قبل أيام فقط تحدثت وسائل الإعلام بالأرقام عن سبع دول عربية مبدئياً ستنهار عملاتها تباعاً. وذكرتها بالاسم، وهي مصر، وسوريا، ولبنان، واليمن، والسودان، والعراق وتونس. ولا شك أن هناك عملات أخرى في طريقها إلى الترنح.
الجميع باستثناء دول الخليج مهدد بأزمات مالية واقتصادية مرعبة عربياً.
طبعاً قد يضحك البعض على تضمين سوريا والعراق ولبنان واليمن ضمن مجموعة الدول المعرضة عملاتها للانهيار، لأنها انهارت أصلاً وشبعت انهياراً، فالليرة اللبنانية تسابق عقارب الساعة في الهبوط الصاروخي، بينما الليرة السورية التي تترنح على حدود السبعة آلاف ليرة للدولار الواحد قيمتها أقل بكثير من هذا السعر، وقد يزيد سعرها على عشرين ألف ليرة للدولار إذا ما نظرنا إلى أسعار المواد الاستهلاكية على الأرض، وبذلك فإن الليرة السورية ستلحق بزميلتها اللبنانية عاجلاً أو آجلاً، وأن كل الانتعاشات التي تشهدها الليرة بين الحين والآخر مردها إلى المعونات المالية الإماراتية الشحيحة التي تصلها بين الحين والآخر، وهي في آخر النهار مجرد مسكنات مؤقتة تنتهي فاعليتها بمجرد أن يتبخر المبلغ من السوق. ولا ننسى أن البنك المركزي السوري خاو على عروشه منذ زمن. وقد زاد الوضع سوءاً بالنسبة لسوريا ولبنان واليمن وإيران في الآونة الأخيرة بعد أن فرضت أمريكا عقوبات صارمة على البنوك العراقية التي كانت تهرب الدولارات لإيران وتوابعها المذكورة. لقد كانت إيران وتوابعها تعيش على الأموال العراقية بينما يموت الشعب العراقي من الجوع، لكن اليوم نلاحظ أن كل العملات المرتبطة بإيران بدأت تسقط سقوطاً حراً بما فيها الدينار العراقي. وقد شاهدنا حسن نصرالله أمين حزب الله اللبناني وهو يطلب المساعدة من دول الخليج. وقد اعترف نصرالله بأن لبنان على حافة الانهيار الكامل. ولا ننسى أن إيران بدأت تقلص مساعداتها النفطية لسوريا وبدأت تطالب بأسعار عالية لشحنات النفط مما يجعل مشكلة الوقود والطاقة في سوريا تزداد سوءاً يوماً بعد يوم مما جعل النظام يطلب من الدولة أن تتوقف عن العمل لأيام بسبب أمة الوقود.
القضية في دول عربية عديدة إذاً قضية اقتصادية ومالية في المقام الأول، ولا يبدو أن هناك من منقذ على المدى القريب أو حتى المتوسط، فقد بدأت بعض دول الخليج ترفع أصواتها عالياً لتعلن أن زمن المساعدات المجانية قد ولى، فقد سمعنا وزير المالية السعودي يعلن بشكل واضح أن السياسات قد تغيرت وأنه لم يعد هناك وجبات مجانية لأحد. وقد لحق به فوراً مسؤول كويتي طالب حتى بسحب الودائع الكويتية من مصر بدل مد يد العون لها تلبية لنصيحة صندوق النقد الدولي الذي طالب دول الخليج بضخ المليارات في مصر كي تتمكن من تسديد ديونها للصندوق. صحيح أن المعونات الخليجية ليست دائماً كرماً حاتمياً وأنها تُدفع بناء على توجيهات وضغوط أمريكية لهذا الطرف أو ذاك، لكن يبدو اليوم أن الزمن الأول تحول، فها هو لبنان الذي كان يعتاش على المعونات السعودية وقد أوشك على الانهيار الكامل لأن السعودية توقفت عن الدفع منذ فترة وقالت للبنانيين: اقلعوا شوككم بأيدكم.
كل من يعتقد أن فك العزلة عن النظام السوري مثلاً عبر التصالح مع العرب وتركيا وغيرها سيحل الأزمة الاقتصادية والمالية الطاحنة في سوريا، فهو واهم جداً، فلبنان مثلاً ليس معزولاً وعلاقاته طيبة مع كل العالم وليس محاصراً، لكن ذلك لم ينقذه من الانهيار
وكل من يعتقد أن فك العزلة عن النظام السوري مثلاً عبر التصالح مع العرب وتركيا وغيرها سيحل الأزمة الاقتصادية والمالية الطاحنة في سوريا، فهو واهم جداً، فلبنان مثلاً ليس معزولاً وعلاقاته طيبة مع كل العالم وليس محاصراً، لكن ذلك لم ينقذه من الانهيار، لأن العلاقات الدبلوماسية الجيدة مع العالم لا تطعم خبزاً أصلاً. وكذلك وضع السودان واليمن وتونس والعراق ومصر، فماذا استفادت تلك الدول مع علاقاتها الجيدة مع المجتمع الدولي كي تحسن وضعها الاقتصادي والمعيشي والمالي؟ لا شيء مطلقاً، لهذا فإن تحسين العلاقات السورية مع الجيران لن يفيد بشيء، لأن لا أحد مستعد اليوم أن ينفق قرشاً على أحد، خاصة إذا ما علمنا أن الذي تحتاجه سوريا اليوم ليس بضعة مليارات بل مئات المليارات وهو رقم لا يمكن أن يقدمه لها أحد في ظل التدهور الاقتصادي والمالي العالمي والامتناع الخليجي عن تقديم الدعم على الطريقة القديمة. ولا ننسى أن أمريكا وأوروبا تضيقان الخناق على النظام السوري، لا بل تفرض عقوبات جديدة وآخرها قانون الكبتاغون الأمريكي الذي سيحرم النظام من مليارات الدولارات التي يجنيها من تصنيع وتهريب المخدرات. وقد شاهدنا كيف أن روسيا المفترض أنها حليفة للنظام قد تركته يعاني معيشياً ومالياً واقتصادياً خوفاً من العقوبات الغربية تارة وتارة أخرى لأنها جاءت أصلاً إلى سوريا ليس لدعم النظام والشعب بل لسرقة الثروات والسيطرة على الموانئ وبناء القواعد العسكرية.
وفي مصر نلاحظ كيف ينهار الجنيه بشكل متسارع وترتفع أسعار السلع بشكل بات يرعب الشارع المصري. وإذا بدأت دول الخليج تتنصل من دعم حليفها المصري، وهم أهم بالنسبة لها من النظام السوري، فكيف يمكن أن نتوقع منها أن تدعم النظام السوري الذي تعتبره عميلاً لإيران وعدواً لها. ولا ننسى أن هناك توجهاً خليجياً للاستثمار في الداخل الخليجي كما تفعل المملكة العربية السعودية التي تنفق مئات المليارات في بناء المدن وتحديث البينة التحتية وتنمية الموارد والنهوض بالبلد بشكل لم يسبق له مثيل. من هو الأولى بالمليارات، الأنظمة الفاسدة في سوريا وغيرها التي تحولت إلى ثقوب سوداء تبتلع كل المليارات التي تصلها ولا أحد يعرف مصيرها، أم الدول الخليجية نفسها التي تشهد نهضة اقتصادية عظيمة في كل المجالات؟ لماذا تبذر دول الخليج ملياراتها على أنظمة لا تعرف سوى النهب والسلب؟ لهذا فإن كل من يتوقع انفراجاً في سوريا أو مصر أو اليمن أو السودان أو تونس أو لبنان أو العراق، فهو واهم جداً، وعلى علاتها وفظاعتها تبقى الأوضاع في تلك البلدان اليوم أفضل بكثير مما هو قادم.
ولا نبالغ إذا قلنا لتلك الدول: استمتعي بالسيئ لأن الأسوأ لم يأت بعد.
كاتب واعلامي سوري
[email protected]
نسأل الله السلامة لكن ماهو واضح ان هذا الكلام وللأسف أقرب من الحصول
في سوريا أو مصر أو اليمن أو السودان أو تونس أو لبنان أو العراق, كانت في أوضاع أكثر صعوبة إبان أحداث حماة؛ وفي أجواء الحصار على صدام حسين، والحرب الأهلية في لبنان،
أنظمة عسكرية دكتاتورية اجرامية فاسدة مآلها الفشل….
شعوب مغيبة تتعرض لأبشع انواع الغسيل الدماغي. تدافع عن جنيرالاتها الفاسدين و العملاء!
لا يوجد اكثر ديكتاتورية اكثر من دول الخليج راك فاهم والحديث قياس
انتوتتمنى أن تعيش في الدوحة أو دبي. بل حتى الامريكان والروس يتمنون ذلك . وهي حكم وراثي . وهذا مقبول من غالبية الشعب الخليجي. فلا تقارنهم بحكام لفظتهم شعوبهم وثارت عليهم . كن متجردا ولو مرة في حياتك.
صحيح أن المعونات الخليجية ليست دائماً كرماً حاتمياً وأنها تُدفع بناء على توجيهات وضغوط أمريكية لهذا الطرف أو ذاك، ” إهـ
الضغط الوحيد هو بالخلاص من الإخوان المسلمين !
وبما أن معظم الإخوان بالمعتقلات ودول اللجوء , فإن دول الخليج رفعت يدها !!
والسؤال هو : هل سيطلق السيسي الإخوان ويتعامل معهم لتخويف أعدائهم منهم ؟ ولا حول ولا قوة الا بالله
*ماذا نملك غير الدعاء.
الله أصلح بلاد العرب والمسلمين اجمعين والحمدلله رب العالمين على كل حال.
حسبنا الله ونعم الوكيل في كل فاسد وظالم وقاتل ومضلل للحق والحقيقة.
اتفق مع الكاتب أن على دول الخليج الإهتمام بشعوبها وتنمية بلدانها بدلا من ضخ الأموال لدول فاشلة. لو كان بشار الأسد وطنيا لتنحى عن الحكم لنائبه. بدلا من تدمير البلد. ولو كأن عبد الفتاح البرهان وطنيا لترك الحكومة المدنية ولم ينقلب عليها. ولو كان حسن نصر آلله وطنيا لاهتم بلبنان بدلا من التبعية لإيران. ولو كان الحوثي وطنيا لما انقلب على مخرجات الحوار الوطني من اجل اقامة دولة كهنونية متخلفة من السادة والاتباع..اما الرئيس السيسي فهو وطني ولكنه وطني مع أهله وعشيرته الذين هم كبار قادة الجيش الذين يتحكمون في اقتصاد مصر وينفقون بلا حسيب أو رقيب ..ودم الرئيس السابق سيظل يلاحق السيسي من إذلال في السجن إلى الإذلال في الجنازة ومراسم الدفن. “أن الله لأ يصلح عمل المفسدين”. صدق الله العظيم
اعظم محلل اقتصادي قرات له. اسلوب لغوي راق جدا جدا و عمق في التحليل الالقتصادي و رؤية استراتيجية كبيرة. نحن بانتظار مقالاتك الرائعة
كان على النظام السوري بدل أن يوقف الدولة لعدة أيام أن يخرج و يغادر سورية مع ملياراته التي سرقها و يكدسها في بنوك عالمية بأسماء أخرى ، لذلك نحن نتوقع أن القادم سيء و ستندلع ثورات أشد من السابقة و خصوصا في سورية و كل الدول التي تدور في فلك إيران هذا العدو المتربص للأمة و الذي كان سببا في انهيار العراق و سورية و لبنان و اليمن
مجرد تخمينات ، فعلم الغيب هو فقط ملكا لله سبحانه وتعالى ?
الدول السبع التي ذكرتها أصبحت دول فاشلة أو شبه فاشلة في ظل أنظمة فاسدة همجية لا حياء فيها ولا شرف ولا وطنية ..