مخرج عراقي: تدهور الوضع الامني وتسلط التطرف الديني يمنعان تأسيس حالة ثقافية بالعراق
مخرج عراقي: تدهور الوضع الامني وتسلط التطرف الديني يمنعان تأسيس حالة ثقافية بالعراق دمشق ـ يو بي آي: أعرب المخرج العراقي جواد الأسدي عن قناعته باستحالة تأسيس حالة ثقافية مرتبطة مع الناس في العراق نتيجة للخوف الذي تتسبب به الظروف الأمنية من جهة ولتحكم الفكر المتطرف بالمؤسسات الثقافية من جهة ثانية. الأسدي الذي كان يتحدث ليونايتد برس أنترناشيونال امس الاحد بمناسبة عرض مسرحيته الجديدة حمام بغدادي في دمشق، رأي أن العراق يتعرض الآن لطغيان الفكر الأصولي إضافة إلي فقدان الأمن في ظل الاحتلال، وتاليا فهناك غياب حقيقي لمناخ ثقافي أو حالة ثقافية عراقية . وأضاف حين قدمت مسرحية نساء في الحرب مع ممثلات عراقيات العام الماضي في بغداد كنت أعتقد أن واحدا مثلي بامكانه أن يلعب دورا ثقافيا هناك ولكن بعد شهور من العلاقة مع الحياة العراقية اكتشفت استحالة تأسيس حالة ثقافية مع الناس بمعني لو أني قدمت عرضا مسرحيا في بغداد علي سبيل المثال فلن يأتي أحد لأن الناس ببساطة وبسبب الخوف يعودون إلي منازلهم في الساعة الرابعة بعد الظهر.فالحياة الثقافية معطلة ولا يوجد أمل حقيقي في معاودة العلاقة بين الثقافة والمواطن العراقي . واعتبر الأسدي أن المؤسسات الثقافية العراقية تعيش تركة ثقيلة من العهد الماضي الذي عايش فيه العراقيون جحيم (الرئيس العراقي المخلوع) صدام حسين ، ووصف الحالة الثقافية في العراق بأنها مهشمة محطمة لا تمتلك أي ميزانيات لتقديم إنتاج ثقافي حيث وزارة الثقافة نفسها معدمة فقيرة . وشدد أنه في ظل الاحتلال وسيطرة الفكر المتطرف دينيا وغياب الحالة الثقافية في العراق فإن أحدا لا يهتم بالاتصال بالمثقفين العراقيين في الخارج أو التنسيق معهم لتفعيل تلك الحالة المفقودة . ورأي أن عهد ما بعد صدام للأسف تسبب في إشاعة الكثير من الدماء والدمار وحول الناس إلي ما يشبه الموتي ضمن مخاض ضخم وكبير يبحث فيه الناس عن الأمان والرزق. وقدم جواد الأسدي علي مسرح الحمراء في دمشق مسرحية حمام بغدادي في 18 عرضا. وأكد أن المسرح امتلأ بشكل رائع وأن الحضور لم يقتصر علي النخبة إذ تفاوتت السوية في الوعي والفهم وكانت من مستويات ثقافية مختلفة . وترصد مسرحية حمام بغدادي شخصيتين عراقيتين تعملان علي خط حافلة لنقل المسافرين واحدة وصولية لا تتواني حتي عن التعامل مع المحتل في سبيل المصلحة والمكسب المادي ويمثلها الفنان فايز قزق وهي شخصية مجيد الأخ الأكبر والثانية طيبة وصادقة ويمثلها الفنان نضال سيجري في شخصية حميد الأخ الأصغر. ويعبر الحمام البغدادي وهو حمام شعبي في بغداد شبه مهجور بسبب الظروف الأمنية عن حالة التعرية حين يتصارح الأخوان خلال استحمامهما فيه من خلال نبش كل منهما مشكلات الثاني وعلاقته مع الوضع الراهن ويكشف عن تناقض الأخ الكبير والتهامه للأخ الصغير عبر استغلاله. ويكشف المشهد الثاني من المسرحية عن علاقة الأخوين مع المحتل الأمريكي من خلال مساومة الكبير وانتهازيته وتعاونه مع هذا المحتل في نبش جثة رجل عراقي ثري توفي علي الطريق من عمان إلي بغداد وطلب الأمريكيون تفتيشها عند الحدود علي الرغم من موت الشخص في وقت يرفض الصغير فكرة هتك تلك الجثة بتفتيشها. ويرصد المشهد الثاني بتهكم الشخصيات التي تعود إلي بغداد بعد سقوط نظام صدام حسين سعيا وراء المكاسب والمناصب وللمشاركة في الانتخابات. وقال الأسدي إن الوضع سييء جدا في بغداد الآن ولكنه يأمل بأن يعرض مسرحيته هناك في وقت لاحق ، مشيرا إلي انه سيعرضها في بيروت في شهر آذار (مارس) المقبل علي مسرح بيروت لمناسبة تكريمه المقرر هناك من قبل مؤسسة كلاوس إضافة إلي عروض عربية لاحقة واحدة منها في دبي. واعتبر الأسدي الذي قام بكتابة النص وبالإخراج والسينوغرافيا المسرحية أنه اشتغل العرض بشكل سينمائي في حين كانت الرسوم المثبتة في خلفية المسرح للفنان العراقي الشهير جبر علون والموسيقي لرعد خلف وهو عراقي أيضا أما الديكور والإضاءة والملابس فهي لزهير العربي وماهر هربش وسهي حيدر علي التوالي. وكتب جواد الأسدي في ملصق المسرحية الأنيق أن مسرحية (حمام بغدادي) تأتي في هذا المفصل المعقد حيث شخصيات عراقية تحتفي بالوجع وتصنع منه إكليلا من النار، هموم مترمدة وجدت مساربها عبر أرواح فايز قزق ونضال سيجري في رغبة حميمة ونقية لإشاعة فن الحياة العذب . وحاز الأسدي علي جائزة الأمير كلاوس لعام 2004 وتعتبر واحدة من أهم الجوائز الأوروبية وقد صدرت له كتب مسرحية عديدة كما قام بإخراج عروض مسرحية متعددة أغلبها فاز بجوائز دولية كـ رأس المملوك جابر و الخادمتان و الاغتصاب ، وغيرها. كما ترجمت بعض نصوصه إلي لغات أجنبية.