سقط النظام الطوائفي وأهله الفاسدون. لا مجال للمراوغة والمخاتلة والإنكار. سقط بعد تدمير مرفأ بيروت وأحياء المدينة، بفعل انفجارٍ هيروشيماوي هائل قيل إنه الاكبر والأعنف بين ثلاثة غير نووية عرفها العالم المعاصر. سقط ومعه الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين، نتيجةَ إهمال المسؤولين وتغاضيهم لست سنوات عن شحنة زنتها نحو 2700 طن من نيترات الأمونيا السريعة التفجير، مركونة بلا حراسة في عنبر غير آمن، وغير مُراقَب في حرم المرفأ.
اللبنانيون جميعاً يسلّمون، بلا تردد، بواقعة سقوط نظام المحاصصة الطوائفية واهله الفاسدين. رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أقرّ، مداورةً، بذلك: «نحن أمام تغييرات وإعادة رؤية لنظامنا القائم». أهل النظام الآخرون ما زالوا يراوغون، بعضهم إنبرى سريعاً إلى محاولة إنقاذ نفسه بتحميل المنظومة الحاكمة المسؤولية الكاملة عن الفاجعة، متناسياً أنه كان لأشهر خلت أحد أبرز أركانها. بعضهم الآخر تشوّف إلى تأجيل المحاسبة والإدانة بالدعوة إلى إجراء تحقيق ومحاكمة دوليين يظنّ أنهما يستغرقان شهوراً وسنين. قائد المقاومة السيد حسن نصرالله ارتقى بالأهمية الاستثنائية للحدث الجلل إلى مستوى تقرير مصير الكيان نفسه. قال: «اذا لم تصل الدولة إلى نتيجة في ملف التحقيق، فهذا يعني أن لا امل ببناء دولة».
الزمن هو زمن فرض الإصلاحات بإرادة الشعب ولا مجال للتلفيق والترقيع في نظامٍ متآكل ومنهار
اللبنانيون الساخطون، وهم الغالبية، اندفعوا إلى الشوارع والساحات منادين بضرورة إقصاء أهل النظام الفاسد فوراً. تظاهراتهم المتعاظمة، كما تطورات التحقيق الجنائي، طرحت سؤالاً مفتاحياً: إلى أين من هنا، وما الأولويات بعد اكتمال سقوط النظام؟ من خلال بحث معمّق مع مفكرين وعاملين مناضلين في مختلف مجالات الشأن العام، يمكن استخلاص الأولويات الآتية:
أولاً: تركيز الاهتمام والجهود وصبّها في هذه الآونة على التعاطف مع أهالي الشهداء، والتعاون على لملمة الجراح، ورفع الأنقاض، والبحث عن المفقودين، وإسعاف الجرحى، وإيواء المشردين، وتأمين الضرورات الحياتية من غذاء ودواء ووقود للناس عموماً، وللمتضررين خصوصاً، بالتنسيق والتعاون الوثيق بين المؤسسات والأجهزة الحكومية من جهة، وتنظيمات المجتمع المدني من جهة أخرى.
ثانياً: إيلاء مهام التحقيق في الحدث الجلل إلى الجيش اللبناني وأجهزته المختصة، بالتعاون مع الهيئات العربية والدولية، التي توفّر عوناً تقنياً يساعد المحققين على إنهاء التحقيق بالسرعة الممكنة.
ثالثاً: إعلان نتائج التحقيق على الملأ، والمبادرة إلى إقامة محكمة خاصة مؤلفة من أخيار القضاة العاملين والمتقاعدين، كما من أعلام أهل القانون للمباشرة فوراً في تمحيص التحقيقات، وإجراء المحاكمات العادلة.
رابعاً: مبادرة مجموعة من أهل الاختصاص في صفوف القوى الوطنية والتقدمية وتنظيمات المجتمع المدني المستقلة والوازنة إلى الاجتماع للتوافق، في مهلة شهر واحد، على مشروع قانون للانتخابات يراعي أحكام الدستور، ولاسيما المادة 22 (مجلس نواب على أساس وطني غير طائفي، ومجلس شيوخ لتمثيل الطوائف) والمادة 27 («عضو مجلس النواب يمثل الأمة جمعاء» ما يستوجب الدائرة الوطنية الواحدة) والمادة 95 («إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية»)، وخفض سن الاقتراع إلى الثامنة عشرة لمراعاة. الإصلاحات المنصوص عليها في وثيقة الوفاق الوطني (الطائف) وغيرها من المبادرات الإصلاحية.
خامساً: يُعلَن مشروع قانون الانتخابات الديمقراطي المتوافَق عليه، ويُحال على كلٍّ من الحكومة، ومجلس النواب، وقوى الانتفاضة الشعبية ليصار إلى إقراره في مجلس النواب، في مهلةٍ أقصاها شهر واحد، وإذا امتنع المجلس، أو أخفق في ذلك، لأيّ سبب كان، يُصار إلى تبنّيه من قِبَل قوى الانتفاضة الشعبية المعبّئة والمبادرة إلى إطلاق وتفعيل ضغوط شعبية عارمة على الحكومة، بغية طرحه على استفتاء شعبي عام لإقراره وبالتالي إعتماده وتنفيذه عملاً بنظرية الظروف الاستثنائية، التي تستوجب تدبيراً استثنائياً في حال نشوء ظرف استثنائي، وهو حال البلاد قبل كارثة 4 آب/ أغسطس وبعدها.
إن القوى الوطنية الحيّة مدعوةٌ إلى اليقظة والحرص الشديدين، إلى عدم الانجرار إلى سجالات مع المنظومة الحاكمة، بمواليها ومعارضيها، أو مع غيرهم حول الأصول الإجرائية الواجب اتباعها في ظروفٍ عادية، بل يجب اغتنام فرصة الظرف الاستثنائي البالغ الخطورة والحساسية، من أجل فرض إصلاحاتٍ طال انتظارها منصوص عليها في أحكام الدستور المعدّل، وأخرى جرى التوافق عليها في مبادرات إصلاحية سابقة لوثيقة الوفاق الوطني (الطائف) أو لاحقة لها. الزمن هو زمن فرض الإصلاحات بإرادة الشعب ولا مجال للتلفيق والترقيع في نظامٍ متآكل ومنهار، ولا فرصة متاحة للعودة إليه تحت أي ذريعة أو حجة. مع أحكام الدستور. لا مهادنة مع أهل نظام فاسد أوصلوا البلاد والعباد بفسادهم وسوء تدبيرهم إلى الحضيض. الشعب، بقواه الوطنية الحيّة، بات حاضراً وناشطاً في الشارع، ولن يخرج منه إلاّ بإرساء قواعد الانتقال سلماً إلى دولة المواطنة المدنية الديمقراطية، مرةً وإلى الأبد.
كاتب لبناني
تحية للقدس العربي
الانفجار الذي وقع في بيروت هو إعلان عن سقوط نظام طائفي فاسد دمر البلد وكذلك هو حال العراق الذي يحكمه النظام الطائفي المجرم المرتهن لإيران حيث الدمار الاقتصادي والقتل على الهوية هو العنوان الأبرز ومثله نظام البراميلي في دمشق حيث الخراب والتهجير والقتل هو العنوان الرئيسي.
حيثما حلت الطائفية حل الخراب والمواجهة الحقيقية ضد أنظمة الفساد والاستبداد وملوك الطوائف.
الأولوية هي لقمع المحتجين في شوارع بيروت !
استخدام الشبيحة للسلاح ضد الناس وثقته الكاميرات!
يطلقون النار على الناس و هم يرتدون ملابس مدنية