يعيش المغرب وليبيا كارثتين طبيعيتين، الأولى زالزال هزها بقوة 6.8 على مقياس ريختر، وهو الأقوى منذ قرن، أما الثانية فإعصار ضرب الجزء الشرقي من البلاد وأغرق قرى ومدينة درنة إلى جانب تدمير سدين، سد درنة وأبو منصور ولا أحد يعرف حتى الآن حجم الكارثة الإنسانية، حيث تضاربت الأرقام واعتمدت على الحدس والتكهن، والأمر واضح في المسألة الليبية.
ولا أحد ينكر الجانب الإنساني في الكارثتين، فالهزة الأرضية التي ضربت المغرب كان مركزها إقليم الحوز بجنوب غرب مراكش بجبال الأطلس، حيث عاش سكان القرى منتصف ليلة 8 أيلول/سبتمبر ليلة مروعة وبعد ثلاثة أيام فاضت السماء بما عندها على ساحل ليبيا الشرقي، ولا يمكن معرفة الدمار إلا من خلال صور الأقمار الاصطناعية، وكشفت هذه عن المدينة قبل وبعد، وبدت درنة كمدينة مغطاة بالطين والوحل غرقت فيها أحياء كاملة. وفيما تتواصل الجهود لإخراج الجثث التي تعفنت تحت الشمس، حيث تشهد مناطق العالم العربي موجة حر شديدة، ساد الغضب في النفوس الحزينة، فيما تضافر السكان في المغرب لمساعدة المناطق المنكوبة وتولت القوات العسكرية المغربية جهود الإنقاذ، فيما رفضت السلطات المغربية المساعدات الخارجية وقبلتها من أربع دول فقط وهي قطر والإمارات العربية المتحدة وإسبانيا وبريطانيا، ورفضت مساعدات من تونس وتركيا وفرنسا وتايوان والولايات المتحدة وألمانيا التي أعدت فرق إنقاذ لتتخلى عن الفكرة بعد عدة ساعات.
الأخطاء البشرية
وكشفت الكارثتين عن دور الإنسان في الكوارث، ففي الوقت الذي تغضب فيه الطبيعة بشكل مستمر، وتلقي حمم البراكين وتحرك البحار في تسونامي وزلازل وأعاصير إلا أن الإهمال الإنساني عامل مهم في الكثير من هذه، فهذه لا يمكن للعلم التبنؤ بها ولكن التحذير منها وتحضير الأجواء لها، إلا أن المغرب الذي حسن معايير البناء في المدن، خاصة أنه يقف في مركز زلازل لم يقم بتحضير البلاد لكوارث كهذه، وذكرت دراسة أجراها علماء زلازل أن المغرب شهد أكثر من 1.700 زلزال خلال الألفية الماضية وعدد منها في منطقة الأطلس. ومشكلة المغرب مختلفة عن ليبيا فهو بلد مستقر ومقصد للسياحة التي تأثرت في السنوات الماضية بسبب كوفيد-19 وها هي اليوم تتعرض لضربة، بسبب تحول قرى الأطلس الجميلة إلى كتل من الحجارة. وعلاوة على هذا فهو بلد يحكمه المخزن منذ القرن السابع عشر، ولديه ملكه الذي لم يزر المناطق المنكوبة إلا بعد أيام. والمشكلة هي أن البيروقراطية فيه وجدت نفسها مثقلة بأعباء غير قادرة على تحملها، كما لاحظت مجلة «إيكونوميست» (14/9/2023) ويلعب المغرب دورا مهما في جواره الأفريقي والأوروبي، من ناحية التنمية والأمن الإقليمي ومواجهة الهجرة غير الشرعية من المناطق غير المستقرة في دول الساحل والصحراء.
وكل هذه الشروط غير متوفرة في ليبيا المحكومة من حكومتين تتنافسان على السلطة إلى جانب ميليشيات مسلحة تمارس التأثير على مقدرات الدولة. ولعل مشاهد الغرق التي شهدتها ليبيا وكارثة الزلزال هي صورة عن القيامة التي قال سكان البلدين إنهم عاشوها. وفي ليبيا بالتحديد لم تكون جهود الإنقاذ ومساعدة المنكوبين منظمة، ذلك أن حكومة الغرب المعترف بها دوليا والشرق التي يتحكم بها أمير الحرب خليفة حفتر ليستا قادرتين على توفير العون للمنكوبين، بل وذكرت «إيكونوميست» أنه لم يطلب من السكان الجلاء عن أحيائهم التي أغرقتها المياه وعندما ارتفع منسوب المياه حول السدين اللذين بنيا في حقبة السبعينات وظلا بدون صيانة، ذلك أن حكومتي المنطقتين والميليشيات التابعة لهما تنافستا على نهب مقدرات الدولة. وعندما انتشرت تقارير عن إمكانية انهيار سد آخر قرب مدينة بنغازي طلب المتحدث باسم حفتر من الناس الجلاء ليغير كلامه بعد ساعة ويقول إن الوضع تحت السيطرة.
وعلى العموم فالرد البطيء على الكارثتين، كان محلا للنقاش في العواصم الغربية، في وقت أعربت فيه باريس التي تشهد علاقاتها توترا مع المغرب عن عدم ارتياحها من تفضيل الرباط إسبانيا عليها، بل واقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساعدة مباشرة بدون أن تخترق فيه السيادة المغربية. وذكر معلقون أن الحساسية من فرنسا نابعة من إرثها الاستعماري ما بين 1912- 1956 إلا أن هذا ليس القصة كلها لأن العلاقة بين البلدين ليست على ما يرام. ويرى البعض أن رفض المغرب للمساعدات الخارجية له أسبابه لتجنب عدم تداخل عمل فرق الإنقاذ فيما بينها وربما كان سببه الفخر الوطني وهو ما سجله مراسل صحيفة «الغارديان» (15/9/2023) بيتر بيومنت وقضى أسبوعا في مركز الزالزال بالمغرب.
حس التضامن الوطني
وزار مناطق الزلزال في جبال الأطلس، وقارن المهمة في المغرب بعمله أثناء تغطية الحرب الليبية، حيث كان قادرا على الوصول إلى مركز الزالزال في ساعات. وأشار إلى أن أرقام الضحايا في الكارثة الليبية ترتفع بشكل مستمر، وأن هناك 30.000 ألف مفقود في إعصار دانيال.
وقال إن المغرب وليبيا قد يكونا قريبان نسبيا وتفصل بينهما مسافة ألفي ميل عبر الجزائر إلا أنهما لن يكونا بلدين مختلفين وهو ما ترك أثره على طرق التعامل مع الكوارث. وأضاف ليبيا «هي دولة فاشلة أو شبه فاشلة وتعيش حربا أهلية مستعصية من 2011 تركت على ما يبدو أثرها العظيم على البنى التحتية والتماسك الاجتماعي».
وبالمقابل فالمغرب «هو دولة فاعلة ومدن عاملة من مراكش إلى طنجة والرباط وكلها مدن حديثة، وتم حشد الناس العاديين وعلى قاعدة واسعة وهناك حس قوي بالوطنية». وذكر أنه وصل إلى المغرب يوم الأحد وكان قادرا على السفر مباشرة إلى المناطق فوق مركز الزلزال قرب بلدة أداسيل «وخلال ساعة كنت في قرية ضربها الزلزال وتحدثت مع الناس المتضررين ومن يقدمون لهم العون». وقال إن القصة ستكون مختلفة لو أرسل محررو الأقسام الصحافيين إلى ليبيا من أجل تغطية تداعيات الإعصار «واحد من التحديات لتغطية الكوارث المتزامنة مع النزاع هي الخطوط المتصدعة للسيطرة، فالمسألة ليست الطيران إلى طرابلس وقيادة السيارة، وعملت في ليبيا وهي بلد صعب العمل فيه بطريقة لا تصدق، فأنت بحاجة لتأشيرة والمشكلة هي من يصدرها وهل تقبل في الشرق المنكوب لو أصدرتها حكومة الغرب». ويعلق بيومنت «كان العمل في ليبيا من أخطر الأعمال التي قمت بها على الإطلاق» فمظاهر القلق على السلامة وتداعي البنى التحتية جعلت من الصعوبة بمكان على مؤسسات الدعم الدولي الحصول على فكرة حول حجم الدمار في درنة. و «رغم قبح، الدولة المستبدة وتداعي البنى التحتية، فليبيا في ظل القذافي كانت عاملة، وتملك أموالا من النفط، وكان مكانا عاملا، وبطرق فظيعة وبدون حريات وحقوق، لكن كانت لديها بنية تحتية مقبولة، ولم يعد هذا موجودا». وقالت منظمة الأرصاد الجوية الدولية إن حصيلة الموت العالية كان يمكن تجنبها في ليبيا لو كان لديها وكالة أرصاد جوية فاعلة. وعلق بيتري تالاس، الأمين العام للمنظمة «كان بإمكانها إصدار تحذيرات» و«كان بإمكان إدارة الطوارئ القيام بعمليات إجلاء وتجنبنا الخسائر البشرية». واليوم هناك مخاوف من انتشار الأوبئة بسبب تعفن الجثث بمدينة درنة التي خسرت 9 في المئة من سكانها.
ومقارنة مع الوضع الفوضوي والمخاطر النابعة من العمل وحتى مساعدة ليبيا، فالمغرب يسهل وصول المساعدات الخارجية إليه. وعلق بيومنت على أن الغضب النابع من رفض المغرب المساعدات الخارجية قد يكون مبالغا فيه. وليس من الواضح إن كانت الرباط بحاجة إلى المزيد من الدعم الدولي نظرا لطبيعة هذه المأساة، فمعظم البيوت التي دمرت مبنية من الطوب وليس الإسمنت، ولهذا فسكانها إما ماتوا أو نجوا.
وفتح المغرب معظم الخط السريع أو الطريق الوطنية رقم 10 وهو الطريق الرئيسي الذي يقطع جبال الأطلس إلى تلات نيعقوب التي تبعد 12 ميلا عن مركز الزلزال. ويقول بيومنت إنه «إنجاز عظيم أن تقوم بفتح الطريق حيث قطعت أجزاء كبيرة منه بسبب سقوط الصخور وقبل أيام قليلة». وفي طريق من الجبل شاهد بيومنت آلاف المغاربة يقودون سياراتهم باتجاه الجبل حاملين معهم المساعدات ومنهم 16 شخصا في ثلاث شاحنات وكلهم من أنصار فريق الرجاء بالدار البيضاء. وقال زيكو سائق إحدى الشاحنات «لقد قضينا ثلاثة أيام للوصول إلى تلال نيعقوب». وأوقف صحافي محلي بيومنت وسأله «هل أثار إعجابك ما قمنا به» و«كنت معجبا، وكان في الحقيقة مثيرا للإعجاب رؤية المغاربة العاديين عمل هذا، ويجب أن تكون الإنسانية كذلك، وليس السياسة بل المجتمع الذي يساعد مجتمعا آخر. وفي سنوات قادمة سيسألني الناس عما أتذكره عن زلزال المغرب ولن يكون الحزن والدمار بل كيفية رد الناس العاديين، وهذا إيجابي بشكل كبير، وبقدر ما غطيت قصصا قاتمة فهذا أمر مختلف». لا يعني أنه لا توجد معوقات، فالبلدات المقطوعة بسبب عدم فتح الطرق تحتاج إلى إمدادات ومساعدات مستمرة للناجين، كما أن حزن الناس تحول إلى غضب، واشتكى سكان في قرى مغربية من البيروقراطية التي تأخرت بإصدار شهادات وفاة لدفن الضحايا الذين تركت جثثهم تتعفن تحت حر الشمس.
أين الملك؟
ولم يكن المغاربة على معرفة بمكان الملك محمد السادس وإن كان في المغرب وقت حدوث الكارثة، أم في باريس التي يقضي وقته فيها، وهذه مفارقة كما تقول «الغارديان» فهو يقيم في قصر من عشر غرف قيمته 80 مليون يورو قرب برج إيفل ومزود بحمام سباح وصالون حلاقة كما ويملك قلعة شاتو دي بيتز التي تعود إلى القرن الثامن عشر، وتبعد 30 ميلا شمال- شرق باريس. ولاحظت صحيفة «نيويورك تايمز» (12/9/2023) أن الكارثة وضعت الملك الغائب في مركز الصورة، فهو وإن كان في باريس ساعة الزلزال إلا أنه قضى معظم اليوم للعودة، حيث شوهد وهو يترأس يوم السبت اجتماعا للحكومة وزار مستشفى في مراكش وتبرع بالدم. لكن ظهوره القليل وصمته ورد الحكومة على الزلزال كان محل نقد، حيث قال البعض إن المسؤولين كانوا ينتظرون أوامره قبل اتخاذ أي قرار للتحرك. لكن المسؤولين المغاربة ردوا بأنهم يسيطرون على الوضع وسيطلبون المساعدة الخارجية حالة اقتضت الضرورة. ويظل الملك أثرى رجل في المغرب، وهو يقود ملكية ونظاما شبه ديمقراطي تظل السلطة فيه لمستشاريه ووزرائه ومعظمهم من أصدقاء المدرسة. وبلغ الملك سن الستين في 21 آب/أغسطس، ودستوريا، فهو قائد القوات المسلحة وأمير المؤمنين. ووصف مغاربة مقربون من الحكومة أن الملك بات من الصعب الوصول إليه ويقضي وقته مع صديقه المغربي-الألماني أبو بكر زعيتر، مقاتل فنون القتال المختلطة والذي التقاه الملك في عام 2018 بعد طلاقه من زوجته. إلا أن الغموض يغلف حياة الملك الشخصية والصحية حيث تتسابق العائلة والحاشية للحصول على رضاه. وعادة ما ينشر الشائعات عن الملك أشخاص لديهم مصالح شخصية وسياسية في المغرب. ويظل البلد قصة نجاح في شمال أفريقيا، فهو مجتمع مفتوح ومستقر وجذاب للصناعة والسياحة، وهو حليف موثوق به للولايات المتحدة والغرب في مجال مكافحة الإرهاب واعترف بإسرائيل عام 2020.
واستطاع الملك التغلب على انتفاضات الربيع العربي 2011 من خلال تغيرات محلية وسياسية وعمل مع حكومته على قمع أي إشارات عن التطرف الإسلامي منذ تفجير 2003. وقالت الصحيفة إن أشكال الرد من الملك تشبه عام 2004 عندما ضرب زلزال البلد وقتل فيه 600 شخص ولم يظهر الملك في القرى المتضررة إلا بعد أيام، وهذا حدث قبل عقدين. ويقول أبو بكر الجامعي، وهو ناشر لعدة صحف ناجحة قبل أن يذهب إلى المنفى عام 2007 إن حياة الملك وحاشيته وولي عهده مغلفة بالسرية «ولا نعرفه في الحقيقة» و«لم نره في أوضاع ليجيب على أسئلة علاوة على الأسئلة الصعبة» فهو لا يقدم مقابلات صحافية ولا متلفزة ولا يتحدث بارتجال فهو يقرأ دائما من ورقة. ومع ذلك يظل انتقاد الملك ممنوعا ومحلا للعقوبات، وفي الوقت الذي يبجل فيه السكان ملكهم إلا أن الحرية الصحافية مقيدة.
هالة الملك
وقالت صحيفة «فايننشال تايمز» (15/9/2023) إن الصور التي بثتها التلفزة المغربية للملك وهو يزور المستشفيات ويتبرع بالدم قصد منها إرسال رسالة وهي أن الملك يسيطر على الوضع.
وقالت إن ظهوره الأول مر بدون تعليقات ولا خطابات حماسية تعبئ الجماهير وتطمئن المغاربة التي عانى سكانها من فقد الأهل والأحباب. ورأت الصحيفة أن هذا يتساوق مع طريقة حكمه المتحفظة والبعيدة والذي نادرا ما يلقي خطابات جماهيرية ويتجنب المناسبات العربية مثل قمم الجامعة العربية. إلا أن دوره في المملكة ضروري، وخاصة أثناء أزمة وطنية ويعود إليه القول الفصل في الشؤون الاقتصادية والسياسية.
وهذا يفسر التذمر بين المغاربة لغيابه الواضح في أثناء الهزة. وقالت انتصار فقير، المحللة المغربية في معهد الشرق الأوسط بواشنطن «كلنا شاهد ثمن التغيب خلال الهزة الأرضية». ويقول موال للملك «هذه هي طريقته، فهو رجل عمل وليس كلام». وتقول الصحيفة إنه رغم الشائعات وعدم الإرتياح من دور الأشقاء زعيتر في القصر إلا أن الملك ظهر في الآونة الأخيرة وهو يفتتح مشاريع، ويريد اليوم أن يقول للمغاربة إنه عاد في وقت الهزة وأنه يقوم بعمله والنظام يعمل كما يرى محلل غربي، مع أن هناك «مخالفة، فقول الناس إن الملك كان في الخارج وأن آلة الرد الطارئ لم تعمل بالطريقة التي يجب أن تعمل بها، لكن الآلة الإعلامية خلف الملك أوضح من الخلاف».
وقالت الصحيفة إن في ربع القرن على حكم محمد السادس أصبح المغرب أكثر الدول العربية استقرارا وتضاعف فيه اقتصاد البلد في العام الماضي إلى 134 مليار دولار. ووضع الملك محمد السادس موضوع الصحراء الغربية في قلب سياسته الخارجية، إلا أن المفهوم السائد هو أن الملك مهتم بالتجارة والاقتصاد أكثر من السياسة ويعتمد على «المخزن» لإدارة شؤون البلد، ولديه أسهم عالية في شركات استثمارية وبصماته ظاهرة في أفريقيا. وحسب مجلة «فوربس» 2015 فقد كان الملك خامس أثرى ملياردير في أفريقيا بثروة 5.7 مليار دولار، مع أن المجلة لم تعد تشمله في قوائمها، وهناك قلة تتوقع من الملك أن يغير طريقة حكمه بسبب الهزة الأرضية. وكما تقول فقير «هذه ملكية تريد الحفاظ على الهالة وتريد تقديم نفسها كملكية حديثة تستجيب للناس».
دور الغرب
وبعيدا عما يدور في القصر وبين حاشية الملك، فالمغرب حسب مسؤول سابق في الناتو يحتاج لمساعدة في إعمار ما دمرته الحرب، وقال ريتشارد شيريف نائب القائد الأعلى لقوات الناتو سابقا أن على الغرب إعمار المغرب بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد. وقال فيه إن أمن الغرب يعتمد على إعادة إعمار ما دمره الزلزال. مضيفا أن الحرب في أوكرانيا علمتنا الكثير عن القوة غير المستثمرة في الشراكات الإستراتيجية والتدخل في الأزمة من أجل الحفاظ على الأمن الإقليمي. ويجب أن يكون هدف المستقبل هو تجنب هذا السيناريو من خلال تشكيل شراكات يمكن أن تتوقع وتمنع النزاع، بدلا من دفعها بعيدا عن عتبة أوروبا. وبدون استراتيجية نشطة وطويلة الأمد تتعامل مع الحلفاء الإقليميين مثل المغرب بجدية كتلك التي تعامل الغرب فيها مع أوكرانيا، فإن الوضع مهدد بالتدهور. وقال إن المغرب لعب دورا في مكافحة الإرهاب والتعاون الإستخباراتي، وأوقف المغاربة أكثر من 300 محاولة إرهابية منذ هجمات 9/11. وفي مجال الهجرة، قاموا وخلال الخمسة أعوام الماضية باعتقال والكشف عن آلاف شبكات الإتجار بالبشر. ومنعوا أكثر من 300.000 مهاجر غير شرعي كانوا في طريقهم إلى القارة الأوروبية، وتم دمج حوالي 45.000 مهاجر في المجتمع المغربي ومعظمهم من منطقة الساحل. وفوق كل هذا، فالمغرب مواجه للغرب وبلد متوسطي يحترم أهمية الإصلاحات المدنية والتنمية الاقتصادية ولديه سجل في الترويج لكليهما في القارة. وتوسط الملك محمد السادس في النزاعات بمنطقة الساحل وتفاوض بشأن مئات من اتفاقيات التعاون. ونشر أكثر من 70.000 جندي مغربي ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. ويعتبر المغرب ثاني أكبر مستثمر بالتنمية الاقتصادية بالقارة وضامن حيوي لأمنها الغذائي. ويعتقد الكاتب أن العمل بشكل قريب مع المغرب سيعطي الغرب فرصة للتعلم كثيرا عن تعقيدات المنطقة.
وفي النهاية سيظل تاريخ 8 أيلول/سبتمبر و 11 أيلول/سبتمبر صورة عن غضب الطبيعة والثمن الذي يدفعه البشر جراء تقاعس المسؤولين أو غياب رؤيتهم وتغليبهم مصالحهم الذاتية، كما حدث في الحالة الليبية. والسؤال: هل سيتعلم المسؤولون في البلدين من دروس الكارثة؟