ما الذي كان لدينا في مقابلات العيد التي أجريت مع نتنياهو؟ رئيس حكومة تحدث بتهذيب مع من أجروا معه المقابلات، وقد تحدث بحذر كي لا يغضبهم ويغضب المشاهدين في البيوت، وأعطى الفضل لوزرائه وشركائه في الائتلاف. ما يمكن قوله هو تجسد التغيير. يصعب تصديق أن يكون المذيع المهذب الذي قرأ صفحات الرسائل وبرز على شاشات تلفاز التيار العام هو بينيت نفسه الذي تنافس ذات يوم مع نتنياهو على صياغة شعارات قابلة للاستيعاب. أين هي أيام “لنتوقف عن الاعتذار”، “يخافون من النائب العام أكثر من السنوار”، “بينيت سينتصر على حماس”، وبالطبع الضربة التي أوصلته إلى السلطة، “كيف ننتصر على الوباء”.
الآن بينيت في السلطة، أما الشخصية المقاتلة التي عرضها في حملاته فمخبأة في الدرج لاستخدامها مستقبلاً. وأخذ يلعب بدلاً منها بشخصية المناوئ لبيبي – هيا نتخيل أنه وبمناسبة مرور مئة يوم على وجوده في السلطة، شاهد بينيت ومستشاروه الكثير من مقابلات نتنياهو فحفظوا ما يجب عليه أن لا يفعله. ولكن مثلما كانت فورات نتنياهو في التلفاز أسطراً من الحوارات المعدة مسبقاً وليست تعبيراً عن مشاعر عفوية، فهكذا هي الصورة الرسمية المحببة على الوريث أيضاً. أخفض الصوت، قال له المدربون. ولكن من المهم أن يروك في المكتب الخشبي لرئيس الحكومة، ولا يستطيعون الخروج بأي عنوان من المقابلة.
نسب بينيت لنفسه الفضل على ثلاثة مواضيع: كورونا، والمشروع النووي الإيراني، والعلاقات مع حلفاء إسرائيل الأساسيين، مثل أمريكا والأردن ومصر. وكل ما تبقى من الفضل يوزعه بسخاء على وزرائه. مثلاً، معالجة قطاع غزة: “وزير الدفاع تحمل المسؤولية عن التوصل إلى تسوية هادئة. وإذا نجح فهذا ممتاز” (في مقابلة مع طل شليف في “واللاه”). وإذا فشل واشتعل القطاع من جديد فيمكن اتهام بني غانتس الذي تطوع بفروسية لتحمل المسؤولية. يئير لبيد؟ “ركز على أفضليته النسبية” في وزارة الخارجية. يبدو أن بينيت يوجه لبيد لسؤال الزعماء ووزراء الخارجية الأجانب: “ماذا تعني إسرائيل بالنسبة لهم؟”. ليبرمان مرر ميزانية ممتازة، حسب بينيت. وساعر شخص مدهش كوزير للعدل – رسالة ظهرت مثل لدغة للشريكة الحامضة إييلت شكيد.
من الجيد أن يحترم بينيت شركاءه، خلافاً لـ “أنا، أنا، أنا، فقط أنا” التي كررها نتنياهو. يظهر أنه لا يشبه نفسه بالنبي موسى أو الملك داود أو هرتسل، إذا لم يكن أكثر من ذلك، مثل سلفه. ولكن في هذا التواضع يكمن إلقاء المسؤولية على المستويات الأدنى. لم يظهر بينيت في وقت الذروة حول هرب السجناء الفلسطينيين، وامتنع عن إلقاء خطابات دراماتيكية للشعب. ولحسن الحظ، وبسبب الشجاعة، تم حل الأزمة بسرعة وهدوء. ولكن لو تعقدت، لاتهم بذلك الوزراء والموظفون. هذا النموذج سيتكرر في المشكلات القادمة. وزير الدفاع يهتم بالأمن، وزير المالية يهتم بالاقتصاد، ووزير العدل يهتم بمنع عودة نتنياهو. هكذا هو الأمر لدى بينيت، هو فقط رئيس مجلس الإدارة، والمسؤولية تقف في أسفل منه.
مع ذلك، تتعلق الرسالة الأكثر أهمية في مقابلات بينيت بسياسته وليس بأسلوبه. شكل بينيت ائتلافاً متنوعاً وانضم إلى أحزاب اليسار الصهيوني والحزب المسلم، لم يتبنّ مواقفهم وبقي عميقاً في اليمين وفي مخططاته للضم. بينيت يريد إقامة “الدولة الواحدة” التي ستخلد سلطة إسرائيل على ملايين الفلسطينيين الذين ليست لهم أي حقوق مدنية في الضفة الغربية وشرقي القدس وقطاع غزة. هو يعارض إقامة دولة فلسطينية ويعارض حتى محادثات عبثية مع أبو مازن، ويسخر من وزير الدفاع الذي ذهب لمقابلة الرئيس الفلسطيني في رام الله. كان غانتس متردداً، قبل المصادقة له على اللقاء، هكذا حل بينيت القضية.
بينيت لم يخترع الاحتلال أو الضم. هذا هو الواقع الذي ورثه ووجد قبل أن يولد. ولكن خلافاً لعدد ممن سبقوه الذين تحدثوا عن تغيير، وحاولوا الدفع قدماً بتقسيم البلاد، فهو يرى بركة في الوضع الراهن، وهو على ثقة بأن الاستقلال الفلسطيني سيعرض إسرائيل للخطر. وهو يأمل أن الفتات الاقتصادي سيشبع الجوع الفلسطيني لتقرير المصير والاعتراف الوطني. حسب رأيه، إذا ذهب العمال الفلسطينيون للعمل في السادسة صباحاً بدلاً من الثالثة أو الرابعة فجراً، فهذا سيفيده، وسيتوقفون عن الامتعاض من المستوطنات والاعتقالات الليلية والقمع السياسي. ماذا يشكل هذا، مقارنة بالحد الأدنى من الأجور في موقع بناء إسرائيلي؟
يدرك بينيت أن لا مكان للحديث عن “فرض سيادة” واستفزازات مثل إخلاء الخان الأحمر، مع وجود بايدن في البيت الأبيض وعلاقات متطورة مع الدول العربية. هو ببساطة يطبق أسلوبه المهذب أيضاً على السياسة الخارجية والدفاع. وهو بدلاً من التشاجر مع الحلفاء، يشتري منهم الهدوء، وينطلق بنعومة وتصميم إلى الدولة الواحدة مع ملايين الرعايا الفلسطينيين. هذا هو قلب سياسته التي هي أكثر أهمية لمستقبل إسرائيل من كل عروض التغيير، والصورة الرسمية والمهنية لرئيس الحكومة. وبناء عليها يجب أن نحاكم بينيت.
بقلم: ألوف بن
هآرتس 17/9/2021
هههههههه وهل بايدن أضحى لعبة بيد بنيت يفعل بها ما يحلو له، وهل بايدن مغفل و ساذج إلى هذا الحد