ما مصير تنظيم “الدولة” بعد مقتل البغدادي؟

حجم الخط
0

القاهرة- بلال تامر:

أثار مقتل زعيم تنظيم “الدولة” أبو بكر البغدادي، الأحد، في عملية للقوات الخاصة الأمريكية في سوريا، تساؤلات حول مصير التنظيم بعد مقتل خليفته.

ويشير دانيال ديبتريس محلل شؤون الشرق الأوسط والسياسة الخارجية الأمريكي، إلى أن تنظيم “الدولة” كان بالفعل في حالة سيئة حتى قبل أن تقضي واشنطن على خليفته، وأنه من المؤكد أن القضاء على البغدادي يعد ضربة أشد قوة لجماعة تحاول جاهدة بالفعل إنقاذ نفسها.

وقال ديبتريس فى مقال نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، إن القضاء على البغدادي لم يكن أمرا سهلا؛ لكثرة مراوغته رغم مقتل الآلاف من رجاله، وأنه رغم ذلك ليس من الغريب مطلقا معرفة أن زعيم الإرهابيين نفسه كان يخطط لموته قبل قتله؛ فهذه هي طبيعة الأمور، وهي أنه طالما كان على شخص أن يرأس أي جماعة مثل جماعته، فلا بد أن يُقتل إن عاجلا أو آجلا فى هجوم جوي أو على الأرض. ومثال على ذلك الكثير من قيادات القاعدة الذين تم القضاء عليهم فى السنوات العشر الماضية. كما أن قيادة داعش كانت تستعد للوقت الذي يتم فيه القضاء على خلافتهم، وقد تمثل رد فعل مقاتليهم فى التحول إلى تمرد تقليدي.

ويقدر البنتاغون أن هناك ما يتراوح بين 14 ألف و18 ألف من مسلحي داعش ما زالوا يمارسون نشاطهم فى العراق وسوريا، وهي أعداد غير متوفرة لتنظيم القاعدة.

ومع ذلك، فإن مقتل البغدادي لا يعنى مطلقا النهاية الوشيكة لداعش كتنظيم. فقد شهدت الولايات المتحدة هذه اللحظة من قبل، ولنتذكر أبو مصعب الزرقاوي في عام 2006، وأبو ايوب المصري في عام 2010، وأسامة بن لادن فى عام 2011. فقتل القائد الأعلى للجماعة لا يقتل الجماعة. وحقيقي أنه من المحتمل أن يتم بذل جهود للاتفاق على بديل للبغدادي، ومن الممكن أن يستغرق ذلك أياما، أو اسابيع، أو شهورا، لكن في نهاية الأمر سوف تعلن داعش عن بديل للبغدادي.

من ناحية أخرى، نقلت مجلة فورين بوليسي عن مسؤولين وخبراء على موقعها على الانترنت قولهم إن داعش ما زال يمثل تهديدا فى سوريا، لا سيما منذ هروب المئات من مقاتليه وأفراد عائلاتهم من أماكن احتجازهم أثناء توغل القوات التركية في شمال شرق البلاد.

وقالت دانا ستراول، وهي مسؤولة سابقة في البنتاغون، وهي الآن من كبار الزملاء في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: “إنه من الغريب أن عملية التخلص من البغدادي نجحت رغم كل محاولات إدارة ترامب لجعلها أمرا أكثر صعوبة”.

وأضافت: “كما أن مقتل ابن لادن لم يؤد إلى القضاء على القاعدة، أتوقع أن التخلص من البغدادي لن يكون نهاية تنظيم الدولة”.

وقال مسؤول كبير فى الإدارة الأمريكية لفورين بوليسي، إنه تم تنفيذ الهجوم بعد عملية جمع معلومات معقدة قامت بها وكالة المخابرات المركزية بمساعدة القوات الكردية السورية، وغيرها من شركاء الولايات المتحدة فى المنطقة، من بينهم حكومة إقليم كردستان العراق.

ويعتبر مقتل البغدادي انتصارا لترامب وفريق الأمن القومي الذى قضى سنوات فى مطاردة أكثر إرهابي مطلوب فى العالم. ولكن المسؤولين والخبراء قالوا إن هذا الانتصار لن يمحو الضرر الذى نجم عن قرار ترامب في مطلع هذا الشهر بسحب القوات الأمريكية من منطقة على الحدود التركية السورية، حيث ما زال الآلاف من مقاتلى داعش وأفراد عائلاتهم، موجودين في مخيمات مؤقتة في أنحاء المنطقة، تحت حراسة قوات سوريا الديمقراطية.

وذكر مسؤولون أكراد وأمريكيون أن قوات سوريا الديمقراطية قضت خمسة شهور في تعاون مع الحكومة الأمريكية؛ لجمع معلومات عن أماكن تواجد البغدادي.

وقال الجنرال مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية لمجلة فورين بوليسي، إنه الأجنبي الوحيد الذي كان على علم بالهدف.

وقال عبدي إن النشاط العسكري التركي على الحدود، وما أعقبه من دخول إلى شمال شرق سوريا، أدى إلى تأخير العملية شهرا كاملا.

وقالت ستراول: “لقد رفض ترامب تقديرات أجهزة المخابرات ولم يلق بالا لمعلومات سرية، وعرقل عملياتنا العسكرية بقراراته غير المخططة، مثل قراره الخاص بالانسحاب من سوريا، وعامل العراق مرارا وتكرارا بلامبالاة، وبدا مستعدا لإنهاء العلاقة مع قوات سوريا الديمقراطية قبل أسابيع قليلة”.

وأضافت: “مع ذلك فإن هذه العملية اعتمدت على المخابرات الأمريكية، وقواتنا في سوريا والعراق، والنجاحات المخابراتية للحكومة العراقية، وشبكة مخابرات قامت قوات سوريا الديمقراطية بزرعها بناء على طلب الولايات المتحدة”.

وقال مسؤول أمريكي كبير انتقد سحب ترامب المفاجئ من سوريا، باستثناء مئات قليلة، إنه كان “من الصعب للغاية” القيام بالعملية التي قضت على البغدادي بدون تواجد على الأرض.

وأضاف المسؤول “إن المعركة ضد داعش لم تنته… ونحن أقل أمانا بسبب سحب قواتنا من سوريا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية