طرابلس – «القدس العربي»: مع اختتام اجتماعات المسار الدستوري في القاهرة، التي قامت برعايتها الأمم المتحدة، مازال الجدل يدور حول قدرة مجلس النواب والدولة على وضع قاعدة دستورية للانتخابات أو التدخل لتعديل الدستور أو حتى وضع قانون للانتخابات نظراً للتجارب السابقة التي فشل فيها هاذان الجسمان في إيصال الدولة لهذه المرحلة.
إن اعلان المستشارة الخاصة للأمين العام بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، عن توصل لجنة المسار الدستوري في ختام اجتماعاتها في القاهرة إلى توافق مبدئي حول 137 مادة، لاقى ردود فعل كثيرة تنوعت بين رفض وقبول وتصغير لحجم النتائج.
ورغم مرور ثلاثة أيام على ختام الاجتماعات فإن ردود الفعل والتعليقات مازالت تتوافد، وحثت السفارة البريطانية لدى ليبيا، مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة على مواصلة التقدم نحو القاعدة الدستورية اللازمة لإجراء الانتخابات، مشددة على ضرورة إظهار التقدم من قبل المجلسين نحو هذا الهدف.
واعتبرت السفارة البريطانية لدى ليبيا، في تغريدة نشرتها عبر حسابها على تويتر، ذلك الإعلان أخباراً مشجعة من المستشارة الخاصة للأمين العام بخصوص محادثات القاهرة، مشددة على أنه من المهم لمستقبل ليبيا أن يواصل كل من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة إظهار التقدم نحو قاعدة لانتخابات ناجحة.
والجمعة، أعلنت وليامز أن اللجنة المشتركة من مجلسي النواب والأعلى للدولة توصلت إلى توافق مبدئي حول 137 مادة، مشيرة إلى أن الجلسة التالية ستكون في موعد مقرر له 11 يونيو/حزيران المقبل.
وفي نهاية الجلسة، أعلنت في كلمة لها الاتفاق على الباب الثاني المعني بالحقوق والحريات، فضلًا عن البابين الخاصين بالسلطتين التشريعية والقضائية، باستثناء عدد قليل من المواد لا يتعدى أصابع اليد الواحدة.
وفي السياق ذاته، عقد رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الأحد، رفقة نائبه الأول مسعود عبيد، والنائب الثاني عمر بوشاح، اجتماعًا مع لجنة إعداد القاعدة الدستورية المشكّلة من المجلس، لمناقشة نتائج الجولة الثانية لاجتماعات المسار الدستوري التي جرت في القاهرة الأسبوع الماضي.
وقال المكتب الإعلامي للمجلس إن الحضور ناقشوا خلال الاجتماع آخر ما توصلت إليه لجنتا المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب بالعاصمة المصرية القاهرة بشأن المسار الدستوري، والتي ستُعرض على المجلس لدراستها، تمهيدًا للاتفاق على موعد محدد للانتخابات في أقرب وقت ممكن.
وفي تصريح لوكالة الأناضول، رجح عضو لجنة المسار الدستوري عن المجلس الأعلى للدولة عبد القادر حويلي، إمكانية أجراء الانتخابات في شهر مارس/أذار من العام المقبل، وقال إن إجراءها نهاية هذا العام صعب جداً لكنه ليس مستحيلاً، بحسب تعبيره. وشدد حويلي، أن هناك مواد من مشروع الدستور لم يتم التوافق عليها في مشاورات القاهرة، وأن مناقشتها تأجلت إلى الجلسة المقبلة في 11 يونيو المقبل لمراجعتها وتعديلها، بحسب قوله. وتوقع عدم قدرة حكومة الوحدة الوطنية على تنفيذ الانتخابات إلا في حالة تحقيق هدنة في البلاد، مشيراً إلى أن إجراء الانتخابات يتطلب بالإضافة إلى الجانب التشريعي، إصلاح وضع المفوضية العليا للانتخابات.
في حين، كشف قال عضو المجلس الأعلى للدولة محمد امعزب، أن جوهر الخلاف الحالي بين مجلسي النواب والدولة يتمثل في ست نقاط، من بينها المتعلقة بشروط الترشح للرئاسة.
وتابع في مداخلة صحافية، أن المواد المعلن عن التوافق حولها ليس فيها خلافات جوهرية أصلاً، موضحاً أن المواد الخلافية لم يصل إليها المجتمعون بعد، وما يقال هو تغليف وتجميل للوضع، حسب وصفه.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي الليبي فرج فركاش، إن ما حصل في القاهرة هو فتح لمسودة مشروع الدستور لمحاولة تعديل النقاط الخلافية، مضيفاً أن هناك أصواتاً بدأت تظهر من أعضاء مجلس النواب أنفسهم يعارضون ما حدث بحجة أنه لم يتم الالتزام بالتعديل الدستوري الثاني عشر، الذي ينص على أن اللجنة من المفترض أن تتوصل إلى تعديل المواد الخلافية في الدستور المقترح خلال 45 يوماً، وأيضاً أن يكون هناك إشراك لخبراء في القانون والدستور، وهذا الاعتراض يعتبر بمثابة رفض من هؤلاء النواب لما حصل.
وتابع أن ستيفاني وليامز تحاول أن تنظر بتفاؤل للتوافقات الحالية للدفع بالعجلة للأمام قبل الوصول إلى تاريخ نهاية يونيو، الذي سيشكل معضلة لها وللبعثة الأممية، مضيفاً أن هناك نقاطاً خلافية حقيقية تم تأجيلها للجلسة الأخيرة، والتي نتوقع أن تكون ساخنة، حيث إن أهم هذه النقاط الخلافية هي شروط الترشح للرئاسة والتي تسببت سابقاً في الانسداد في ملتقى الحوار السياسي في تونس.
ورأى فركاش أن السيناريو الأقرب مع وجود دول إقليمية، منها مصر، تتبنى وجهة نظر البرلمان بضرورة أن تكون هناك انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة ومع عدم التوافق على المواد الخلافية المهمة، أن السيناريو الأقرب في حال عدم التوافق على تعديل المواد الخلافية وهو المتوقع، هو حوار سياسي جديد ينتج حكومة جديدة مصغرة تنهي الحكومتين الحاليتين، وهذا يعني مرحلة انتقالية أخرى.
في حين نفى المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب فتحي المريمي، صحة ما يتداول حول تشكيل حكومة مصغرة في ليبيا، مؤكداً أن العمل جار على دعم ومساندة حكومة باشاغا من كل الأطراف الليبية لأنها الحكومة الشرعية، وفق تعبيره.
وتابع المريمي في تصريحات صحافية، أن حكومة باشاغا جاءت بقرار ليبي، وسيتم إقرار ميزانية رسمية لها من مجلس النواب، وفقاً للإعلان الدستوري والقوانين السارية في الدولة الليبية، حسب قوله.