لندن- “القدس العربي”: راجت إشاعة مؤخرا تفيد بأنه سيتم الإفراج عن ثاني أبرز المتهمين الأردنيين في قضية التبغ والسجائر الشهيرة تمهيدا للإفراج عن إمبراطور التبغ المهرب ونجم المسرحية الأساسي رجل الاعمال الغامض عوني مطيع. إلا أن كل الأوساط القانونية والسياسية والحكومية اجتهدت لنفي تلك التسريبة.
الخلاصة أن عوني مطيع “فتى بيع السجائر على الأرصفة” الذي تحول، العام الماضي، إلى مطلوب دولي وإمبراطور غير متوج بعمليات تهريب سجائر وتبغ، لا يزال خلف القضبان وتحت المحاكمة. والأهم أن القضية لم تغلق رسميا بعد والتحقيق مستمر.
وقد اكتسب مطيع شهرته العالمية اليوم ليس من حجمه الحقيقي في تهريب التبغ والسجائر. لكن من قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تسليمه رسميا إلى الأردن، العام الماضي، ضمن صفقة أمنية سياسية لم تكشف تفاصيلها بعد إثر وجود الرجل لخمسة أشهر متمتعا بالحرية في الجمهورية التركية.
بكل حال قفزت مسالة التبغ إلى الواجهة مجددا وبدأت منصات الأردنيين الاجتماعية تتحدث عنها مجددا لسبب بسيط وهو الإفراج، أمس الأول، عن متهم أردني بارز في القضية لأسباب إنسانية وضمن ترتيبات قانونية وهو المدير العام الأسبق لجهاز الجمارك الجنرال وضاح الحمود.
الجنرال الحمود موجود منذ 48 ساعة على الأقل بين أحفاده وأفراد عائلته، بعد فترة طويلة من السجن والتحقيق كانت مثيرة جدا لأن أوساط اجتماعية وأقارب للرجل كانوا يعتبرون اتهامه أصلا في نطاق التعسف ويعتبرونه ضحية لصراع أكبر منه .
عمليا الجنرال الحمود خارج القضبان الآن. وقبله أفرج بنفس الطريقة ولأسباب إنسانية وصحية عن الوزير السابق منير عويس الذي خضع للتحقيق في القضية وهي الآن قضية بين يدي قضاء محكمة أمن الدولة وليس جهاز النيابة والتحقيق. وقبل ذلك توفي متهمان أحدهما وصف بأنه ” شاهد رئيسي” على عمليات الملياردير مطيع والآخر موظف أردني توفي أثناء الاحتجاز لأسباب صحية. وقد أفرج عن ثلاثة موظفين سابقين دخل اثنان منهم المستشفى أيضا. الإفراج بالكفالة وهي صيغة تعني أن التحقيق لا يزال مفتوحا.
بالطبع تقلص شغف الرأي العام الأردني بمتابعة قضية التبغ مع أنها ومنذ نحو عامين كانت من أبرز العناوين لعملية فساد كبيرة بسبب اللغة التي استعملها في التعامل مع القضية رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز آنذاك والناطقة باسم حكومته في ذلك الوقت الوزيرة جمانة غنيمات.
مع مواصلة التحقيق، مات بعض المتهمين وخرج بعضهم الآخر من السجن لكن نجم الملف الأساسي وهو مطيع لا يزال بين يدي العدالة. ولا شك أن عمليات الإفراج بكفالة ولأسباب إنسانية تتأثر بالضغط الاجتماعي. لكنها ضمن نطاق صلاحيات القانون، وبعد مصادرة وحجز ممتلكات وفي إطار تسوية تحت مظلة القوانين.
ولا تزال الأسرار تحيط بهذه القضية الشائكة ومن الصعب توقع الإفراج عن متهمين بارزين حتى بكفالة بدون توقع إجراء تسويات والاستماع الى شهادات لا بل اعترافات في بعض المفاصل.
القضاء الأردني النزيه لم يقل كلمته الحاسمة بعد. لكن شغف الجمهور صعد مجددا ليس لمعرفة التفاصيل فقط. ولمعرفة ما الذي يجري وأين ذهب الفارق المالي بعد واحدة من أوسع عمليات التهرب الجمركي والتي قال نائب بارز هو يحيي السعود إنها خضعت لـ”مزايدات ومبالغات وتضخيمات”.
ينتظر الشارع اليوم إجابة على أسئلة معلقة: هل إمبراطور التبغ أو “إسكوبار الأردن” كما وصف في الإعلام المحلي واجهة لحيتان آخرين على المستوى الإقليمي بسبب امكاناته الذهنية البسيطة؟. هل استعادت الخزينة الأردنية الأموال التي قيل إنها ضمن سياق التهرب الجمركي ؟ وما الذي يجري بعد الإفراج عن متهمين بارزين وبقاء الشيخ الذي يعلم الآخرين سحر التبغ وتهريبه وتزويره خلف القضبان؟.