القاهرة ـ ‘القدس العربي’ أكثر موضوع استحوذ على اهتمامات الصحف الصادرة يومي السبت والأحد كان القرار الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز ملك السعودية، اعتبار الإخوان المسلمين وجبهة النصرة وداعش وحزب الله والحوثيين في اليمن منظمات إرهابية، وضم إليهم من يروج لأفكارهم. والمشكلة هنا الآثار السياسية التي سيتركها ذلك على العلاقات مع الدول العربية التي يعمل فيها الإخوان علنا بالقانون والمشاركة في الحكم في بعض البلدان، مثل المغرب وتونس وليبيا واليمن وفي دول أخرى يتمتعون فيها بحق العمل السياسي، مثل الجزائر والأردن والعراق والكويت وانظمة كالمغرب والأردن واليمن لها علاقات قوية جدا بالسعودية والإمارات، بينما الكويت عضو في مجلس التعاون الخليجي، فكيف ستكون العلاقات بينها وبين السعودية والإمارات، إذا اعتبرت الدولتان أن بعض هذه الدول توفر مأوى لإرهابيين من الإخوان، وإذا كان القرار السعودي باعتبار الإخوان جماعة إرهابية، وكذلك من تتفق أفكاره معهم فإنها سوف تعتبر تنظيمات الإخوان التي تعمل بصورة شرعية في هذه الدول امتدادا إرهابيا، وهو ما سيخلق مشاكل إضافية لها، أي لهذه الدول، فهل ستتخذ إجراءات ضد الإخوان عندها، أو تضغط عليهم حتى لا يمارسوا أي أنشطة أو تصدر عنهم تصريحات تضامن مع زملائهم، ضد السعودية وهو ما سيوقعهم بالضرورة في مشاكل مع حكوماتهم.
والموضوع الآخر كان استمرار رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب في جولاته في الشوارع وتفقد المؤسسات ومراكز الخدمات وسير العمل فيها وعلى بعض المخابز وعلى الطريق الزراعي بين القاهرة والإسكندرية وأمر بهدم منزل بناه صاحبه على جزء من الطريق.
لكن زميلنا بـأخبار اليوم إمام الساخرين أحمد رجب والرسام الموهوب مصطفى حسين شاهدا رئيس الوزراء وقد جلس إلى مكتب في الشارع بجوار محل فكهاني ففوجئ بجندي من شرطة المرافق يقول له:
– عن إذن معاليك المكتب ده مخالف إشغال طريق ولازم أشيله. وهذا فيه إحراج ما بعده إحراج لمحلب.
ومن المواضيع التي اهتمت بها الصحف المؤتمر الصحافي الذي عقده المستشار علي عوض صالح المستشار الدستوري للرئيس عدلي منصور وأعلن فيه تصديق الرئيس على القانون المنظم لانتخابات رئيس الجمهورية، وتضمن الشروط الثمانية الواجب توافرها في المرشح وهي:
أن يكون مصريا من أبوين مصريين.
ألا يكون قد حمل أو أي من والديه أو زوجته جنسية دولة أخرى.
أن يكون متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية.
أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفي منها قانونا.
ألا تقل سنه يوم فتح باب الترشح عن أربعين سنة.
أن يكون حاصلا على مؤهل عال.
ألا يكون قد حكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة وإن كان قد رد إليه اعتباره.
ألا يكون مصابا بمرض بدني أو ذهني يؤثر على أدائه لمهام رئيس الجمهورية.
والشرط الأخير سوف يتطلب إجراء الكشف الطبي للتأكد من أن المرشح ليس مجنونا أو معقدا نفسيا والعياذ بالله حتى لا يحكمنا حاكم يكون نسخة جديدة من الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي منع أكل الملوخية.
أيضا أبرزت صحف أمس الأحد ذكرى الاحتفال بيوم الشهيد، التاسع من مارس/اذار سنة 1969 الذي استشهد فيه الفريق عبد المنعم رياض رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة والملقب بالجنرال الذهبي لأنه كان عقلية عسكرية عالية الكفاءة .
كما تحدثت الصحف عن تأجيل محاكمة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وولديه علاء وجمال وحسين سالم ووزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي وستة من مساعديه في قضية قتل المتظاهرين واستغلال النفوذ، إلى جلسة بتاريخ الثاني والعشرين من الشهر الحالي. كما أجلت محاكمة المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع وأربعة عشر آخرين من بينهم صديقنا الدكتور عصام العريان في أحداث شارع البحر الأعظم التي تسببت في مقتل وجرح الكثيرين. كما واصل الأطباء والصيادلة إضرابهم للمطالبة بالكادر . وذكرت الصحف اخبار انخفاض درجات الحرارة والسيول والأمطار الرعدية التي اجتاحت سيناء والبحر الأحمر.
والى بعض مما عندنا..
الشعب المصري متغير المزاج لحد التقلب
ونبدأ تقريرنا اليوم بأبرز ردود الأفعال على ترشح السيسي للرئاسة وحديثه عن ضرورة التضحية والتحمل لمواجهة المصاعب الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وهل سيصبر المصريون عليه أم سيثورون ضده، وهي المشكلة التي حدثتنا عنها يوم الخميس زميلتنا الجميلة منال لاشين رئيسة تحرير جريدة الفجر الأسبوعية المستقلة بقولها: ثمة فكرة مفادها أن الشعب المصري متغير المزاج لحد التقلب، وأن حبه أو حتى رأيه يتغير بسرعة البرق، وما يحبه نهارا يكرهه مساء، ومن يرفعه للسماء أول الشهر يخسف به الأرض أخر الشهر. ولا شك أن هذه الفكرة تمثل في حد ذاتها عبئا سياسيا ونفسيا رهيبا على أي مرشح، وأن هذا العبء سيتضاعف كلما تزايدت فرص المرشح في الفوز، وأعتقد أن هذه الفكرة لم تكن غائبة عن المشير السيسي، ولكن معظم من تبنوا وروجوا لهذه الفكرة الشريرة لم يكلفوا خاطرهم بتقديم أي أسباب مقنعة لانقلاب المصريين. فالمصريون صبروا على مبارك ثلاثين عاما ولم ينقلبوا على مرسي لسبب بسيط، فمرسي لم يكن اختيار المصريين عن حب أو اقتناع، فقد فاز مرسي بالرئاسة بفارق بسيط عن شفيق، وانضمت له أصوات بنظرية عصر الليمون، ولم يخرج المصريون على مرسي إلا بعد أهانتهم في دينهم وكرامتهم وتحول إلى ديكتاتور بإعلان دستوري هو الانقلاب على الدستور ولذلك فإن نظرية تقلب المصريين أو انقلابهم على الحكام هي وهم صوره بعض المحللين لنا على الفضائيات، فقد أحب المصريون جمال عبد الناصر ولم ينقلبوا عليه لا في لحظة انكساره ولا في لحظة رحيله، لأن عبد الناصر بادلهم الحب بإخلاص وعاش عيشتهم وعاش لهم وهذا هو كل ما يطلبه المصريون من كل رئيس قادم .
السيسي وحده لا يستطيع أن يحقق المعجزات
والى الجمهورية وزميلنا وصديقنا رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال الأسبق عبد القادر شهيب يساري وقوله: نجاح السيسي في قيادة سفينة الوطن لتعبر منطقة المخاطر، في الأسلوب الذي سوف ينهجه في مخاطبة الجماهير، وبعضها الآخر يتعلق باستيعاب الجماهير أن السيسي وحده لا يستطيع أن يحقق المعجزات، إنما بلادنا قادرة على مواجهة التحديات الضخمة بقوتنا جميعا، بالإضافة إلى ذلك كله فإن المشير السيسي وهو يقود البلاد في المرحلة المقبلة يحتاج أيضا إلى استمرار الدعم العربي والدعم المعنوي والمالي والاقتصادي. والمشير السيسي يدرك ذلك وربما كان ترشحه محفزا للدول العربية الخليجية على استمرار دعمها لمصر، خاصة أنها تدرك أن سقوط مصر في تحالف الإخوان والأمريكان هو تهديد مباشر لها، بينما وجود السيسي في منصب رئيس مصر هو ضمان لأن تنجو مصر من هذا المصير.
تتحقق الديمقراطية إذا
خاض الانتخابات أكثر من مرشح
ونغادر الجمهورية إلى وفد اليوم نفسه ورئيس تحريرها التنفيذي زميلنا وجدي زين الدين وقوله عن السيسي: الفرحة العارمة التي حلت بالمصريين بعد أول إشارة صريحة من السيسي بأنه لن يدير ظهره للشعب المصري، وخوضه غمار الرئاسة، دليل جديد على أن الرجل الذي يتمتع بوطنية صادقة وحب لهذا البلد لن يتراجع أبدا عن تحقيق أمنية المصريين في أن يكون رئيسا. اننا نتمنى أن يخوض السباق أكثر من مرشح قوي حتى تتحقق فكرة الديمقراطية في دولة مصر الحديثة، ولكن لا يمنع ذلك من أن المصريين سيمنحون صوتهم إلى المشير وكل ما تفعله الجماعة من تصرفات حمقاء ومحاولة النيل من الرجل، ما هي إلا فقاعات هواء لا فائدة منها. هنيئا لنا ترشح المشير ويكفيه إعلانه الحرب على الإرهاب واقتلاع جذوره من الوجود المصري، ولولا الإرادة المصرية الحرة برعاية الجيش البار لكان الإرهاب الذي نتجرع ويلاته حتى كتابة هذه السطور مستمرا إلى أن يشاء الل،ه فلماذا إذن لا يطالب الناس بضرورة ترشح السيسي واختياره رئيسا لمصر الحرة في الدولة الديمقراطية.
المصريون يطلبون
من السيسي سد ثقوب الفساد
هذا ما قاله وجدي، بينما كان رأي زميلنا وصديقنا بـالأهرام نقيب الصحافيين الأسبق مكرم محمد أحمد في عموده ـ نقطة نور ـ هو: اذا كان السيسي يطلب من المصريين اليوم العمل قبل المطالب، والالتزام بمتطلبات الحفاظ على النظام العام بدلا من السلوك العشوائي، واحترام قواعد الشرعية والقانون والموازنة الصحيحة بين قدرات الشعب وإمكاناته وآماله وأهدافه، والتعاون على البر والتقوى، كي ترسو المركب على شاطئ الأمان، فإن المصريين يطلبون من السيسي سد ثقوب الفساد وتطبيق حكم القانون على الجميع، واحترام كرامة المواطن في الشارع والعمل والمهجر، والمحافظة على حرفية الجيش وإبعاده عن دروب السياسة.
أزمات ومشكلات مصر تحتاج إلى إرادة شعب
وفي العدد نفسه كان رأي زميلنا الشاعر الكبير فاروق جويدة في عموده ـ هوامش حرة ـ هو: لم يحاول المشير السيسي أن يخدع المصريين ويلقي لهم وعودا جميلة، لم يتحدث كزعيم سياسي أو مرشح رئاسي، ولكنه تحدث كمواطن مصري يشعر بهموم الناس. لم يكن سياسيا وهو يعرض أفكاره بهدوء شديد، ولكنه كان عقلانيا وهو يكشف حقيقة الصورة، وإنها لا يمكن أن تكون جهد شخص واحد مهما كانت قدراته. إن أزمات ومشكلات مصر تحتاج إلى إرادة شعب ولهذا لا بديل عن العمل والإنتاج. ان التحدي الحقيقي أمام الشعب المصري الآن أن يستعيد وحدته وأن يبني وطنه مهما كانت المعونات والمساعدات التي قدمها الأشقاء لنا، إلا أن مصر تحتاج إلى سواعد أبنائها.
تحميل الفقراء المزيد من المعاناة
لكن زميلنا في الشروق أشرف البربري كانت له تحفظات على السيسي وتصريحاته عبر عنها بالقول يوم الخميس أيضا: إن كل ما خرج عن المرشح المرتقب لانتخابات الرئاسة حتى الآن بالنسبة لموقفه من الفقراء على وجه التحديد يشير إلى اعتزامه تحميلهم المزيد من المعاناة والألم تحت شعار من أجل بناء المستقبل، ففي كلمته الأخيرة أعاد المشير الحديث عن فقر مصر وسوء أحوالها، وعن ضرورة التضحية وتحمل المعاناة والألم، وتحميلهم الجزء الأكبر من ثمن أي إصلاح، ومما يزيد الأمر سوءا أن الله رزق المرشح المحتمل والفائز المؤكد بمجموعة من مرتزقة الإعلام والسياسة الذين يصرون على تصوير رئاسته للبلاد تنازلا من جانبه ونزولا على رغبة الشعب، من دون أن يكون مطالبا بتقديم أي برامج أو تعهدات يمكننا محاسبته عليها خلال رئاسته للبلاد.
ليس هذا فحسب بل إن دراويش السيسي وبطانته يحرمون الرجل من أحد أهم مقومات النجاح وهو النقد البناء لرجل اختاروا له أن يكون رئيسا للبلاد فلم نر منهم طوال الشهور الماضية أي إشارة إلى أخطاء أو حتى هفوات الرجل، وكأننا أمام صاحب عصمة لا يأتيه الخطأ من بين يديه ولا من خلفه. إن منح أي شخص شيكا على بياض لحكم مصر هو خيانة للوطن وخيانة للثورة التي لم يعد الكثيرون يحبونها، بل خيانة لهذا الشخص نفسه تدفعه نحو الفشل أكثر مما تدفعه إلى النجاح مهما كانت شعبيته الحالية.
هل يكون الشعب جيش
السيسي الجديد وعدته وعتاده
وآخر زبائن هذه القضية سيكون زميلنا بـأخبار اليوم إمام الساخرين أحمد رجب وبابه اليومي المتألق نص كلمة وقوله فيه عن السيسي: المشير السيسي يقف فينا قليلا لكنه يقول كل شيء فبكلماته الهادئة وعباراته المتمهلة تمر أولا برأس ذكي الفكر وينتهي إلينا كلامه فاعلا مؤثرا وما يشغل باله هو مصر والمصريون، وعندما يقول للمصريين ممكن تصحوا خمسة الصبح فهو لا يعني حرفية العبارة، بل ما يأمله هو أن يرتفع المصريون إلى مستوى الموقف عملا وعرقا، هل يمكن أن يكون الشعب هو جيشه الجديد وعدته وعتاده، هل يمكن أن نحقق آمالنا وآماله؟ هل يمكن أن نعمل مع القائد على موجة واحدة وإيقاع واحد، حتى تكتمل صورة مصر كما نحلم بها، كيف نطمئن القائد أن جيشه الجديد شعب مصر ينتظر القائد بالحب والطاعة والأمل.
الخروج من حالة الفشل إرادة
دولة قبل أن تكون إدارة مؤسسة
ومن اخبار اليوم الى الشروق عدد امس الاحد ومقال الكاتب عمرو خفاجي عن الادارة باليأس يقول فيه: من الأساطير التي روجت لها جميع القوى السياسية في أعقاب ثورة يناير، أن ما تعاني منه مصر هو الفساد، ولا شيء غير الفساد، وأن الفساد هو الذي أفقر البلاد والعباد، وأن هذا الفساد فقط لو توقف ستصبح مصر من أغنى بلاد العالم، حتى ان الرئيس السابق محمد مرسي قال ذلك نصا في أحد خطاباته في بداية توليه المسؤولية، ولا شك بالطبع أن الفساد كان يمثل إهدارا حقيقيا لموارد الدولة، وتوزيع جزء من ثرواتها على جماعة الحكم والمحاسيب وكل من يعمل في خدمة السلطة، حتى إن كثيرا من المواطنين ظلوا يحسبون حصتهم عندما يتم استرداد هذه الأموال، والأهم أن الجميع بات مقتنعا أنه فور توقف الفساد سيصيرون مواطنين في دولة غنية، وكانت هذه أولى الكوارث التي شارك الجميع في صنعها، وتواطأوا معا لتجميل صورة قبيحة، لذلك لم يعمل أحد على تشخيص حقيقي لما نعاني منه، وتسبب في سوء الأوضاع التي وصلنا إليه، وانشغلنا بمحاكمة الفساد والتفتنا ــ فقط ــ لتشريع كل ما يمنعه أو يعيده، من دون أن نواجه أنفسنا بمجمل الأسباب التي أوصلتنا لهذه الدرجة من السوء والرداءة في جميع أمور حياتنا.
كان من المذهل حقا أن يتغاضى الجميع عن فكرة الفشل التي ضربت غالبية مؤسساتنا وقطاعات أعمالنا المختلفة، كان الفشل واضحا في كل شيء، في التعليم والصحة والتشغيل، في رصف الطرق، في تطبيق القانون، كان عدم الكفاءة واضحا، ليس فقط بسبب الفساد والمحسوبية، وإنما غياب كامل للكفاءة وقواعد العمل، ويظهر ذلك جليا في المؤسسات والشركات التابعة للقطاعات البعيدة عن يد الدولة، فقد غابت قيمة العمل تماما، واختفت الكفاءات، وتساوى الذين يعملون والذين لا يعملون، وقد لا يصدق البعض، أنه حتى هذه اللحظة، وفي ظل نسب بطالة مرتفعة، تعاني قطاعات عديدة من عدم وجود عمالة تتطلب كفاءات ومهارات خاصة، بما في ذلك قطاعات حكومية، ويكفي أن نشير إلى أن وزارة الصحة تحتاج لآلاف الممرضات المدربات على العمل في غرف العناية الفائقة، وهذا يكشف بجلاء حجم الفشل الذي وصلنا إليه.
وإذا وضعنا الفشل بجوار الفساد، سنتفهم على الفور لماذا لجأت غالبية القيادات لإدارة مؤسساتهم بما يطلقون عليه ‘الإدارة باليأس’، وهذا ينطبق على جميع مجالات الأعمال الحكومية وغير الحكومية، فالواقع محاط بالفساد، والمؤسسات مكتظة بالفشل، لذا أعتقد أن لحظة مواجهة الحقيقة قد حانت، وعلينا أولا الاعتراف بحالة الفشل التي تسيطر على مجريات العمل في مصر، وفي مقدمتها غياب الكفاءات في مستويات الإدارة العليا، ولا يمكن أن تتم أي عمليات إصلاح حقيقية في ظل غياب الكفاءات، فكيف نطلب أن يكون العامل ماهرا ويعمل بجدية على زيادة الإنتاج، من دون أن يكون رؤساؤه يعرفون ما هي المهارة المطلوبة، ولا يملكون سبل زيادة الإنتاج، وقد هالني خبر أن مصانع شركة غزل المحلة لا يصنف جل إنتاجها على أنه فرز أول، وأن خيارات التوريد للتجار تتراوح بين الفرز الثاني والثالث، فالمشكلة بصراحة ليست قصة عمالة أو إدارة، بقدر ما هي قصة الاستسلام للفشل، أو في أحسن الأحوال تحقيق الحد الأدنى من شروط ومواصفات الإنتاج، باعتبار ذلك نجاحا، وطبعا هذا هو منتهى الفشل.
الخروج من حالة الفشل إرادة دولة، قبل أن تكون إدارة مؤسسة، وإذا وجدت هذه الإرادة سيكون لدينا ثقافة نجاح، وقتها ستعود قيم العمل للهيمنة على أسواق التشغيل، وسيحدث الفرز الصحيح بين الذين يعملون والذين لا يعملون، وسيعرف كل مواطن الطريق السالكة نحو الحياة الكريمة، وقتها لن يجد الغاضبون من الفشلة سبيلا لسلب حقوق ليست حقوقهم، وسيدرك الجميع بأن العمل والكفاءة والانضباط هو السبيل للترقي، لكن كل ذلك لن يتحقق، إلا اذا كانت القيادات لا تصل لمناصبها إلا بذات الشروط: العمل والكفاءة والانضباط.. وللأسف الشديد هذا ما لا نلمحه في أي أفق حتى الآن.
مواسم قتل الكتب
ونبقى في الشروق عدد اليوم نفسه ومع الكاتبة داليا شمس التي تتحدث لنا عن مواسم قتل ليس البشر انما قتل الكتب فلنتعرف على هذه المواسم الغريبة من خلال قراءتنا لمقالها الذي تقول فيه: مارس/اذار هو شهر الحرب على العراق، وهو أيضا الشهر الذي انفجرت في خامس أيامه سيارة مفخخة بشارع المتنبي الشهير ببيع الكتب، ودمرت جانبا من مقهى الشابندر التاريخي، إذ فقد صاحبه ــ الحاج محمد الخشالي ــ أربعة من أبنائه وواحدا من أحفاده جراء الانفجار الذي أسفر عن مقتل 30 شخصا وإصابة حوالى مئة. كان ذلك فى الخامس من مارس عام 2007، مع اشتداد النزعات الطائفية وكثرة الانفجارات.. حتى الآن وبهذه الصياغة يبدو الأمر وكأنه مجرد خبر ضمن العديد من الحوادث التي تقع يوميا في العراق، منذ الغزو من دون أن يلتفت إليها أحد، بحكم العادة والروتين، لكن تاريخ الشارع الذي حدث فيه الانفجار هو ما جعل الصورة تختلف، لأن الشارع هو أحد عيون المدينة ومناراتها الثقافية.. من خلاله يمكن تدوين تاريخ بغداد المعاصر والوقوف على نبض الحياة فيها، وهو ما يحاول عمله مجموعة من الفنانين والمؤلفين عبر كتاب ومعرض متجول ‘شارع المتنبى يبدأ من هنا’، اللذين تحتفي بهما حاليا الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إذ تم افتتاح المعرض الفني بحضور الشاعر والروائي والأكاديمي والمترجم العراقي سنان أنطون المقيم فى نيويورك…
يقال إن كتب التاريخ المعاصر للعراق حتى الستينيات بدأت مجددا في الظهور داخل سوق المتنبي بعد أن كان يصعب العثور عليها تحت حكم صدام حسين، وإن المؤلفات الدينية عرفت رواجا طاغيا بعد دخول قوات التحالف، ثم تراجع هذا الإقبال مؤخرا. علاقة الناس بالشارع تختلف عن علاقة السلطة به، فهذه الأخيرة تربطه بمراسم المحذور والممنوع، أما الناس فيتخذونه مكانا للحرية والتسامح، فقد كان دوما يتسع للسنة والشيعة على حد سواء، كما ضم مقهى الشابندر ركنا للشعراء وآخر للتشكيليين، وثالثا للعلوم السياسية، إلخ.. لكن يتذبذب موقف السلطة من الشارع، خاصة حين يمثل قيمة ثقافية، فمثلا الحكومة العراقية وفرت حوالى 4.3 مليون يورو لإصلاح ما أفسده الانفجار المشؤوم، وأعادت افتتاح الشارع في العام التالي، لكن حينما دعا ناشطون في 2012 إلى مبادرة ‘أنا أقرأ.. أنا عراقي’ للتصالح مع الكتاب خارج دوائر النخبة ودأبوا على تنظيم فعاليات مختلفة بعيدا عن الرعاية الرسمية حاولت التضييق والسيطرة، بل وشنت حملة لإزالة التجاوزات في شارع المتنبي شملت رفع الأكشاك ومعروضات الكتب والمطبوعات على الأرصفة، من دون إنذار مسبق، في سبتمبر/ايلول من العام نفسه. والغريب أنه تقريبا ذات التوقيت الذي قامت فيه الأجهزة الأمنية والمحلية المصرية بحملة مماثلة لإزالة أكشاك الكتب بشارع النبي دانيال بالإسكندرية، وتراكمت أكوام من الكتب على جانبي الطريق ودهستها الجرافات.. تشابه قاتل في طريقة التفكير والتصرف، ودليل قاطع على أن الشوارع تعيش كمدنها، فعندما تكون المدينة غير مستقرة يحمل شارعها قلقها.
‘تبرعوا’ براتب
شهر قبل أن ينهار الاقتصاد
ومن الشروق الى المصريون والعبوة بدائية الصنع التي يتحدث لنا عنها الكاتب حسام فتحي في مقاله الذي يقول فيه: هل حقاً انتهت مرحلة الاعتماد على الأشقاء والدعم الخليجي، ودخلت مصر مرحلة.. ‘تبرعوا’ براتب شهر قبل أن ينهار الاقتصاد؟.. مجرد سؤال لا علاقة له أبدا.. أبدا بخطاب السيسي الأخير!.
هل سيؤدي إعلان ‘تحصين’ قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية الى انسحاب المرشح المحتمل للرئاسة حمدين صباحي من السباق؟.. والأهم هل سيفتح هذا التحصين الباب للطعن في دستورية الانتخابات نفسها؟ الغريب.. أن أغلب دول العالم لديها نظم انتخابية مستقرة فلماذا نصر على اختراع ‘العجلة’؟.. وما الضرر في فتح باب الطعون لمدة 48 ساعة، والالتزام بالنظر فيها خلال أسبوع أو اثنين، ثم يقفل الباب للابد؟ هل يعتقد إعلاميو الداخلية.. عفواً. أقصد الزملاء المكلفين بتغطية أخبار وزارة الداخلية أن استخدامهم لعبارة ‘عبوة بدائية الصنع’، يخفف من وقع الأمر على المشاهدين مثلاً؟.. إن ‘الألم’ النفسي الذي يشعر به كل مواطن مصري لمجرد تصوره أن مواطناً مصرياً آخر سمحت له وطنيته وضميره وتربيته.. وقبل ذلك كله ‘دينه’ أن يفعل ما يتسبب في قتل أشقائه المصريين، هذا الألم لن يخف لمجرد أن أداة القتل ‘عبوة بدائية الصنع’؟ مش كده ولا إيه؟…
عقب قرار السعودية باعتبار ‘الاخوان’ جماعة ارهابية، دخلت من باب الفضول ليس إلا على مواقع بعض ‘الأصدقاء’ السعوديين المنتمين للجماعة، التي كانت الكفوف ذات الأصابع الأربعة هي شعارهم، ففوجئت باختفاء كل شعارات رابعة ووضع شعارات جديدة.. عذرتهم جميعا ومنعت نفسي من ارسال أي تعليق.. ‘يكفيهم ما هم فيه’….
اللهم اني اشتاق لرؤية وجهك الكريم، لكن مازلت غير راض عن عملي.. ولا عن عبادتي.. واخشى ان اكون ممن لم يستمعوا للقول ويتبعوا أحسنه، فاللهم يا أرحم الراحمين نقني من كل درن قبل ان ألقاك، واجعل آخر قولي أن أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله’.
الباعة الجائلون خط دفاع
أول ضد مؤيدي الجماعة
وإلى المعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه لا يلوون على شيء… ويبدأها يوم الخميس زميلنا بـالأهرام محمد أبو الفضل الذي أبدى شكوكا في أهداف عدد من الإجراءات مثل ترك الباعة الجائلين يثيرون الفوضى في الشوارع لاستخدامهم ضد مظاهرات الإخوان بأن قال: جرى عن عمد توظيف الفوضى للحد من مظاهرات عناصر الإخوان ومنع اعتصامها في أماكن رئيسية، وقد تحول الباعة الجائلون أحيانا إلى خط دفاع أول ضد مؤيدي الجماعة. ومن يعيد النظر في المظاهرات التي خرجت في أماكن متفرقة تيقن بتقنين حجم الدور الفدائي الذي لعبة هؤلاء بصورة خففت العبء نسبيا عن رجال الشرطة، وضاعفت النقمة على الإخوان وأسهمت طبعا في الحد من كثافة الحشود وأدت إلى وأد احتجاجات كثيرة في مهدها وقبل استفحالها. إذا كانت مظاهرات الإخوان تراجعت أو اختفت تقريبا، فإن مشاهد الفوضى تضخمت ولا تزال مستمرة في الصعود، وتحولت إلى عنصر يؤرق كثيرين وأداة أو وسيلة للضغط على أعصاب المواطنين في الصباح والمساء، الذين يرون أنها نموذج مصغر لفشل الدولة في إدارة الأمور وعجزها عن توفير سبل العلاج وهو ما يوحي بأنها غير قادرة على حل المشكلات الكبيرة .
سما المصري وأغنية
يا جدع يا متحدث يا حليوة
أما زميلنا في اليوم السابع محمد الدسوقي رشدي فإنه في اليوم نفسه ترك فوضى الباعة الجائلين وانتقل الى سما المصري التي قال عنها: في زمن الإخوان ظهرت الراقصة سما المصري واختارت من الألفاظ أوحشها وأقلها أدبا وحياء، وظهرت في كليبات رخيصة الصنع والمضمون، تسخر من مرسي. وفي مرحلة وسط انتقلت الراقصة التي أصبحت حديث الفضائيات والجرائد إلى الهجوم بنفس الشكل المبتذل والرخيص على الدكتور البرادعي وعدد آخر من رموز الثورة المصرية، بل على الثورة نفسها، ثم تبجحت وأسست لقناة اسمها فلول تبث من خلالها دعارة إعلامية تحت مسمى كوميدي ومظلة الغناء لدعم 30 يونيو والجيش والشرطة، وهي تتغزل في العقيد أحمد علي المتحدث باسم القوات المسلحة بأغنية اسمها يا جدع يا متحدث يا حليوة.. فتح المجال أمام توفيق عكاشة الذي أنتج في النهاية تقريرا صنعه وتجرأ وشبه نفسه بالرجل الأول في الجيش المصري قائلا، هما الرجلان اللذان أنقذا مصر من الإخوان مثلما أنقذ هارون وموسى بني إسرائيل من التيه وغضب فرعون.. وسواء كانت رقصات هؤلاء تبرعا منهم رغبة في رضا السلطة، أو أداء لمهامهم كمخبرين، تبقي المسؤولية في رقبة الحليوة، إما بسبب سوء الاختيار أو الصمت عن ردع هذه التفاهات.
وسائل الإعلام أسلحة دمار شامل
وثالث وآخر مهاجم اليوم سيكون زميلنا بـأخبار اليوم هشام عطية الذي هاجم أوضاع الإعلام بقوله عنها ومهاجمة زميلنا وصديقنا محمود سعد:
ظل ميثاق الشرف الإعلامي الفريضة الغائبة عن خارطة المستقبل، بينما واقع الممارسة الإعلامية يكشف بجلاء أنه يوجد إعلام لكن بلا شرف ولا ميثاق.. فوضى إعلامية مدمرة أصبحت معها وسائل الإعلام أسلحة دمار شامل إعلام دم ونار يقتل في النفوس كل قيمة يشعل العقول بتوافه الأمور. والإعلاميون في زمن الفوضى أصبحوا فريقين أولهما على رؤوسهم بطحة قديمة من عصر مبارك، بعد أن غاصوا في فساده حتى أنوفهم وزينوا له كل مفاسده وستروا كل عوراته، أعضاء هذا الفريق كثر ولكن يبقى النموذج الصارخ منهم وأكثرهم شهرة وقدرة الإعلامي محمود سعد، عندما قامت ثورة يناير/كانون الثاني إذا بسعد يقفز ليعتلي موجتها ممارسا دوره القديم رافعا بعض الثوار لمصاف الفاتحين العظام. وفريق الإعلاميين الاخر ظهر بعد الثورة مع الانفجار الفضائي الذي أثمر عشرات القنوات غير معلومة المصدر والتمويل، إعلاميون يفتقرون للكفاءة يمارسون احد أنواع النفاق يشبهون الدببة يقتلون أصحابها إذا سعوا لمواجهتهم. ما أحوجنا بالفعل لميثاق شرف إعلامي يخلصنا من بقايا إعلامي الفساد ومن بشائر إعلامي الإفساد .
معصية آدم ذنب يسير لم يصر عليه
وإلى الفتاوى من عقيدتي التي أشرف عليها زميلنا موسى حال حيث أرسل إليه محمد عواد محمد يسأل:
ما الفرق بين معصيتي أدم وإبليس؟
ورد على سؤاله الشيخ محمد زكي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بقوله:
معصية إبليس هي الغرور ورفض أمر الله حيث أمره سبحانه وتعالى بالسجود لآدم فقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ويقال انه كان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما فذلك دعاه إلى الكبر وأصر عليه فكفر لمخالفته أمر الله ونشوة كبره وغروره.
أما عصيان ادم فكان بسبب غــواية إبليس حيث قال له هل أدلك يا ادم على شجرة من أكل منها خلد ولم يمت؟ فأكل منها فضل عن المطلوب وهو الخلود في الجنة.
وهذا ذنب يسير لكن الله وصفه بالعصيان والغواية لأنه كبير بالنسبة لادم، ولزجر أولاد أدم عن اتباع غواية إبليس لأنه عدو لأبيهم ادم. ثم تاب ادم ولم يعد الى المعصــــــية فتاب الله عليه وهداه إلى الثبات والتمسك بأسباب الطاعة وعصي ادم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى. فمعصية إبليس كفر لأنه خالف أمر الله وأصر عليه بكبر أما معصية ادم هي ذنب يسير لم يصر عليه وخطيئة الرجل في الكبر لا يرجى معها صلاح وخطيئة في المعصية يرجى منها الصلاح والتقوى.