مستقبل إسرائيل.. من النقانق السياسية إلى حكم المستوطنين

حجم الخط
0

لا يوجد اليوم “يمين”، بل مستوطنون، لا يوجد مستوطنون “معتدلون” و”متطرفون”، بل هادئون ونشطاء. هناك مستوطنون صامتون من الخوف ومن يصمتون اعترافاً بالعرفان لمن يفعلون الفظائع باسمهم والذين لا يريدون أن يكونوا متماهين معها. هم ليسوا “الطلائعيين الجدد” مثلما تفاخروا. وجه المستوطنون كوجه بن غفير، ووجه “الصهيونية الدينية” كوجه التلال. سيقفون أمامكم في اليوم الذي يتم فيه الحسم ما بين دكتاتورية أو ديمقراطية.

محاولتهم استيطان القلوب فشلت. لا نحبهم، ولا نفهم ما الذي ساهموا به للأمن أو الاقتصاد. كلهم جميعاً، وبالإجمال شركاء في حرب الحكومة ضد الجمهور. هم يحكمون قبضتهم على عنقه من كلا الطرفين: الذراع العسكرية التي تحرك القرى والذراع السياسية التي تنتج القوانين. الجيش يخدمهم (جنود من الضواحي، قادة من المدارس الدينية)، ويبادر بالقيام بعمليات مثل العملية التي جرت في جنين للقضاء على المظاهرات وإرضاء بن غفير. ليس واضحاً لماذا لا يسلينا التلفزيون بصور الدمار هناك، والتي ترفع الروح المعنوية وتدفئ القلب.

ميزان القوى في “المناطق” (الضفة الغربية) يشبه الميزان الموجود داخل الخط الأخضر؛ إسرائيل الأولى ضد إسرائيل الثانية، علمانيون هنا ومتدينون هناك، متنورون هنا وقوميون متطرفون هناك، المحيط ضد المركز، من 8200 أمام حرس الحدود، هم يتطلعون إلى الترانسفير ولكنهم يكتفون بالأبرتهايد. وهم في هذه الأثناء يسيرون بأسلوب الاستنزاف والتنغيص وتحويل الحياة إلى جهنم، بكل السبل: بالإحراق، وباقتلاع الأشجار، وبالحواجز، وبقتل الأطفال. هم يريدون أن ييأس الفلسطينيون ويقولوا: لقد مللنا، هيا نهرب من هنا.

شبان فلسطينيون يريدون الهرب، وأيضاً شبان إسرائيليون. هم لا يريدون أن يكونوا هنا لأنهم يعرفون: ما يحدث في حوارة قد يحدث أيضاً على بعد ساعة سفر من حوارة. ما مر بدون رد في الخليل، سيمر بدون رد أيضاً في” رمات شارون”. من يحرق شباك سيارة في قرية قريوت الفلسطينية، سيفعل هذا أيضاً في “هرتسيليا”. من يوقفهم؟ من؟ الشرطة؟ المحكمة الواقعة تحت التهديد؟ ايتمار بن غفير؟! سيعتذر وفي النهاية سيدعم.

أسلوب الاستنزاف ينجح أيضاً لدينا. بدلاً من إدخال حبة النقانق كلها مرة واحدة، يطعموننا إياها شريحة بعد الأخرى. شريحة حتى نهاية الصيف وأيضاً بعد ذلك. هم في هذه الأثناء يزعجوننا بالبنود الصغيرة التي لن ينشروا عنها في “نيويورك تايمز”: يعينون ماسح جوخ أو شخصاً عنصرياً يخاف الله كمفتش عام للشرطة ومتعصب ديني للإشراف على التعليم للعلمانيين. لهذا يجب وقف دس هذه النقانق وهي صغيرة. سيفعلون كل ما في وسعهم ليجعلوا كل من يستطيع الهرب أن يهرب.

الدكتاتورية ستجبر الشباب على الهرب. العتيد منهم غادر، وآخرون يفكرون. هل من الممكن أن دولة طبيعية تشجع الشباب على مغادرتها؟ هل يعقل أنها تريد إعادتنا إلى القرن التاسع عشر؟ نعم. الإجابة نعم بعون الله. من يحتاج إلى “الهايتك”؟ سيسأل الوزير إلياهو، سنتدبر أمرنا بدون طيارين، هكذا وعد عضو الكنيست كرعي، “الشعب لا يريد فناً”، قضى سموتريتش.

الاحتجاج أقوى من الحكومة. قوة الاحتجاج كحجم الخطر. كلما كان المحققون أخطر سيكون المتظاهرون أكثر يأساً. يعتقد المحتجون أن الانتخابات ستكون مخرجاً معقولاً لهذا العار، ولكن لنفترض أنه سيكون هنالك انتخابات (غير مؤكد)، ماذا ستفعل الأقلية المتنورة إذا انتخبت الأغلبية في انتخابات نزيهة الدكتاتورية القومية المتطرفة – الدينية؟ ماذا ستفعل الأقلية المتنورة إذا قالت الأغلبية الغبية: لا يهمني. أعرف أن الحكومة فاشلة ونتدهور إلى الهاوية، ولكن لدي اعتبارات خاصة به، دينية ودينية وطنية. ماذا ستفعلون لي؟

وماذا سنفعل إذا كان الحال لا ديمقراطية ولا محكمة تحميها ولا حراس عتبة للتحذير من العاصفة؟ ماذا سنفعل إذا اتضح أننا بعد قليل، حقاً قريباً، لن نستطيع فعل شيء؟ هل سنعارض النتيجة فقط لأنها لا تروقنا؟ نستطيع أن نغادر، أو أن نظهر قدراً كبير من التصميم وإسقاط النظام الذي يريد تغيير الدولة، بأكثر الطرق قانونية. إذا استسلمنا أو تراخينا فلن نتمكن من التغيير بعد الآن. لن نتكيف مع حياة تتعارض مع كل ما نؤمن به في حياتنا كلها. سنقاوم ولكنها لن تكون مقاومة شريك، بل مقاومة أقلية مضطهدة. ستكون مقاومة لحكم أجنبي، حرب الاستقلال الثانية.

يوسي كلاين

هآرتس 6/7/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية