ليبيا: قبعات زرقاء بصناعة تركية ـ روسية؟

حجم الخط
14

بعد نجاحهما في دفع الأطراف الليبية المتحاربة إلى قبول وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ الفعلي صباح الأحد الماضي، تمكن الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين من إقناع الفرقاء بالسفر إلى موسكو للمشاركة في محادثات فورية تستهدف تثبيت إيقاف الأعمال القتالية وتوقيع اتفاقية يمكن أن تمهد لاستئناف العملية السياسية. وقد وصل إلى العاصمة الروسية كل من فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، والمشير المتقاعد خليفة حفتر قائد ما يسمى الجيش الوطني الليبي، كما وصل إليها وزيرا الخارجية والدفاع في تركيا لتأكيد الطابع السياسي والدبلوماسي والعسكري للمباحثات.
ويُلاحظ أولاً أن لقاء موسكو يشكل نجاحاً صريحاً للجهود التركية والروسية في الدخول على خط الملف الليبي من بوابة عسكرية أولى تمثلت في حضور البلدين على الأرض عبر القوات التركية ومتعاقدي «فاغنر» الروس، وبوابة ثانية دبلوماسية وجيو ــ سياسية عكستها الاتفاقية الاستراتيجية الأخيرة بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني وكذلك دعوة أردوغان وبوتين إلى وقف إطلاق النار من اسطنبول خلال قمة بين الزعيمين.
كما يُلاحظ، ثانياً، أن توصل الأطراف الليبية إلى اتفاق أوسع نطاقاً من مجرد وقف إطلاق النار سوف يدشن اختراقاً تركياً ــ روسياً لمساعي تأجيج الحرب على تخوم العاصمة الليبية طرابلس، وهي الخطط التي تقودها مصر والإمارات والسعودية منذ بدء ترقية حفتر إلى مستوى اللاعب المحلي الموازي لحكومة الوفاق، وقبل زمن طويل من شروعه في حملة حصار العاصمة قبل تسعة أشهر. وهنا يكمن الخطر على وقف إطلاق النار الحالي الهش أصلاً والخشية من أن يسعى داعمو حفتر الإقليميون والمتوسطيون إلى تخريبه أو نسفه نهائياً.
ومن الواضح، ثالثاً، أن ترحيب الأمم المتحدة بلقاء موسكو واحتمالات التوصل إلى توافق يستأنف العملية السياسية، وكذلك ترحيب الاتحاد الأوروبي كما جاء على لسان رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير، إنما يخفيان إقراراً بفشل الجهود الأممية حتى الساعة، وأن إدارة الملف قد تكون انتقلت إلى أنقرة وموسكو بالتراضي بين العاصمتين ومن منطلق ما باتت كل منهما تملك من أوراق قوة على الأرض. وفي السياق ذاته يُفهم أيضاً عدم سحب الحكومة الألمانية دعوة سابقة إلى عقد مؤتمر خاص بليبيا تحتضنه برلين أواسط هذا الشهر، ومعه يُفهم أيضاً بيان سفارات الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وبعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، الذي يرحب بوقف إطلاق النار ويحث جميع الأطراف على اغتنام الفرصة انطلاقاً من روح مؤتمر برلين لمعالجة القضايا السياسية والاقتصادية والأمنية التي تكمن وراء الصراع.
المعطيات المتوفرة حتى الساعة تحمل مؤشرات إيجابية على إمكانية خروج لقاء موسكو باتفاق ينقل الصيغة المؤقتة من وقف إطلاق النار الحالي إلى صيغة دائمة، ويدشن آليات جديدة لاستئناف الحوار بين الأطراف برعاية دولية قد تنطوي أيضاً على احتمال إرسال قوات دولية، للفصل بين المتحاربين وإعادة أمراء الحرب إلى ثكناتهم وضمان تهدئة عسكرية وسياسية تخفف آثار القتال المدمرة على الصعيد الإنساني، وتتيح إعطاء الكلمة لجولات التفاوض. وفي هذه الحالة قد تكون كتائب القبعات الزرق أممية الرايات، ولكنها عملياً صناعة تركية ـ روسية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    لا أثق بالروس لمخالفاتهم الدائمة للإتفاقات! ولا أثق بالأتراك لسكوتهم على مخالفات الروس!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول .Dinars. #TUN.:

    بعد فرض قبعات زرقاء من قبل تركيا وروسيا على الأمم المتحدة في ليبيا يجب تمرير التجربة تلك إلى فلسطين وفرضها على المحتل الإسرائيلي إلى أن حين خروج الكيان الصهيوني من فلسطين.

  3. يقول إبسا الشيخ:

    تحياتي لقدسنا العزيزة علينا
    أولا لا اثق بالروسيين وأما عن الإتفاق بين حكومة الوفاق وحفتر يبدوا أن حفرت لا يملك قراره لأن قراره في الإمارات ومصر وووو لذالك لا أعتقد أن مساعي التركية والروسية ستفشل اللهم إلا حدثت مفاجآت

  4. يقول تيسير خرما:

    غياب طويل لروسيا عن الشرق الأوسط لربع قرن خلق فراغ وانعدام توازن بالمنطقة سارعت دول إقليمية لإغراقه بربيع تركي إيراني بالوطن العربي خاصةً مع عدم نية أو قدرة العالم الحر على ملء ذلك الفراغ، لكن نجح بوتين أخيراً بإعادة روسيا بقوة للمنطقة بموافقة العالم الحر بتزامن مع اندحار ربيع تركي إيراني بالوطن العربي، وبدأت مرحلة اخراج إيران وتركيا من الوطن العربي كلياً، وهذه المرة الثانية التي تقع فيها تركيا خلال قرن بين أرجل دول عظمى فقبل قرن وبعد خسارتها وألمانيا حرب عالمية أولى أجبرت على ترك الوطن العربي.

  5. يقول راجعين:

    يبدو أن الشاويش المكتئب حفتر قد أوشكت فترة إستخدامه على الإنتهاء .

  6. يقول بلحرمة محمد:

    انعدام الثقة يا داود لا تنحصر فقط في الروس والاتراك بل تمتد الى كل الاطراف كالولايات المتحدة والغرب الاستعماري الدين كانوا سببا في تدمير هدا البلد العربي ناهيك عن الاعراب الدين مولوا التدمير والتخريب فكلهم لا يريدون الخير لهدا البلد وكلهم يعملون على تدمير المزيد فبلاد العرب اصبحت مرتعا لكل وحوش الارض الدين ينشهون جسدها القابل للموت في لحظة وحين.

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      صدقت يا عزيزي بلحرمة!! ولا حول ولا قوة الا بالله

  7. يقول نضال زغب:

    آخر الاخبار ان حفتر غادر موسكو بدون ان يوقع ! امريكا لها رأي آخر … حرب بين الجيش المصري والتركي .. استخدمت نفوذها عبر الامارات ومصر .

  8. يقول سامح//الاردن:

    *اذا نجح وقف اطلاق النار في (ليبيا )
    يرجع الفضل بعد توفيق الله
    الى ((تركيا وروسيا ) .
    ولهما كل الشكر والتقدير..

  9. يقول سامح//الاردن:

    *(السراج) شخصية محترمة يسعى
    فعلا لحقن دماء الأبرياء من شعبه.
    *(حفتر ) حفتر شخص احمق وحقود
    ويعاني من جنون العظمة وهو طبل
    اجوف وطرطور( الله يهديه).

  10. يقول سامح//الاردن:

    *موقف فرنسا مع حفتر..
    موقف ايطاليا مع السراج..
    *أما موقف(امريكا) ما زال غامض وضبابي
    فهل تستسلم وتوافق على استلام
    (روسيا // تركيا ) الملف الليبي
    كما رفعت يدها عن ملف (ادلب).. ؟؟؟

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية