ما يمكن وما لا يمكن للاستخبارات التركية اثباته في العملية المعقدة التي جرت ضد خاشقجي

حجم الخط
0

إسطنبول- “القدس العربي”- إسماعيل جمال: يسود اعتقاد عام في تركيا أن الجهات الأمنية العليا تعد لمؤتمر صحافي خلال الساعات أو الأيام المقبلة يتم خلاله عرض مخططات ومقاطع فيديو ودلائل لشروح وتقديم تفسير كامل لما حدث مع الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي اختفى عقب دخول قنصلية بلاده يوم الثلاثاء الماضي.

هذه الدلائل التي بدأت تتكشف تدريجياً ستكون حاسمة في قدرة تركيا على اثبات قيام جهات رسمية سعودية بالتخطيط وتنفيذ العملية التي أسفرت عن اختطاف أو قتل جمال خاشقجي على الأراضي التركية، ولكن من المتوقع أن تبقى تفاصيل أخرى أيضاً طي الكتمان لأسباب متعددة.

من المعروف عن الأمن والاستخبارات التركية القدرة الكبيرة على كشف خيوط الجرائم والعمليات المعقدة التي جرت على الأراضي التركية طوال العقود الماضية، مع الاعتراف بوجود ضعف في القدرة على منع هذه الحوادث قبيل وقوعها.

ومع الاعتقاد العام بقدرة الجهات المنفذة على إبقاء كثير من التفاصيل المتعلقة بما جرى داخل أروقة القنصلية المكونة من ٦ طوابق في إسطنبول، يبدو أن الأمن التركي لديه القدرة الكبيرة على تقديم شرح وتفسير كامل لكل ما جرى خارج أسوار القنصلية، وأدلة ربما تكون كافية لتقديم صورة شبه كاملة لما جرى، وتحمل من الأدلة ما يكفي لإثبات مسؤولية السعودية عما جرى لخاشقجي.

الأمن التركي لديه القدرة الكبيرة على تقديم شرح وتفسير كامل لكل ما جرى خارج أسوار القنصلية

فالجهات الرسمية التركية تمتلك وبشكل قطعي التفاصيل المتعلقة بالطائرتين اللتان وصلتا لإسطنبول بالتزامن مع اختفاء خاشقجي، وتعلم الوجهة التي قدمتا منها، والجهة التي غادرتا إليها، إلى جانب التفاصيل الكاملة عن الأشخاص الـ١٥ الذين قدموا على متنهما وجنسياتهم وأسمائهم وصور لوجوههم، حتى لو كانوا يحملون وثائق مزورة.

وبما أن إسطنبول مزودة بنظام قوي وواسع جداً لكاميرات المراقبة التي تغطي كافة شوارعها ومرافقها، فإن الجهات التركية استطاعت الوصول إلى تسجيلات للأشخاص عند خروجهم من المطار والسيارات التي استقلوها والأمتعة التي جلبوها معهم، وخط سيرهم من المطار إلى القنصلية والفترة التي بقوا فيها داخل القنصلية بالتحديد، وتزامنها مع دخول خاشقجي الذي يمتلك الأمن التركي مقاطعاً له وهو يدخل مبنى القنصلية.

إلى جانب ذلك، يمكن للجهات الأمنية متابعة السيارات الدبلوماسية وقت خروجها من القنصلية وخط سيرها ونوع وحجم الأمتعة التي جرى إخراجها معهم من القنصلية، والأهم هو خط سير الموكب الدبلوماسي وما إن كان عاد بشكل كامل إلى الطائرتين أم أن إحدى هذه السيارات انفصلت عن الموكب وتوجهت إلى وجهة أخرى.

وتشير التأكيدات غير الرسمية بأن خاشقجي قد قتل بالفعل داخل القنصلية وهو ما يعني أن الجهات التركية لديها ما يثبت ذلك، مع احتمال أن يكون هذا الدليل متعلق بجثمان خاشقجي الذي سيكون بمثابة كنز معلوماتي في حال تمكن الجهات التركية من الوصول إليه إن كان قد قتل بالفعل.

فمن خلال الجثمان، يمكن للجهات المختصة بالطب العدلي تحديد وقت قتله، والطريقة التي جرى فيها ذلك، إلى جانب الوصول إلى أي عناصر داخلية ربما قد تكون قدمت المساعدة في هذه العملية، وسيكون ذلك بمثابة تأكيد آخر على إدانة القنصلية عبر اثبات خروج الجثمان من داخل القنصلية وتعقب مسار نقل الجثمان الذي لم تؤكد أي مصادر حتى الآن العثور عليه.

في المقابل، لن يتمكن الجانب التركي من الوصول إلى تسجيلات كاميرات المراقبة الموجودة داخل أسوار القنصلية لأسباب متعددة أبرزها ما تتمتع به القنصلية من حصانة دبلوماسية، وثانياً هو لجوء القنصلية إلى تعطيل كافة الكاميرات بالداخل خلال يوم العملية.

لن تتمكن تركيا من الوصول إلى تسجيلات كاميرات المراقبة الموجودة داخل أسوار القنصلية وذلك لما تتمتع به القنصلية من حصانة دبلوماسية، ولجوء القنصلية إلى تعطيل كافة الكاميرات بالداخل خلال يوم العملية

وبينما قال القنصل السعودي في إسطنبول إن الكاميرات كانت متعطله في يوم وصول جمال خاشقجي، اعتبرت مصادر أمنية تركية هذا الأمر دليلاً على حصول عملية أمنية داخل القنصلية يوم الثلاثاء، وهو اليوم الذي اختفى فيه خاشقجي.

كما أن السلطات التركية لن تتمكن من جمع دلائل دقيقة عن عملية الخطف أو القتل من داخل القنصلية بسبب الحصانة، وتمكن الجهات المنفذة من إخفاء كافة الأدلة قبيل السماح للجهات التركية من دخول القنصلية وتفتشيها لاحقاً.

كما يبقى احتمال صعوبة الجزم بقتل أو خطف خاشقجي قائماً، فمن الممكن أن تؤكد تركيا أنه تم إلحاقه بالبريد الدبلوماسي بالطائرات التي عادت من إسطنبول يوم العملية، لكن دون القدرة على معرفة أنه نقل حياً أو ميتاً.

كما يمكن أن تتأكد الجهات التركية أن خاشقجي قتل بالفعل، وجرى إخفاء جثته من خلال مافيا تركية دون القدرة على الوصول إليها حيث تدور احتمالات عن تذويبها أو دفنها في منطقة معقدة وحتى احتمال القائها في البحر وغيرها من الاحتمالات التي تبقي الباب مفتوحاً أمام احتمال بقاء جانب من العملية طي السرية ربما لسنوات أو عقود، أو إلى ما لا نهاية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية