لندن ـ ‘القدس العربي’ من حسام الدين محمد: قامت سلطات الأمن البريطانية، حسب مصادر تحدثت لـ’القدس العربي’ بمداهمات لبيوت ناشطين إسلاميين، واعتبر بعض هذه المصادر ان المداهمات من طبيعة سياسية أكثر منها أمنية، وأن لها علاقة بضغط سعودي على لندن للتضييق على جماعة الإخوان المسلمين.
جرت العمليات، بحسب بسام طبلية، ومدير شركة شام للمحاماة في لندن، ومحامي أحد الذين دوهمت منازلهم، في وقت متقارب صباح يوم الخميس الماضي، واستمرّ تفتيش بعض المنازل حتى الساعة الواحدة ظهر يوم الجمعة الماضي، وتم كسر بعض أبواب المنازل ومصادرة أجهزة كومبيوتر وهواتف جوّالة وأجهزة الكترونية مختلفة ووثائق مالية وأشرطة فيديو وصور كاميرات ومفاتيح عقارات، وأن هذه المصادرات تمت بناء على قانون الإرهاب. وذكر طبلية ان ستة، على الأقل، من المنازل قد تمت مداهمتها وأن عائلة موكله تم ترحيلها الى فندق أربع نجوم خلال ليلة التفتيش كما تم إيصال أطفالهم في الصباح الى مدارسهم بسيّارات قد تكون مستأجرة او تابعة للجهات الأمنية.
وفي سؤال حول التنظيمات السياسية التي ينتمي إليها الأشخاص المداهمة بيوتهم أكّد طبلية أنهم لا ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين لكن واحداً منهم على الأقل كان منتمياً لجماعة الاخوان بداية التسعينات.
ورأى طبلية ان المداهمات كانت مفاجئة له ولموكّله لأنها جاءت في سياق غير طبيعي، فسلطات مكافحة الارهاب البريطانية على تواصل بشأن القضية لمعالجتها، كما أكد ان انطباعاً عاماً تولد لديه كمحام ‘ان هذه المداهمات قد لا تكون مرتبطة بقضية الموكل، وقد يكون هناك شيء سياسي جديد قد طرأ ودفع لعملية المداهمة والتفتيش والمصادرات هذه’.
وأشار المحامي الى احتمال وجود علاقة بين بعض المداهمين بقضية دعم الثورة السورية لاعتقاد السلطات بكونهم يدعمون جماعات اسلامية في سوريا، لكن البعض الآخر لا علاقة له، بحسب علمه، بالموضوع السوري فقد اعتقل أحدهم عام 2008 لمدة 18 شهراً تقريباً وبعدها أخلي سبيله وألغيت اقامته الدائمة وحجزت وثيقة سفره ومنع من مغادرة بريطانيا، وآخر مرة سافر فيها كانت عام 2008، وأن ما نمى الى علمه حتى الآن هو حصول مداهمتين في لوتون وأربعة في لندن، وأن بعض اجراءات الغاء الاقامة وحجز وثائق السفر حصلت مع بعض المداهمين الآخرين أيضا.
وربط د. يوسف حاج يوسف، عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير ما حصل من مداهمات بسياق حملة المضايقات التي يتعرض لها الإسلاميون في بريطانيا، لكنه أكد أيضا انها ‘محاولة بريطانية لإرضاء بعض دول الخليج وتحديداً السعودية والامارات’، وقال انه هناك سوابق لخضوع الحكومة البريطانية للضغط السعودي.
كما ربط يوسف ذلك بتوجه متنام لدى الحكومة البريطانية لمحاصرة الثورة السورية، فبعد ان كانت بريطانيا تقود حملة لفك الحظر على تسليح المعارضة السورية صارت، بحسب يوسف، ‘تعمل على حصارها سياسيا وعسكريا واغاثياً’.
وأشار يوسف الى ان ما حصل هو رسالة ارهاب بحيث ان ‘من يفكر بارسال 100 جنيه لأمه في سوريا سيفكّر باحتمالات المساءلة والاعتقال وتهمة الارهاب وصولاً الى سحب الجنسية’.
وربط يوسف ما يحصل بتزايد الاسلاموفوبيا نتيجة السياسة والاعلام البريطانيين والتي تحمّل المسلمين والاسلام مسؤولية كل ما يحصل تحت اسم الاسلام بينما تتجنب ذلك حين يتعلق الأمر بمنتسبي أديان او جنسيات غير اسلامية.
وقالت صحيفة ‘اندبندانت أون صنداي’، أمس الأحد، إن الآلاف من الأجانب، ومن بينهم مئات البريطانيين، يشاركون بالحرب الدائرة في سوريا، ويكتسبون خبرات قتالية، ويقيمون صلات مع الجماعات المتطرفة، وسيسعون إلى تنفيذ هجمات ضد الغرب بعد عودتهم من هناك، وفقاً لمصادر حكومية.
واضافت أن الرئيس السابق لقسم ‘مكافحة الإرهاب’ بجهاز الأمن الخارجي البريطاني (إم آي 6)، ريتشارد باريت، أكد أن عدد البريطانيين الذين يشاركون بالقتال في سوريا يجعل من المستحيل مراقبتهم، وسيشكلون خطراً حقيقياً على المجتمع بعد عودتهم إلى بريطانيا.
ونسبت الصحيفة إلى باريت، قوله ‘إن اعتقال الأشخاص لمجرد عودتهم من سوريا هو رد فعل غير محسوب ومعاملة قاسية من قبل الشرطة البريطانية، من شأنها أن تخاطر بنشر التطرف بين الناس’.
وأضاف باريت، أن الشرطة البريطانية اعتقلت 16 شخصاً على الأقل بعد عودتهم من سوريا ولأسباب ‘ربما تكون وجيهة، غير أن كيفية معاملة الناس هو المهم حقاً وهناك حاجة لإحداث توازن لتجنب اساءة معاملة الناس من ناحية، وعدم إغفال الأشخاص الذين يشكلون تهديداً أمنياً من ناحية أخرى’.
كما نقلت الصحيفة عن، رافائيلو بانتوتشي، الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة للدراسات الأمنية والدفاعية في لندن قوله ‘إن نوعاً من التهديد ضد المملكة المتحدة سيأتي من أرض المعركة في سوريا وصار أمراً لا مفر منه تقريباً، وتدعمه حقيقة أن أجهزة الأمن البريطانية احبطت مؤامرة واحدة على الأقل مرتبطة بسوريا’.
واشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية البريطانية اطلقت الشهر الماضي مشروعاً سيبيرياً لردع الجهاديين البريطانيين المحتملين من الذهاب إلى سوريا، خصصت له مبلغاً كبيراً من المال لمراقبة نشاط وسائل الاعلام الاجتماعية كجزء من المشروع.
ونسبت إلى متحدث باسم الوزارة قوله إن المملكة المتحدة ‘تنصح رعاياها بعدم السفر إلى سوريا، وتحذّر الراغبين منهم السفر إلى هناك لأسباب انسانية حسنة النية من تعريض أنفسهم لمخاطر جسيمة، بما في ذلك استهدافهم من قبل الجماعات الارهابية لاغراض تجنيدهم’.
واضاف المتحدث أن الشرطة وأجهزة الأمن البريطانية ‘تعمل بنشاط للكشف عن واحباط أي تهديد ارهابي من سوريا ومن الأفراد الذين يسافرون إلى هناك’.
من جهة أخرى تحقق شرطة لندن في مزاعم انضمام لاعب سابق بنادي ارسنال الانكليزي لكرة القدم الى الجماعات الجهادية التي تقاتل القوات الحكومية السورية، بعد أن بث شريط فيديو دعا فيه المسلمين للسفر إلى سوريا والمشاركة في القتال.