يبدو أن السياسة السعودية تمر بمآزق كبيرة تجعل المملكة عرضة للعزلة الدولية إن لم تكن عرضة لحرب دولية تحت لافتة الإرهاب. فالمملكة التي دعمت في العقود الماضية حركة تحرير السودان بالمال والسلاح حتى استطاع جنوب السودان أن ينفصل عن شماله، وعملت على مدار الأعوام الماضية على تأييد حركة فتح ضد حماس في فلسطين، لتعزيزعزلة حماس محليا ودولياً داخل قطاع غزة المحاصر، عقابا لها على فوزها بالإنتخابات التشريعية عام 2006م، ودعمت عام 1994م المطالبين بإنفصال جنوب اليمن عن شماله في حربهم التي اصطلى بجحيمها اليمن، وتبنت دعم إنقلاب العسكر على الرئيس المنتخب في مصر حتى أضحى الشعب المصري يقتل بالمال السعودي، هي نفسها السياسة التي أوصلت المملكة اليوم إلى أن تبدأ بفرض عزلة خليجية وعربية وإسلامية على نفسها. ها هي الإجراءات السعودية الإماراتية البحرينية المتخذة ضد قطر والمتمثلة بقطع العلاقات معها عقابا لها على موقفها الداعم للشرعية في مصر أخذت بالتحول لتكون إجراءات ضد المملكة التي لم تكن تدرك أن هذه الإجراءات ستتسبب في تصدع مجلس التعاون الخليجي، برفض الكويت وعمان مجاراة المملكة في إجراءاتها العقابية ضد قطر، فالمؤشرات اليوم تشير إلى إمكانية انفراط عقد مجلس التعاون الخليجي وتحول هذا المجلس إلى أثر بعد عين، وبانفراط عقد مجلس التعاون الخليجي تكون السعودية قد أسهمت بهذه السياسة في تآكل محيطها الخليجي، علاوة على تآكل المحيط العربي والإسلامي من حولها وبالذات بعد ثبوت تورط المملكة في إدارة وتمويل الثورات المضادة داخل دول الربيع العربي، إلى جانب تصنيف وزارة داخلية المملكة لعدد من الجماعات والحركات الإسلامية على أنها إرهابية عقابا لبعضها كجماعة الإخوان المسلمين لمشاركتها في قلب أنظمة الحكم في دول الربيع العربي. يبدو أن المملكة لم تكن تدرك جيداً العواقب الوخيمة المترتبة على سياساتها هذه، حيث لم تعد عواقب هذه السياسة تتمثل في عزلة المملكة على المدى المتوسط أو البعيد عن محيطها الخليجي والعربي والإسلامي بل بدت عواقب هذه السياسات خصوصا ما يتعلق منها بتصنيف جماعات إسلامية بعينها على أنها إرهابية تصب في إتجاه تصنيف المملكة ذاتها من قبل المجتمع الدولي على أنها دولة راعية للإهاب العالمي، الأمر الذي قد يعرض المملكة لحرب دولية تحت لافتة مكافحة الإرهاب. هذا ممكن بالذات بعد ثبوت تورط المملكة في إيواء بعض قيادات هذه الجماعات وطباعة كتبهم وتبني أنشطتهم بشكل رسمي، وبعد ثبوت تورط المملكة في صناعة جبهة النصرة وجيش الدولة الإسلامية في العراق والشام وحركة داعش بغية حرف مسار الربيع العربي الذي استطاعت المملكة أن تحرف مساره في سوريا والعراق عن مساره السلمي إلى المسار الطائفي المسلح. من أمام هذه المآزق التاريخية للسياسة السعودية لنا أن نتساءل إلى متى سيستمر صمت المجتمع السعودي عن هذا الخرف السياسي الذي يجر المملكة إلى المهلكة؟ نجيب أحمد المظفرـ كاتب يمني