الناصرة – “القدس العربي”:
نقلت القناة الإسرائيلية الرسمية عن مسؤولين أمنيين في قوات الاحتلال قولهم إنه ضمن الاعتقالات الوقائية المعتمدة في الأسبوعين الماضيين منع أكثر من 20 عملية هجومية فلسطينية داخل إسرائيل، وبالتزامن يتواصل اعتقال المئات من الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر.
وذكرت القناة العبرية هذه أن أنشطة الأجهزة الأمنية، بشكل أساسي في الضفة الغربية، تنفذ في القرى الفلسطينية التي لم يكن فيها خلال السنوات الأخيرة نشاط كبير للجيش الإسرائيلي، وتمت خلالها مصادرة وسائل قتالية، عبوات ناسفة، واعتقال مشتبهين. وتابعت: “نتيجة لتعزيز كبير لخط التماس، تم إصلاح السياج الفاصل ووضع مئات المقاتلين، ويجري الجهاز الأمني أيضا استعداداته لاحتمال أن تكون هناك محاولات لتنفيذ هجمات في الضفة الغربية قبل الأعياد اليهودية الوشيكة”.
يشار الى أن وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس أجرى أمس الثلاثاء جولة على طول الجدار الفاصل في الضفة الغربية المحتلة وقال في ختامها إنه الى جانب الأنشطة الاستخباراتية في الهجوم والدفاع نحن ندفع حلولا تتيح إدخال عشرات آلاف العمال الفلسطينيين الإضافيين الى إسرائيل بصورة منظمة. وأشار إلى أنه أمر جميع الأجهزة لإعداد خطة تشمل ملائمة الأجيال ورفع مستوى المعابر نفسها. وتابع: “على المدى الطويل فإن هذا سيحسن الأمن والاقتصاد الإسرائيلي وأيضا الاقتصاد الفلسطيني. نحن سنواصل مكافحة الإرهاب وسنهتم بالاقتصاد”. وبعد توصية من الشاباك يواصل وزير الأمن في حكومة الاحتلال بيني غانتس توقيع أوامر اعتقال إداري بحق عشرات الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر.
والثلاثاء جرى اعتقال إداري لمواطن فلسطيني من مدينة قلنسوة والثاني من بلدة طرعان قضاء الناصرة وكلاهما داخل أراضي 48. وحسب البيان الصادر عن وزارة الأمن وقع أمر الاعتقال الإداري بحق المواطن من قلنسوة لمدة أربعة أشهر، وذلك بعد شبهات اتضحت لجهاز الأمن العام – الشاباك أنه “لديه نوايا للقيام بأنشطة أمنية خطيرة خلال فترة شهر رمضان”. وذكر البيان أن المعتقل مؤيد لحركة حماس وعلى تواصل مع نشطائها، وكانت لديه منشورات في مواقع التواصل الاجتماعي تؤيد هذا التوجه. وصدر بالنسبة للمعتقل الإداري الثاني وهو من سكان قرية طرعان أمر اعتقال اداري مدة نصف عام، وذلك بعد الحصول على معلومات استخباراتية جمعها جهاز الأمن العام – الشاباك، اتضح خلالها شبهات بأنه كان متورطا بأنشطة أمنية غير مشروعة وأن لدية الامكانية للوصول إلى أسلحة.
وحسب ما جاء في الإذاعة العبرية فقد استدعت الشرطة الإسرائيلية أكثر من 400 شاب من فلسطينيي الداخل وحققت مع بعضهم بشبهة تأييد تنظيم الدولة (داعش) واعتقلت بعضهم إداريا وكل ذلك ضمن الخطوات الاحترازية التي تقوم بها لكسر موجة العمليات الفلسطينية المستمرة منذ نهاية مارس/آذار المنصرم والذي عرف إسرائيليا بـ “آذار الأسود”.
في سياق متصل يدعو بعض المراقبين الإسرائيليين الى عملية “سور واق” جديدة من أجل نزع فتيل التهديد الكامن بمواقع فلسطينية تقاوم الاحتلال. من هؤلاء المحلل العسكري البارز رون بن يشاي الذي قال في مقال نشره موقع “يديعوت أحرونوت” إن تركيز أجهزة الأمن على جنين مرده ليس حقيقة أن جزءاً من العمليات خرجت منها فحسب، بل أيضاً بسبب تحول منطقة جنين إلى جيوب عنيفة ملأى بالسلاح والأدوات القتالية، في الوقت الذي فقدت السلطة الفلسطينية سيطرتها عليها. وتابع في تحريضه “اليوم، جنين ومحيطها، وضمنه مخيم اللاجئين والقرى المجاورة، يشكلون دفيئة للخارجين عن القانون، من إرهابيين ومجرمين من مختلف التنظيمات والأنواع”، زاعما أن منطقة جنين تحولت إلى جيب كهذا؛ فالسلطة الفلسطينية انسحبت منها بعد عدة محاولات فاشلة قامت بها أجهزة الأمن الفلسطينية بهدف بسط القانون والنظام. ويتابع: كان على الجيش والشاباك، قبل موجة “الإرهاب” هذه، أن “يعملا بشكل منظم وقوي لأسابيع عديدة في هذه المنطقة لمنع ما حدث فعلاً”.
في المقابل يحذر محلل عسكري في صحيفة “هآرتس” من سيناريو التدهور لمواجهة كبرى مع الفلسطينيين تشمل غزة ويقول إن “موجة الإرهاب” ما زالت في الذروة، حتى لو سجلت الآن فترة استراحة من العمليات في مراكز المدن منذ عملية إطلاق النار في تل أبيب يوم الخميس الماضي. ويشير لاستمرار جيش الاحتلال الإسرائيلي القيام بنشاطات موسعة في منطقة جنين، الذي يكتنفه احتكاك مع فلسطينيين مسلحين، موضحا أنه في الوقت نفسه تحدث كل يوم محاولات لتنفيذ عمليات في أرجاء الضفة. ويرجح أن التوتر الأمني يمكن أن يستمر حتى عيد الفصح في الأسبوع المقبل حيث في الخلفية هناك محفزات محتملة لاشتعال أكبر، مواجهات في القدس أو قرار للجهاد الإسلامي إطلاق الصواريخ من القطاع على العمق الإسرائيلي رداً على القتلى الفلسطينيين في مواجهات في الضفة”.
وفي سياق متصل تقول تسريبات صحافية عبرية أن سلطات الاحتلال مترددة حيال مدة الحصار المفروض على جنين وشمال الضفة الغربية مثلما أنها مترددة حيال إغلاق الضفة الغربية خلال الأعياد اليهودية بعد أيام، مشيرة الى أن هناك أوساطا أمنية تخشى من أن استمرار الحصار من شأنه أن يؤجج التوتر ويعود كيدا مرتدا على إسرائيل.
بين هذا وذاك ما زالت الأوساط الإسرائيلية الداعية لحل سياسي بدلا من الإفراط في الاعتماد على التدابير الأمنية فقط، أوساطا قليلة صوتها يكاد لا يسمع، وهذا يذكّر بالمقولة الساخرة للناشط الفلسطيني الشيوعي علي عاشور الذي كان يسخر من تركيز إسرائيل على الاحتلال متجاهلة احتلالها ودور جرائمها بحق الفلسطينيين: “باسم الأمن فقدنا الأمن وصار الأمن عدو الأمن”.