الأمم المتحدة- “القدس العربي”: بعد إحاطته الدورية لمجلس الأمن الدولي حول الأوضاع في سوريا، توقف المبعوث الخاص للأمين العام إلى سوريا، غير بيدرسون، ليجيب عن عدد من أسئلة الصحفيين حول الأوضاع في سوريا. وقال في مداخلته أمام الصحفيين إن الوضع الأمني في سوريا متأثر بما يحدث في غزة. “لقد شاهدنا الهجوم على القنصلية الإيرانية وما تبعه من رد إيراني. فسوريا تتأثر بما يجري في المنطقة”. وقال: في سوريا هناك 17 مليونا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، أضف إلى ذلك إلى غياب أي تقدم على المسار السياسي.
وردا على سؤال لـ”القدس العربي” حول سر بقائه في المنصب لمدة تصل إلى سبع سنين، دون تحقيق أي نتائج ملموسة “علما أن كوفي عنان استقال بعد عشرة أشهر، والأخضر الإبراهيمي بعد سنتين، وستيفان دي مستورا بعد ثلاث سنوات ونصف”، قال: “هذا سؤال جيد. إن هناك التزاما من جانبنا للشعب السوري، ولا يمكن أن نستسلم. أنت بحاجة إلى أن الإصرار والصبر. ويجب أن تكون واثقا أنك تسير بثبات نحو حل سياسي. وهذا واجبي – وهذا عملي. وما دام لدينا هذا الأمل فالأمم المتحدة وأنا سنواصل العمل”.
وردا على سؤال ثان لـ”القدس العربي” حول التوترات الأخيرة على الحدود السورية الأردنية قال بيدرسون: “هذا أمر مهم. فالأردن يساوره قلق عميق بسبب تجارة المخدرات وتهريب السلاح. لقد التقيت بوزير الخارجية الأردني (أيمن) الصفدي في بروكسيل وشرح لي كيف تتعامل الحكومة الأردنية مع الحكومة السورية والحوار الذي تجريه الحكومتان معا حول هذا الموضوع”.
وردا على سؤال حول عدد القتلى من المدنيين في سوريا قال المبعوث الخاص إن مكتب حقوق الإنسان قد وثق مقتل 300000 خلال سنوات الصراع. وقال من بين كل عشرة سوريين هناك تسعة تحت خط الفقر.
وكان المبعوث الخاص للأمين العام إلى سوريا قد قدم إحاطته الشهرية لمجلس الأمن حول الأوضاع في سوريا مؤكدا أن الشعب السوري ما زال عالقا في أزمة كبرى مع مرور الزمن دون أن يكون هناك مسار سياسي واضح لتنفيذ خارطة الطريق التي تضمنها القرار 2254 (2016) ما يهدد الأوضاع في سوريا التي وصفها بأنها “مأساوية وخطيرة”.
وأكد بيدرسون في إحاطته أن غياب العملية السياسية الشاملة يؤدي إلى تفاقم الأوضاع ما يشكل مخاطر رهيبة على السوريين جميعا وبالتالي على المجتمع الدولي.
وتعليقا على الوضع الأمني في سوريا، قال بيدرسون: “لا تزال هناك مجموعة مذهلة من الجهات الفاعلة المحلية والدولية والجماعات الإرهابية المدرجة على قوائم مجلس الأمن منخرطة في الصراع، داخل الأراضي السورية، عبر ساحات متعددة”.
وحذر من أنه إذا استمرت هذه الديناميات فسنشهد حتما المزيد من معاناة المدنيين. ويمكننا أيضا أن نشهد تصعيدا كبيرا، والمزيد من عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة. وقال بيدرسون إن هناك حاجة ماسة إلى وقف التصعيد على جميع الساحات في سوريا، مؤكدا أن جهود خفض التصعيد على المستوى الإقليمي بدءا بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة هي أيضا ضرورية للغاية.
وأشار بيدرسون إلى أنه كلما استمرت الديناميات الحالية في سوريا، تعمقت المخاوف بشأن ما يعنيه تقسيم منطقة ما لمدة جيل أو أكثر في مثل هذه الظروف غير المستقرة، مضيفا “نحن نشهد بالفعل جيلا ثانيا من الأطفال المحرومين من الوصول المستمر إلى التعليم، أو يخضعون لمناهج مختلفة تماما، مما يهدد مستقبل الأطفال، ووحدة سوريا، ويذكي احتمالات التطرف”.
وشدد على أن العمليات الانتخابية المتوقعة في عدد من المناطق في سوريا، ليست بديلا عن عملية سياسية شاملة تفضي إلى دستور سوري جديد متفق عليه، وانتخابات لاحقة وفقا لتصور مشترك تنفيذا لقرار مجلس الأمن 2254.
وتطرق المسؤول الأممي إلى الوضع الاقتصادي الحرج الذي يؤدي إلى تفاقم معاناة المدنيين وإدامة خطر عدم الاستقرار. وتحدث كذلك عن اللاجئين مشددا على ضرورة دعم اللاجئين الذين يختارون العودة، لكنه أشار إلى أنه بالنسبة لمعظم الناس، فإن الحقيقة هي أن هناك عقبات أمام عودة اللاجئين بشكل آمن وطوعي.
وفي ختام إحاطته شدد بيدرسون على أنه لا يمكن ببساطة إدارة الصراعات العميقة والمعقدة أو احتواؤها إلى الأبد، بل يجب أن يكون هناك أفق سياسي لحلها أيضا. ولهذا السبب فإن تمهيد الطريق لنهج جديد وأكثر شمولا أمر منطقي مؤكدا أن هناك حاجة لجميع الأطراف. و”لا يمكن لأي جهة فاعلة أن تحل الأزمة بمفردها”.
من جهته قدم مارتن غريفيثس، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، إحاطة هو الآخر أمام مجلس الأمن أكد خلالها أن سوريا لا تزال تمثل أزمة حماية، حيث لا يزال الأطفال يُقتلون، ولا تزال النساء والفتيات يخشين على سلامتهن، ولا يزال أكثر من 7 ملايين شخص نازحين في جميع أنحاء سوريا، ولا يزال ملايين آخرون يعيشون لاجئين في البلدان المجاورة وخارجها.
وقال غريفيثس: “بعد ثلاث سنوات منذ تولي المنصب وبينما أستعد للتنحي، يؤلمني أن معاناة الشعب السوري مستمرة. يحتاج عدد أكبر من الأشخاص إلى المساعدة الإنسانية أكثر من أي وقت مضى خلال الصراع؛ 16.7 مليون شخص وفقا لآخر التقييمات”.
وقال إن النساء والفتيات السوريات يتعرضن لآليات التكيف السلبية ومستويات مروعة من العنف القائم على النوع الاجتماعي، كما أن القتال اليومي والمستعر في شمال غربي سوريا يتسبب في إصابة المدنيين وموتهم بمن فيهم الأطفال.
وتطرق إلى قضية الوصول المستدام للمساعدات الإنسانية سواء عبر الحدود أو خطوط التماس في سوريا، مشيرا إلى أن العملية عبر الحدود من تركيا وفرت شريان حياة لملايين الأشخاص المحتاجين في شمال غرب سوريا. ورحب كذلك بالقرار الأخير الذي اتخذته الحكومة السورية بتمديد السماح باستخدام معبري باب السلام والراعي الحدوديين لمدة ثلاثة أشهر إضافية، حتى 13 آب/ أغسطس 2024. وأشار إلى أن عمليات التسليم عبر خطوط التماس إلى شمال غرب سوريا تظل أكثر صعوبة مما ينبغي.
وقال غريفيثس إن نقص تمويل الاستجابة الإنسانية يعد أحد أكبر المخاوف في الأشهر والسنوات القادمة، مشيرا إلى الانخفاض المطرد في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية على مدى السنوات الثلاث الماضية.