في الوقت الذي تغرق فيه إسرائيل في مستنقع الأزمة الداخلية، فالسماء تتلبد في الجبهة السياسية أيضاً. بعيداً عن ناظر الرأي العام في البلاد، تدور هذه الأيام في مجلس الشيوخ الأمريكي معركة جبابرة على تعيين كولن كال في منصب نائب وزير الدفاع.
ولكال سجل فاخر في مناهضة إسرائيل؛ فهو يعتقد أن قصف المفاعل النووي في العراق في 1981 كان خطأ، وعمل في 2012 على إخراج الاعتراف بالقدس كعاصمة إسرائيل من برنامج الحزب الديمقراطي، وكان في 2015 من صائغي الاتفاق النووي مع إيران، وكان جند في 2016 بتكليف من الرئيس أوباما، الدول لدعم القرار المناهض لإسرائيل 2334 في مجلس الأمن. رغم هذه الخلفية، ورغم الكلمات العالية لتأييد الإدارة لإسرائيل، يقف الرئيس بايدن بكل القوة خلف تعيين كال.
ليس واضحاً في هذه اللحظة ما إذا كان التعيين سيمر؛ ففي حزب بايدن من يفكرون بالاعتراض على كال بسبب مواقفه. وفي هذا السياق، ينبغي التساؤل لماذا، مع خلفية كهذه للرجل، نجد أن ثلاثة جنرالات إسرائيليين متقاعدين هم: عاموس جلعاد، عاموس يدلين وغادي شماني، أعربوا عن تأييدهم لتعيين كال. مهما يكن من أمر فإن ترفيعه يعكس الدرك الأسفل الذي وصلت إليه علاقات إسرائيل – الولايات المتحدة، بعد 15 أسبوعاً فقط من تسلم إدارة بايدن مهامها.
في المسألة الإيرانية، الوجودية لإسرائيل، تندفع الولايات المتحدة نحو العودة إلى الاتفاق النووي البائس. فالاتفاق يشق الطريق لتحول إيران النووي، ويضخ مئات مليارات الدولارات لمنظمات الإرهاب التي تسلحها وتسمح لها بمواصلة تطوير منظومة الصواريخ الباليستية التي تهدد السلام العالمي.
وفي الساحة الفلسطينية، وكأنه لم يجر تعلم أي درس من الماضي، يستأنف بايدن المساعدة الاقتصادية للسلطة الفلسطينية ولوكالة الغوث دون أي رقابة إلى أين يضخ المال، ودون إصلاحات تخرج المضامين التحريضية من مناهج التعليم الفلسطينية.
أما في ساحة المنظمات الدولية، فرفع بايدن العقوبات عن محكمة الجنايات الدولية في لاهاي وعن المدعية العامة التي تقف على رأسها.
رغم وعود وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بأن الولايات المتحدة ستسند إسرائيل في مواجهة المحكمة، تمتلئ الأروقة بالشائعات عن صفقة ظلامية وبموجبها رفعت الإدارة العقوبات مقابل إغلاق الملفات ضد الجنود الأمريكيين. وبالمقابل، وفي كل ما يتعلق بالإسرائيليين، يغمز الأمريكيون للمحكمة بأن تعمل وفقاً لفهمها. باختصار، ليس بالنسبة لإدارة ترامب بل مقارنة بوعود بايدن نفسه – فإن الهزيمة ستكون على طول الجبهة. لقد وعد بايدن باتفاق نووي معزز ومحسن، ولكن أمر لا يبدو كهذا في الأفق. لقد صرح بلينكن في مجلس الشيوخ بأن استئناف المساعدات للفلسطينيين سيشترط بوقف المخصصات للإرهاب، ولكن هذا لا يحصل. وتعهد بلينكن بالدفاع عن إسرائيل في وجه “لاهاي”، ولكن كما أسلفنا، رفعت الإدارة العقوبات.
مع تعيينات كهذه وقرارات كهذه، قد يرغب بايدن في دعم إسرائيل، أما عملياً فيتخذ سياسة معاكسة تماماً. العاصفة المقتربة هذه هي سبب آخر لتشكيل حكومة تؤدي مهامها في إسرائيل.
بقلم: أرئيل كهانا
إسرائيل اليوم 11/4/2021