ما كان لإسرائيل أن تصمد 3 أشهر لولا بايدن: لماذا تغلق النافذة يا نتنياهو؟

حجم الخط
0

سبق أن جربنا كل شيء: قتلناهم، قصفناهم، جوعناهم، فرضنا حصاراً على غزة، وأصبحنا أسياد البلاد في الضفة. أما هم فذبحونا وفجرونا وخطفونا بوحشية لا مثيل لها، وسلبوا أرواحنا. ولم يعد مهماً من بدأ ومن الذكي ومن المحق في وقت غليان الدم واتساع الهوة. والغريزة الأولية هي رفع قبضة أكبر، ونصب فخ أكثر ذكاء، وسفك دم أكثر منهم بعد أن سفكوا دمنا. لنا روح وشرف، ولهم أيضاً قلب وذكريات وتاريخ. تعلمنا حدود القوة عبر مسارات الدمار وجداول الدم في غزة.

 لم يبق سوى شيء واحد لم نجربه: السير في الاتجاه المعاكس: رسم خريطة، وندع الشمس تشرق. ومن المهم في هذه الحالة إعادة المخطوفين إلى الديار، ولكن ليس في تابوت أو بعد أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة في نفق. سنتفكك إذا لم نعِدهم. وحتى لو كان هذا سبباً لوقف الحرب التي سارت بنا حتى الآن إلى اللامكان ونحن معذبون.

 الحروب لا تحسم النزاعات، إنما تأتي للضغط على الطرف الآخر كي يصل إلى تسوية سياسية تحل الخلاف، وتقدم جواباً للتطلعات والمخاوف، للإرادات والأحلام. كانت محاولات هنا وهناك، مثل اتفاق أوسلو: كان محقاً إسحق رابين حين وصف رجال “فتح” بأنهم “سكان الفيلل في تونس” لكنه فهم أيضاً بأنه لا يمكن العيش على الحراب، وسار شوطاً طويلاً كي يوقع على اتفاق معهم. أخطأ إسحق رابين حين لم يقم في اللحظة ذاتها، في أيلول 1973 بخطوة أخرى نحو دولة فلسطينية إلى جانبنا. لو لم يقتل لأنهى المهمة.

 أخطأ نتنياهو عندما ضغط على ترامب لكسر الأواني حيال إيران بالخروج من الاتفاق النووي. الاتفاق إياه لم يكن كامل الأوصاف، لكنه أعطى جواباً: إيران أوفت بكل التعهدات، وبدأت بتسريع البرنامج النووي بعد أن كسر ترامب بتشجيع من نتنياهو، وقدم لها مبرراً لمواصلة تسريع أجهزة الطرد المركزي. الاتفاق إياه، الذي وقع في 2015 كان يفترض أن يفتح مسارات دبلوماسية حيال إيران. كان يمكننا أن نقتل مخزونات الكراهية والشر برقة.

 الحقيقة المرة أنه لا يمكن أن تخوض إسرائيل حرباً بلا رعاية: فمن دون إرساليات بايدن العسكرية، ما كان لإسرائيل أن تصمد ثلاثة أشهر من القتال. عرض بايدن على نتنياهو طلباً لطرح أفق سياسي يؤدي إلى حل الدولتين، الحل الوحيد الممكن لوقف رقصة الدم وروائح الموت. أما نتنياهو فرد باحتقار، وكانت طرقة هاتف، ولأسابيع لم يتحدثا.

 الآن، بدأت نافذة الفرص تنغلق شيئاً فشيئاً: بايدن يرى في نتنياهو زعيماً منكراً للجميل يقود دولته إلى الكارثة لخدمة نزعة بقائه السياسي. بايدن قلق على إسرائيل ويريد إخراجها من الوحل والمحافظة على المصلحة الأمريكية في عدم الانجرار إلى حرب شاملة. هذا هو وقت قبول التحدي الأمريكي: قد لا يكون بايدن في البيت الأبيض في الولاية التالية، فيصعد ترامب مثل بالون؛ فاز أمس في الانتخابات المبكرة في أيوا، ويبدو أنه في طريقه إلى الانتصار ليكون مرشح الجمهوريين. صرح أنه يكره الخاسرين، وهكذا وهذا ما وصفنا به في ذروة معاركنا في غزة. كما أنه ضد تمويل الحرب.

 احتمال انتصاره على بايدن في هذه اللحظة ليس سيئاً، وحينئذ الويل لأمريكا وللعالم ولنا. وعليه، فهذه هي الساعة. الآن.

 أورلي ازولاي

 يديعوت أحرونوت 17/1/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية