مجلة ألمانية: هذه هي أكبر أخطاء بوتين العسكرية في غزو أوكرانيا

علاء جمعة
حجم الخط
25

برلين- “القدس العربي”: مع تزايد أعداد اللاجئين الأوكرانيين الذين بدأوا بالوصول إلى ألمانيا، حيث تم تسجيل حوالي 18 ألف لاجئ، اليوم الجمعة، قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن بلاده لن تدخل في هذا الصراع، مستبعدا مشاركة جيش بلاده، وكذلك حلف الناتو، بأي شكل من الأشكال في الحرب، مؤكدا على العمل على الحلول الدبلوماسية، فيما لم يستعبد زعيم المعارضة تدخل حلف الناتو تحت ظروف معينة.

ومع استمرار الهجوم الروسي والتقدم البطيء الذي يحرزه الجيش على الأرض، رصدت مجلة “شبيغل” الألمانية أهم الأخطاء التي وقع فيها الرئيس فلاديمير بوتين في هذه الحرب، معززة موضوعها بآراء خبراء استراتيجيين من حلف الناتو وأيضا خبراء مستقلين.

وبحسب المجلة، فقد تمكن الناتو من متابعة العملية العسكرية بطائرات الاستطلاع، إذ هاجمت القوات الروسية أهدافا في جميع أنحاء البلاد بصواريخ كروز. وما رآه محللو الناتو بدا مألوفا، فقد بدأ الغزو، كما توقع الاستراتيجيون العسكريون في جميع أنحاء العالم، بهجوم من النوع الذي يتم تدريسه في الأكاديميات العسكرية.

أصابت الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز محطات الرادار الأرضية الرئيسية للقوات المسلحة الأوكرانية وأنظمتها الدفاعية المضادة للطائرات وقواعدها الجوية.

لم يحقق الجيش الروسي حتى الآن سيادة جوية كاملة على أوكرانيا، ولا تزال كتائبه تتعرض للهجوم الجوي من الجانب الأوكراني

ويرصد التقرير الصحافي الألماني كيف شاهدت طائرات المراقبة الغربية عدة طائرات نقل ثقيلة روسية من طراز إليوشن Il-76 تحلق في مجالها الجوي، على ما يبدو في انتظار القضاء على الدفاعات الأوكرانية المضادة للطائرات. ويفترض أنهم قد قاموا بعد ذلك بإنزال المظليين في مطار أوكراني. كانت الخطوة التالية تتمثل في قيام الطائرات المقاتلة الروسية بتدمير بقية الأسطول الجوي الأوكراني واكتساب التفوق الجوي. لكن هذا لم يحدث.

بعد ساعات من التحليق، استدارت طائرات إليوشن وعادت إلى مطاراتها الأصلية دون إكمال مهمتها. بقي الجزء الأكبر من المقاتلات الروسية على الأرض في البداية، وتراجعت الهجمات الصاروخية. يقدر خبراء الناتو أنه تم إطلاق حوالي 140 صاروخ كروز فقط استعدادا للغزو. وكان الخبراء قد توقعوا خمسة إلى عشرة أضعاف هذا العدد من الصواريخ الروسية.

تتابع المجلة أنه لاحقا ارتكب القادة الروس الخطأ الجسيم الثاني: لقد أرسلوا قوات برية إلى البلاد بالكاد محمية وفي وحدات صغيرة جدا. ويرى التقرير أن القوات المسلحة الروسية لم تتوقع مقاومة جدية من الجانب الأوكراني. على ما يبدو، صدرت أوامر للقوات بالتقدم بسرعة ومحاولة تطويق المدن الرئيسية، بدلاً من التقدم في وحدات كبيرة ومشكّلة، كما تملي العقيدة الروسية عادةً.

لم يحقق الجيش الروسي حتى الآن سيادة جوية كاملة على أوكرانيا، ولا تزال كتائبه تتعرض للهجوم الجوي من الجانب الأوكراني.

كانت الخطة الروسية على ما يبدو مفاجأة القوات الأوكرانية بتقدم سريع إلى كييف، إما اعتقال أو قتل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وتنصيب حكومة “دمية” في كييف. وجاء في التقرير “لقد وضعوا قوائم مفصلة بالإعدامات”. قتل الشخصيات الرئيسية، وبالتالي كسر المقاومة. كان هذا لتجنب الحرب التي امتدت إلى البلد بأكمله. وأكد مسؤول رفيع المستوى في المخابرات الغربية لـ”شبيغل” وجود قوائم الموت هذه، إذ يعتقد العديد من الخبراء أن القتال من منزل إلى منزل في المدن الأوكرانية لم يكن جزءا من الخطة.

كانت الخطة الروسية على ما يبدو مفاجأة القوات الأوكرانية بتقدم سريع إلى كييف، وإما اعتقال أو قتل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وتنصيب حكومة “دمية” في كييف

الحماقة الإستراتيجية

من المحتمل تماما أن يكون قادة روسيا قد وقعوا ضحية دعاية خاصة بهم بأن الأوكرانيين سيكونون سعداء بتحررهم من “النظام النازي” المزعوم. يبدو أن قلة قليلة من الناس في موسكو توقعوا مقاومة السكان، وأن عشرات الآلاف من الأوكرانيين سيحملون السلاح ويدافعون عن بلادهم.

وقد أدى التناقض الواضح في التنسيق بين مختلف أقسام القوات المسلحة إلى زيادة صعوبة التقدم، إذ ذكرت أجهزة المخابرات الغربية أن الوحدات المختلفة التي غزت أوكرانيا من الشمال لم تكن ببساطة مرتبطة تقنيا بشكل كاف، وكان على القادة اللجوء إلى الهواتف المحمولة المتاحة تجارياً والتي يسهل اعتراضها.

بدلاً من القوات الكبيرة المؤمنة بشكل جيد، تم إرسال الوحدات ذات التسليح الخفيف إلى عمق أراضي العدو دون دعم جوي. ووفقا لتقارير خبراء فإن “الأخطاء الإستراتيجية جنونية تماما فالروس لا يظهرون جيش قوة عظمى ولديهم نقاط ضعف مذهلة”. المثير للدهشة أن القوات الجوية الروسية بالكاد تدخلت في الحرب طوال الأسبوع الأول من الغزو. يعتقد الخبراء أن هذا يرجع إلى نقص الذخيرة الموجهة بدقة، ولكن أيضا لأن العديد من الطيارين الروس غير مدربين تدريباً كافياً.

بوتين يغير الخطة العسكرية

عدل بوتين إستراتيجيته في وقت سابق من هذا الأسبوع. المزيد من الصواريخ تحلق الآن، والمزيد من القنابل اليدوية، والقوات الروسية تطوق المراكز السكانية الرئيسية. وتخضع خاركيف لقصف صاروخي ومدفعي مستمر منذ يوم الإثنين. وتتزايد المخاوف من أن يقصف بوتين مدنا بأكملها وتحويلها إلى أنقاض، كما هو الحال في سوريا والشيشان، من أجل كسر إرادة القوات المسلحة الأوكرانية والميليشيات المتطوعة للقتال.

لكن المشاكل تتراكم باستمرار. طرق الإمداد تتعرض للهجوم، والبنزين والديزل والمواد الغذائية لا تصل إلى القوات المسلحة، أو تصل فقط بشكل غير كاف. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 70 في المئة من القوات الروسية في أوكرانيا ليس لديها ما يكفي من الغذاء والوقود، ويشكو الجنود من الجوع والبرد. وانطلقت قافلة عسكرية روسية يبلغ طولها 60 كيلومترا متجهة إلى كييف يوم الإثنين ولم تصل بعد إلى المدينة. وهي عالقة حاليا على بعد حوالي 30 كيلومترا من وسط المدينة.

من ناحية أخرى، يرصد التقرير الألماني نجاحا للجيش الروسي في جنوب أوكرانيا. فالجيش الروسي أكثر نجاحا هناك بكثير حيث تمكنت القوات البرية من إنشاء ممر من روسيا عبر الأراضي الأوكرانية إلى شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا. تم الاستيلاء على مدينة خيرسون الساحلية يوم الخميس. كما يبدو من الممكن إنشاء ممر بري من روسيا إلى مقاطعة ترانسنيستريا المولدوفية الانفصالية. في الوقت نفسه، تم قطع وصول أوكرانيا إلى بحر آزوف، وسرعان ما تم قطع البحر الأسود.

ويخشى المحللون أنه بمجرد إغلاق الحصار حول كييف وخاركيف، ستندفع القوات الروسية لاقتحام المدن حيث يحتاج بوتين بشدة إلى النجاح. يمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة عدد الضحايا بشكل كبير. ستكون حرب المدن عملية مكلفة للقوات الغازية، وإذا حدث ذلك، فقد تستمر الحرب لأشهر.

يتفق الخبراء على أن بوتين بالكاد يمكن أن ينتصر في هذه الحرب على المدى الطويل. قد يقهر أوكرانيا عسكريا، لكنه لن يكتسب سيطرة حقيقية لأن لديه الشعب ضده

“سيناريوهات الحرب”

يقوم الخبراء حاليا بتصميم سيناريوهات مختلفة حول كيفية استمرار الأمور. وهم يتفقون على أن بوتين بالكاد يمكن أن ينتصر في هذه الحرب على المدى الطويل. قد يقهر أوكرانيا عسكريا، لكنه لن يكتسب سيطرة حقيقية لأن لديه الشعب ضده. ويرى بعض المحللين أن بوتين قد يتمكن من تعديل أهدافه والتفاوض على سلام مع كييف والتي لن يفكر فيها إلا إذا كان بقاء نظامه على المحك. كما أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى الإطاحة ببوتين.

ومع ذلك، فإن السيناريو الأكثر ترجيحا في الوقت الحالي هو أن يسمح بوتين لجيشه بمواصلة القتال في أوكرانيا لأسابيع وشهور. أجهزة المخابرات الغربية تتوقع بالفعل “خسائر فادحة” في الأيام المقبلة. وقال مسؤول استخباراتي غربي كبير لـ”شبيغل” إن القوات المسلحة الروسية “ستحاصر المدن، وتقصفها بشدة ثم ينتقلون من منزل إلى منزل”. ويعتقد محللون أن بوتين يمكن أن يهدف إلى تقسيم البلاد واحتلال الشرق وأجزاء من الشمال، بما في ذلك كييف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابن اكسيل:

    من يتابع الاعلام الفرنسي منذ اندلاع الحرب في اوكرانيا يلاحظ وجوه مسودة و كانها نهاية العالم في حين لمًا كانت الحرب بعيدة عن اوروبا كانت الوجوه و العقول عادية …!شكرا بوتين فضحهم امام العالم

  2. يقول ابراهيم الامازيغي:

    اعتقد ان سمعة روسيا العسكرية ستتقزم بعد هذه الحرب …استطاعت أمريكا احتلال العراق بسبب دقة التخطيط وانهيار معنويات الجيش العراقي وعدم استعداده للموت في سبيل صدام حسين..أما روسيا فتخطيطها للحرب سئ للغاية.. فستواجه مقاومة شديدة من الاوكران نظرا لوجود شبه إجماع على عدالة قضيتهم إضافة لدعم الغرب لهم..

  3. يقول arkan:

    القوات الأوكرانية، أظهرت مقاومة للجيش الروسي، بصورة غير متوقعة أدهشت المحللين العسكريين, وفي اليوم التاسع للغزو الروسي على أوكرانيا، فشلت قوات موسكو في السيطرة على العاصمة كييف والمدن الكبرى باستثناء مدينة خيرسون الجنوبية، التي تواجه فيها القوات الروسية مقاومة شرسة, ويستغل الأوكرانيون أيضا البداية الفاشلة للغزو الروسي.

  4. يقول سفيان العفتان:

    خطأ بوتين إذا لم يستعمل النووي ضد الغرب اللعين.ننتظر ذلك بفارغ الصبر.يلا يابوتين لا تتأخر فلن يستطيعوا فعل شيء سوى الصراخ ثم النسيان؟

    1. يقول درقاع السفتان أبو خنة:

      كلام لمَّاح جاء في محله فعليا وارتوازيا ، أتابع تعقيباتك الرهيبة بشغف عنيف ، البلاد بأمس الحاجة إليك وإلى أمثالك ، هذه حقيقة واقعة

  5. يقول رضوان ابوعيسى:

    اظن ان امريكا ساعدت وتساعد الجيش الاوكراني بكل حذافير المعركة وبدؤوا التحضير لهذه المعركة منذ سنوات فالجيش الاوكراني النظامي وقوات الدفاع المتطوعة تدربوا بشكل دقيق على كل خطوة سيقوم بها الجيش الروسي وسبل التصدي لها او كيفية تجنبها، اظن ان المعلومات التي تجمعها امريكا لحظة بالحظة تصل الى القيادة الاوكرانية فمثلا كانوا على علم بتحركات عصابات مجرمة شيشانية ومن فاغنر دخلت العاصمة لتقوم باغتيالات لشخصيات مهمة اوكرانية وقد وصلت المعلومات الدقيقة للاوكرانيين واستطاعوا تحييد كلا العصابتين فروسيا تقاتل اوكرانية ومن خلفها امريكا!

  6. يقول هشام-المغرب:

    الحقيقة هناك امور مثيرة في هذه الحرب ! كنت أتوقع أن تقوم روسيا بمحو سلاح الجو الاوكراني والذي يتكون من مقاتلات روسية قديمة وأن تعلن سيطرتها المطلقة على الاجواء الاوكرانية مع تكثيف القصف الى جانب الصواريخ الباليستية لكل القواعد والثكتلات العسكرية الاوكرانية وتحييد كل تهديد جوي وأرضي اوكراني !! لكن روسيا أعتمدت فقط على الصواريخ الباليستية وحتى المدرعات والدبابات التي تم نشرها باوكرانيا تعتبر نوعا ما قديمة و ليست من أخر طراز الصناعة الروسية !! أمور غير مفهومة بالمنطق العسكري !! أكتب هذا وأنا لست منحازا لأي طرف ولا تهمني لا روسيا ولا أكرانيا وإن كنت أتفهم الرد الروسي ! فالاستفزاز والتحرش الغربي من خلال الناتو لروسيا ليس وليد اليوم بل بدأ فور إنهيار الاتحاد السوفياتي ورغم الاتفاقات بين الجانبين من خلال سماح روسيا بوحدة المانيا الشرقية والغربية مقابل أن لا يقوم الناتو بالتمدد شرقا إتجاه روسيا فالناتو مالبت أن خدل الاتفاق وشرع في إدراج دول اوربا الشرقية لحلفه !

  7. يقول علاء الأسمر:

    حتى الآن تعمل استراتيجية بوتين بنجاح في أوكرانيا. العدد القليل للقتلى المدنيين مؤشر على أن الروس يريدون كسب الناس وليس الحرب العسكرية، وهم سيحققون الهدفين. الهدف الثالث تعرية الغرب والتأكيد على مقولة “المتغطي بأمريكا عريان”. برغم الحملة الإعلامية الغربية ضد روسيا فإن ماكرون ومن بعده أولاف شولتس (مستشار ألمانيا) هم من يسارع للاتصال ببوتين. بالنسبة للروس المعركة العسكرية محسومة لصالحهم، فهم يقاتلون من أرضهم وإمداداتهم مؤمنة دائماً. بقيت المعركة الاقتصادية والسياسية، وهنا بدأ عض الأصابع مع الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة وهو ما لن تستطيع أوروبا وألمانيا بشكل خاص تحمله.

  8. يقول سليم:

    يا عرب تكرهون الأوربيين وتهاجرون للعيش معهم.

  9. يقول ناصر البادي:

    بوتين بدأ الحرب بمخزونه العسكر ي من الخردة فقط وبشباب الخدمة العسكرية ولم يستعمل بعد معداته العسكرية الفائقة تكنولوجيا من طائرات ودبابات ومجنزرات ولا قواته العسكرية عالية التدريب والكفاءة والمهارات !

  10. يقول احمد:

    اصبح العالم بتصرف بوتن يعيش قانون الغاب والبقاء للأقوى حينما يطرد السكان من منازلهم تحت الثلوج لمجرد تحقيق نزوة التلدد الشخصي لشخص يقود اعظم بلد كان يفترض فيه حماية
    السلم والأمن بدل ترويع سكان العالم بنقص الخبز والغاز وارتفاع الأسعار بعد أن تنفس الصعداء لسنوات من أوبئة كورونا لقد ألحق بوتن الضرر بسكان العالم كله ولنا الله في عقابه مما يرتكب من الفظائع والعالم يتفرج وكأن المشهد عرض لتجريب
    للأسلحة

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية