لنتخيل للحظة أن يجتمع قادة دول الاتحاد الأوروبي فلا يبحثون مسألة خروج بريطانيا منه؟!! أو دعنا نخففها قليلا فنقول إنهم اجتمعوا في عز عاصفة تعصف باتحادهم فيقررون النأي بأنفسهم عنها وكأنها ليست موجودة؟!!
طبعا هذا لم يحدث ولن يحدث ولكن عندنا حدث وسيحدث. يمكن فقط النظر إلى القمة الخليجية الأخيرة في الرياض وتلك التي سبقتها قبل عام في الكويت: يجتمع ممثلو دول «مجلس التعاون الخليجي» الست فلا يكتفون بعدم التطرق إلى الأزمة الكبيرة التي قسمته إلى تجمع 3» ضد 3» أو تجمع 3» ضد 1 زائد 2» وكلها إشارات إلى قرار الحصار أو المقاطعة التي قررتها قبل عام ونصف كل من السعودية والبحرين والامارات ضد قطر وجعل الكويت وعمان في موقف صعب، وإن بديا تدريجيا أكثر ميلا لقطر في قضية لم يريا فيها شيئا من الوجاهة الأخلاقية والسياسية والاستراتيجية.
كان بإمكان القادة الخليجيين الذين حضروا إلى الكويت قبل عام وإلى الرياض قبل أسبوع
أن يخوضوا كما يشاؤون في هذه الأزمة التي تنذر بتشظي المجلس الذي تأسس عام 1981 ثم يكتفون بعد ذلك بالاشارة الخاطفة لها في بيان ختامي أو حتى عدم إصداره حفظا لماء الوجه وابتعادا عن صياغات ملتوية لا تقنع أحدا لكنهم اختاروا أمرا مختلفا، التجاهل الذي يخفي العجز وقلة الحيلة.
هم لم يكتفوا بتجاهل أزمة المجلس العويصة وقرب انفراط عقده رسميا، عدا تلك الاشارة السريعة المثقلة بالحزن التي وردت في كلمة أمير الكويت الوحيد الجالس على الطاولة من القادة المؤسسين، بل مضوا يدبجون بيانا ختاميا سرياليا لا علاقة له البتة بما يجري على أرض الواقع. لقد بدوا كذاك المريض الذي يعلم أنه في العناية المركزة ولكنه لا يمانع في إرسال تقرير طبي إلى جهة عمله يقول لهم إنه في أكثر حالاته قوة وعافية فلا تعلم إن كان بذلك يغش نفسه أم غيره؟؟.
كان يفترض أن تعالج المشكلة مع قطر بمعنى السعي الجاد إلى تسوية ما، أو الاعتراف بالمأزق الحالي الذي جعل المجلس في حال أقرب إلى الموت السريري
يقال عن هذا السلوك مثل النعام التي تدس رأسها في الرمل خوفا وجبنا عوض مواجهة الخطر التي تواجهه، وهو مثال غير صحيح، يقول العارفون، لأن النعام إنما تفعل ذلك لرصد وقياس مدى الخطر الذي يتهددها. قادة دول الخليج لم يغرسوا رؤوسهم لا لهذا السبب ولا لذاك ولكنهم فعلوها بكلام إنشائي يتكرر في كل مناسبة دون أن يقنع أحدا.
وإذا ما استثنينا كلام وزير الخارجية السعودي في مؤتمره الصحافي الذي أعقب قمة الرياض الأخيرة والذي أعاد فيه كلاما سابقا عن قطر وضرورة تغيير سياساتها والتزامها بالمطالب التي قدمتها كل من بلاده والبحرين والامارات ومصر، وهي بالمناسبة دولة غير خليجية، فإن لا أحد من الحاضرين سمى الأسماء بمسمياتها، ولا حتى الأمين العام لمجلس التعاون الذي اختار أن يصطف عوض أن يصفي الأجواء ولو بكلمات مجاملة عامة يحتمها منصبه على الأقل.
إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.. هكذا كان يفترض أن تعالج المشكلة مع قطر بمعنى السعي الجاد إلى تسوية ما، أو الاعتراف بالمأزق الحالي الذي جعل المجلس في حال أقرب إلى الموت السريري. لم يحصل لا هذا ولا ذاك رغم ما بذلته الكويت من جهود في إطار وساطة أميرها الذي اقترح على الأقل وقف الحملات الاعلامية بين المتخاصمين كخطوة أولى.
حصار قطر ليس المشكل الوحيد بين دول المجلس، وإن كان الأعوص حاليا، فهناك توتر عماني إماراتي بسبب مماحكات حدودية ولعب في حرب اليمن يضر بالسلطنة ومناطق نفوذها التقليدية هناك، كما يوجد توجس كويتي مما يمكن أن يلحقه من ضرر محتمل بعد الزيارة الأخيرة لولي العهد السعودي إليها وتهديده المبطن له بخصوص المناطق الحدودية الغنية بالنفط بين البلدين. ومع ذلك، ترى البيان الختامي للقمة وكأن المجلس يعيش أبهى سنوات إنجازاته.
ليت الأمر توقف هنا بل إن هناك من الصحافيين والمعلقين الخليجيين من اختار النهج نفسه رغم أنه يفترض أن يكون هؤلاء أكثر صراحة وجرأة في معالجة هذه الأزمات، فهذا باحث في العلاقات الدولية يقول مثلا إن «حضور قطر للقمة الخليجية بشكل أو بآخر يعني أن ما يجري بين قطر ودول الخليج هو مجرد تباين وليس خلافا (..) وهذا التباين مع قطر يؤثر على المجلس، ولكنه لا يتسبب في تدميره أو إفراغه من مضمونه»، وهذه كاتبة ترى أنه «رغم استمرار الخلاف الخليجي، إلا أن هناك بوادر مشجعة على عودة المياه إلى مجاريها ولو بشكل تدريجي بدليل حضور قطر، ولو بتمثيل دبلوماسي أقل من مستوى قيادة الدولة، وهذا أمر مريح يدفع لأمل أكبر». هل هذا مقنع؟!!
كاتب وإعلامي تونسي
الاستاذ محمد كريشان تحية لك
كل امر يبنى على اسس غير صحيحة يبقى مجرد ديكور فقط ,ومجلس التعاون الخليجي انشا فقط ليكون ديكور وكل دوله تعلم ذلك فهم دوما على خلاف في امور عديدة ولم يحلوا اي مشكلة سابقا فحتى المشاكل الحدودية تعرض على محاكم اممية,وعلينا ان لا ننسى الطباع القبلية لقادة تلك الدول وكذلك شعوبها
مجلس التعاون الخليجى تكون لمحاربة ايران ، الدولة المسلمة ، ونراهم الآن فى خلافات وحصار ، وحتى السعودية والإمارات والبحرين ، تراهم جميعا وقلوبهم شتى.
سياسات مجلس التعاون الخليجي ليست فقط قائمة على تجاهل المشاكل عوض حلها بل على
اختلاق المشاكل و دفن الرأس في الرمال وكأن شيء لم يحصل .