طرابلس – «القدس العربي»: مازال الصراع القائم بين الأطراف السياسية الليبية قائماً ولم تهدأ وتيرته أو تتوقف، ولم تظهر حتى بوادر حلول؛ نظراً لرفض بعض الأطراف الدخول حتى في حوار لتسوية الأزمة، الأمر الذي صاعد المخاوف باندلاع صراع مسلح أو عودة البلاد إلى الانقسام السياسي والجغرافي.
وفي الوقت الذي يستمر فيه الدبيبة في ممارسة مهامه متجاهلاً كل ما يصدر عن البرلمان الليبي، ما زال الرئيس الآخر المكلف من البرلمان يشدد في كل تصريح له على قرب دخوله للعاصمة طرابلس وعلى رفضه العمل من أي بقعة أخرى.
ففي تصريح جديد، قال فتحي باشاغا، الذي عينه البرلمان رئيساً للحكومة هذا الشهر، إنه يتوقع ممارسة مهامه في طرابلس خلال الأيام المقبلة دون استخدام القوة، وسط مواجهة مستمرة منذ أسابيع بين الفصائل المتنافسة.
وفي مقابلة في تونس، قال باشاغا: “لدينا اتصالات مباشرة مع الغرب الليبي، مع طرابلس، النخبة السياسية وقادة الكتائب، وأيضاً بعض الشخصيات المجتمعية”، مضيفا: “بإذن الله، ستكون الحكومة الأيام المقبلة قادرة أن تمارس مهامها في طرابلس”.
وأضاف أن هناك مؤشرات من داخل ليبيا وعلى الساحة الدولية بأنه سيتمكن من ممارسة مهامه في طرابلس، وأن حكومة الدبيبة لا تستطيع العمل خارج المدينة.
وتابع باشاغا إن القوات التركية التي استدعتها حكومة طرابلس السابقة، ترفض الفصائل التي يدعمها البرلمان بقاءها موجودة في البلاد بشكل قانوني.
وأضاف: “أي وجود عسكري تحكمه اتفاقية أو مذكرة هي بالأساس مذكرة تفاهم، هذا نستطيع السيطرة عليه ونستطيع أن نطلب من هذه القوات أن نلغي الاتفاقية أو نطلب من هذه القوات مغادرة ليبيا”.
وقال باشاغا: “تحاول هذه الحكومة منتهية الولاية.. حكومة عبد الحميد الدبيبة، أن تقوض مجلس إدارة المؤسسة وتعيد تشكيلها مرة أخرى، وهذا أيضاً سيسبب مشكلة كبيرة لإنتاج النفط والعاملين في قطاع النفط”.
وثمن دور كل من صنع الله ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، الذي ينظر إليه باعتباره حليفاً للدبيبة، قائلاً إن الكبير “له دور مهم في الاستقرار”.
وقال باشاغا إنه لن ينفق أموالاً إلا من خلال ميزانية يقرها البرلمان. وكان البرلمان قد رفض ميزانية قدمها الدبيبة العام الماضي، لكن الدبيبة ظل قادراً على الإنفاق، مما أثار اتهامات بالفساد، وهي مزاعم ينفيها.
ومازالت الأمم المتحدة تحاول أن تضع مبادرات من أجل إجراء انتخابات سريعاً، آخرها المبادرة بعقد اجتماع بين أعضاء من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، للاتفاق على الأسس القانونية والتشريعية للاقتراع والتي لم ينضم لها البرلمان.
وقال باشاغا إنه يأمل أن يوفد البرلمان عدداً من أعضائه للمشاركة فيها لحل القضايا، وتوقع إجراء الانتخابات في غضون 12 إلى 16 شهراً.
لكن المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب فتحي المريمي، قال في تصريح صحافي جديد، إن المجلس لم يشكل حتى الآن لجنة وفق مقترح المستشارة الأممية ستيفاني وليامز أسوة بمجلس الدولة.
وتابع أن مجلس النواب اعتمد التعديل الثاني عشر للإعلان الدستوري، ومازال يدرس الأوضاع في ليبيا، وسيتخذ الإجراء اللازم الذي سيؤدي إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت ممكن، وفق تعبيره.
وشدد المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب فتحي المريمي، أن المجلس أصدر قراراً يقضي بمنع الحكومة من الصرف، إلا باب المرتبات والطوارئ، وبالتالي كل ما يصرف في غير هذا المجال يعتبر مخالفاً للقانون، حسب قوله.
وفي المقابل، سلّم رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، مسودة قانون الانتخابات التي أعدّتها اللجنة الوزارية للجنة الوطنية لتنفيذ خطة عودة الأمانة للشعب.
وأكد أن الهدف من تشكيل اللجنة هو توسيع دائرة المشاركة بوجود عدد من الشخصيات الوطنية السياسية، وإطلاق حوار وطني موسّع لمناقشة مسودة القانون وجمع الملاحظات عليها لتعبّر عن أكبر شريحة ممكنة من المجتمع الليبي.
وأشار رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، إلى أن نقل هذه المهمة للجنة الوطنية هو دليل قاطع على نية الحكومة لإثبات المصداقية في طرح القانون ومسار تنفيذ الانتخابات بالشفافية اللازمة.
وفي ظل الركود السياسي وعجز معظم الأطراف المحلية والدولية عن إيجاد حلول جذرية، دعت الهيئة الطربلسية المجلس الرئاسي إلى اتخاذ موقف وطني والانحياز إلى الشعب الليبي، وإنهاء حالة الانسداد السياسي الذي تسبب فيها مجلس النواب.
وقالت إنه على المجلس الرئاسي إعلان حالة الطوارئ إلى حين إجراء الانتخابات البرلمانية، أو إعلان تجميد مجلسي النواب والأعلى للدولة ،وتحديد موعد قريب للانتخابات البرلمانية.
ودعت الهيئة جميع الدول المتدخلة في ليبيا بوقف تدخلها، وترك الشعب الليبي ليقرر مصيره بإقامة دولته المدنية ونظامه الديمقراطي الذي يطمح إليه منذ عام 2011 دون وصاية أو تدخل.
وناشدت بعثة الأمم المتحدة إلى مساعدة الليبيين في الوصول إلى استقرار دائم، والعمل على إنهاء أي اتفاق سياسي يطيل شرعية مجلسي النواب والأعلى للدولة.
وأضافت الهيئة أن مجلس النواب الذي تغلب عليه الجهوية والقبلية والأنانية والمصلحة الشخصية، أنه أصبح رهينة لدى العسكر وخليفة حفتر.
كما دعت كافة المواطنين إلى الخروج في مظاهرات عارمة لرفض استمرار مجلسي النواب والدولة في تصدر المشهد السياسي الليبي، متهمة الأخيرين باختلاق التوافق تارة والخلاف تارة أخرى بغية الاستمرار.