كالعراق وتم ذلك بطلب من الجامعة العربية ثم بقرار من مجلس الأمن كما لم يحصل احتلال على الأرض كالاحتلال الأنجلوساكسوني للعراق الذي تم بمعزل عن المنظمة الدولية ومجلس الأمن وفضلاً عن أن ليبيا لا تشهد ولن تشهد حرباً أهلية على أسس إثنية أو طائفية لأن الشعب يتميز باللحمة الواحدة بعيداً عن الفروقات العنصرية والأقليات الدينية فهو شعب عربي وجميعه من المسلمين السنة الأمر الذي يختلف عن العراق الذي يحوي الطوائف
والعرقيات المتباينة.
بسم الله الرحمن الرحيم.ليبيا الجديدة-مهما اعتراها من فوضى-تختلف جذريا عن العراق.ففيها تدخل الناتو بناء على طلب الجامعة العربية وذلك حقنا لدماء الليبيين الذين توعدهم القذافي بالسحق الدموي المرعب.والنزاع بين ميليشياتها الثورية هو على مراكز النفوذ وحصص كعكة الحكم؛بالاضافة الى ضعف الاداء السياسي للنخبة المنتخبة.واهم من ذلك كله تدخلات اذرع شياطين الانس الصهيوامريكية الصليبية التي لاتريد ان ترى استقرارا في اي بلد مسلم،وخاصة بلدان الربيع العرب.واما في الحالة العراقية فان الغزو الامريكي كان بدفع صهيوني وحماية لاسرائيل من محاولة العراق بناء قوة ذاتية مستقلة عن النفوذالصهيوامريكي وتشكل خطرا على الوجود الاسرائيلي.وقد لاقت هذه الحرب دعما قويا من ايران وميليشيتها الطائفية التي انطلقت تعمل ذبحا وتقتيلا في الشعب العراقي تحت سمع وبصر القوات الغازية.وعندما انسحبت القوات الامريكية من العراق سلمتها للنفوذ الايراني الصفوي بعد ان زورت نسبة التعداد السكاني لصالح الطائفة الشيعية الموالية لايران وزورت الانتخابات التي ثبتت المالكي وطائفته وبالتنسيق الكامل مع ايران.وبالاختصار فان امريكا غزت العراق واودعتها للنفوذ الايراني حماية لاسرائل،وهي امريكا نفسها التي تغذي الفوضى في ليبيا حماية لاسرائيل
مع احترامي لتقرير قدسنا العزيزة : الوضع في ( ليبيا ) يختلف عن الوضع :
في ( العراق ) …؟؟؟
الوضع في العراق أشبه ما يكون ( بالحرب الطائفية ) …؟؟؟
أماّ الوضع في ( ليبيا ) : إنفلات أمني …فقط , ولا توجد حرب طائفية :
أو حتى شبه طائفية …كون ( الشعب الليبي ) بالمجمل متجانس ( سني ) .
أماّ ( الإنفلات الأمني ) سببه أمران : ـ
الأول : عدم نضوج بعض قادة الثوار واستعجالهم في قطف الثمار …؟؟؟
الثاني : تحرك ( فلول ومؤيدي النظام السابق والطاغية السابق ) :
للإنتقام بوحشية وهمجية من الشعب الليبي الأبي لقيامه بالثورة …؟؟؟
عموما : أنا ما زلت متفائل …وعلى الرغم من كل ما يحدث من فوضى :
وخراب في ليبيا …سيأتي اليوم التي تستقر فيها الأوضاع …وينهض :
الشعب الليبي الطيب الأبي من كبوته …وأرجو أن لا يطول موعد هذا اليوم …؟؟؟
حياكم الله وشكرا .
تحليل رائع جدا, سيما وان سياسة العزل هي مشابه لسياسة الاجتثاث التي تؤدي في النهاية الى افراغ البلد من الكفاءات
في مثل بقول الي من ايدو الله يزيدو احنا العرب الي وصلنا انفسنا لهذه المرحلة عمرها الديموقراطية ما اجت بدبابة ولا طيارة على كل حال مبروك على ليبيا الديموقراطية
والله يفرجها على الجميع ليبيا وسوريا وكل الدول العربية والاسلامية
إكمالا للمقال في الفقرة الأخيرة “وسوريا المستقبل”
هي مرحلة وتتجاوزها ليبيا باذن الله ……..بايدي شبابها وثوارها
للأسف الشديد يبدوا أن اﻷمور تسير الا المجهول تعازينا لذوي الضحايا انا الله وانا اليه راجعون
ما اشبه اليوم بالبارحة….
بالأمس كان العراق واليوم تكون ليبيا. يا ترى هل كل الذي حصل ويحصل في بغداد و بنغازي هو مجرد صدفة أم شيء دبر بليل؟؟ أن تحليل صاحب المقالة منطقي وعقلاني. وسؤالي هو الى متى؟ ولماذا؟ وكيف؟ هل كتب علينا الدمار كمصير محتوم؟ أم أننا مسؤولين جمعيا عن الذي يحصل في شرق الأمة وغربها؟ نحن مطالبين بوقفة أمام أنفسنا أولا لكي ننقذ ما تبقى من شتات الأمة لأن القادم اسوأ.