نيويورك – دمشق – «القدس العربي»: بعد استخدام روسيا حق النقض (فيتو) في مجلس الأمن الدولي، قالت سوريا إنها ستسمح للأمم المتحدة بمواصلة إيصال المساعدات الإنسانية من تركيا إلى المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في البلاد، والتي تشهد حرباً أهلية منذ أكثر من عقد.
وكان سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بسام الصباغ كتب رسالة إلى أقوى هيئة في الأمم المتحدة في وقت متأخر الخميس، قال فيها إن الحكومة السورية قررت منح الأمم المتحدة ووكالاتها الإذن باستخدام معبر باب الهوى الحدودي. وأكدت الأمم المتحدة استلام الرسالة التي اطلعت عليها وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ). ويسري الإذن لمدة ستة أشهر.
وفي السنوات القليلة الماضية، شدد رئيس النظام السوري بشار الأسد على إغلاق المعابر الحدودية، من أجل استعادة النفوذ على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة بالبلاد. ويشكك بعض الناشطين بالمعارضة السورية في دوافع خطوة حكومة الأسد.
وقال ياسر الفرحان، وهو شخصية معارضة سورية ومدافع عن حقوق الإنسان، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن “النظام السوري بهذه الطريقة يحاول تبييض وجهه أمام المجتمع الدولي، ويقول انظروا نحن لا نعترض طريق المساعدات”.
وقالت مجموعة من محامين بالمعارضة السورية ومدافعين عن حقوق الإنسان وسياسيين، في التماس أُرسل أمس الجمعة: “نحن لا نريد أن تظل المسائل الإنسانية رهينة أيدي الروس”.
وحذروا من أن إعاقة تسليم مساعدات إنسانية كافية، عبر الحدود إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، سيؤدي إلى موجات جديدة من اللاجئين من شمالى سوريا إلى دول مجاورة، وحينئذ إلى أوروبا وغيرها.
وكتب مقدمو الالتماس: “نؤكد أن إعلان نظام الأسد بإمكانية عبور المساعدات الحدود لفترة ستة أشهر لا تعني سوى مخطط جديد يهدف إلى الالتفاف على قرارات الأمم المتحدة ومواصلة سياساته بإعاقة الجهود الدولية لإنقاذ السوريين ومساعدتهم”.
وخلال الأيام الأخيرة، انقطعت الإمدادات عن ملايين الأشخاص المحتاجين في شمال غربي سوريا بعد أن استخدمت روسيا حق النقض في مجلس الأمن ضد تمديد الآلية لمدة تسعة أشهر. كما فشل اقتراح مضاد قدمته موسكو، كان من شأنه أن ينص على التمديد لمدة ستة أشهر. وتعتبر روسيا أحد أقرب حلفاء الحكومة السورية.
«باب الهوى» المعبر الوحيد
ووفقًا للأمم المتحدة، يمر 85% من جميع البضائع المتجهة إلى الشمال الغربي، عبر معبر باب الهوى الحدودي، المغلق منذ مساء الاثنين. وتقول الأمم المتحدة إن 4.1 مليون شخص في هذه المنطقة بحاجة إلى المساعدة. وبعد الزلزال الشديد الذي ضرب سوريا وتركيا قبل بضعة أشهر، فتح الأسد مؤقتا معبرين حدوديين آخرين مع تركيا، مازالا مفتوحين وهما معبر باب السلام ومعبر الراعي. ومع ذلك، فإن معبر باب الهوى أكثر أهمية.
وتبنى مجلس حقوق الإنسان، قراراً يطالب النظام السوري بالالتزام بمسؤولياته تجاه جميع المدنيين في مناطق سيطرته، بمن فيهم اللاجئون والنازحون العائدون.
وقدم القرار كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وقطر وتركيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بهدف دعم جهود محاسبة النظام السوري على انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
ووفقاً لموقع الأمم المتحدة (UN)، فقد اعتمد القرار، الخميس، ضمن فعاليات الدورة الثالثة والخمسين للمجلس التابع للأمم المتحدة في جنيف، داعياً النظام السوري لحماية اللاجئين والنازحين العائدين من انتهاكات حقوق الإنسان، والمساعدة على خلق الظروف المؤاتية لعودة اللاجئين.
ونص القرار على ضرورة “أن تتسق عمليات استعادة الممتلكات التي تشترطها السلطات وبالأخص حكومة النظام السوري، مع مبادئ استرداد الملكيات والمنشآت السكنية للاجئين والنازحين، على أن تراعي المساواة وخصوصاً تجاه النساء” كما طالب كافة الأطراف بإطلاق سراح الأشخاص المخفيين قسراً في سوريا وتقديم معلومات دقيقة لعائلات المفقودين بشأن مصيرهم وأماكن وجودهم.
ميدانياً: إصابة امرة
أصيبت امرأة واندلع حريق، أمس الجمعة، نتيجة قصف مدفعي لقوات النظام السوري، استهدف مدينة سرمين بريف إدلب شمال غربي سوريا.
ميدانياً، قال نائب مدير الدفاع المدني السوري منير مصطفى لـ “القدس العربي” إن قوات النظام شنت هجمات صاروخية ومدفعية على أطراف مدينة سرمين في ريف إدلب الشرقي ما أدى الى إصابة امرأة بجروح، واندلاع حريق في المدينة، كما تعرضت بلدة آفس بريف إدلب، لقصف مماثل.
واعتبر مصطفى أن هذه الهجمات هدفها “تقويض استقرار المدنيين، وخلق حالة من الذعر” مبيناً أن التصعيد العسكري مرتبط بأوضاع سياسية ويتكرر مع كل استحقاق سياسي، كما أن هذه الهجمات هي هجمات ممنهجة، فالمشهد يتكرر من 12 سنة ولم يتغير، دائما نكرر ونجدد مطالبنا بالمحاسبة لأنها الوسيلة الوحيدة لإيقاف هذه الهجمات.
وقال: قبل يومين استهدفت قوات النظام بصاروخ موجه فريق الإنقاذ والدفاع المدني السوري أثناء الاستجابة لإنقاذ المدنيين بمنطقة الأتارب وأدى لمقتل متطوع.
وبحسب مصادر محلية، فإن قوات النظام السوري والميليشيات المساندة له، قصفت بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ مدينة سرمين، كما قصفت قوات النظام بشكل مماثل قرية معارة عليا جنوب إدلب ومحيط قرية النيرب في الريف ذاته، كما تعرضت بلدة الفطيرة، وقرية آفس جنوب وشرق المدينة لقصف مدفعي مكثف. وقالت المصادر إن القصف خلّف أضرارًا مادية كبيرة في الممتلكات الخاصة والعامة، وحريقاً في أحد المنازل السكنية في مدينة سرمين جنوب شرق المحافظة.
وتزامن القصف الصاروخي والمدفعي مع تحليق مكثّف لعدد من طائرات الاستطلاع الروسية والتابعة لقوات النظام وإيران في أجواء المناطق التي تعرضت للقصف.
وكان ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻧﺸﺮﻩ “ﺍﻟﻤﺮﻛﺰ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﺀﻟﺔ” (SJAC ) ﺍﻟﺤﻘﻮﻗﻲ، قد كشف أن قوات النظام السوري ﻭﺭﻭﺳﻴﺎ ﺍﺳﺘﻬﺪﻓﺘﺎ ﻣﺨﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺯﺣﻴﻦ ﺩﺍﺧﻠﻴًﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺘﻌﻤﺪ ﻭﻣﺘﻜﺮﺭ.
وحمل تقرير المركز أدلة أثبتت أن مجتمعات النازحين داخليا تعرضت للقصف بشكل متكرر في الفترة بين عامي 2014 ﻭ 2022، من قبل قوات النظام وروسيا، على الرغم من علم تلك القوات أن تلك القوات أن المدنيين اتخذوا من الخيام مأوى لهم.