تونس ـ «القدس العربي»: قلبت صواريخ «غراد» التي أطلقتها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على حي الانتصار في طرابلس، موقف سكان العاصمة إلى ما يشبه الإجماع ضد الهجوم العسكري الذي دخل أسبوعه الثاني، فيما طلبت الحكومة الليبية في طرابلس المعترف بها دوليا اجتماعا طارئا للجامعة العربية الأحد المقبل، وذلك في بيان رئاسي أعلنته، فيما طالب رئيسها فائز السراج المحكمة «الجنائية الدولية» بالتحقيق في جرائم الحرب والانتهاكات التي قام بها حفتر.
روسيا تُفشل إصدار قرار لمجلس الأمن… وصواريخ تقضي على صورة اللواء المتقاعد
وأفاد أحد سكان الحي في اتصال هاتفي أن عدة صواريخ أطلقت على الحي، الواقع في ضاحية أبو سليم، ليل الثلاثاء / الأربعاء، وأدت إلى مقتل شخصين على الأقل من أسرة واحدة وجرح أربعة، وتم دفن القتيلين أمس الأربعاء وسط مناخ من الاحتقان والغضب. وأضاف أن سكان الأحياء المجاورة شعروا بمرارة شديدة جراء قصف أحياء سكنية ليلا وبطريقة عشوائية، وغادر كثير منهم الحي بحثا عن مناطق أكثر أمانا. كما اهتزت المنازل في حيَي زاوية الدهماني وبن عاشور وشارعي الزاوية وميرزان من شدة انفجار الصواريخ التي أطلقت على حي الانتصار المجاور.
وزاد المصدر قائلا «حتى الذين كانوا يُبررون هجوم حفتر صاروا يقفون بشدة ضد الهجوم على العاصمة». وعزا محللون تجرؤ قوات حفتر على قصف الأحياء بالصواريخ إلى أنه يعمل على إفراغ المدينة من السكان من أجل تسهيل تقدم قواته، كما فعل سابقا في بنغازي.
وأكد رئيس بلدية طرابلس عبد الرؤوف بيت المال في مؤتمر صحافي عقده أمس، أن 450 أسرة لم يتمكنوا من قضاء الليلة في بيوتهم بسبب سقوط الصواريخ، ولجأوا إلى المساجد والمدارس، مشيرا إلى أن فرق الإغاثة لم تستطع الوصول إليهم ومساعدتهم جراء كثافة القصف.
في هذا السياق عاود المجلس الرئاسي، الذي يتمركز في طرابلس، إحياء خلية أزمة كان شكلها منذ عام ونصف للتنسيق مع الجمعيات والهيئات المستقلة، وكذلك مع المنظمات الدولية المعنية بالإغاثة.
وعلى الصعيد العسكري اتسم أمس بهدوء نسبي بعد «ليلة الصواريخ»، فيما تراجعت قوات حفتر عن بعض المواقع التي كانت سيطرت عليها وخاصة في غريان، حيث أعادت القوات التابعة لحكومة الوفاق تمركزها في المدينة، كما عاودت نشر وحداتها داخل مدينتين غرب العاصمة طرابلس، وهما صرمان وصبراتة التي تعتبر أقرب مدينة إلى الحدود المشتركة مع تونس.
أما على الصعيد الدبلوماسي فقد أخفق مجلس الأمن مرة أخرى أمس في الاتفاق على صيغة قرار في شأن الأوضاع السائدة في ليبيا، وبرزت بريطانيا بوصفها المدافع الأول عن وضع مشروع قرار أو بيان يخص الأزمة الليبية، إلا أن أعضاء المجلس انقسموا على أنفسهم بين غالبية رأت أن وقف إطلاق النار ينبغي أن يقترن بعودة كل طرف إلى مواقعه السابقة (قبل الرابع من الشهر الجاري)، وموقف روسيا الرافض للاقتراح. ونقلت بوابة «الوسط» الليبية عن دبلوماسي ليبي في الأمم المتحدة لم تُسمه، أن بريطانيا تعهدت بإعداد مشروع جديد لعرضه على المجلس بعد جلسة مشاورات غير رسمية. وأفادت البوابة أن وزير الخارجية في حكومة الوفاق محمد طاهر سيالة اتصل هاتفيا بمندوب ليبيا الدائم في الأمم المتحدة وطلب منه إبلاغ مجلس الأمن بتعرض أحياء مأهولة بالسكان في طرابلس للقصف بصواريخ «غراد» ليل الثلاثاء/ الأربعاء، و»توجيه لوم شديد للأمم المتحدة على عدم تحركها لحماية المدنيين».
وترأس رئيس المجلس الرئاسي في حكومة الوفاق الوطني فائز السراج اجتماعا للجنة الطوارئ، حسب بيان بثته الحكومة على «فيسبوك». وأفاد البيان أنه تم عرض الموقف الإقليمي والدولي من الهجوم على طرابلس والإجراءات التي ينبغي اتخاذها في هذا الشأن. إلا أن البيان لم يوضح طبيعة تلك الإجراءات.
وفي تطور مهم على الصعيد العسكري أعلن أمس أحد الفصائل المسلحة (قوة حماية طرابلس) أن ثلاث مجموعات من المدافعين عن العاصمة اتفقت على تشكيل قوة تحت إمرة قيادة موحدة «لتجنيب المنطقة الغربية أن تصبح ساحة حرب»، حسب ما جاء في بيان لها على «فيسبوك». وستؤمن القوة الموحدة الدفاع عن المنطقة الغربية الممتدة من سرت شرقا إلى رأس جدير (البوابة الحدودية الرئيسة مع تونس) غربا.