نواكشوط-“القدس العربي”: بعد عقود من إقبال نساء السنغال على استخدام المواد الكيميائية المقشرة للبشرة قصد إكسابها البياض الذي هو نصف الجمال، انتبهت سوداوات هذا البد للمخاطر الكبرى الناجمة عن التقشير والتبييض.
واختارت حركة النساء المعارضات للتقشير الخميس، مدينة كولخ جنوب شرق السنغال لتنظيم مسيرة توعوية حول مخاطر التبييض الكيميائي، فتجمعت المئات منهن في مسيرة راجلة جابت شوارع المدينة وضواحيها محذرة من اللجوء للتبييض والتقشير بحثا عن الجمال.
وكان الشعار الذي صدحت به معارضات التقشير هو “سواد بشرتي فخري وعزتي وهويتي”.
واختيرت مدينة كولخ لهذه المسيرة لأن نساءها من أكثر نساء السنغال إقبالا على المواد المقشرة للبشرة.
ورفعت لافتات عريضة تحمل شعارات مثل “لا للتقشير” و”نعم لتحريم كريمات ودهانات التقشير”.
وأكدت حبي سك عضو اللجنة المحلية للحركة الرافضة للتقشير “أن ست نساء من كل عشر يستخدمن المواد المبيضة والمقشرة في السنغال”.
وضمن الحملة المضادة للتقشير الذي جعل نساء سنغاليات كثيرات يظهرن بوجوه متفحمة وسحنات محترقة، قررت السلطة العليا للسمعيات البصرية قطع إشارة البث عن كل قناة تلفزيونية تبث الإعلانات الخاصة بكريمات التقشير وتمتنع عن الانصياع لقرار منع الترويج لأخطر المواد الحارقة والمسرطنة.
وتنتشر عمليات التقشير في السنغال على نطاق واسع منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث وصلت نسبة مقشرات البشرة إلى 71في المئة حسب دراسة نشرت السنة الماضية.
وأكدت فاتماتا لي رئيسة الرابطة الدولية لمتابعة التقشير المصطنع “أن عمليات التقشير تكلف في مدينة داكار عاصمة السنغال وحدها 10 مليارات فرنك افريقي كل عام”.
وأطلقت الحكومة الرواندية، في سياق متصل، حملة ضد المواد المقشرة، وصدر قانون يمنع استيراد هذه المواد إلى بلاد “الألف هضبة”.
ودعا الرئيس الرواندي بول كاغامي السلطات إلى إيقاع أقصى العقوبات بمن يخالفن قانون منع استيراد وتداول مواد التقشير.
وليست رواندا وحدها البلد المصطف في وجه مواد التقشير، فقد أطلقت حكومات غامبيا وساحل العاج وغانا حملات مماثلة، إلا أن تساهل السلطات جعل تجارة مواد التقشير المربحة تتواصل على نطاق واسع للغاية.
وبلغت درجة الإقبال على مواد التقشير حدا كبيرا وانتشر استعمال هذه المواد بشكل مخيف، حتى أن نساء كثيرات استخدمن هذه المواد لتبييض أطفالهن رفضا لسواد البشرة الذي يعتبر منقصة كبيرة، والذي ينظر إليه على أنه قبح منظر وسوء حظ.
ويؤكد رباب عبدولا المحلل لدى منظمة “إرومونيتور أنترناشنال” في تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية مؤخرا “أن نسبة 77 في المئة من نساء نيجيريا أكبر بلد افريقي بسكانها البالغ عددهم 180 مليون نسمة، يستخدمن يوميا مواد التبييض والتقشير”.
وإذا كان بإمكان النساء ميسورات الحال شراء مواد أقل ضررا، فإن الفقيرات يشترين المواد الأرخص سعرا لكن الأكثر اشتمالا على المواد الكابحة لإنتاج صبغ الميلانين الضروري للمحافظة على اللون الخارجي للبشرة.
ومنعت حكومات نيجيريا وجنوب افريقيا وكينيا المواد التي يخلط فيها محلول “هيدروكينين” والزئبق بكميات كبيرة للقيام بعمليات تبييض.
ونشرت حكومة غانا في تموز/يوليو الماضي بيانا يحذر من مخاطر استعمال الحوامل لمواد تجعل الطفل يولد وهو ناصع البشرة.
وبما أن الحصول على مواد التقشير ميسور وغير مراقب بما فيه الكفاية، فإن من يستهلكها يصبح مدمنا عليها من حيث لا يشعر.
ويسود في مجتمعات افريقية كثيرة، اعتقاد أن بياض البشرة دال على سعادة الشخص الذي يحظى بذلك، فبقدر ما ابيضت البشرة بقدر ما كان صاحبها أعلى مقاما وأوفر حظا في الحياة.
وفي عالم افريقيا أرض الأساطير، لا تحظى المرأة الكحلاء باهتمام كبير بينما المرأة البيضاء مرغوب فيها على نطاق واسع.
وتجمع الهيئات المضادة للتقشير في افريقيا على أن تغيير العقليات الخاصة باشتراط البياض المصطنع في جمال المرأة أمر بالغ الصعوبة يتطلب تحسيسا صبورا طويل الأمد.