التاسع عشر من اذار مارس.. يوم قد لا يعني شيئا بالنسبة للكثيرين منا. وقد يكون يوما عاديا شأنه شأن غيره من الايام. لكنه ليس كذلك بالنسبة للليبيين والاحرار في كل مكان في العالم. الذين يتذكرون بمرارة هذا اليوم الذي كان فاصلا في تاريخ ليبيا الحديث وأعاد ليبيا قرونا الى الوراء.ففي مثل هذا اليوم عام 2011 بدأ حلف شمال الاطلسي عدوانه الغاشم على الجماهيرية الليبية فقتل المئات من ابنائها الابرياء وشرد الاف العوائل ودمر البنية التحتية. وهدم العشرات من المنازل على رؤوس ساكنيها قبل ان يرتكب ابشع جرائمه بتسليمه الزعيم الليبي معمر القذافي لمجموعة من العصابات وقطاع الطرق فقتلوه ونكلو بجثته. وكانت نتيجة كل هذا ان وصلت ليبيا الى ماهي عليه الان من انفلات أمني وفوضى على جميع الاصعدة ..فحتى الحكومة لم تعد قادرة على حماية نفسها والبيوت اصبحت مستباحة والمعتقلات مليئة بالابرياء، والدم الليبي اصبح بلا ثمن وعاثت الجماعات المسلحة فسادا حتى وصل الامر الى جلد الليبيين في الشوارع.. هذا الحلف البغيض لم يكن ليحقق كل اهدافه تلك لولا الدعم والاعلام والمال والسلاح الذي كانت تقدمه الحكومات العربية المتخاذلة. التي كانت تعتقد ان الحرب على ليبيا قد لا تستغرق اكثر من اسابيع وربما حتى ايام معدودة قبل ان ترفع الراية البيضاء ايذانا بانتصار حلف الناتو.لكنها فوجئت بمقاومة باسلة وتصد منقطع النظير من كتائب الشعب المسلح التي ضربت اروع الامثلة في الصمود والتحدي.. وقد شاء المولى عز وجل ان اكون شاهد عيان على هذا العدوان الغاشم منذ اللحظات الاولى التي اطلق فيها سمومه على الجماهيرية الليبية فلم يسلم منها حتى الحيوانات والشجر والحجر. رأيت بأم عيني كيف قصف الناتو مزرعة في ضواحي طرابلس لم يكن داخلها سوى منزل صاحبها وبعض البهائم.. اجلكم الله.. وظهرت تلك المزرعة على الشاشات العربية على انها بيوت في تاجوراء قصفتها القوات الشعب الليبي المسلح! تخيلوا الى اي مستوى وصلوا في الانحطاط! يخرجون معنا لتصوير الاماكن المقصوفة من قبل الناتو ثم يقولون ان القذافي هو من امر كتائبه بقصف المنازل الليبية.ثم بدأ الناتو بقصف المدارس والمساجد والمستشفيات في محاولة لزعزعة معنويات الليبيين وثنيهم عن مبدئهم الذي يقاتلون من اجله.. لكن ذلك لم يفت في عضد الليبيين الذين صمدوا في وجه اعتى قوة في العالم.. وان مالت الكفة في النهاية لحلف الناتو البغيض وانتصرت قوى الشر والظلام لكن الليبيين اجبروا العالم كله ان ينحني لهم اجلالا لما قدموه من تضحيات دفاعا عن ارض ليبيا.. فليس بمقدور شعب لا يتجاوز تعداد سكانه الخمسة ملايين نسمة ان يقف بوجه حلف يضم اكثر من ثلاثين دولة ناهيك عن الحصار الذي فرضته دول الجوار على ليبيا والخيانة التي حدثت من اغلب المسؤولين السياسيين والعسكريين.. كل تلك الامور اثرت على قدرة الليبيين في الاستمرار في المقاومة ..فكتب الله لمن شاء الشهادة واصيب اخرون وكان نصيب غيرهم الاعتقال او الترحيل خارج ليبيا.قال تعالى.وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً..صدق الله العظيم..فتحية لسرت الصمود. تحية لبني وليد المقاومة، تحية لطرابلس الابية. تحية لبو سليم، سوق الجمعة ، الهضبة، الدريبي، غوط الشعال..الرحمة لشهداء ليبيا الابرار.. تحية لكل من ناصر ليبيا ولو بكلمة.. تحية لمن لازالو على مبادئهم رغم كل ما مر بهم من ظروف وماذاقوه من ويلات.. فلم يبق بيت في ليبيا الا وقدم شهيدا او جريحا او معتقلا او هجر ابنائه خارج ليبيا.. تحية لكم ايها الاحرار اينما كنتم.. أصبروا وصابروا ورابطو فما النصر الا صبر ساعة.. أما المتخاذلون فلا اقول لهم سوىما كان يردده الليبيون دائما (..)فمكانكم مزبلة التاريخ. وستندمون على ما قترفت ايديكم بحق الليبيين عاجلا ام آجلا.مزهر فياضqmn