ما هي خيارات المعارضة التونسية بعد إعادة انتخاب سعيد؟

حسن سلمان
حجم الخط
0

تونس – «القدس العربي»: بعد إعادة انتخاب الرئيس قيس سعيد لفترة رئاسية جديدة، تجد المعارضة التونسية نفسها في وضع لا تحسد عليه من التفكك وتراجع ثقة التونسيين في الطبقة السياسية عموماً، وأحزاب المعارضة خصوصاً، والتي يرى أغلب التونسيين أنها لم تقدم الكثير للبلاد خلال فترة وجودها في السلطة، فضلاً عن اعتقال السلطات لأغلب رموزها ضمن ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة.
وإذا كانت الانتخابات أفضت لانتخاب سعيد من قبل “قاعدته الصلبة” والتي تعد حوالي مليونين ونصف المليون تونسي وفق ما يروج لذلك أنصاره، فإن منافسيه زهير المغزاوي والعياشي زمال، لم يتمكنا من إقناع سوى بضعة آلاف من التونسيين للتصويت لهما، رغم الحديث عن دعم قطاع كبير من المعارضة لزمال، وهو ما يؤكد وجود أزمة حقيقية لدى أحزاب المعارضة تتطلب إعادة الهيكلة وممارسة النقد الذاتي ووضع برامج جديدة لاستعادة ثقة التونسيين، وفق المراقبين. ويقول هشام العجبوني القيادي في حزب التيار الديمقراطي: “أصدرنا بياناً قبل الانتخابات اعتبرنا فيه أنها غير شرعية ولن نعترف بنتائجها، نظراً لما شابها من خروقات جسيمة لم تجعل منها انتخابات نزيهة وشفافة وتعددية وتعبّر عن إرادة الناخبين. لذا فدورنا الآن يتمثل في مواصلة المقاومة والنضال من أجل استرجاع مسار الانتقال الديمقراطي وحرية التعبير والصّحافة”.
ويضيف لـ”القدس العربي”: “من المهم كذلك العمل على إعادة هيكلة الأحزاب وتجميع القوى السياسية المعارضة والقيام بمراجعات وعملية نقد ذاتي والاتفاق على ميثاق لمبادئ العمل السياسي في المستقبل ولإرساء أسس دولة القانون والمؤسسات، حتى لا تتكرّر أخطاء الماضي، وحتى تسترجع الأحزاب مصداقيتها أمام الرأي العام”. وكتب أحمد النفاتي نائب أمين عام حزب العمل والإنجاز: “نحن في حاجة ماسة إلى مصارحة كبرى وإصلاح عميق للمشهد السياسي وإعادة هيكلة المنظومة الحزبية بما يسمح بظهور عروض سياسية جديدة وجادة تحمل مشاريع وطنية واضحة، بعيدة عن الحسابات الضيقة والمصالح الشخصية والمعارك الأيديولوجية. هذه العروض السياسية ينبغي أن تكون وطنية في الأساس ومنسجمة مع ثقافة الشعب وهويته، لكي تكون قادرة على كسب ثقة الشعب وإقناعه من خلال تقديم حلول جادة وملموسة لمشاغله الحقيقية. وبجانب ذلك، فإن الإصلاح لن يكتمل دون مراجعة الإعلام والمنظمات والمجتمع نفسه، ودون بناء مساحات مشتركة للعمل السياسي على مستوى وطني”.
وأضاف في تدوينة على موقع فيسبوك: “اتخاذ هذه الخطوات هو السبيل لبناء ثقة التونسيين في العملية الديمقراطية، ووضع تونس على مسار التنمية الحقيقية في ظل سيادة دولة القانون وبناء مؤسسات قوية تُكرّس احترام المواطن وتضمن له كرامته. فقد أثبتت كل تجارب العالم أنه لا وجود لدولة ديمقراطية تعاني من الفقر، كما أن الاستبداد لم يكن يومًا سبيلًا لتحقيق التنمية أو ضمان الاستقرار. فالتنمية الحقيقية ترتكز على الحرية والعدالة، بينما يقود الاستبداد إلى التدهور والفوضى”.
ويقول الوزير السابق خالد شوكات لـ “القدس العربي”: “إن عمل المعارضة الحقيقي يبدأ عندما تصبح الحريات وحقوق الإنسان مسائل بديهية لا تمس، وعندما يرى الحاكم في هذه المعارضة ضرورة بمثابة مرآة يرى فيها عيوبه ليصلحها، أما إذا ظن الحاكم أنه معصوم منزه عن الخطيئة فلن يرى في المعارضة إلا مشروع خيانة وعمالة، وفي المعارضين عملاء وخونة يجب تطهير البلاد منهم، مثلما صرّح بذلك قيس سعيد وهو يخطب في أنصاره فرحاً بالنصر الانتخابي المبين”.
كما يستبعد شوكات، حدوث أي تغيير في سياسات الرئيس سعيد تجاه المعارضة، لأنه “لا ينظر لمعارضيه بأي احترام أو تقدير، بل إنه يرى فيهم متآمرين ومشككين لا يجب أن يسمع لهم ركز مثلما قال مؤخراً، ويجب تطهير البلاد منهم”.
ويضيف: “أما المعارضة فعليها العودة إلى طاولة التقييم العميق وتشريح الحدث الانتخابي ودراسته جيدا، ثم وضع استراتيجية نضالية بعيدة المدى تسعى إلى طرح جيل جديد من القادة الشباب الذين وحدهم قادرون على كسب الرهانات المستقبلية، وفي مقدّمتها استقطاب الشباب العازف بنسبة كبير عن كل عمل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية