فرنسا-“القدس العربي”-وكالات: انطلقت قمة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى رسميا مساء أمس السبت في مدينة بياريتز الساحلية جنوب غرب فرنسا. ومن المتوقع أن تشهد القمة مزيدا من النزاعات بين ترامب والحلفاء داخل المجموعة، وبينهم الدولة المضيفة. ويتابع الرأي العام العالمي أعمال القمة وينتظر منها حلولا عملية للأزمات التي تهز العالم من الحرب التجارية إلى إيران وحرائق الأمازون.
وفرضت حرائق غابة الأمازون الهائلة نفسها في اللحظة الأخيرة كقضية رئيسية على جدول الأعمال في اليوم الأول من القمة. وستكون هذه الكارثة البيئية على جدول أعمال المناقشات في العشاء الذي سيحضره الرئيسان الفرنسي والأمريكي إيمانويل ماكرون ودونالد ترامب، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورؤساء الحكومات البريطاني بوريس جونسون والإيطالي جوزيبي كونتي والياباني شينزو آبي والكندي جاستن ترودو.
وينتظر آلاف الدبلوماسيين والصحافيين الحاضرين في موقف الرئيس الأمريكي الذي لا يمكن التكهن بسلوكه، من القضايا الخلافية الأخرى.
وقبل أن يتوجه إلى القمة بدا متفائلا. وقال للصحافيين “أعتقد أن ذلك سيكون مثمرا للغاية”.
لكنه لوح بفرض رسوم جمركية على واردات بلاده من النبيذ الفرنسي، ردا على الخطوة التي اتخذتها باريس مؤخرا بفرض ضرائب على شركات الخدمات الرقمية، والتي ترى واشنطن أن من شأنها الإضرار بكبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية.
ومن المتوقع أن تتطرق أعمال القمة، إلى مسألة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست” المقرر في الحادي والثلاثين من تشرين الأول/أكتوبر المقبل. وسيلتقي رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون زعماء آخرين من أوروبا في الوقت الذي يستمر فيه الخلاف بشأن اتفاق الخروج، وخاصة ما يتعلق بمسألة الحدود بين ايرلندا الشمالية (التابعة لبريطانيا) وجمهورية ايرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي بعد اتمام بريكست.
وتأتي القمة في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دفع كبرى الديمقراطيات الاقتصادية في العالم، إلى بذل المزيد من الجهد لمواجهة تداعيات التغير المناخي، وقد استشهد بالحرائق في غابات الأمازون للفت النظر للحاجة الماسة للتحرك في هذا الاتجاه.
وعلى الرغم من ذلك، أعرب الرئيس الأمريكي عن تشككه في أن السلوك البشري هو السبب وراء التغير المناخي، وأكد دعمه للرئيس البرازيلي اليميني جاير بولسونارو، الذي انتقده ماكرون بشدة.
وكان ترامب أثار غضب جماعات البيئة لانسحابه العام الماضي من اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ، والتي تهدف إلى الحد من الارتفاعات العالمية في درجات الحرارة الناتجة عن الانبعاثات الكربونية.
كما يأتي ترامب إلى قمة “السبع الكبار” في خضم تصاعد الحرب التجارية مع الصين، ولم يفلح البيت الأبيض في إقامة جبهة من الحلفاء في الحرب مع بكين.
وبدلا من ذلك، اكتسبت الولايات المتحدة عداء شركائها التقليديين، والمثال الأخير على ذلك هو إلغاء الرئيس الأمريكي زيارة كانت مقررة للدنمارك، العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، بسبب رفض كوبنهاغن بيعه جزيرة غرينلاند.
ولعل من النقاط الأساسية التي ينبغي متابعتها خلال القمة ست منها:
-اختبار للغرب
تمر مجموعة السبع بمرحلة صعبة. فهذا النادي للقوى الليبرالية الكبرى الذي يواجه معارضة لهيمنته من قبل القوى الجديدة، يعاني من انقسامات داخلية خصوصا منذ انتخاب دونالد ترامب في الولايات المتحدة.
هل ستكون فعالة بشأن الأزمات الحالية الكبرى؟ يحاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحقيق ذلك عبر دعوة دول أخرى مثل الهند والتحرر من البيان الختامي. وقال “بدلا من التفاوض على تصريحات سنحاول تحقيق تقدم حول تحالفات” بين دول نواياها حسنة.
وهو يأمل بذلك تجنب الإخفاق الذي شهدته القمة الأخيرة في كندا عندما رفض ترامب البيان الختامي بعدما قام بتوقيعه.
-محور جونسون ترامب
سيكون هذا اللقاء أول قمة دولية يحضرها بوريس جونسون بصفته رئيسا للحكومة البريطانية، قبل أسابيع من موعد خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي في 31 تشرين الأول/أكتوبر.
وستكون تصريحاته بشأن الخروج من التكتل الأوروبي موضع متابعة دقيقة، لا سيما وأنه سيعقد لقاء على انفراد مع ترامب الذي يضاعف التصريحات القاسية بحق الاتحاد.
هل سينبثق عن القمة محور “جونسون-ترامب” يؤدي إلى انعكاسات متتالية على الملفات الدبلوماسية الأخرى؟
وقال مصدر دبلوماسي بريطاني الجمعة “أعرف أن شائعة تفيد أننا سنغير موقفنا بعد اللقاء مع الرئيس الأمريكي لكنكم لن تروا تغييرا جذريا في مقاربتنا”.
-غابات الأمازون تحترق
فرضت الحرائق التي تشهدها منذ أيام غابة الأمازون “رئة العالم” نفسها على جدول أعمال القمة. وبعد اتهام الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو “بعدم التحرك” قرر ماكرون وجونسون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تولي معالجة المشكلة التي أصبحت “أزمة دولية”.
وقال ماكرون للموقع الاخباري الالكتروني “كونبيني”: “سنحاول تعبئة العالم لجمع تبرعات من أجل إعادة تشجيرها في أسرع وقت ممكن”. ويريد الرئيس الفرنسي الذي يضع المناخ “في صلب مجموعة السبع” الحصول على تعهدات من القادة، بمن فيهم ترامب المشكك في النظريات حول البيئة، تمهيدا لقمة الأمم المتحدة للأرض في أيلول/سبتمبر المقبل.
-تظاهرات وأعمال عنف
تخضع كل منطقة بلاد الباسك وبالتحديد منتجع بياريتس لإجراءات أمنية مشددة تتمثل بانتشار 13 ألفا ومئتي شرطي ودركي يدعمهم الجيش.
ويفترض أن تنظم تظاهرة مسموح بها وتضم كل معارضي مجموعة السبع، السبت لكن السلطات تخشى وقوع أعمال عنف خصوصا في مدينة بايونا القريبة من بياريتس.
ويقول منظمو التظاهرة التي ستجرى بين أينداي وايرون (اسبانيا) مشاركة عشرة آلاف شخص على الأقل.
-الأزمة النووية الإيرانية
يأمل ماكرون في أن ينتزع من نظرائه مبادرات تهدئة في الأزمة الإيرانية من أجل إنقاذ الاتفاق الدولي الموقع في 2015 حول البرنامج النووي الإيراني. وانسحبت الولايات المتحدة من هذا الاتفاق بينما تهدد طهران بالخروج منه تدريجيا.
والتقى ماكرون الجمعة في باريس وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي قال إن الأمور “تسير في الاتجاه الصحيح”.
-الحرب التجارية
استؤنفت بقوة الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، التي يمكن أن تؤثر على كل العالم.
وتبادل البلدان فرض رسوم جمركية عقابية. فقد زادت بكين الرسوم على بضائع أميركية بقيمة 75 مليار دولار ردا على زيادة الولايات المتحدة الرسوم على بضائعها في الأول من آب/أغسطس.
وما كان من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلا ان رد بالإعلان عن زيادة جديدة في الرسوم على سلع صينية بقيمة اجمالية تبلغ 550 مليار دولار.
وفي مواجهة هذه القضايا الراهنة الكثيرة، سيحاول المنظمون الفرنسيون الدفع قدما بملفات أخرى مثل مكافحة اللامساواة والتعليم في افريقيا وحماية المحيطات.
ويأمل المنظمون في التوصل إلى “مبادرات ملموسة” مع القادة المدعوين مثل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ورؤساء ست دول افريقية.