مجموعة ومضات قصصية

1
عشاء مدبّر
أشاحت بوجهها، قرأه على عجلة ، كانت الكلمات تظهر جلية بلا تفسير، تململ قليلا.. سحب الخاتم من خنصره وضعه على المائدة، غادر بدون أن يودعها.
2
روائح خيانة
ضمهم مجلس واحد؛ عشرة من رؤوس القوم، لم ينبسوا ببنت شفة، أطرقوا أرضا. طفل يحبو عبث بصمتهم أطلق صراخه بعد أن ملأ المكان بروائح المغص الذي استمر معه ثلاثا بدون أمل.
3
ضيافة على شرفه
جميلة حتى الثمالة؛ قالها وهو يرشف كأسه بانتشاء.. تمدد أطلق يديه للهواء نظر في سحب الدخان ترنح جليسه يسارا؛ أخبره عن اسمها، استل سكينه.. ذبحه ومضى بدون أن يلتفت.
4
عواطف مُبْتَذَلة
كان خلف القضبان كطفل وديع يذرف الدموع بلا توقف، خرج بعد حين؛ حصد رؤوسهم وعاد إلى أريكته المفخخة بالدموع.
5
كيدهن
قبّل التفاحة قبل أن يقضمها؛ فكر كثيرا..اقتربت شيئا من فمه.. مات بسمها
6
تغييب قسري
نظر بلا توقف في الفضاء البعيد.. امتد.. وامتد حتى وقت مضاعف؛ صدفة جعلت مَن حوله: يغمضون جفنيه حتى يكتفي بالحقيقة.
7
فؤاد فارغ
أحبها حتى الموت؛ مجنونة بلا رحمة: شقت فؤاده؛ مليء هو بأخريات.
8
لم يتوقف رنين الهاتف؛ تلقفته بدون أن تنظر فيه؛ سمعته يقسم أنه لن يعود للبيت مجددا، أغلقته ونامت.
9
بدل ضائع
كان يجري مهرولا، شيء ما يطارده؛ الطريق ملتوية لا تتوقف كأنه يصارعها وهي تغتاله.. فجأة وقع في حضنها، استسلم لنهايته، صار اسمه معلقا في قوائم المفقودين.
10
هي
طوال الليل يغني محاولا تذكر الاسم الضائع، الصور المعلقة على حائطه لا تكفي، الذكريات، البحر، القاتل؛ نادل المطعم، و.. هي.. أدرك بعد أن رحلت: أنها هي
11
طبيبة
انتظرها كثيرا.. نفسه اللاهث، زفيره اللاهب، عيناه الجاحظتان، تبحثان عن شيء ما. أصغى سمعه لصوت خطواتها الهادئة، ببحة متقطعة: نادية ..نادية! هرعت؛ لحقها الممرضون: أشار بيده نحو قلبه؛ صرخت أحضروا الأجهزة.. تدلى رأسه على صدرها لفظ اسمها وهو يبتسم. عانقته طويلا ..ندمت ليتها لم تتركه. استقالت وحجرت أحلامها
12
سعدون
يحب الصباح كثيرا؛ فهو خفير مدرسة الأطفال يرى الشمس في وجوههم تشرق من ركن آخر، لم يرزق بأبناء، ينادونه «بابا» ليلى الطفلة المدللة تكرهه، بينما تبناها في قلبه كأنها من صلبه العقيم! انتقلت إلى مدرسة أخرى، فكر أن يموت قبل أن يرى الشمس ترحل !
13
عروس
تزينت الأجواء، وأنارت الشوارع؛ التف حول بيتها الصغير سرب من الفرح، غمرهم شوق لرؤيتها في فستانها الأبيض، كانت جميلة، وممتلئة.. عيناها ياقوتتان من حب ينفجر وقتما تراه، تريد أن تلقي بنفسها في غابة ألغامه لتتلاشى في دنياه، قبل أن تحيا من جديد؛ شوق غاشم تجشم عناء غياب دهر طويل، تسلل الحب بدون أن يستأذن كلماتها، ألقت نظرة عبر النافذة تنتظر خطواته البطيئة..اعتاد أن يفاجئها كعادته في كل مرة ويحضنها بدون أن يذكر اسمها، لكنه ترك العنان لعينيه تجولان في ملامح نظراتها الغاشمة – وقت قصير؛ وكان المكان على موعد مع الركام الذي انحدر من سقف الدار لتُزف إلى قدرها.
14
كاتب
تحرك ببطء، البحر يلقي أمواجه العاتية ليلطم وجهه النحيل، ترتفع قليلا، ترقص.. تتمايل..تنحني على شيء ما.. تضمه بصمت.. تهرول بعدئذ، يقترب منها في محاولة بائسة يمد يده يمسكها تنزلق تتقهقر تسقط وتذوب. ألقى قلمه على الطاولة الصغيرة. شعر بعسر المخاض ركل الرمال الساخنة. رمقه السلطعون وهو يلتقط ما تساقط من فتات حروفه. اختبأ في محجره أخرج نصف عينيه. كرر النظر.. اقترب من جانب آخر، شعر بحركته المريبة. ابتسم لأول مرة، داعبت مخيلته امرأة خجِلة.. مرّت من أمامه بهدوء تراءت له سحابة.. موجة ساخنة عنيدة، لم يستطع ركوبها. ألقى بنفسها إليها.. هربت.. اختبأت. السلطعون يلاحقه، يمسك بحرفه الضائع في فتات ورقة. يخرج من ضفة أخرى يتمدد على الشاطئ ينسى القصة. تهرب من دفتره عروس بلا ثياب، يلاحقها السلطعون.. الورقة الأولى فالثانية قام ذعِرا، القصة تلتهمها الأمواج تبددت أحلامه. القاضي سيحكم بالنفاذ. السجين يعض أنامله حسرة، الكاتب مازال يحلم بالنهاية السعيدة.
٭ قاصة ليبية

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الدكتور جمال البدري:

    تحياتي للمبدعة الورفليّ…كلهنّ رائعات وجميلات كأنهنّ (14) بنتًا كعرائس البحر.أعجبني منهنّ رقم (5 / كيدهنّ ).نافست أقصر قصّة
    للكاتب العظيم همغواي هي : { للبيع : حذاء لطفل ؛ لم يلبس قط }.ولكنّ قصّتك أكثر دلالة ؛ لهذا لم تختتم بوضع نقطة في نهاية الجملة…كأنّ السمّ منها لا يزال يسري في جسد القاريء.إنها قصّة طويلة جدًا…ياليتك حذفت منها عبارة ( فكر كثيرا )؟ مودتي.

    1. يقول سعاد الورفلي:

      شكرا لك دكتور جمال على هذه الذائقة الرائعة
      مودتي

إشترك في قائمتنا البريدية