الرباط –« القدس العربي»: صادق مجلس النواب المغربي بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالخدمة العسكرية، وذلك في جلسة عمومية أول أمس الأربعاء ، ليضع حداً أثاره المشروع حول عودة الخدمة العسكرية الإجبارية التي سبق أن تخلى عنها المغرب سنة 2006 بعدما عمل بها منذ سنة 1965 وليعود إليها عبر تجنيد أول فوج ابتداء من أيلول/ سبتمبر المقبل، وتمت المصادقة بتأييد جميع الفرق النيابية، باستثناء النائبين عمر بلافريج ومصطفى الشناوي عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، وفي غياب قبول أي من التعديلات الجوهرية التي تقدمت بها فرق الأغلبية والمعارضة.
مبدأ المساواة
ورفض الوزير المكلف بالدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، خلال التصويت على المشروع بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، التعديلات المقترحة من قبل فرق الأغلبية والمعارضة ،ومن ضمنها أن تكون إمكانية تجنيد النساء بناء على رغبتهن، وبناء على ذلك فالقانون الجديد لم يستثن النساء من التجنيد الإجباري وتم تبرير رفض التعديل الذي اقترحته الأغلبية بكون الدستور ينص على مبدأ المساواة بين النساء والرجال، واستناداً إلى الخطاب الملكي في افتتاح السنة التشريعية الجارية الذي أكد فيه على مبدأ المساواة في الولوج إلى الخدمة العسكرية بين الذكور والإناث، وبين مختلف الفئات كذلك .
واعتبر خلال تقديمه للمشروع، أن المشروع يهدف إلى إذكاء روح الانتماء للوطن وتعزيز معاني التضحية ونكران الذات، مشيداً بـ»الانخراط الإيجابي لأعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان أثناء مناقشة هذا المشروع المتعلق بالخدمة العسكرية»، معتبراً أن التعديلات التي تقدم بها أعضاء اللجنة ساهمت في إغناء مضامين مشروع القانون وتحقيق الإجماع حوله، وأكد الوزير أن العودة للعمل بالخدمة العسكرية يأتي تنفيذاً للتعليمات الملكية وانسجاماً مع أحكام الدستور الذي ينص على مساهمة المواطنات والمواطنين في الدفاع عن الوطن ووحدته الترابية تجاه أي عدوان أو تهديد.
وأوضح الوزير لوديي أن المشروع يروم فتح فرص اندماج الشباب المغربي في الحياة المهنية والاجتماعية عبر منح المجندين تكويناً عسكرياً ومهنياً، وتربيتهم على التحلي بالانضباط والشجاعة وتقوية روح الالتزام والمسؤولية، واحترام المؤسسات وتنظيم الوقت واستثماره، مشيراً إلى أنه من أجل توضيح هذه الأهداف وتفسير مقتضيات المشروع والنصوص التطبيقية المتعلقة به سيتم إيلاء أهمية كبيرة للتواصل مع المواطنين عبر فتح بوابة على الإنترنت واللجوء إلى وسائل أخرى للتواصل، وهي وسائل ستمكن- على حد تعبير الوزير- من إبراز مختلف مجالات التكوين والمساطر المتبعة لاختيار المجندين، بالإضافة إلى كل المعلومات التي يمكن أن يحتاجها المعنيون بالخدمة العسكرية.
وينص القانون على إخضاع المواطنات والمواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و 25 سنة للخدمة العسكرية خلال مدة محددة في اثني عشر شهراً ، مع إمكانية المناداة على الأشخاص البالغين أكثر من 25 سنة والذين استفادوا من الإعفاء لأداء الخدمة العسكرية إلى حين بلوغهم 40 سنة.
الحكومة ترفض
ورفض الوزير جل المقترحات التي تقدمت بها فرق الأغلبية والمعارضة، من قبيل اشتراط أداء الخدمة العسكرية في الولوج إلى الوظيفة العمومية، وإمكانية تجيند النساء بناء على رغبتهن، كما رفضت الحكومة في شخص ممثلها تعديلاً آخر يتعلق بمنح المجندين شهادات حول التكوينات التي تلقوها في إطار الخدمة العسكرية. وفي المقابل وافق على تمكين المجدين في إطار الخدمة العسكرية من الحق في المشاركة في المباريات التي يتم فتحها، على أن يبقى المقبولون في هذه المباريات رهن إشارة الدفاع الوطني خلال مدة الخدمة العسكرية .
وقال عمر بلافريج، النائب البرلماني عن فدرالية اليسار الذي صوت رفقة زميله بالحزب مصطفى الشناوي ضد مشروع القانون الذي حاز تأييد جميع الفرق النيابية، إن تصويته الرافض يرجع لعدم تجاوب الحكومة مع التعيديلات التي تقدم بها رفقة زميله، حيث طلبا بعدم التنصيص على إلزامية الخدمة العسكرية وفتحها بشكل اختياري في وجه الشباب، وذلك في إطار التلازم بين الدفاع عن الوطن وحقوق الإنسان.
وقال لـ«القدس العربي»، أنه وزميله طالبا بمنح تحفيزات للأشخاص الذين قضوا مدة الخدمة العسكرية في إطار من التفاني والانضباط ، كأن تمنح لهم الأولوية في تولي الوظائف العمومية.
ويرتقب، حسب لوديي، أن يكون الفوج في حدود 10 آلاف مجند من الشباب والشابات، الذين تترواح أعمارهم ماب ين 19 و 25 سنة، مؤكداً أن إمكانيات الدولة لا تسمح بتكوين أكثر من 10 آلاف سنوياً، كما أوضح خلال المناقشة العامة للمشروع أن المغرب سيبدأ في تدريب أول فوج من الشباب ابتداء من أيلول/ سبتمبر 2019.
جدل واسع
وخصصت الحكومة للفوج نحو 50 مليار سنتيم كميزانية لما ستتطلبه الخدمة العسكرية من تعويضات وأجرة وأكل ولباس وتغطية صحية، فضلاً عن تأهيل مراكز للتكوين والتدريب خاصة بهذا الفوج.
وأثار مشروع القانون جدلاً وسط فاعلين مدنيين وسياسيين وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي أكبر هيئة حقوقية في المغرب، أن العودة للعمل بالتجنيد الإجباري تتنافى وروح حرية الفكر والضمير والوجدان والحق في الأمان الشخصي، وتتعارض والغايات المعلن عنها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، أما الفضاء الأزرق فقد اجتاحته موجة رفض خلال إثارة التجنيد الإجباري الصيف المنصرم، واعتبر نشطاء أن المشروع لا يمكن أن يكون جواباً على أزمة البطالة المتفشية في صفوف الشباب وتفاقم ظاهرتي الهجرة السرية والشرعية في صفوفهم. وانضم لصفوف الرافضين مشجعو كرة القدم، فقد تشاطرت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لشباب يرددون أغاني خلال مباريات يعبرون عن رفضهم الخضوع للتجنيد الإجباري .