طرابلس – «القدس العربي»: فترة حساسة وحرجة ومليئة بالأحداث العصيبة ترأست فيها ليبيا رئاسة الدورة الـ158 لمجلس جامعة الدول العربية وشهدت خلالها انتقادات لمعظم الخطوات التي أقدمت عليها، بل انسحب عدد من ممثلي ومندوبي الدول من اجتماعاتها في إطار عدم الاعتراف بممثلي حكومة الوحدة الوطنية الليبية.
ومع بداية الدورة 159 وإعلان ليبيا تسليمها لراية الرئاسة لجمهورية مصر العربية، أعادت المنقوش التي تولت رئاسة المجلس في الدورة الماضية التأكيد على أن الليبيين يصرون على تجاوز خلافاتهم وعدم العودة إلى الصراع مجدداً، مشيرة إلى تطلع الليبيين إلى تلقي دعم أكبر خلال الفترة المقبلة، كي تكون ليبيا واحدة وقوية.
جاء ذلك خلال كلمتها كرئيس الدورة الـمنتهية لمجلس وزراء الخارجية للجامعة، قبيل تسليم رئاسة الدورة الـ159 إلى وزير الخارجية المصري، سامح شكري. ووصفت المنقوش مدة رئاسة ليبيا للمجلس خلال الدورة المنقضية بأنها علامة فارقة في تاريخ الدبلوماسية الليبية خلال السنوات العشر الأخيرة بعد استعادتنا القرار الوطني، وأسهمنا في عرض المسألة الليبية بأنفسنا في المحافل الإفريقية والعربية والدولية متابعة هذا الأمر كان الدافع وراء إصرارنا على حقنا في تسلم الرئاسة، وسعيت لتكثيف التواصل مع نظرائي من وزراء الخارجية العرب
وقالت المقوش إن الرجال والنساء في ليبيا وضعوا نصب أعينهم حماية بلادهم من خطر العودة إلى الحرب والانقسام، ويسعون لإجراء الانتخابات وفق قوانين عادلة ونزيهة تعلي المصلحة الوطنية في وجه مشاريع التدخل والتقسيم . ولفتت إلى أن إصرار الليبيين على تجاوز خلافاتهم هو امتداد لالتزامنا وتقديرنا لمساعي السلام التي رعتها الأمم المتحدة والدول الصديقة لليبيا، بداية من اتفاق الصخيرات في المغرب، والاجتماعات في تونس وعمان، وصولاً إلى لقاءات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في القاهرة.
دعم أكبر..
وقالت المنقوش إن حكومة الوحدة الوطنية تتطلع إلى دعم أكبر لعودة ليبيا واحدة وقوية، وتجدد التزامها بتنفيذ انتخابات تنتهي بالمراحل الانتقالية التي أعطت مساحة لتنافس القوى الأجنبية وتهديد الاستقرار في ليبيا .
وأشارت أنه وفي هذا السياق تم توجيه رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة برفع مستوى التنسيق مع الأمم المتحدة في المجال الفني واللوجستي وتأييد جهود المبعوث الأممي عبدالله باتيلي صديق الليبيين الذي تجول دون خوف في البلاد للتقريب بينهم وإعادة البلاد إلى مكانتها .
وجددت المنقوش دعم المبادرة الجزائرية لإصلاح جامعة الدول العربية، داعية الرئاسة الدورية المصرية للعمل مع الأشقاء في الجزائر والدول الأعضاء المدركة لأهمية إضفاء الحيوية وإجراء إصلاحات في بنية العمل العربي المشترك.
وأكدت على أهمية تطوير اللوائح ومواثيق الجامعة، بما يسهم في احترام حقوق الأعضاء وتحديد واجباتهم وإنتاج سياسة عربية موحدة إزاء القضايا المشتركة، مضيفة: «يفترض أن تعمل الجامعة كإطار مؤسسي يتعامل مع الأعضاء بشكل متساو وعادل ولا يفرق بينهم على مواقف سياسية أو التقليل من قيمة بعضها بادعاء أن هناك دولة كبرى وأخرى أقل أهمية في سلوك لا يجب أن يسود داخل منظمة إقليمية عريقة تتعامل مع منظمات مماثلة في العالم، وجميعها لا تسودها صيغة الاستعلاء أو التمييز ضد أعضائها».
وقالت المنقوش: «نشجع على بذل المزيد من الإجراءات والخطوات على مستوى رفع التمثيل السياسي للمرأة في العملية السياسية والعمل العام، وإيماناً بقدرتها وتأكيداً لنجاحات واضحة قد تحققت في عدد من الدول العربية في هذا المجال الذي تبذل جهودا تستحق الإشادة في هذا المسار».
وعقب استلام مصر لمهامها بدأ سامح شكري في توضيح وجهات نظره من الأزمة الليبية خلال خطابه، مشيراً في نقاط عديدة إلى عدم مبالاته إلى أي مبادرة لتسوية الأزمة من باتيلي أو غيره.
إشارات لباتيلي
وأكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، دعم مصر الكامل لمسار الحل الليبي – الليبي، ورفضها أي إملاءات خارجية على الليبيين أو تجاوز لدور المؤسسات الليبية، وفقاً لمرجعية اتفاق الصخيرات، ودعا جميع الأطراف المنخرطة في الأزمة الليبية إلى الالتزام بهذه الأسس والمحددات التي لا بديل عنها.
واعتبر أن المحاولات لاختلاق آليات مستحدثة تهدف إلى إرباك المشهد من أجل تكريس الوضع القائم في إشارة إلى مبادرة باتيلي الرامية لتشكيل لجنة عليا .
ووصف شكري إصدار مجلس النواب التعديل الدستوري الثالث عشر للإعلان الدستوري وموافقة المجلس الأعلى للدولة عليه بالتطور المهم والجوهري، معتبراً أن هذا التعديل يسهم في استيفاء الإطار الدستوري والقانوني اللازم لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بالتزامن في أقرب وقت تحت إشراف حكومة محايدة تُعلى المصالح العليا لدولة ليبيا. وثمن رئيس الدبلوماسية المصرية جهود مجلسي النواب والأعلى للدولة في تحقيق هذا التقدم وعبر عن تطلعه إلى مواصلتهما جهودهما، بما يتسق مع ولاية كل منهما المقررة باتفاق الصخيرات، من أجل إنجاز القوانين الانتخابية وصولاً إلى إقرارها من مجلس النواب خلال المرحلة المقبلة.
وخلال ترؤس المنقوش للرئاسة، أكدت عند استضافة ليبيا لاجتماع وزراء الخارجية العرب أن الجامعة العربية أقحمت نفسها في الانحياز الواضح من إحدى الدول، مطالبة بعدم تصديق القصص بأن ليبيا أرض حرب ودمار.
وأشارت إلى أن الحكومة الليبية ترفض تسييس مواثيق الجامعة العربية، لافتة إلى أنّ هناك محاولات لكسر إرادة الليبيين وعدم تحويل التضامن العربي إلى واقع ملموس.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي انسحب الوفد المصري برئاسة وزير الخارجية سامح شكري من جلسة للجامعة قبيل إلقاء المنقوش كلمتها ما تسبب في ازمة دبلوماسية بين البلدين .