طرابلس – «القدس العربي»: تمكن مجلس الأمن الدولي من إقرار مشروع قرار مقدم من المملكة المتحدة بريطانيا وإيرلندا الشمالية، يمدد ولاية البعثة الأممية في ليبيا حتى 31 كانون الثاني/يناير 2025، مع تمديد تلقائي لمدة تسعة أشهر إضافية في حال تعيين مبعوث أممي جديد.
ويشدد القرار على دعم مجلس الأمن الكامل للبعثة الأممية في تعزيز عملية سياسية شاملة تقود إلى إجراء انتخابات مبنية على أساس الاتفاق السياسي الليبي وخارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي، والقوانين الانتخابية المُحدّثة التي وافقت عليها لجنة 6+6. ويدعو القرار المؤسسات السياسية الليبية وأصحاب المصلحة الليبيين إلى حل المسائل الخلافية المتعلقة بالانتخابات، والمشاركة على نحو شفاف وبحسن نية ودون شروط مسبقة، لإجراء الانتخابات وفق قوانين انتخابية قابلة للتطبيق في أقرب وقت ممكن. ويشدد القرار أيضاً على أصحاب المصلحة الليبيين بضرورة اتخاذ خطوات لإعادة توحيد مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، وصون استقلالية السلطة القضائية. وفي السياق ذاته، يرحب القرار بالجهود التي بذلها المجلس الرئاسي لإطلاق عملية المصالحة الوطنية، وبدعم الاتحاد الأفريقي في هذا الصدد.
وأعرب مجلس الأمن عن قلقه إزاء الوضع الإنساني في ليبيا، مطالباً السلطات الليبية بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن إلى المحتاجين وتيسير وصولها. ويدعو قرار المجلس السلطات الليبية إلى الإفراج عن الأموال اللازمة لجهود التعافي وإعادة الإعمار، مشدداً على ضرورة توزيعها بشفافية، في ظل رقابة الشعب الليبي ومحاسبته. وأكد القرار المعتمد من مجلس الأمن رفض فرض حل عسكري في ليبيا، مناشداً جميع الأطراف للامتناع عن القيام بأعمال عنف تزيد من حالة الاضطراب وتقود للصراع مجدداً.
وطالب مجلس الأمن البعثة الأممية بتيسير الحوار وبناء الثقة بين الجهات الفاعلة المسلحة لمنع العنف وتصعيد النزاع. ولوح القرار بفرض عقوبات على الأفراد والكيانات الذين يشاركون في أعمال تهدد السلام بما في ذلك عرقلة الانتخابات أو تقويضها، مطالباً جميع الدول الأعضاء بالامتثال التام لحظر توريد الأسلحة المفروض على ليبيا.
وجدد مجلس الأمن مطالبته أيضاً بسحب جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا، داعياً جميع الدول الأعضاء لاحترام سيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها. ورحّب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي بقرار مجلس الأمن الدولي، واصفاً إياه بـ”خارطة طريق مهمة لمرحلة فاصلة في تاريخ ليبيا”، مؤكداً التزام المجلس بتنفيذ القرار. وشدد المنفي، في تصريح عبر حسابه في منصة إكس، على ضرورة احترام الاتفاقات المبرمة ومعالجة القرارات الأحادية، ووضع ترتيبات مالية للوصول إلى ميزانية موحدة تضمن استقلالية وحيادية المصرف المركزي ودوره الفني، لافتاً إلى أنّ ذلك يشكل أولوية قصوى.
وأكد أن الطريق الحقيقي لإنجاز الانتخابات يكون عبر ربط قوانين الانتخابات بلجنة 6+6 كأساس، من خلال الاستفتاء الشعبي لإنهاء الجمود السياسي. وأكد رئيس المجلس الرئاسي، أهمية استقلالية وشفافية وحصرية المؤسسة الوطنية للنفط في إدارة المورد الاقتصادي الوحيد للشعب الليبي تحت رقابة اللجنة المالية العليا المشتركة، معتبراً ذلك خطوة مهمة لمعالجة تضخم الإنفاق العام ودعم الاقتصاد والتنمية. وقبل يوم واحد، أكد موقع “سيكيورتي كونسيل ريبورت” أن مجلس الأمن سيصوت على مشروع قرار يمدد ولاية البعثة الأممية في ليبيا لمدة 3 أشهر حتى 31 من كانون الثاني/يناير 2025 تزامناً مع دعوات أخرى لتعيين مبعوث جديد للبلاد.
ولفت الموقع إلى أن مفاوضات تجديد ولاية البعثة كانت صعبة، وقد اضطرت المملكة المتحدة المسؤولة عن صياغة مشروع القرار بشأن ليبيا إلى تعديله 4 مرات بسبب الرفض الروسي. وتصاعدت المطالبات لتعيين مبعوث أممي جديد مع دعوات محلية لإنهاء المراحل الانتقالية في البلاد، حيث جدد رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة رفض حكومته تمديد المرحلة الانتقالية، مطالباً بقوانين انتخابية عادلة لا تستهدف أشخاصاً بعينهم. وقال خلال اجتماعه برؤساء المجالس المحلية للشباب؛ إن الحكومة تفكر في إجراء استفتاء شعبي لتحديد أولويات المرحلة، مؤكداً أنه سينفذ نتائج الاستفتاء سواء كانت توافق توجهاته أم تعارضها. وأشار الدبيبة إلى أنه أوضح للاتحاد الأفريقي أن الليبيين ليسوا مختلفين، وأن عليهم أن يتجهوا للسياسيين، على حد قوله.
ومؤخراً، استعجلت المجموعة الأفريقية في مجلس الأمن الدولي تعيين ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا لتيسير المفاوضات مستقبلًا وكسر الجمود الحالي الذي يخيم على العملية السياسية. وحثت مجموعة الجزائر وموزمبيق وسيراليون إلى جانب غيانا من منطقة البحر الكاريبي، كل الأطراف على تقديم الدعم الكامل والمشاركة في جهود الوساطة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وفق ما نشِر عبر الموقع الرسمي لمجلس الأمن الدولي.
ومنذ استقالة باتيلي لم تعين البعثة مبعوثاً جديداً للبلاد، حيث إن استقالته جاءت على خلفية تعثر مبادرته لجمع الأطراف الرئيسية الخمسة (المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية الموقتة ومجلس النواب وقيادة حفتر ومجلس الدولة) على طاولة مفاوضات تستهدف حل الإشكالات التي حالت دون إجراء الانتخابات في العام 2021.
ومنذ وقت مبكر، وتحديداً في أيار/مايو الماضي، دعا مجلس الأمن الدولي إلى تعيين مبعوث أممي جديد خلفًا للسنغالي عبد الله باتيلي في أقرب وقت ممكن، مؤكداً في بيان، استمرار دعمه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وقيادتها.
ويعتبر محللون أنه على الأرجح لن يتغير الوضع السياسي في ليبيا في أي وقت قريب، وأن التساؤل الملح حالياً هو كيف وما إذا كانت الأمم المتحدة تنوي تعيين مبعوث جديد لها في ليبيا.