ليس واضحا بعد، ما إذا كان التونسيون يجدون الآن أنه من الأفضل لهم أن يرسلوا بعض الإشارات الودية نحو الرباط، وعلى أي حال فالبلدان ليسا في قطيعة صريحة أو معلنة، والبعثتان الدبلوماسيتان في العاصمتين ما زالتا مفتوحتين وتعملان حتى بعد استدعاء السفيرين المعتمدين في تونس والرباط، منذ ما يقارب الستة شهور.
غير أن الزيارات واللقاءات الثنائية بين المغاربة والتونسيين تكاد تكون شبه معدومة، وليس خافيا أن الأزمة التي حصلت أواخر آب/ أغسطس الماضي بعد استقبال الرئيس التونسي قيس سعيد لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي في المطار الرئاسي بالعوينة، بمناسبة قمة تيكاد، خلّفت حالة من الجفاء والبرود، لم يمر بها البلدان على الأقل في السنوات العشر الأخيرة، التي تلت سقوط بن علي.
كانت حسابات تونس خاطئة، والسؤال هل تملك القدرة على التراجع عنها وإعادة بناء علاقات مغاربية متوازنة لا تقوم على استعداء أحد في الجزائر أو المغرب؟
لكن الأمر يبدو أكبر من أن يعود فقط إلى ما يمكن أن يوصف بالحادث الدبلوماسي، حتى إن اعتبرته الرباط عملا عدوانيا صريحا ضدها، فهو لم يكن في النهاية سوى الجزء الظاهر فقط من جبل جليد تشكل وتراكم على مدى شهور. وليس سرا أن التوجه الذي اختاره قيس سعيد لسياسته الخارجية، وتأكد بالخصوص منذ يوليو/تموز 2021 كان يرتكز على المستوى الإقليمي وبشكل أساسي على الجزائر، في إخلال بيّن بتوازن تقليدي حاولت الدبلوماسية التونسية منذ عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة أن تبقيه بين الجارتين المغاربيتين الكبيرتين، ولأجل ذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم بقوة هو، ما الذي ينبغي فعله حتى يعود الدفء إلى العلاقات التونسية المغربية؟ هل يكفي تقديم التونسيين وبصيغة ما نوعا من الاعتذار عن استقبالهم غالي الصيف الماضي؟ أم أن على هؤلاء أن يقوموا بمراجعة جذرية لتوجهاتهم في المنطقة المغاربية، بشكل يجعلهم لا يبدون منحازين لطرف أو مصطفين وراء بلد على حساب الآخر؟ في الحالتين لن يكون ذلك سهلا، أو ممكنا بالنسبة لقيس سعيد، فهو قد حسم في اختياراته وتوجهاته ولم يترك لنفسه هامشا ولو ضئيلا للمناورة أو التراجع. ولعل الطريقة التي رد بها على قرار الرباط استدعاء سفيرها من تونس للتشاور، بعد استقباله لزعيم البوليساريو، وهي استدعاؤه بالمثل للسفير التونسي المعتمد في العاصمة المغربية، كانت الدليل على إنه لم يكن مستعدا لإعطاء أي فرصة لاحتواء الغضب المغربي، والحد من تداعيات وعواقب تصرف كان يعلم جيدا أنه لن يقبل بسهولة في الرباط. وفي سجل العلاقات التونسية المغربية، فإن مثل ذلك الإصرار على سد الأبواب باكرا أمام أي محاولة للصلح، يبدو غريبا بعض الشيء. فحتى في الستينيات وحين تفجّر خلاف عميق بين الدولتين حول استقلال موريتانيا، فقد تركا بعض قنوات الحوار والتواصل بينهما مفتوحة. لقد كانا يعتبران أن لهما هدفا واحد، حتى إن اختلفت السبل نحوه. وسواء أخطأ بورقيبة أم أصاب، فإنه نظر لاستقلال نواكشوط على أنه عنصر لدعم التوازن في المنطقة، وتسهيل قيام اتحاد مغاربي. وكان مثيرا للانتباه في ذلك الوقت أنه حينما بعث العاهل المغربي محمد الخامس رسالته الشهيرة إلى الرئيس التونسي بورقيبة ليقول له فيها، وفي ما يشبه الإنذار إنه: «لو، لا سمح الله، تصرفت تونس بطريقة من شأنها أن تضعف موقفنا وتربك عملنا، فستنجر عن ذلك نتائج غير سارة بالنسبة إلى علاقاتنا معكم بالخصوص، وبصفة عامة بالنسبة إلى مستقبل المغرب العربي الذي نأمل بناءه على أسس أمتن وأطول وأبقى، يحدونا أكبر الآمال وأكثرها تحمسا في أن حكمتكم المعروفة وخبرتكم الممتحنة وصداقتكم الخالصة، سوف تجنبنا كل أضرار من هذا القبيل وأنكم سوف تتفضلون بإصدار أوامركم بمساندة الموقف الذي اخترنا والقضية التي أيدنا والتي لا نعتبرها قضية المغرب وحده، بل قضية المغرب العربي الكبير برمته» كان رد الرئيس الراحل بورقيبة برسالة أخرى قال له فيها إن «المسألة هي أخطر، لاسيما وأنها تتعلق ببلد، يقصد موريتانيا، يشكل حسب رأينا جزءا من المغرب العربي الكبير، وأننا نحرص على أن لا يتم إبعاده عن إخوته العرب والمسلمين.. وأنه يمكن لموريتانيا بعد حصولها على الاستقلال أن تقرر عن طريق الاستفتاء الاندماج مع المغرب في دولة واحدة، وأن هذا الاندماج سوف لن يكون إلا مربحا بالنسبة للعروبة والإسلام والمغرب العربي الكبير»، على حد تعبيره. لكن الشيء الذي قد يعلمه كثيرون هو أنه وحتى في ذروة الخلاف المغربي التونسي حول استقلال موريتانيا، وبعد سحب الرباط سفيرها من تونس في نوفمبر/تشرين الثاني 1960 فإنها سعت للتوسط بين تونس والجزائر في النزاع الذي نشأ بينهما في 1963، رغم أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين كانت في تلك الفترة مقطوعة، ما يدل على أن البعد الاستراتيجي وليس الظرفي، أو التكتيكي كان المحدد الأساسي لتعامل المغاربة والتونسيين مع بعضهم بعضا، فتونس كانت تحتاج ولعدة اعتبارات جيوسياسية للمغرب، مثلما أن المغرب كان بحاجة بدوره إلى تونس، وكان بورقيبة يرى أن من مصلحة بلاده أن لا تتغول دولة مغاربية على حساب باقي الدول، وأن بقاء الدول الصغيرة لن يكون ممكنا في صورة ما إذا هيمنت أو توسعت إحدى الدول المغاربية، ما دفعه قبل أي اعتبار آخر لأن يدعم استقلال موريتانيا، لكنه حين تعلق الأمر بمسألة الصحراء ذهب في الاتجاه المعاكس تماما، لأنه أدرك جيدا عواقب تفتيت بلد مثل المغرب، وصنع كيان آخر في الشمال الافريقي. ومع أنه حاول جاهدا إقناع الرئيس الجزائري الراحل بومدين بأحقية المغرب بالصحراء، قبل أن يسعى للتوسط بين البلدين حين اشتد الخلاف بينهما على ذلك الملف، إلا انه اختار في الأخير أن يتمسك بالحياد في الموضوع لدوافع وضرورات معروفة. والآن يبدو أن كسر تلك القاعدة ليس فقط من خلال استقبال زعيم البوليساريو، بل حتى عبر الامتناع في أكتوبر/تشرين الأول 2021 عن التصويت لصالح قرار في مجلس الأمن الدولي، ينص على تمديد عمل بعثة المينورسو لمدة سنة إضافية يمثل وبكل المقاييس منعرجا حاسما ودقيقا في علاقة البلدين، لكن ما مصلحة تونس في إعادة خلط الأوراق بتلك الطريقة وفي مثل هذا الظرف بالذات؟ وهل أنها تستطيع الاستغناء حقا عن المغرب؟ ليس الأمر متعلقا فقط بما كسبه التونسيون في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها بلدهم من جارتهم الغربية، أو من الشقيقة الكبرى كما يحلو للبعض منهم تسميتها، بل بما خسروه من وراء استعداء مجاني وغير مبرر لجار مغاربي آخر كان يمكن أن يساعدهم على الأقل بما يملك من علاقات داخل القارة الافريقية في إيجاد فرص اقتصادية مهمة لهم. لقد كانت حساباتهم خاطئة ومضللة، وسواء نجحت جهة خارجية في دفعهم نحوها، أم لا، فإن السؤال الآن هل أنهم يملكون القدرة على التراجع عنها وإعادة بناء علاقات مغاربية متوازنة لا تقوم على استعداء أحد في الجزائر والمغرب؟ ربما تفتح بعض الإشارات الطريق نحو ذلك. لكن هل ستكون رؤيتها ممكنة وسط هذا الظلام الدامس؟
كاتب وصحافي من تونس
حاكيني يا جدي حاكيني٠٠٠احكي لي عن جيلك واحكي لك عن جيلي ٠٠
الامم العربية سواء اقامت علاقات ودية او لم تقمها فامر واحد ….لذا اعتقد ان هذا الحل يرضي الطرفين لاقطيعة تامة ولا انفصال تام وهما في كلا الحالتين في غنى عن بعضهما البعض
علي الجمهورية التونسية الإعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية أسوة بكل الجمهوريات المغاربية الأخرى
هناك مثل مغربي يقول: عندما تخرج لعمارة الطلقة لا يمكنها الرجوع.
قيس سعيد ليس لحبيب بورقيبة. و لا مجال للمقارنة بينهما.بورقيبة كان حريصا على استقلال القرار السياسي التونسي و يرى تونس دولة محورية لا يقبل ان تكون تابعة لأية دولة و ليست أقل من المغرب و الجزاءر كما ان شخصية و كاريزما و تاريخ و حنكة بورقيبة لا يملك سعيد ذرة منهم..و لهذا سيبقى هذا الجفاء، و ربما يتطور إلى عداء، بين تونس و المغرب..
بورقيبة رحمه الله رغم انه اول من عارض ضم موريطانيا للمغرب بي القوة واول من اعترف بي سيادة موريطانيا و وقف في وجه الرباط لكن يبقي ديكتاتور علماني معادي لإسلام ومتحالف مع الغرب وقيس السعيد رئيس منتخب بي اغلبية ساحقة وهو قومي عربي محافظ وليس من الدين يملي عليهم من يستقبلون ومن لا يستقبلون وفي الاخير تونس التورة ليست اقل من مالي وموريطانيا اللدان يقيمان علاقات مع الجمهورية الصحراوية ..ورغم انا تونس تمر بي ازمة اقتصادية علي غراراغلب العالم تبقي متفوقة علي بلدان المنطقة في التنمية البشرية والإجتماعية والصحة والتعليم وخصوصا والاهم . الحرية
الصحراء الغربية بقيادة البوليساريو عضو مؤسس للاتحاد الافريقي , و عندما تأسس التحاد لم يكن المغرب عضوا فيه لانه كان انسحب عندما قبلت منظمة الوحدة الافريقية قبول عضوية الصحراء الغربية و ابراهيم غالي الرئيس الصحراوي يشارك في كل الاجتماعات الرسمية التي يعقدها الاتحاد الافريقي في افريقيا و خارج افريقيا و يحضر الاجتماعات الى جانب المغرب , فلمادا لا يستقبله رئيس تونس أ, غيره ؟
سوف تستعيد العلاقات المغربية التونسية عافيتها عندما تستعيد تونس عافيتها الذاتية
شتان بين تونس الحبيب بورقيبة و تونس قيس سعيد.
يوم تعود صحراء قفصة لأهلها .
تونس تمر بمرحلة سياسية و اقتصادية حرجة، افقدتها سيادتها في العديد من المجالات و بالاخص في مجال العلاقات الخارجية. فاملاءات عسكر الجزائر ادخلتها في متاهات و اخطاء قاتلة. فعداؤها لوحدة المغرب التراببة لا و لن يغير في واقع الامور في شيء لكنه يضر و بشدة مصالح تونس