طرابلس ـ «القدس العربي»: بعد يوم من إعلان رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، بدء قبول ملفات الراغبين في الترشح لرئاسة الحكومة الموحدة الجديدة المزمع إنشاؤها، اتهم المجلس الأعلى للدولة في بيان مجلس النواب بعرقلة المسار السياسي في البلاد باتخاذ إجراءات أحادية الجانب واعتمادهم ميزانية ضخمة، مشيراً إلى أن ذلك يخالف الاتفاقات التي تم التوصل إليها في اللقاء الثلاثي الذي رعته جامعة الدول العربية في القاهرة.
وأكد المجلس الأعلى للدولة تمسكه بالإطار العام للحل السياسي الذي تم الاتفاق عليه في القاهرة، مشدداً على ضرورة التوافق على آليات تنفيذه، بما في ذلك تشكيل الحكومة، قبل تنفيذ أي خطوة.
وحذر المجلس من خطوات النواب المنفردة التي قد تؤدي إلى تكريس حالة الانقسام في البلاد، لافتاً إلى عدم اعترافه بأي إجراء يتم اتخاذه بشكل منفرد من جانبهم.
وقال عبر بيان، إن «التوافق وعدم الانفراد بالقرار هو ما سعينا لتحقيقه ووضعنا نقاطه الأساسية في اللقاء الثلاثي برعاية جامعة الدول العربية في إطاره العام».
ووفق المجلس الأعلى للدولة الأحد، فإن ذلك المسار «كان من المقرر استكماله بوضع الآليات المتعلقة بكل النقاط المضمنة في البيان».
واستدرك: «إلا أن الخطوة المنفردة، التي قام بها مجلس النواب (مقره في الشرق) باعتماد ميزانية ضخمة بالمخالفة للاتفاق السياسي والتي تكرس الانقسام، حالت دون حدوث اللقاء (لوضع آليات)».
وفي السياق، قال مقرر الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، رمضان تويجر، إن تسمية رئيس الحكومة هي من اختصاص مجلس النواب باستشارة المجلس الأعلى للدولة من الناحية القانونية.
وأوضح في مداخلة صحافية، الأحد، أن التعديل الدستوري الحادي عشر الذي أقره مجلس النواب، يقضي بشكل واضح بتشكيل أو تكليف حكومة منفصلة عن المجلس الرئاسي، وهو ما جرى تضمينه في الاتفاق السياسي.
وأضاف في تصريحه أن المجلس الرئاسي مجتمع لاختيار رئيس الحكومة الليبية، مشيراً إلى أن المادة 178 من القانون رقم 4 لعام 2014، المنظم عمل مجلس النواب نفسه، صريحة في نصها بالخصوص، وهذا أيضاً عُرف من الأعراف الراسخة.
وتوقعت عضو مجلس النواب أسماء الخوجة بدء تلقي أسماء المرشحين لرئاسة الحكومة أمس الإثنين، وذلك بعد إعلان مجلس النواب فتح باب الترشح لرئاسة حكومة جديدة اعتباراً من الأحد وحتى 11 آب/ أغسطس المقبل.
وقالت في تصريح صحافي، إنه من الممكن أن يتقدم المترشحون تباعًا اعتبارًا من الإثنين تمهيدًا لفرز الملفات واستكمال أوراق المترشحين، موضحة أن مرشحين سبق أن قدما ملفي ترشحهما، وهما عصام بوزريبة وعبد الحكيم بعيو، واستدركت أنهما قد يضطرا إلى أن يتقدما رسمياً بملف ترشحهما بعد صدور قرار فتح باب الترشُّح.
وفي بيان صادر في وقت سابق، الأحد، قال مجلس النواب إن رئيسه عقيلة صالح يدعو النواب وأعضاء المجلس الأعلى للدولة إلى تزكية من يرون فيه الكفاءة لشغل منصب رئيس الحكومة، حسبما جاء في بيان صادر عن الناطق باسم مجلس النواب عبد الله بليحق.
وقال إن هذه الدعوة تأتي استنادًا إلى أحكام الإعلان الدستوري والتعديل الدستوري الثالث عشر وإلى أحكام قوانين الانتخابات الصادرة عن مجلس النواب، وما جرى الاتفاق عليه بمخرجات لجنة (6+6) واستنادًا إلى الاتفاق بين رئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الأعلى للدولة ورئيس المجلس الرئاسي في مقر جامعة الدول العربية في العاصمة المصرية القاهرة في العاشر من مارس 2024.
لكن مستشار رئيس المجلس الرئاسي للشؤون التشريعية والانتخابات زياد دغيم، قال إن تعيين رئيس الحكومة هو اختصاص دستوري لرئيس الدولة (المجلس الرئاسي يحمل هذه الصفة) منذ التعديل السابع سنة 2014، جاء ذلك ردًا على إعلان مجلس النواب فتح باب الترشح لرئاسة حكومة جديدة اعتبارًا من الأحد وحتى 11 آب/ أغسطس المقبل.
وأضاف، إن للمجلس الرئاسي مجتمعًا اختيار رئيس الحكومة الليبية، مشيرًا إلى أن المادة 178 من القانون رقم 4 لسنة 2014 المنظم لعمل مجلس النواب نفسه صريحة في نصها بالخصوص، وهذا أيضًا عُرف من الأعراف الراسخة.
وأوضح دغيم أن خريطة الطريق للمرحلة التمهيدية للحل الشامل الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي المعززة لقرارات مجلس الأمن هي الملحق المكمّل والمفسر للاتفاق السياسي الليبي، وهي حاكمة للمرحلة والمحددة لضوابط إجراء تعديل دستوري جديد، مشيرًا إلى أنها تتطلب توافقًا بين المؤسسات المنبثقة عن الاتفاق السياسي أو انعقاد ملتقى الحوار السياسي ثم تصويت البرلمان بعدد 120 عضوًا في جلسة علنية على (المتوافق عليه) وهذا لم يتوفر في التعديلين (12 و13) حتى الآن، ويعتبران بذلك مقترحين يمكن دراستهما واستكمالهما.
وكان أعضاء في مجلسي «النواب» و»الأعلى للدولة» الليبيين قد اجتمعوا في العاصمة المصرية القاهرة قبل أيام للاتفاق على خريطة طريق تفضي لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، بالإضافة للاتفاق على ضرورة تشكيل سلطة تنفيذية جديدة تتولى الإشرافَ على العملية الانتخابية.
ونقلت منصات محلية عن مصادر برلمانية ليبية تأكيدها بتعثر ملف تشكيل سلطة تنفيذية جديدة في البلاد، نتيجة عدم توفر الدعم الأممي والدولي لهذا التحرك الذي قاده بعض نواب البرلمان الليبي والمجلس الأعلى للدولة خلال الأيام الماضية.
وأوضحت المصادر أن رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، يقود تحركات إقليمية بهدف دعم مخرجات اجتماع بعض أعضاء البرلمان ونظرائهم في المجلس الأعلى للدولة، مشيرةً إلى وجود تحفظ لدى الدول الفاعلة والمنخرطة في المشهد الليبي إزاء غياب وجود توافق شبه كامل على تشكيل سلطة تنفيذية جديدة.
ولفتت المصادر إلى أن الأمم المتحدة تخشى أن يتم تشكيل حكومة جديدة في ظل وجود حكومتين في البلاد، ما قد يتسبب في حالة من الفوضى التشريعية والتنفيذية، مؤكدةً ضرورة عمل الأمم المتحدة على جمع كافة الأطراف الليبية على طاولة واحدة للاتفاق على خريطة طريق وفق جدول زمني محدد للدفع نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
التوافق على تشكيل حكومة موحدة في القاهرة جاء في وقت يصعد فيه رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، بمواجهة المجلس الأعلى للدولة، الذي يرأسه محمد تكالة، بعد خلافهم حول مشروع الميزانية حيث يقول الأول إن البرلمان هو صاحب الاختصاص في إقرار مشروع قانون الموازنة العامة للدولة دون غيره من المجالس الأخرى.
فيما اعتذر بوقت سابق رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، عن عدم تلبية الدعوة التي تلقاها لحضور الجولة الثانية من المشاورات، بحضور رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، قائلاً إنه «لا جدوى من حضور مثل هذه اللقاءات لعدم رغبة بعض أطرافها في تحقيق أي تقدم على طريق حلحلة الأزمة بل سعيه لاستخدامها للمناورة واستهلاك الوقت.»
وجدد رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة في أكثر من مناسبة، التأكيد على أنه لن يترك منصبه قبل إجراء انتخابات في بلاده واختيار سلطة جديدة، وذلك رغم ما كان يمارسه البرلمان من ضغط لتشكيل حكومة جديدة.