تشهد مصر اليوم مأزقا خطيرا، وجوهر الخطر أنه لا يمس مصر وحدها وأمنها ومستقبلها، بل يمس أمن ومستقبل المنطقة العربية بأسرها، في ظل سيادة حالة من الصراع الدامي الذي يخترقها، فلا خلاف على أن مصر هي قلب هذه المنطقة النابض، وسقوطها في قلب الصراع سيعلن حتماً عن سقوط آخر معاقل الاستقرار في المنطقة، وفتح الباب على مصراعيه لدخولها بالكامل في حالة من الفوضى، تلك الفوضى التي طالما تمناها وعمل على استفحالها أعداء هذه الأمة. في هذه اللحظات الصعبة بات من الواجب على جميع الأطراف في مصر إجراء مراجعات، لا تعد مهمة بل مصيرية، لأجل مستقبل مصر والمنطقة العربية بأسرها. يقوم فكر جماعة الاخوان المسلمين في مصر على ركيزة الدين الاسلامي ومبادئ وأحكام الشريعة الاسلامية. ومارست الجماعة السياسة وانخرطت بها منذ نشأتها، فكان هدفها الوصول إلى الحكم عبر أسلمة المجتمع بشكل تراكمي، الذي سيفرز في نهاية المطاف، كما تطلعت الجماعة، حزباً إسلاميا لحكم البلاد. جاءت مساعي الجماعة إلى الحكم بعد ثورة يناير 2011، بتراجعها عن وعودها بعدم نيتها التنافس في الانتخابات الرئاسية، في ظل نجاحها في الانتخابات التشريعية، ليقوض من مقاربتها السياسية ويشكك في صدق نواياها. فعدم تحقيق الجماعة لحالة الاسلمة التي سعت اليها، أبقى الفجوة واسعة بين فكرها الديني وفكر غالبية شرائح المجتمع المصري المؤمن بمبادئ الديمقراطية والدولة المدنية، بمن فيهم شريحة من مؤيدي وداعمي الجماعة نفسها. ويعود اندماج جماعة الاخوان في اطار العمليات السياسية المصرية، التي لا تقوم على أساس ديني، على مدى العقود الثمانية الماضية، إلى استبعادها امكانية وصولها إلى الحكم في ظل نظام سياسي سلطوي، وعدم نيتها أو قدرتها على قلب نظام الحكم بالقوة. فأجرت الجماعة مراجعات لمفاهيمها وأفكارها وأعادت تكييفها، بما يواكب الاحداث والتطورات التي مر بها المجتمع والدولة المصرية، وتبنت الجماعة مفاهيم الديمقراطية وحقوق الانسان، وطورت بياناتها وبرامجها الآنية لتصبح مواكبة لمثيلاتها العلمانية والاشتراكية والليبرالية. وقد ساعد الجماعة على ذلك عدم وجود نموذج سياسي إسلامي مرجعي تحتذي به. فلم ير (حسن البنا) أي تعارض بين النظام الاسلامي والنظام النيابي، ودعت الجماعة في بياناتها المعاصرة إلى إنشاء نظام دستوري برلماني جمهوري ديمقراطي، وانخرطت بالفعل في العمل السياسي ضمن النظام المختلط الرئاسي البرلماني. إلا أن فكر الجماعة بقي محكوما بالاطار الاسلامي الديني، وبقيت مراجعاتها وتكييفها للمفاهيم التي تبنتها، أسيرة لحدود فكرها، مما أفرغها من مضمونها، وشكك في حقيقة توجهات الجماعة السياسية. فاصرار الجماعة على عدم قبولها بتقلد المرأة وغير المسلم حكم البلاد، شكك تلقائياً بمبادئ المواطنة والمساواة التي تدعو اليها الجماعة. كما جاء اصرار الجماعة على الالتزام بمبادئ حقوق الانسان ضمن اطار الشريعة الاسلامية، سندا اضافيا يفرغ المبادئ الديمقراطية التي تدعو اليها الجماعة من مضمونها. ولم يشكل ذلك التناقض بين فكر الجماعة الديني وخطابها الديمقراطي معضلة كبيرة بالنسبة لشرائح واسعة من المجتمع المصري، خلال فترة وجودها في المعارضة، إلا أن سلبيات ذلك التناقض برزت بشكل جلي بعد وصول الجماعة إلى الحكم. بقيت الجماعة ملتزمة بالاطار الفكري الديني للحكم، الذي سعت لارسائه في الدستور عبر وجودها في البرلمان كمعارضة، ومارست الاقصاء السياسي لفرضه في تعديلات دستور 2012. وبقيت تحالفات الجماعة محكومة بالاطار الايديولوجي والتشكيك بالآخر، فخضعت قبل صعود الجماعة إلى الحكم لاعتبارات التعاون أحياناً مع القوى السياسية المختلفة لتحقيق المصالح المتبادلة في مواجهة النظام السياسي السلطوي الحاكم، إلا أن المنافسة على السلطة واقصاء الاخر أصبحت بعد ذلك هي الاعتبار الحاكم لتحالفات الجماعة، فلم تفرق بين دورها عندما كانت في المعارضة عن واجبها في احتواء الآخر عندما جاءت إلى السلطة، متجاهلة وجود الأطياف السياسية المتعددة، والرؤى الفكرية المتباينة عن فكرها، ومتناسية المبادئ الديمقراطية التي كانت طريقها في الوصول إلى الحكم. أساءت الجماعة خلال عهد الرئيس مرسي القصير، استخدام سلطتها في ظل تشكيك الآخر بنواياها، فاتهمت بأخونة المجتمع. وسعت إلى اقصاء المؤسسة القضائية وتحييد دورها، فأقالت النائب العام، وعمل الرئيس مرسي على تحصن قراراته السياسية من أي طعن قانوني، وضغطت الجماعة للاستغناء عن ربع الكادر القضائي المخضرم تقريباً، على الرغم من أن القضاء المصري طالما سعى لانصاف جماعة الاخوان عندما كانت في المعارضة. وأخرجت الجماعة في عهد سلطتها دستورا ذا الصبغة الأكثر دينية في تاريخ مصر. وعكست تشكيلة حكومة الاخوان بقيادة هشام قنديل مدى الاقصاء السياسي الذي مارسته الجماعة خلال عهد حكمها. وأقحمت الجماعة الالاف من أتباعها في مؤسسات الدولة وسيطرت كوادرها على مفاصل الدولة المصرية، بدل العمل على حل مشاكل البطالة والشباب في المجتمع المصري. وتصاعدت أزمة علاقة الجماعة بالجيش المصري عندما هددت قيادات الجماعة باللجوء إلى العنف، ومارسته فعلياً، بعد ازاحة الجيش للرئيس مرسي عن الحكم. الا أن ما وصلت اليه أحوال مصر اليوم لا يعود فقط إلى سوء تجربة جماعة الاخوان في الحكم التي لم تتجاوز العام، واجهت خلالها العديد من المعوقات الداخلية والخارجية، وحرمت من استكمال فترة حكمها القانونية حسب الدستور المصري، وتبعاً لما هو متعارف عليه ديمقراطياً في العالم الحر، ومن مراجعة الاداء والتعلم من الممارسة، مثلها مثل باقي الاحزاب السياسية التي وصلت ديمقراطياً إلى السلطة. وتمثلت أكبر معضلة داخلية واجهت الجماعة خلال فترة حكمها، في أنها جاءت إلى السلطة من دون اطار سياسي حاكم ومحدد ومتفق عليه للدولة المصرية، تلك السيولة الدستورية سمحت للجماعة باستغلالها في فرض فكرها وسياستها. وجرت العادة في الدول التي أرست نظماً ديمقراطية، أن يأتي اقرار الدساتير والتوافق بشأنها خلال الفترات الانتقالية وقبل اجراء الانتخابات، بما يضمن اطاراً دستورياً راسخاً وحاكماً للدول، وبتوافق كلي بين القوى المختلفة. وبالفعل جاءت الدعوات في مصر بعد الثورة لالغاء دستور عام 1971، قبل اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، نظم على إثرها استفتاء على الدستور، برعاية المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حكم مصر خلال الفترة الانتقالية. وعلى الرغم من تصويت غالبية الشعب لصالح تعديل ثماني مواد من الدستور بدلاً من الغائه تماماً، تجاهل المجلس الاعلى تلك النتيجة، وأجل تعديل الدستور لحين إجراء الانتخابات. فجرت الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مصر بعد الثورة قبل أن يتم الاتفاق حول نظام الحكم وتفاصيله الحاكمة، الامر الذي يفسر الغاء نتائج الانتخابات البرلمانية بعد أربعة أشهر فقط من الانتخابات، والتشكيك باللجنة التأسيسية لصياغة الدستور الجديد، التي اعتبرت الجماعة أن عضويتها لا بد أن تعكس الثقل الشعبي في البرلمان، الذي أفرزته الانتخابات، وذلك حسب الاصول الدستورية المعروفة، واتهام الجماعة بأسلمة الدستور، على الرغم من أن المطالبة بالغائه جاءت في الاساس من قبل الجماعات الثورية والهيئات المدنية، وليس من قبل الجماعة. جاءت طريقة الجيش في اقصاء الجماعة عن الحكم، سبباً رئيسياً في تفاقم الازمة المصرية، ومحفزاً طبيعياً لاندلاع العنف، فاعتقل الجيش الرئيس مرسي وأغلق محطات جماعة الاخوان الاعلامية، واعتقل قياداتها السياسية، وبادر الى استخدام العنف ضد المتظاهرين المتعاطفين معها، وتوالت الدعوات بضرورة فض الاعتصامات المؤيدة لها. على الرغم من أن الجماعة أثناء ادارتها للسلطة لم تمارس ذلك العنف ضد المتظاهرين الرافضين لحكمها، ولم تبادر لفض أي اعتصام جاء ضد أدائها، ولم تقص الاعلام المصري المناهض لها، بل على العكس عاشت مصر في تلك الفترة عهدا من الحرية الاعلامية لم تشهده من قبل، ولو أن استفتاء شعبياً نزيها حول استمرار الجماعة في الحكم، فرضه الجيش بواقع قوته على الارض، بدل انقلابه العسكري على حكم الجماعة، والمناقض للمعايير الديمقراطية المتعارف عليها، لتغيرت كل المعادلة السياسية على الارض المصرية اليوم. ولعل من المجحف اغفال الدور الخارجي لتقويض تجربة الجماعة في الحكم، فمنذ الاطاحة بالرئيس مرسي حصلت مصر على منح من السعودية والامارات فقط وصلت إلى اثني عشر مليار دولار على هيئة مساعدات وقروض من الوقود. مكنت تلك المنح مصر من تجاوز المرحلة الانتقالية التي دعا إليها الجيش بعد اقصاء الرئيس مرسي، من دون الحاجة إلى استمرار مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي. وسعت ادارة الرئيس مرسي طوال عهدها للحصول على قرض من الصندوق يقل عن خمسة مليارات دولار بقليل، من دون نتيجة. وتسيطر الدول الغربية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة على قرارات الصندوق. إن مثل تلك المساعدات الخليجية فقط كانت كفيلة بحل أزمة الوقود والكهرباء في عهد مرسي، وتجاوز أزمة الشارع المصري التي شكلت أحد أهم أسباب احتشاده ضد حكم جماعة الاخوان. ورفض الكونغرس اقتراحاً بقطع المساعدات عن مصر عقب الانقلاب العسكري بحجة اعتبارات مصلحة الامن القومي، رغم أن القانون الامريكي يحظر تقديم مثل تلك المساعدات للدول عقب حدوث انقلاب عسكري فيها. وتمثل المعونة الامريكية السنوية الثابته لمصر 57′ من اجمالي ما تحصل عليه، منها مليار وثلاثمئة مليون دولار مساعدات عسكرية، التي تعادل 80′ من اجمالي الانفاق العسكري المصري على التسليح، في حين تبلغ قيمة المعونة الاقتصادية منها حوالي مئتين وخمسين مليون دولار فقط. وخصصت المعونة العسكرية الامريكية لمصر في الاساس للحفاظ على معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية، التي تمثل حجر الزاوية في الاستقرار الاقليمي في المنطقة. شكل أداء جماعة الاخوان في ادارة شؤون مصر عاملاً سلبياً في الحكم على مستقبل جماعات الاسلام السياسي عموماً في قيادة السلطة في المنطقة العربية، ومن الصعب أن تنجح جماعة الاخوان في ذلك طالما بقيت تخلط ما بين السياسية والدين. وعلى جماعة الاخوان أن تعيد مراجعة حساباتها، فاما البقاء كجماعة دينية دعوية غير سياسية، وإما الانخراط في العمل السياسي وفق مبادئ الشراكة السياسية والعدالة الاجتماعية وحقوق المواطنة والاسس الديمقراطية في الحكم. إلا أن الجماعات الاسلامية ومن بينها جماعة الاخوان المسلمين تبقى جزءا أصيلا من بنية المجتمعات العربية، وليس هناك امكانية لاستبعادها أو تقويضها، وتبقى مقاربة الولايات المتحدة بوصم الاسلاميين بالارهاب والتشكيك بنواياهم مسبقاً مقاربة غربية خارجة عن الاطار المقبول داخل مجتمعاتنا في الدول العربية. كما لا بد من التعامل مع التدخلات الخارجية عموماً بحذر ومراجعة متأنية، خصوصاً أن تجربة الدول العربية مع مثل تلك التدخلات جاءت بآثار مدمرة عليها، كما حدث في العراق أولاً ثم ليبيا وسورية، واليوم في مصر.
الاخوان فضوا كل المظاهرات المعارضة لهم بعنف أثناء وجودهم بالسلطة منها مليونية كشف الحساب ضد التيار الشعبي بعد مائة يوم و الاعتصام امام الاتحادية فضوه بالعنف و الخطف و التعذيب في نوفمبر العام الماضي… اما الحريات الإعلامية فلم تكن هبه من مرسي !! بل نتيجة تضحيات الشعب في ثورة يناير و الاعلام الخاص قبل سقوط مبارك كان يتمتع بهامش من الحرية تنتقد النظام و شكل وعي شعبي جارف أفضى الى الثورة اما مرسي و زمرته فلم يشهد التلفزيون الرسمي الحكومي اي مساحة رأي او تعبير مخالف طوال عهد مرسي و لم يكن يسمح لممثلي جبهة الانقاذ بالظهور في اعلام الدولة و جرى تجييره جميعا لصالح الاخوان حتى إذاعة القرآن الكريم أصبحت تنافق مرسي !!
ثم هل نسينا ان جماعة الاخوان بل و مكتب الرئاسة كانوا يتقدمون ببلاغات ضد الإعلاميين في القطاع الخاص !! و ان مرسي بآخر خطاباته قبل ٣٠. يونيو كان يقول سنة كفاية على الاعلام !! اي حرية هذة التي أعطاها الاخوان للإعلام ! الاعلام الخاص انتزع كما الشعب بالثورة حريته و كان الاخوان يحاصرون مدينة الإنتاج الإعلامي و يحيوا ترخيص قناة دريم و حدثت مهازل ضد حرية الرأي في عهدهم اشهرها إقالة رئيس تحرير جريدة الجمهورية لإساءته لطنطاوي بعد تكريمه الخ …
الاخوان فضوا كل المظاهرات المعارضة لهم بعنف أثناء وجودهم بالسلطة منها مليونية كشف الحساب ضد التيار الشعبي بعد مائة يوم و الاعتصام امام الاتحادية فضوه بالعنف و الخطف و التعذيب في نوفمبر العام الماضي… اما الحريات الإعلامية فلم تكن هبه من مرسي !! بل نتيجة تضحيات الشعب في ثورة يناير و الاعلام الخاص قبل سقوط مبارك كان يتمتع بهامش من الحرية تنتقد النظام و شكل وعي شعبي جارف أفضى الى الثورة اما مرسي و زمرته فلم يشهد التلفزيون الرسمي الحكومي اي مساحة رأي او تعبير مخالف طوال عهد مرسي و لم يكن يسمح لممثلي جبهة الانقاذ بالظهور في اعلام الدولة و جرى تجييره جميعا لصالح الاخوان حتى إذاعة القرآن الكريم أصبحت تنافق مرسي !!
ثم هل نسينا ان جماعة الاخوان بل و مكتب الرئاسة كانوا يتقدمون ببلاغات ضد الإعلاميين في القطاع الخاص !! و ان مرسي بآخر خطاباته قبل ٣٠. يونيو كان يقول سنة كفاية على الاعلام !! اي حرية هذة التي أعطاها الاخوان للإعلام ! الاعلام الخاص انتزع كما الشعب بالثورة حريته و كان الاخوان يحاصرون مدينة الإنتاج الإعلامي و يحيوا ترخيص قناة دريم و حدثت مهازل ضد حرية الرأي في عهدهم اشهرها إقالة رئيس تحرير جريدة الجمهورية لإساءته لطنطاوي بعد تكريمه الخ …