احتفالات الفرح باستئناف المسيرة مبكرة جدا لان ‘المسيرة’ ليست مهمة. ربما هذه المرة كانت مهمة لانها كان يفترض أن تستوضح المواقف، تقلص الفجوات، تحث صيغة التسوية. غير أن في هذا الفيلم سبق أن كنا. فالمواقف طرحت. الفجوات قلصت. الخطوط الهيكلية للتسوية معروفة. جون كيري صاغها على نحو لا بأس به على الاطلاق. فهي تتضمن الاقتراب من خطوط 67 وتتطلب اعترافا فلسطينيا، عمليا على الاقل، بدولة اسرائيل دولة للشعب اليهودي. هذه الصيغة تقودنا، الى هذا الحد أو ذاك، الى صيغة كلينتون. ليست صيغة دولتين، بل دولتين لشعبين. التفاصيل ليست مقدسة. يمكن ويجب اجراء تحسينات، ولكن هذا هو الاتجاه. هكذا بحيث أنه اذا لم يكن هناك اتفاق مسبق على الخطوط الهيكلية فان استئناف المحادثات هو اضاعة اخرى للوقت. ليست فقط لان ‘المسيرة’ لن تضيف شيئا، بل انها ستضر فقط. فهي ستزيد الاحباط. في نهاية الطريق سيشعر كل اللاعبين بانهم محقون أكثر، اليمين سيصبح اكثر يمينية واليسار اكثر يسراوية. اما الفلسطينيون، من جهتهم، فسيصبحون أكثر عنادا ورفضا. والاسوأ من هذا، حسب التجربة الماضية، حتى عندما تكون المسؤولية عن الافشال أو الفشل واضحة بما يكفي، على الطرف الفلسطيني، فان اسرائيل ستتهم بافشال المحادثات. فقط قبل اكثر من عقد كانت ‘مختارة الاحلام’ هي التي ادارت المفاوضات. كان هناك يوسي سريد ويوسي بيلين وشلومو بن عامي وآخرون. هذا لم يجدِ نفعا. الوثيقة الفلسطينية من محادثات طابا توضح بانه في مسألة اللاجئين عرض الفلسطينيون موقفا حتى الاغلبية المطلقة من اليسار الاسرائيلي ما كان يمكن لها ان تهضمه. الوثائق الفلسطينية المسربة من المحادثات في عهد اولمرت تثبت هي أيضا ان الموقف الفلسطيني بقي غير عملي. اليوم ايضا، يمكن الافتراض، ميرتس كانت سترفض رفضا باتا الموقف اياه. كانت ورقة موقف واحدة ووحيدة عرض فيها صائب عريقات موقفا معتدلا وسوي العقل. غير أن هذا الموقف عرض على الاوروبيين، وعليهم فقط، بعد اشهر طويلة من انتهاء المحادثات، وعريقات نفسه تحفظ تحفظا تاما من هذا الموقف. الموقف الفلسطيني لا يمنح لاسرائيل اعفاء من المسؤولية. فالى جانب المواقف الجريئة جدا التي عرضها ايهود باراك وايهود اولمرت، كل في حينه، فان مشروع الاستيطان اتسع فقط، وليس فقط في الكتل، بل أيضا داخل الاراضي المخصصة للفلسطينيين، محبو بلاد اسرائيل الكاملة يأملون في أن يكون الهدف تحقق وانهم نجحوا في جر اسرائيل الى وضع لا يكون فيه أمل بحل الدولتين. اذا كانوا محقين، فان هذا انتصار مردود على اصحابه تماما. في الايام القريبة القادمة، ستلتقي تسيبي ليفني وعريقات. ونفترض أنهما سيقفزان عن الثرثرة الزائدة وسيصلان الى المكان الذي وصلت اليه ليفني وابو العلاء قبل خمس سنوات. ولنفترض حتى انهما سيقفزان خطوة واحدة اخرى الى الامام، ويصلان الى اقتراح اولمرت. فهل يفكر احد ما بجدية بان نتنياهو سيوافق؟ هل يوجد احتمال ان يقول ابو مازن اليوم ‘نعم’ لاقتراح هو نفسه رفضه قبل خمس سنوات؟ بقدر ما يدور الحديث عن المفاوضات السياسية، تكون دوما مفاجآت. غير أن الاحتمال، كما ينبغي الاعتراف، يقترب من الصفر، بحيث أنه لا حاجة الى المفاوضات. خسارة على الوقت. ثمة حاجة الى اقتراح سلاح. الامريكيون والاوروبيون والرباعية كان يمكنهم ويتعين عليهم ان يضعوه على الطاولة. الخطوط الهيكلية معروفة منذ الان. المفاوضات كان يجب أن تكون على التفاصيل، على المراحل، على التنفيذ. هذا ليس اقتراحا يحدث أزمة صعبة الاحتمال في الطرفين. التنازل عن معظم المناطق، من جانب اسرائيل، والتنازل عن خيال العودة، من جانب الفلسطينيين، سيصطدمان بيمين يهودي مصمم وبمعارضة فلسطينية، ليس فقط حماس، اكثر تصميما بكثير. نتنياهو وأبو مازن يدخلان الى هذه المسيرة فقط كي لا يتخذا صورة الرافضين. رغم الاتفاق على استئناف المسيرة، كلاهما يخشيان من المعارضة لديهما أكثر مما يخشيان الاسرة الدولية. كلاهما غير مستعدين لدفع الثمن اللازم لقاء التسوية. هذه هي صورة الخلفية. ينبغي الايمان بالمعجزات من أجل التفكير بان المسيرة المتجددة للمرة الالف وواحد، ستؤدي الى اختراق.