إسطنبول: يوشك الليبيون أن يُضيِّعوا موعدا جديدا للانتخابات، إذ لم يَعُد الوقت كافيًا لإجراء الانتخابات في 24 يناير/ كانون الثاني الجاري الذي اقترحته المفوضية العليا للانتخابات بعد فشل إجرائها في موعدها الأول قبل شهر.
فلجنة إعداد خارطة طريق، التي شكلها مجلس النواب، وأوكل لها مهمة اقتراح موعد جديد للانتخابات، لم تعرض بعد تقريرها على الجلسة العام للبرلمان في طبرق.
وإجراء الانتخابات الرئاسية يتطلب أولا تحديد موعد جديد لها، وثانيا إعلان القائمة النهائية للمترشحين، وثالثا بدء الحملة الانتخابية، التي يجب أن لا تقل عن أسبوعين.
وانطلاقا من هذه النقاط الثلاثة يمكن الجزم بأنه يستحيل الالتزام بالموعد الذي اقترحته مفوضية الانتخابات، والذي لم يتبق منه سوى نحو أسبوع.
فضلا على أن المستشارة الأممية ستيفاني وليامز، تحدثت في تصريح لقناة “فرانس 24″، عن اجتماع منتظر للجنة خارطة الطريق في 24 و25 يناير بأعضاء البرلمان في طبرق، بغية تحديد طريقة المضي قدمًا، والخطوات المقبلة بصورة رسمية، بشأن العملية الانتخابية.
ما يؤكد أن 24 يناير، ليس سوى موعد جديد ضائع في سلسلة من المواعيد المؤجلة للانتخابات منذ 2014، تاريخ إلغاء المحكمة العليا الانتخابات البرلمانية التي أنتجت مجلس نواب طبرق الحالي.
كما أن عودة المرشح الرئاسي عقيلة صالح، لرئاسة البرلمان، مؤشر آخر على أن الانتخابات لن تجرى في 24 يناير فقط، بل لن تنظم في الأشهر الثلاثة المقبلة، على الأغلب.
على أساس أن قانون الانتخابات الرئاسية، الذي اعتمده عقيلة، يلزم الموظف الحكومي بالاستقالة من منصبه لثلاثة أشهر قبل موعد الانتخابات.
وعقيلة، لن يجازف بالعودة إلى رئاسة البرلمان إذا كان ذلك سيحرمه من الترشح للرئاسة، وهذا ما حذره منه النائب زياد دغيم.
التباطؤ في إعلان خارطة طريق جديدة للعملية الانتخابية، دفع المستشارة الأممية الأمريكية ويليامز، إلى التأكيد بضرورة إجراء الانتخابات قبل يونيو/ حزيران المقبل.
إذ أن ملتقى الحوار السياسي الذي حدد 24 ديسمبر 2021 موعدا للانتخابات، حدد أيضا المرحلة الانتقالية بـ18 شهرا، أي أنها تنتهي في يونيو 2022.
ما يرجح أن موعد الانتخابات المقبلة قد يكون خلال الربيع المقبل، بناء على المعطيات السابق ذكرها، لكن ذلك لا يعني البتة أن الاقتراع سيتم فعلا في هذه الفترة.
فما زال هناك رفض قطعي لثلاث أسماء جدلية، أولهم سيف الإسلام، نجل زعيم النظام السابق معمر القذافي (1969-2011)، الذي يشترك في رفض ترشحه كل من غرماء الشرق والغرب الليبيين.
وثانيهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يعترض عليه بشدة، قادة كتائب المنطقة الغربية، وخالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري).
أما الرجل الثالث والذي يثير أقل قدر من الجدل، فهو رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة، الذي يحاول كل من حفتر وعقيلة ومعهم فتحي باشاغا، وزير الداخلية السابق، منعه من الترشح.
وفي ظل إصرار الشخصيات الثلاثة على الترشح، وصدور أحكام قضائية نهائية بحقهم في الترشح، فإن الانسداد سيظل قائما، إلا إذا تم تعديل قوانين الانتخابات وإعادة ترتيب العملية الانتخابية من أساسها، إما بقبول ترشح هذه الأسماء مجتمعة أو إقصائها مجتمعة أو إقصاء مرشحين اثنين والإبقاء على المرشح الأكثر نفوذا.
وهذا ما تدرسه لجنة خارطة الطريق بناء على الاستشارات التي قامت بها، ومن ضمنها مقترح الاستفتاء على الدستور أولا، ثم انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة ثانيا، أو مقترح الانتخابات البرلمانية أولا، ثم الاستفتاء على الدستور، وأخيرا الانتخابات الرئاسية، لتفادي لغم “الأسماء الجدلية”.
بعد نجاح النواب الموالين لعقيلة وحفتر، في تعطيل إجراء الانتخابات الرئاسية، إثر إصدارهم بيان طالبوا فيه مفوضية الانتخابات بوقف إعلان القائمة النهائية للمرشحين الرئاسيين، دخلوا الآن مرحلة التحرك للإطاحة بحكومة الوحدة.
حيث أصدر 15 نائبا محسوبين على عقيلة وحفتر، بيانا، دعوا فيه رئاسة البرلمان لإدراج بند تشكيل حكومة تكنوقراط مختصرة ومحددة ضمن اجتماع مجلس النواب، الإثنين.
وكان عقيلة، دعا بدوره إلى اجتماع للنواب في طبرق، دون الإعلان عن جدول أعمال محدد، ما أثار ريبة النواب، حول طبيعة الاجتماع، وما إذا كان سيبحث خارطة الطريق المقترحة أو سحب الثقة مجددا من حكومة الدبيبة.
ولا يمكن عزل بيان النواب الـ15 عن لقاء سابق بين عقيلة والمشري في المغرب، لم يرشح منه أي شيء رسمي، لكن عدة قراءات ذهبت إلى أنه يتعلق ببحث خارطة طريق للعملية السياسية ومن ضمنها تشكيل حكومة جديدة، بالإضافة إلى ملف تقاسم المناصب السيادية.
وسبق لمجلس النواب أن حاول سحب الثقة من حكومة الدبيبة ولكنه فشل، لعدم حصوله على النصاب القانوني المتمثل في 120 نائبا، وأيضا لخروج مظاهرات تطالب برحيل مجلس النواب في عدة مدن ليبية، واستمرار الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في دعم والاعتراف بحكومة الوحدة.
ويرى مجلس النواب أنه من منح الثقة للحكومة وله الحق لسحبها منها، لكنه يحتاج إلى توافق مع المجلس الأعلى للدولة، وإلا فإن أي خطوة منفردة قد تؤدي إلى انقسام مؤسسات البلاد مجددا.
لذلك فإن اللقاء السري الذي جمع عقيلة والمشري، يعتبر محوريا في تحديد معالم المرحلة المقبلة.
لكن تركيز مجلس النواب على سحب الثقة من حكومة الدبيبة بدل الإسراع في إعداد خارطة طريق تنهي المراحل الانتقالية، تشي بأن الانتخابات لن تجرى قريبا، في ظل “إصرار النواب على البقاء في مناصبهم أطول مدة ممكنة”، بحسب عدة أطراف ليبية.
(الأناضول)