متى كان «بابا نويل» أسود البشرة؟

حجم الخط
56

لنعترف. في عالم الأطفال، من أهم الرموز التي يغرسها الغرب في نفوس الأطفال أن البشرة البيضاء متفوقة على أهل البشرة السوداء. ومن أهم الأمثلة على ذلك في الغرب شخصية «بابا نويل»، فهو دائماً أبيض البشرة.
في المخازن التجارية الكثيرة التي تزدهر في الغرب في فترة عيد الميلاد، يجلس «بابا نويل» في ثيابه التقليدية وقبعته الحمراء ولحيته (البيضاء الاصطناعية) ويأتي الأطفال لالتقاط صورة تذكارية في حضنه.. و(بابا نويل) قد يكون رجلاً مفلساً يبحث عن عمل أو متقاعداً بحاجة إلى مال إضافي يجده في فترة عيد الميلاد لدى أصحاب المتاجر الكبيرة، الذين يزيد في عدد زبائنهم وجود (بابا نويل)، الأسطورة التي يصدقها الأطفال. ولكن «بابا نويل» هو دوماً أبيض البشرة.

أنا بابا نويل وأسود البشرة!

لم يجرؤ بعد أي مخزن غربي على أن يوظف رجلاً أسود البشرة ليكون (بابا نويل). إنها العنصرية التي تتجلى بعفوية في حياتنا المعاصرة ويتم غرسها في نفوس الأطفال الذين سيخاف بعضهم على الأرجح (في البداية) من بابا نويل أسود.
في الأفلام كلها التي تكثر على شاشات التلفزيون هذه الأيام بمناسبة اقتراب عيد الميلاد المجيد وطقوسه، لا نرى فيلماً واحداً فيه بابا نويل أسود البشرة. وباختصار، نغرس في الأطفال روح (العنصرية) ثم نلومهم حين يكبرون لأنهم كذلك.

إذا كنت أسود البشرة، تفوق!

يحبون أسود البشرة شرط أن يكون متفوقاً في حقل ما.. مثل الفرنسي تيدي راينر بطل العالم في رياضة المصارعة الحرة، ومبابي في كرة القدم، وسواهما. أي أن على أسود البشرة أن (يدفع) (خوة) التفوق ليتم قبوله. وما زال عالمنا المعاصر عنصرياً.
وليس على شاشات التلفزيونات الغربية، التي تدعي أنها ضد العنصرية، مذيع واحد لنشرة الأخبار أسود البشرة.. وما من مقدم برامج أو أي نجم سينمائي شهير مثل آلان دولون وجان بول بلمندو وجورج كلوني أسود البشرة إلا فيما ندر.
الشرطي يعاقب أسود البشرة المتهم بالسرقة، وذلك بقتله كما حدث لجورج فلويد الذي داس على عنقه شرطي أمريكي أبيض حتى قتله خنقاً. هل كان الشرطي سيفعل ذلك لو كان المتهم أبيض البشرة مثله؟

عيد الميلاد مناسبة لإنصاف الأسود

نسمع الكثير عن الدمية «باربي» التي تجلب المال لشركات صناعة الألعاب للأطفال.
وأظن أن لعب الأطفال بصورة عامة قلما تساوي بين أصحاب البشرة البيضاء والسوداء، بل لديها دمى سوداء البشرة من قبيل (رفع العتب)!.. كثيرون يشكون من لا مساواة الإنسان الأبيض والأسود، لكنهم يغرسون ذلك الشعور اللاصحي إنسانياً في نفوس الأطفال.. وأظن أن الوقت قد حان في القرن 21 من عمر التاريخ البشري للتكفير عن خطيئة رفع شأن أبيض البشرة لأسباب تاريخية يطول شرحها ولا مجال للخوض فيها، منها إحضار الرجال السود عنوة من إفريقيا ليعملوا كعبيد في قارات أخرى.

تبديل الأسماء لا يلغي الحقائق

ثمة صحوة بشرية ضد العنصرية نحو السود، ولكنها ما زالت لا تتعدى تبديل بعض الأسماء.
ففي رواية بوليسية لأغاثا كرستي (عشرة عبيد صغار) تم ألغاء كلمة عبيد من العنوان وصار حين تحول مؤخراً إلى مسلسل تلفزيوني «كانوا عشرة».
وهذا ينسحب على (تهذيب) فيلم (ذهب مع الريح) عنصرياً، حيث الخادمة سوداء البشرة دائماً وغبية ومسلية (ذلك كله لا يكفي). المهم الاقتناع داخلياً في عصرنا أن الأبيض ليس أفضل من الأسود.. بل هو إنسان يساويه في الإنسانية والمزايا والأخطاء البشرية والعيوب، وكل ما في الأمر أن لون بشرته له خصوصيته.

أتساءل دائماً: أين «ماما نويل»؟ ولماذا فقط «الذكر»، بابا نويل هاجس آخر: تطل علينا هذه السنة أعياد الميلاد التي يحتفل بها الغرب تحت سطوة أمير الموت الحالي وباء كورونا (كوفيد 19).

ميغان نصف السوداء والأمير هاري

نتذكر عرس الأمير هاري، حفيد ملكة بريطانيا اليزابيث، مع ميغان الأمريكية المطلقة والممثلة والنسوية ذات الشخصية القوية.
ففي ذلك العرس حضرت والدتها دوريا سوداء البشرة إفريقية الأصول؛ أي ترجع بأصولها إلى «العبيد» الذين أحضرهم البريطانيون وسواهم من إفريقيا، ناهيك عن الكاهن أسود البشرة الذي ألقى خطبة الزواج وقام بالمراسيم الدينية في حضور الملكة اليزابيث وآل وندسور، أي العائلة الملكية.
ولكن الأمير المتمرد منذ صغره هاري، ابن الأميرة ديانا وولي العهد شارلز، انحاز إلى زوجته ميغان التي جاء في عدة كتب حول علاقتهما صدرت مؤخراً وتُجمع على أن القصر الملكي كان يعامل ميغان باستخفاف، ويدعوها البعض (راقصة الأمير!) وقيل إن سبب مغادرة الأمير هاري لوطنه (وتجريده من لقبه الأميري) سببه شجاره البريطاني (البارد) مع شقيقه وليام ولي العهد (الثاني بعد والده) الذي نصحه بالتروي قبل زواجه من ميغان، أي بلغة باردة مهذبة أن هذا الزواج لا يصلح للعائلة المالكة.. وصدر مؤخراً كتاب بعنوان (اخترنا الحرية) وكتب أخرى من وجهة نظر أخرى تدعم ميغان والأمير هاري.. هذا بينما سخرت بعض الصحف من الأمير هاري الذي سيضطر للحياة مع حماته (السوداء) دوريا.. كما كتبوا!
وجوهر ذلك الكلام كله احتقار ضمني لأصحاب البشرة السوداء أو الذين تسيل في عروقهم بعض من دماء إفريقية الأصل، وذلك يستفزني على الرغم من أنني شامية عتيقة لا تسيل في عروقي إلا دماء الشام.

الإمبراطور كورونا وعيد الميلاد

أتساءل دائماً: أين «ماما نويل»؟ ولماذا فقط «الذكر»، بابا نويل هاجس آخر: تطل علينا هذه السنة أعياد الميلاد التي يحتفل بها الغرب تحت سطوة أمير الموت الحالي وباء كورونا (كوفيد 19).
ولعل تلك المناسبة لا تكون من أسباب انتشار ذلك المرض اللعين.
وأذكر جيداً ازدحام الأطفال خلف واجهات المخازن الكبرى للعواصم الأوروبية التي تتقن في تزويدها بالدمى المتحركة، وكنت أحشر نفسي بينهم في باريس أمام واجهات “غاليري لافابيت” و”برانتان”، لأن الطفل الذي ما يزال يقيم في داخلي يحب مشاهدة الدمى المتحركة والواجهات الاستثنائية كأي طفل يختبئ في أعماق كل كاتب.
وأفتقد دمية واحدة متحركة سوداء البشرة!

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول خالد مصطفى علي:

    للاسف العنصرية الحقيقة هي الموجودة في دولنا العربية فهي الاسوأ من عنصرية الموجودة في الدول الغربية
    على الاقل لك الحق في ان تعبر عن غضبك وتجد من يستمع اليك اما عندنا فليس لك الحق في الاعتراض ومن يفتح اي ملف من مثل هذه الملفات في دولنا فمصيره السجن بتهمة اقلها زعزعة الامن القومي للبلد

  2. يقول Ahmad/Holland:

    رئاسة امريكا هي اهم من دور بابانويل في ليلة ترقب وانتظار نتائج الانتخابات الاميركية التي شارك فيها باراك اوباما كنا نشاهد وننتظر النتيجة فاز باراك اوباما و فرحت الناس و فرحنا لفوز اوباما وفي الصباح الباكر خرجت على الدراجة وشاهدت قطة سوداء واقفة عند مطعم اسباني وانا اعرف اصحاب المطعم ،و قفت و نزلت عن الدراجة وحملت القطة السوداء على كتفي و قبّلت القطة و قلت هذا كرمال اوباما و في النهاية اوباما خيب امالنا.

    1. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

      للأسف ياأخي أحمد لقدخيب أوباما أمالنا. لكن في النهاية يمكن القول أننا أخطأنا التقدير فهو رئيس لأمريكا قبل كل شيء.

    2. يقول عادل ساتى:

      ما ذنب القطة لتقتلها و لقد اثمت بتلك الفعلة و لكن المشكلة فينا و منذ 60و نحن نعلق الامال على الرؤساء القادمين و مازلنا لم نستوعب

  3. يقول غادة الشاويش _ عمان شقيقة القدس:

    اظن أن قصة بابا نويل الحقيقية لها تأثير في شكله في كونه
    ابيضا ورجلا ولكن في المجتمعات التي تدقق في كل شيء ثمة تماد في توصيف كل شيء بالعنصرية لدرجة العنصرية المضادة لكن فكرة بابا نويل اسود يجب أن تكرس في المجتمعات العنصرية ضد السود كي يرتبط الأطفال يحب بمن يجلب لهم الهدايا ..وفكرة ماما نويل هههه وسيمة وستخرج الرجال من الحلبة الكل سيخب الماما نويل الطرية الحنونة وخبذا لو كانت سمينة وذات وجه طفولي هههه وقد ينجذب الأولاد الذكور الذين لا آباء لهم أيتام الاب إلى بابا نويل وسينجذب الإناث والشكوى إلى ماما نويل هههه الف مرة ! هكذا خلقنا

  4. يقول سلام عادل(المانيا):

    تحية للسيدة غادة وللجميع
    اعتقد اننا يجب ان نتذكر ما يفعله البابا نويل او السانت كلوز وليس مهم لونه او من اين اتى ولكن الامر برمته منذ البداية هو تحويل اعياد ومناسبات وثنية الى دينية وهذا ما فعلته المسيحية وفعله الاسلام كذلك فقد كانت عادة تقديم الهدايا في روما القديمة لها مناسبات وكذلك الاحتفال بالسنة الجديدة ولكن القديس نيقولا او السانت كلوز او نيكولاس فهو شخصية حقيقية وكان يقوم بتوزيع الهدايا للعوائل الفقيرة والقضية تبقى جزء من تراث اوربا الديني والان اغلب المحتفلين في اوربا لا يعرفون ان كانت المناسبة دينية او عادات ومناسبات قديمة واعتقد ان اوربا عموما كاكثرية تخلصت من عقدة التفوق والافضلية فلو قارنا امر العلاقات العاطفية او الزواج بين ذوي البشرة السوداء مع الاوربيين رجالا ونساءا فلا مقارنة ممكن ان تذكر مع شعوبنا التي لا يمكن ان تزوج بناتها او اولادها لمن بشرته سوداء

    1. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

      أخي سلام عادل, صحيح أن الأصل هي قصة حقيقية لقسيس كان يقدم هدايا للطغال الفقراء وحصلت القصة في تركيا وليس في أوربا وقليل من الناس يعرف ذلك.

    2. يقول غادة الشاويش _ عمان شقيقة القدس:

      * اختلف معك جملة وتفصيلا الإسلام بالذات حارب الوثنية محاربة جذرية لدرجة انه حرم التماثيل الفنية ليغلق الباب أمام تعظيمها وهو الدين الوحيد الذي يمنع توجيه الدعاء الا لله وهو الدين الوحيد الذي لم يعدد الآلهة فحيث وجدت فكرة الاله الذي يتزوج وبنجب فتصبح زوجته الهة وابنه اله كما في الإغريقية القديمة وفي حضارة الرومان التي أثرت وثنيتها في المسيحية فاملى قستنتينوس تصوره الوثني عليها فتجد فكرة الثالوث في أغلب الأديان الوثنية ولا تجدها في الإسلام فأين هي القرابين والذبح لغير الله يعتبر شركا بالله مخرجا من الملة وكذلك توجيه الدعاء لغير الله فلماذا نخلط الذي حافظ على أصالة رسالة السماء مع من تاثر بالوثنيات لنكن موضوعيين راجية أن تضرب لي مثالا على ما تقول !

  5. يقول أبو تاج الحكمة الأول: سادن النور الشريف وهدهد الحكمة وفم البركة وشذا العطر النبوي المبارك:

    مدقق لغوي محدث
    وَكُلَّ صَبَاحٍ أُدِيمُ اللِّزَامَا / بِشُرْبٍ مِنَ الشَّايِ أَخْضَرَ هَامَا
    وَكُلَّ مَسَاءٍ أَهِيمُ كَذَاكَ ٱحْـ / ـتِسَاءً مِنَ الشَّايِ أَحْمَرَ خَامَا
    الجواب

    غناء الطيور يقول سلاما وأحلى الحياة السلام كلاما
    وقد ساد كل الصباحات نور بحب الإله العظيم تسامى
    مع التقدير

  6. يقول مالك USA:

    وليس على شاشات التلفزيونات الغربية، التي تدعي أنها ضد العنصرية، مذيع واحد لنشرة الأخبار أسود البشرة.. )٠)
    هذا غير صحيح ويوجد الكثير من مقدمي الاخبار من ذي البشره السوداء في امريكيا! ولربما ينطبق هذا على فرنسا العنصريه التي تعتبر مخالفه لتعاليم الجمهوريه السمحه..

  7. يقول مدقق لغوي محدث:

    ولكنْ، أَنِيسِي، هُنَاكَ ٱلْتِبَاسٌ / مِنَ النَّصِّ مَا بَيْنَ عِرْقٍ تَرَامَى
    عَلَى السُّحْمِ، حِينًا، وَعَبْدٍ خِلاسٍ / يَنُــوءُ بِـ«عَنْتَرَةٍ» يَتَشَامَى
    ***
    شيءٌ من الشرح:
    «يَتَشَامَى»: أي يتكلَّفُ عناءَ الظهور بمظهر الشآمي

  8. يقول أسامة كليّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

    مساء الخير والفل والزنبق والياسمين لك أختي غادة السمان وللجميع. كنت أقرأ المقال على شاشة الحاسوب فاقتربت مني صغيرتي سينا فحولت الصورة التي في أعلى المقال إلى الشاشة أمامنا وقلت لها انظري بابا نويل. متقصدًا طبعًا لأرى ردة فعلها على بابا نويل الغامق اللون. فبدأت تغني له أغنية عربية تحفظها وبكل سرور, تأكدت أنها لاتفرق بين بابا نويل أكان فاتح أو غامق البشرة.
    بالطبع لاأستطيع أن أطمئن فالمجتمع الغربي والعربي عموما ولكن بدرجات متفاوته و متنوعة يتمسك بالقوالب الفكرية الجاهزة. فلدينا العروس يجب أن تكون شقراء, والرجل الأسمر أو غامق البشرة يتصدر معظم الدعايات التجارية, والأم العربية تفتخر بأطفالها عندما يولدون بلون أشقر أو بعيون زرقاء … وهذا من أكثر مايحيرنيي! والأمثلة تكاد لاتعد ولاتحصى.
    بصراحة أنا أشعر بتقدير كبير لهاري حفيد ملكة بريطانيا على شجاعته في تحدي هذه القوالب الجاهزة في المجتمعات. وبالمناسبة في ألمانيا يتم التعامل بها بشكل غير علني عمومًا. رأيي الخاص هو أن الإنسان بشخصه لابلون بشرته ولاحتى بانتماءه أيًا كان, عرقي أو قبلي أو ديني أو قومي أو اجتماعي, والوعي مهم للتخلص من القوالب الجاهزة في التفكير التي ارتبطت بنا. مع خالص محبتي وتحياتي للجميع.

  9. يقول أبو تاج الحكمة الأول: سادن النور الشريف وهدهد الحكمة وفم البركة وشذا العطر النبوي المبارك:

    فكم في الأنام حَرَابِيُّ وجه
    وعادى الحلال و أسدى الحراما
    فلايرتجى من هوى في الجحيم
    وضل الختام وعادى الكراما
    احب الذين اضاءوا الحياة
    ينابيع فكر تسامت وئاما
    كما دون بدرٍ ضياء النجوم
    ترى العبقري مضيئا تماما
    رجاء من القدس العربي الغراء
    اعتماد هذه النسخة فقط

  10. يقول أبو تاج الحكمة الأول: سادن النور الشريف وهدهد الحكمة وفم البركة وشذا العطر النبوي المبارك:

    اتوجه ك شاعر عربي بالشكر الجزيل ل القدس العربي على اتاحتها هذه المطارحة الشعريه مع الشاعر الجليل الاستاذ مدقق لغوي محدث حيث فعلا الهمتنا باذن الله ماهو جديد على صفحات الشعر

1 2 3 4 5

إشترك في قائمتنا البريدية