وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس ليلة السبت الماضي، بمناسبة عيد العرش، دعوة إلى الجزائر لتجاوز مرحلة التوتر نحو مرحلة التعاون بين البلدين ولما فيه خير للشعبين، وهناك انتظارات لمعرفة رد الجانب الجزائري. ومهما كان الرد، توجد ظاهرة مقلقة وهي عزوف مثقفي البلدين عن المشاركة في النقاش لتطوير العلاقات الثنائية بسبب أجواء محاكم التفتيش السائدة باسم الوطنية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتوجه فيها الملك بنداء إلى الجانب الجزائري، وإنْ كان هذه المرة بشكل أعمق خاصة من أجل فتح الحدود التي تبقى ضمن الحدود المغلقة القليلة جدا في العالم لأسباب سياسية، وقد تكون الوحيدة رفقة الحدود المغلقة بين كوريا الشمالية والجنوبية. نعم، وتبقى أطول حدود برية مغلقة في العالم، بهذا ضمن النظامين هذه الميزة في كتاب غينيس للأرقام القياسية.
جاء إغلاق الحدود في ظروف شائكة سنة 1994 هيمنت عليها الحرب الأهلية غير المعلنة في الجزائر، وساد قلق كبير في الرباط من انتقال عدوى الإرهاب بعدما تعرض فندق في مراكش لعملية إرهابية خلفت قتلى في صفوف السياح. وكان القرار الخاطئ الذي اتخذه المغرب بفرض التأشيرة على الجزائريين وردت الجزائر بإغلاق الحدود البرية ثم اشتراطها اعتذارا مغربيا يصل إلى الإذلال لإعادة فتحها. ورحل عن هذا العالم السياسيون الذين اتخذوا القرار أو ردوا عليه سواء من الجانب المغربي أو الجزائري، ومرت 27 سنة، أي جيل بالكامل، حيث شهد العالم تغيرات كبرى من اعتداءات 11 سبتمبر/ايلول وحرب العراق والربيع العربي وبزوغ قوة الصين وانتقال العالم إلى الإنترنت، لكن الحدود بين البلدين بقيت مغلقة.
هذا الوضع يبرز مدى العناد المسيطر على القيادة السياسية في البلدين من جهة، ثم العداء الذي تتم تغذيته باستمرار من جهة أخرى. ورغم التنافس بين الصين وأمريكا على زعامة العالم لا توجد في صحافتيهما هجمات بشكل يومي مثل الهجمات الموجودة في صحافة معينة في البلدين، الجزائر والمغرب، وتشتغل بحماس منذ سنوات طويلة، مبرزة كل ما هو سلبي وتعزز جدارا من الخوف من الطرف الآخر.
تأتي مبادرة المغرب في وقت تجتاز فيه العلاقات امتحانا صعبا بسبب تراكم المشاكل، فالجزائر تشتكي من تجسس المغرب عليها بواسطة بيغاسوس وتتهم الرباط بتهديد وحدتها بعدما دفعت الدبلوماسية المغربية نحو تأييد مطالب ساكنة منطقة القبايل بتقرير المصير، وإجراء مناورات عسكرية مع دول أجنبية تفترض استهداف الجزائر مستقبلا.
انقسم المثقفون المغاربة والجزائريون إلى قسمين يفاقمان التوتر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة
من جانبه، ينظر المغرب بعين الريبة إلى التمركز العسكري الجزائري غير المبرر على الحدود المشتركة والدعم العسكري القوي للبوليساريو، واختزال عودة الجزائر إلى افريقيا في شعار «مواجهة المغرب» وكيف تجعل العقيدة العسكرية من المغرب العدو الرئيسي.
الجزائر الرسمية تلتزم الصمت تجاه المبادرة المغربية، ويسيطر حذر شديد على صناع القرار في هذا البلد المغاربي، ويستفاد من الصحافة الموالية للنظام الحاكم اعتقاد الأخير أن خطوة المغرب قد تكون نتيجة ما يعتبر العزلة التي يعيشها بسبب تناسل أزماته مع دول رئيسية مثل اسبانيا والمانيا ومؤخرا فرنسا إثر كشف ملف بيغاسوس ثم الولايات المتحدة بسبب ملف الصحافيين المعتقلين مثل سليمان الريسوني التي انتقدت واشنطن الحكم عليه.
إلى جانب السياسي وتعقيداته، المؤسف في مستوى الخطورة في العلاقات بين المغرب والجزائر هو موقف غالبية المثقفين المتخاذلة وغير المشرفة. لقد انقسم المثقفون المغاربة والجزائريون إلى قسمين يفاقمان التوتر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. قسم ينخرط في الحرب الكلامية ويبدع في مهاجمة الطرف الآخر، وأصبح الشغل الشاغل لبعضهم هو تضخيم الهفوات بل واختراعها للتقليل من هذا البلد أو ذاك. وطرف يلتزم الصمت ولا يبادر بالنقاش التوجيهي لتصحيح الانزلاق خوفا من اتهامه بقلة الوطنية أو إلصاق تهمة «الخيانة». إذ أصبحت تهمة «العمالة لعسكر الجزائر» أو «العمالة للمخزن المغربي» جاهزة لإحالة كل من نادى بالحوار على محكمة التفتيش في انتظار نبذه مجتمعيا وسياسيا وثقافيا. وتعد تهمة العمالة للآخر ظاهرة متعارف عليها في العلاقات الدولية وخاصة في الدول التي تفتقر للديمقراطية، وتوظف الأنظمة الحاكمة مفهوم «الوطنية « كسيف ديموقليس، لكنه في حالة المغرب والجزائر تأخذ هذه الظاهرة شكلا مقلقا مقارنة مع باقي دول العالم، وأصبحت حالة مرضية ونفسية تتطلب علاجا سيطول في الزمن.
بعد مبادرة الملك نحو الجزائر، تحول مثقفون وإعلاميون إلى ما يتجاوز انتقاد الجزائر، نحو السب والقذف إلى المناداة بالحوار والتشديد عليه، وتغيروا بدرجة كونية من مجرة إلى أخرى مما أثار سخرية الكثير في وسائل التواصل الاجتماعي. وكان صمت القيادة السياسية الجزائرية تجاه المبادرة المغربية، وهو ما يعني التحفظ والميل إلى الرفض، مؤشرا واضحا لكي تستمر بعض الصحف الجزائرية في التعاطي بالسب والقذف مع هذه المبادرة دون أدنى تحليل منطقي، إذ تغيب الاستقلالية بشكل ملفت وصارخ في الحالتين.
لا تحتاج العلاقات بين المغرب والجزائر فقط إلى فتح الحدود البرية بل تحتاج إلى تكسير وتدمير جدار الصمت وجدار الخوف والجدار النفسي الذي جرى تشييده طيلة العقود الأخيرة ويجعل شعارات الجوار والقواسم المشتركة مجرد سحابة صيف. إن أخطر ما في العلاقات الدولية هو تراكم الحقد وتغذية مشاعر العداء نحو دولة وشعب.
مبادرة ملك المغرب مبادرة بدون أوكسجين، فالفاعل السياسي عاجز عن الاستجابة الحقيقية، والمثقف في البلدين إما انخرط في جوقة العداء أكثر من النقد البناء أو يلتزم الصمت خوفا من محاكم التفتيش التي توظف الوطنية كسيف ديموقليس.
كاتب مغربي من أسرة «القدس العربي»
حسين مجدوبي كاتب مغربي محترم ، كثيراً ما تعجبني مقالاته حول الجزائر و قضية الصحراء الغربية بنوع من المعقولية .صحيح أن دور المثقفين النزهاء محوري لإعادة اللبنة لما هدمته السياسة ، لكن الدعوة الحالية للملك بفتح غير مشروط للحدود تبدو غير قابلة للتطبيق من الجانب الجزائري لسبب واضح و هو أن الجزائر مازالت تنتظر من المغرب توضيحات عن حادثة توزيع بيان بنيويورك من طرف ممثل المغرب ، يدعو فيه إلى تأييد تقرير المصير لمنطقة جزائرية هي منطقة القبائل..! هذه الحادثة الدبلوماسية جعلت الجزائر تستدعي سفيرها من الرباط ، و هي مازالت تنتظر توضيحات المغرب ..! قبول دعوة المغرب في هذه الظروف تعني أن هناك ما يشبه المقايضة بقضية تصفية الإستعمار من الصحراء الغربية معترف بها من الأمم المتحدة ، وبين منطقة جزائرية أمازيغية معروفها بمطالبها الثقافية و بقضايا تتعلق بالهوية الأمازيغية ، و توجد مناطق مغربية أمازيغية كثيرة بالمغرب الأقصى ترفع نفس المطالب و خاصة منطقة الريف .
تبون قال لفتح الحدود يجب الاعتذار عن فرض التاشيرة علي الجزائريين وكادت عن طرد 350الف مغربي في ظروف محطة للكرامة الانسانية
أعتقد أنه من الواجب تحديد المفهوم قبل بسط السياق كما يقال…خاصة وأن الأمر يتعلق بمدلول حصل فيه كثير من التذاخل الدلالي..وهو المثقف…ويتم عادة إدراج مكونات مختلفة فيه لاعلاقة بالثقافة والتثقيف الا من باب التجوز والمجاز…والتسيب في كثير من الأحيان….؛ أما ما يتعلق بالمواضيع الإشكالية القائمة بين المغرب والجزائر….فاساسها الحقيقي أبعد بكثير من المتجلي أو الظاهر…. وأسبابها الجوهرية تعود الى الفعل والعبث الإستعماري جغرافية وسياسة وتاريخا….وقد يطرب من استفاد ظاهريا من خرائط مصطنعة بمنطق الغنيمة التي لابد له فيها….ولكن دوام الحال من المحال…والحل لن يكون إلا بالرجوع الى واقع ما قبل الدخول الإستعماري…ومسح كل ماتم ترسيمه في تلك المرحلة…
فتح القلوب قبل فتح الحدود. وحل مشكل الصحراء الغربية بالاعتراف بحق شعبها في الوجود الكريم، هي مفاتيح الحل.
حسب تحليلي المتواضع ان عدم التطرق في الخطاب الى سقطة ممثل المغرب في الامم المتحدة كان خطئا كبيرا لان السكوت هو موقف رسمي مغربي لهذا الجزائر فهمت جيدا و لم ترد على خطاب الملك قبل تقديم توضيحات رسمية للسلطات الجزائرية .
المغرب لم يغلق الحدود مع الجزائر وإنما فرض التأشيرة فقط بسبب العملية الإرهابية التي حدثت بمراكش وبضلوع المخابرات الجزائرية باعتراف عميلها كريم مولاي.وكان على النظام الجزائري أن يتفهم ذلك ولا يغلق الحدود إن كان صافي النية.
الآن مر حوالي جيل من ذلك والخطاب الملكي الأخير كان قوي وصريح وفيه نقط تدعو للم الشمل البلدين بدون شروط وضع عدة خطوط على هذه الكلمة.لأن إذا دخلنا في الشروط فلا يمكننا ان نصل إلى حل وندور في نفس الدوامة وأنا لا شخصيا لا أجد شيء ارتكب بحق جارتنا كي نقدم لها اعتذار سوى الأيادي البيضاء التي قدمها المغرب لإخواننا فلسنا نحن من طرد 350 ألف مغربي من الجزائر والتنكيل بهم ولسنا نحن من سلح ودعم البوليزاريو للهجوم على المغرب.نحن محكومين بروابط جغرافية بين البلدين التوأمين كما قال جلالة الملك وعلينا أن نهرول بإذابة الجليد بيننا للأجيال القادمة حتى لا نترك الثغرات للتدخل الأجنبي (الجسم الدخيل).
تاريخيا كان دور المثقف من أطروحات السلطة في الثقافة العربية دور الخادم المطيع لسيده إما بترتيل قصائد المديح او بمباركة حكمة السلطان او بتوجيه بعض النصائح ونسبها للسلطان.. ولم يكن حال المثقف مختلفا في اوربا الاقطاعية بل كان أتعس بكثير لانه كان ممنوعا من التفكير الحر 9تى جاء جون لوك في القرن السادس عشر بفلسفته التي قلبت الحياة في العالم الجديد وخاكلقت عصرا جديدا اطلق عليه عصر الانوار تمتع فطها المثقف بريغدة صياغة الحياة السياسبة والفكرية وفق مبادئ فلسفية لا تمت بصدة لمصلحة السلطان وانما تخضع فقط
لمبدأ الحرية الفردية وللعقد الاحتماعي الطوعي الذي يؤسس الدول.
لكن اليوم في البلاد العربية لا يزال هناك من يطالب المثقف بلعب دور مادح السلطان كاي بوق من ابواق قصره بعيدا عن اي موضوعية فكرية او مبدأ اخلاقي غير مبدأ واحد هو لا اهديكم الا ما ارى وما اهديكم للا سوغء السبيل..
والحديث قياس.
ليس من مصلحة العسكر الجزائري فتح الحدود لانه يبحث دائما عن عدو يحول به أنظار الشعب عن مشاكله الحقيقية. فنظام العسكر يعيش في الماء العكر. التنمية في المغرب تسير بأسرع إيقاع في المنطقة. والإخوة الجزائريون إن زاروا المغرب ستتغير نظرتهم لهذا البلد ويكتشفوا أكاذيب نظامهم.
مقال مميز يختلف شيء ما عن مقال توفيق رباحي المحترم باختلاف الرؤيا بين البلدين، اعتقد ان البلدين محتاجين الى تصالح داخلي بين النظام والشعب في كلا البلدين، متى ثبت الصلح الداخلي سينضج الشعبين دون شك وسيكونا احرار في اتخاذ القرار المناسب للروابط التاريخية بين الشعبين ما عدا ذلك معضلة القطيعة ستستمر.
ومع ذالك فسيأتي يوما وتتصاح الكوريتين إلا العرب الجزائر والمغرب أول معجزة للنبي محمد صلا الله عليه وسلم ألف بين قلوب العرب قبيلتين كانتا في حرب 100 سنة حول ناقة تم نحرها من أحد القبيلتين فبلأحرى المغرب والجزائر ينتحران منذ 46سنة ولما حتى 100 سنة في آنتظار المهدي المنتظر لأن لحد الآن فشلت الأمم المتحدة لأن الغريمين من العرب ويا حسرة من المسلمين وقدرنا أن دخل المهدي المنتظر على الخط فستبقى الصحراء مغربية