مجلس الأمن الدولي يجتمع عن بعد لأول مرة لبحث وباء كورونا

عبد الحميد صيام
حجم الخط
0

نيويورك – (الأمم المتحدة)- “القدس العربي”: يعقد رئيس مجلس الأمن الدولي، سفير الجمهورية الدومينيكية، خوزيه سنغر، جلسة مغلقة عن بعد حول جائحة الكورونا “كوفيد-19” اليوم الخميس. وسيشارك الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في الجلسة التي ستعقد عن طريق الدائرة التلفزيونية المغلقة CTV بسبب الظروف التي تمر بها المنظمة الدولية والعالم.
وكان مجلس الأمن قد تعرض لانتقادات من قبل بعض الدول الأعضاء والمنظمات غير الحكومية لأنه فشل في تناول موضوع الوباء منذ البداية، فتم ترحيل الموضوع إلى الجمعية العامة التي أصدرت قرارا يوم 3 نيسان/أبريل الحالي يدعو جميع الدول للتعاون في مكافحة الوباء. وكانت أكثر من مئة وتسعين منظمة غير حكومية حول العالم قد توجهت برسالة إلى الأمين العام ورئيس مجلس الأمن تحثهما على عقد اجتماع طارئ لبحث التهديد الذي يشكله الوباء على العالم والخطوات التي يجب اتخاذها من قبل المجتمع الدولي لمواجهة الوباء بطريقة جماعية. الرئاسة الصينية للمجلس خلال شهر آذار/الماضي لم تجد ضرورة لبحث الموضوع ولم تعتبره تهديدا للسلام والأمن الدوليين، حسب أقوال السفير الصيني، زانغ جون، الذي قال: “إن أعضاء مجلس الأمن يشعرون بشكل عام أن ليس هناك ضرورة للرعب في هذه الفترة. وسيبقون يراقبون الوضع. كوفيد- 19 ليس مطروحا على جدول أعمال المجلس لشهر آذار/مارس”. وأضاف أن الفيروس يقع ضمن مظلة قضايا الصحة العامة العالمية وليس تحت مظلة مجلس الأمن المهتم بالمسائل الجيوسياسية.
وسيبحث المجلس في جلسته الأولى اليوم مسألة تهديد جائحة كوفيد-19 أهي تهديد للأمن والسلم الدوليين، أم أن تهديدها يقتصر على الجانبين الاقتصادي والصحي؟ سيعقد وستبدأ الجلسة بكلمة للأمين العام أنطونيو غوتيريش حول آخر المستجدات المتعلقة بانتشار الوباء والآثار الاقتصادية والاجتماعية والصحية على العالم أجمع وخاصة الدول النامية.

وقد ظهرت خلافات بين أعضاء المجلس قبل عقد الجلسة حول المخرجات المتوقعة من المجلس. وهناك عدد من المبادرات المقترحة ليتبناها المجلس حول الجائحة من بينها مبادرة من دولة أستونيا، وهي واحدة من الدول العشر غير دائمة العضوية، لتبني المجلس بيانا صحافيا. إلا أن عددا من الدول رأت أن البيان يذهب في نصه إلى أبعد من صلاحيات المجلس المتعلقة بالأمن والسلم الدوليين. أما فرنسا فقادت مبادرة متعلقة بعناصر مشروع قرار ناقشته مع الدول الخمس دائمة العضوية، لكن لم يكن هناك تقارب بين وجهات النظر وخاصة مع الإصرار الأمريكي على وصم الوباء بالصيني من خلال ذكر مصدر ظهوره لأول مرة. وقد أشيع أن تونس تقدمت للمجلس بصيغة مشروع قرار حول الوباء وسبل مواجهته إلا أن مصدرا دبلوماسيا عربيا نفى لـ”القدس العربي” أن يكون هناك مشروع تونسي، مؤكدا أن تونس منفتحة على كافة المبادرات وتريد أن ترى المجلس موحدا في موقفه من مواجهة الوباء. وقال المصدر إنه من غير المتوقع أن يصدر عن المجلس أي قرار أو بيان على الأقل في هذه الجلسة إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية الاجتماع.

وفي هذا السياق، رجح مصدر دبلوماسي في مجلس الأمن أن تركز الجلسة على عدد من الأمور لمحاولة فهم المواقف الرسمية للدول وتوجهاتها ليس فقط في محاربة الوباء بل في تأثيره على عدد من القضايا من بينها تقديم المساعدات الإنسانية في مناطق النزاعات، وآخر المستجدات حول مبادرة غوتيريش، التي أطلقها يوم 23 آذار/مارس الماضي، ودعا فيها إلى وقف شامل وفوري لإطلاق النار في كل مناطق النزاعات كي يتحد العالم بمن فيهم المتحاربون لمكافحة انتشار الوباء.
الأمين العام من جهته سيركز على الأخطار الاقتصادية والاجتماعية وخطط التنمية التي يشكلها الوباء وخاصة على المجتمعات الهشة والشرائح الضعيفة مثل الأطفال والنساء والمهاجرين. ويذكر في كلمته التي وصل “القدس العربي” نسخة مسبقة منها قبل إلقائها في المجلس ويقول فيها : ” إن COVID-19 ليس فقط تحديًا للأنظمة الصحية العالمية، ولكنه أيضًا اختبار لروحنا البشرية. يجب أن تؤدي صفقات الانتعاش الاقتصادي إلى عالم أكثر مساواة وأكثر مرونة في التعامل مع الأزمات المستقبلية. إن الحوافز المالية التي تم إقرارها في العديد من الدول كتدابير وإجراءات طوارئ لمعالجة الثغرات في الصحة العامة للتخفيف من آثار الجائحة يجب أن تشمل النساء والفتيات – وشمولهن يعني تمثيلهن وضمان حقوقهن الاجتماعية والاقتصادية والمساواة والحماية. هذا الشمول ليس فقط حول تصحيح التفاوتات القديمة ولكن أيضًا حول بناء عالم أكثر عدالة ومرونة. أنه لمصلحة النساء والفتيات فحسب، بل لصالح الشباب والرجال”.
وتركز كلمة غوتيريش، إضافة إلى وقف إطلاق النار والمساعدات الإنسانية، كذلك على قضية العنف الأسري التي باتت تتعرض له النساء والفتيات بنسب أعلى في ظل الحجر المنزلي الذي يشهده العالم. وكان الأمين العام قد أطلق مبادرة في هذا السياق بداية الأسبوع الحالي حث فيها الحكومات على اتخاذ خطوات ضد العنف المنزلي من ضمن خططها الوطنية التي تطلقها لمكافحة وباء كورونا.
وكان مجلس الأمن في السابق قد تبنى بالإجماع في 18 أيلول/سبتمبر عام 2014 القرار 2177 حول انتشار إيبولا، معتبرا أن انتشاره غير المسبوق في أفريقيا يشكل تهديدا للأمن والسلم الدوليين في المستقبل . وكذلك اعتمد في العام 2000 القرار 1308، حول مرض نقص المناعة المكتسبة(أيدز).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية