ها هي مصر ‘أم الدنيا’ تعجب من تبادل أبنائها للنيران بدل التكامل في الأعمال والخبرات لكسب المعاش في أمن وسلام.. فقد رفضوا عدل صناديق الاقتراع بعد أن عولوا عليها بلسما يهدئ الأمور، ويسير بالبلاد نحو الأمن والاستقرار، وبذلك صار كل من يدعي الديمقراطية ويتحدث عنها موضع السخرية والخيال، فهل من ديمقراطية تلجأ إلى التهديدات والتنصيب بالقوة بدل الانتخابات النزيهة، هل من مصدق مؤمن بجدارة من سيأتي بعد الطريد المخلوع، لقد صارت الاعتصامات والمظاهرات التي تلت الثورة تستهدف تحقيق المطالب الاجتماعية مع العمل على تسريع عجلة الاقتصاد والإنتاج من أجل تنمية يستفيد منها الجميع، فلجأوا إلى الصناديق من أجل إرساء قواعد متينة يُجدَّدُ من خلالها التفكير في المستقبل المطَمْئِن لفئات عريضة من الشعب المصري وقد خرج من سنوات الضغوطات والقهر والاستبداد.. لكن الاقتراع لم يقنع أطرافا ترى الشرعية خارج الصناديق، تراها في تحقيق ما لم يتحقق، الأمر الذي يطرح أسئلة حول نيات هاته الأطراف التي كان بإمكانها أن تساهم في تحقيق المطالب الاجتماعية كقوة معارضة تقترح وتقدم البدائل بدل أن تسجن تفكيرها في الصراع على السلطة. صار الربيع العربي الذي تمناه الكثير مقدمة لصيف يُمَكِّنُ الجميع من جني ثمار الثورة الناضجة، لكن الربيع استحال خريفا عاصفيا، أسقط أوراقا وكسر أبوابا، وقتل أشخاصا دونما أي ذنب. لقد ضربت مصر مثلا يُقتدى وهي تقوم بثورتها، ولكنها اليوم تبدو مخيبة لآمال الكثيرين وبدأ الاقتتال في شوارعها بين مسلحين وعزل ومجهولين قد يندسون في الصراع إلى جانب هؤلاء أو أولئك. في مصر غموض في المصائر، غموض يلف مصطلحات فقدت معانيها، غموض حول الشرعية.. غموض حول الأقدر على التقدم بالبلاد نحو المرتجى. ليدرك الجميع أن فشل مصر أو نجـــاحها له تداعــــيات على سائر بقــــاع الــــوطن العربي وفي مقدمتها فلسطين، الدولة التي عانت وما تزال تعـــاني من ويلات الاحتلال والقمــــع والاستغلال والتلاعب بمصـــيرها حتى من بعض أهلها. لحسن ملواني – المغرب