ماذا لو زار السيسي رابعة العدوية وميدان التحرير؟

حجم الخط
11

قد يبدو عنوان هذه المقالة غريباً أو غير معقول من وجهة نظر الكثيرين لأنه لا يبدو في ظاهره متسقاً مع وضعية التشنج الناتجة عن حالة الإستقطاب الحاد على الساحة المصرية بين القوى المطالبة بعودة الرئيس كونه الرئيس الذي اكتسب شرعيته من صناديق الإقتراع، وبين النظام الحالي الذي يدعي أنه اكتسب شرعيته بتفويض الشارع الذي عبر عنه الشعب في مظاهرتين كبيرتين أو مبهرتين حسب توصيف قيادة الجيش.
ولكننا نرى أن هناك نقطة التقاء تجمع الطرفين رغم التناقض الكبير في كثير من النقاط التي تمترس خلفها كل فريق.
فإذا كانت قيادة القوات المسلحة تصر على أنها تقف على مسافة واحدة من كل أطياف الشعب المصري وتعيد تكرارها لنفس المقولة فإنها والحالة هذه لن تكون محرجة من التواصل مع كلا الفريقين، سيما وأن الفريق عبد الفتاح السيسي قد أعاد القول في حديثه لصحيفة ‘الواشنطن بوست’ أنه لا يطمع في السلطة، وقد قال هذا مراراً عندما أكد أن تدخل الجيش لم يكن إلا لحماية الشعب المصري من فتنة كانت على وشك الوقوع، وأنها كانت ستؤدي إلى إراقة الدماء ودخول مصر في حالة من الفوضى التي تهدد الأمن القومي المصري.
لن نتهم قيادة الجيش أنها لم تر ما يقلقها من تسارع وتيرة التجييش الشعبي الذي نجحت قيادات المعارضة والموالاة إن صح التعبير في دفعه إلى الشارع من أجل إقامة الحجة على صحة دعواها وبقصد إقناع الداخل والخارج أنها هي التي تستحق تمثيل الشعب دون سواها، ولكننا نأخذ على قيادة الجيش ولوجها في معسكر واحد وتبنيها لوجهة نظره وإهمالها لوجهة النظر التي صدحت بها حناجر الشعب في المعسكر الآخر.
في الجهة الأخرى نلاحظ وجود نقطة إيجابية تتمثل في إصرار القيادات المتواجده في ميدان رابعة العدوية على أنها تعتز بالجيش وتفتخر به وتراه ذخراً لكل الشعب المصري، مع أنها لم تتمالك أعصابها أثناء المواجهات الدامية عندما خرجت من معسكرها صيحات وجهت للفريق السيسي جملة من الإنتقادات اللاذعة وهي لا تخرج عن المألوف عندما تساقطت أعداد كبيرة من المواطنين بنيران قوات الأمن وما يعرف بالبلطجية الذين أظهرتهم الكاميرات وهم يتداخلون مع قوات الأمن في حالة من التآلف والإنسجام.
مع كل ما ذكرناه من تشنجات ومواجهات، إلا أننا على يقين بأن الحل (المصري المصري) سيقطع الطريق على القوى الإقليمية والدولية التي تتدافع اليوم بقوة على الساحة المصرية بما في ذلك الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وهما يمثلان القوى الإستعمارية التي تلطخت أيديها بدماء الشعب المصري خلال الحقبة الإستعمارية، وحتى في يومنا هذا، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر.
قيام الفريق السيسي بمبادرة لا نشك في أنه يستطيع أن يحشد لها من القيادات الوطنية (الوسطية) التي يحترمها الشعب من كلا الفريقين، قادرة على إذابة الجليد المتراكم، وتستطيع أن تمهد الطريق أمام إعادة تأهيل مصر لإجراء انتخابات حرة ونزيهة تدعى لمراقبتها لجان دولية محايدة، للتأكد من نزاهتها سواء كان ذلك من أجل انتخاب مجلسي النواب والشورى ومن ثم انتخاب الرئيس الجديد وتعديل الدستور أو تحديد الأولويات وفق ما يتم الإتفاق عليه بين كافة الأطراف الفاعلة على الساحة المصرية.
من الممكن مثلاً أن يصار إلى إعادة الرئيس مرسي كرئيس فخري بقصد رد الإعتبار
ويصار إلى تشكيل مجلس رئاسة إنتقالي يدير شؤون الدولة إلى حين إنجاز الإستحقاقات القانونية والدستورية المتمثلة بالإنتخابت التي سيتمخض عنها إعادة تشكيل مجلس الشعب والرئيس والحكومة التي ستولد من الأغلبية في مجلس النواب.
إن قدرة الفريق السيسي على إظهار الحزم المتوازن بين الفريقين سيؤدي إلى إعادة رسم صورته أمام الشعب المصري والعالم كقائدٍ فذ، تمكن بحكمته وصلابته من إنقاذ مصر من كارثة محققة، وهذا سيجعله يدخل التاريخ من أوسع أبوبه، بل لا نبالغ إذا قلنا أنه سيدخله التاريخ من باب أرحب بكثير من باب منصب الرئاسة الذي سيحرق الكثير من القادة قبل أن تبدأ مصر بالتعافي من كبوة… أو سقطة المئة عام السحيقة التي تعيش فيها اليوم.
خروج السيسي للتأكيد على أن الشعب المصري شعب واحد لا يقبل القسمة، وقيامه بتعزية الأهالي الذين سقطوا في المواجهات المحزنة وتأكيده على أن شعب مصر قد اختار طريق الديمقراطية وأن هذه الديمقراطية لا رجعة عنها بعد اليوم، وأن ميدان التحرير وميدان رابعة العدوية توأمان، وأنه يعتذر نيابة عن الجيش المصري لأهل هذا الجيش الذين هم الشعب المصري عن أي خطأ تم ارتكابه لأن قيادة الجيش من البشر وكل البشر خطاؤون، كفيل بفتح القلوب وتهيئتها للإنتقال من حالة الحقد والكراهية إلى حالة القبول والإرتياح، وربما فتح صفحة الحب من جديد.
توجه السيسي لكلا الفريقين بشحذ الهمم من أجل الشروع بالإعداد للمنافسة الشريفة الخلاقة المتمثلة بالإعداد للإنتخابات القادمة من أجل قطع الطريق على كل القوى الخارجية وصون مصر من الوقوع في شرك التدخلات الخارجية التي ستفقدها هيبتها كأكبر دولة عربية عريقة عاجزة عن إدارة العملية السياسية بطريقة ديمقراطية حضارية وبالتالي إيصال شعوب العالم العربي برمته إلى حالة من اليأس والبؤس بعد أن كانت قد تحمست لهذا الربيع الذي ظنت أنه سيخرجها من ظلمات جور الحكام إلى أنوار عدالة حكم الشعوب لنفسها من خلال تفويضها من تراهم أكثر كفاءة ونزاهة ومهنية وشفافية.
لا نظن أن الاخوان المسلمين والتيارات الإسلامية وبقية القوى المتعاطفة أو المتحالفة معها ستنأى بجانبها عن هكذا مبادرة،رغم أنها تحتاج إلى ضمانات غير قابلة للنقض من أجل العودة إلى المشاركة في العملية السياسية التي طالما فازت بها وتم إجهاظ فوزها بطرق متعددة.
زياد علان العينبوسي- نيويورك
[email protected]

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول وسام علان:

    لم يحن الاون بعد لهذه الثلة المارقة والعصبة المتنفعة انترى صورتها الحقيقية في مرآة الشعوب الحرة ولازالت تبذل كل غالي ونفيس في محاولااتها الفاشله والمستميته لتجميل الصورة الاقبح على الاطلاق المتمثله في الاستعباد بكل ما للكلمه من معنى وان كان بدرجات متفاوته ابتداءاً من قتل الرافضين للخضوع والطاعة وليس انتهاءاً بسلب الارادة الشعبيه المتمثله في صندوق الاقتراع .ومع كل ما يقال ويطرح من مبادرات واطروحات هنا وهناك لحل المعضلة( الازمة )سواء كان عن طريق نصب السلالم لمن هم اعلى النخله او القاء الحبال لمن هم في المحيط الهائج مع احترامنا وتقديرنا لكل هؤلاء الغيورين على مصر واهلها ومحاولااتهم تجنيبها واهلها الفتن واراقت الدماء الا انه يجب ان يجد الصارق من يقول له انت صارق حتى لو انك استطعت ان تقنع الكثير من الذين صرقتهم انك تعمل لمصلحتهم الا انك تبقى لص و صارق ويجب علك اعادت الحقوق لاصحابها والاعتذار لهم.

  2. يقول حامد:

    و هل السیسی هو الشیطان او کافر او یهودی مثلا ، هو ابن مصر البطل الشجاع
    و یستطیع ان یزور ای مکان شاء .

  3. يقول ابو طارق:

    لكن يا سيدي كيف سيكون الحكم هونفسه الخصم ، السيسي طرف في الصراع بل هو مؤججه وأظن أن معتصمو رابعة يفتخرون بالجيش ككيان بفترض أن يحمي الوطن ويساند الدول الشقيقة بكل استقلالية ودون تلقي الأوامر من الخارج . لقد أفقدت القيادات الجيش هيبته وفرغته من مضمونه فأصبح كبير الحجم فارغ المحتوى من حيث التأثير كجيش دولة كبرى في محيطه.

  4. يقول عبدربه خطاب:

    هذا هو القول الفصل!! وبارك الله في الاستاذ زياد على هذا الرأي الصائب. الاسلاميون بطبعهم متسامحون وانا متأكد بأن وجود السيسي على منبر المعارضة في رابعة العدويه وتوجيهه خطابا لا لبس فيه يؤكد فيه على حسن نواياه وطمأنتة للحشود المناصرة للشرعية بأنه لن ولن يخذلهم سوف يفتح الباب الموصدة اقفاله ولسوف يجد حينئذ الترحيب والهتافات له والدعاء بطول العمر والصحة والعافيه . لكن السؤال يبقى : هل لديه الجرأة على مواجهة الجماهير المعارضة ؟ نتمنى ذلك !!

  5. يقول محمد بدارنه:

    من اجمل ما قراءت ولكنني اشك في ان يحقق واسال الله ان شكي في غير محله

  6. يقول Hassan:

    ماذا لو اعترف المخطىء وأعاد الحق لأصحابه؟ من له رب لا يمكن أن يرضي غيره. أيام البشر في الدنيا لا تقارن بلا نهاية الآخرة. فإما النعيم وإما العذاب.

  7. يقول مجدى بركات:

    والله العظيم السيسى اشد ايمانا من اى عضو فى الاخوان والمرشد لو سألتو المخابرات الامريكيه تعلم ذلك وستقول ذلك . لان الفريق السيسى حينما ذهب الى امريكا للدراسه اول طلب للسيسى كان غرفه للصلاه للمصريين هذا هو السيسى عبد لله وليس عبد للمرشد . ثانيا كيف نتبع من يقول ان سيدنا جبريل فى رابعه كيف نتبع جماعه تريد تقسيم الاسلام الى مذهب سنه وشيعه واخوان وسلفى هل تقسيم الاسلام يكون لمصلحه الاسلام ثم كيف نتبع جماعه تسب وبأقذر الشتائم مسلمون مثلهم بل اطهر منهم فى الاسلام وكما قال الامام مالك اذا رأيت رجلا يدافع عن الحق بالسب والشتائم فاأعلم انه معلول فى نيته. الغرب قسم العراق واليوم يقسم سوريا وغدا يبحث عن تقسيم مصر ايها المتأسمون . لو افترضنا ان الاسد ترك سوريا الان هل تعتقدون ان سوريا ستقف على ارجلها مره اخرى مستحيل سوريا دومرت والغرب سعيد لتدمير سوريا والقضاء على من يطلقون على انفسهم مجاهدون . افيقوا ياعرب

  8. يقول Faleh alhagbani:

    السيد الفاضل / زياد كل عام وانتم بخير – مقال في الصميم وعين الصواب – حفظكم الله

  9. يقول خالد:

    أتمني ان يكون السيسي من قراء القدس العربي!!

  10. يقول محمد الطيب:

    هذا المقال هو من أفضل ما قرأت حول الأزمة المصريّة الحاليّة

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية